الباحث القرآني
ولَمّا أخْبَرَ بِذَلِكَ، عَلَّلَهُ بِما هو شَأْنُ كُلِّ مَلِكٍ فَكَيْفَ بِالواحِدِ في مِلْكِهِ فَقالَ: ﴿هُوَ﴾ أيِ الَّذِي ثَبَتَ أنَّهُ جامِعٌ لِصِفاتِ الجَمالِ والجَلالِ وحْدَهُ مِن غَيْرِ أنْ يَكُونَ لَهُ شَرِيكٌ أوْ وزِيرٌ ﴿الَّذِي أرْسَلَ﴾ بِما لَهُ مِنَ القُوَّةِ والإرادَةِ ﴿رَسُولَهُ﴾ أيِ الحَقِيقِ بِأنْ يُعَظِّمَهُ كُلُّ مَن بَلَغَهُ أمْرُهُ لِأنَّ عَظَمَتَهُ مَن عَظَمَتِهِ، ولَمْ يُذْكَرْ حَرْفُ الغايَةِ إشارَةً إلى عُمُومِ الإرْسالِ إلى كُلِّ مَن شَمِلَهُ المَلِكُ كَما مَضى ﴿بِالهُدى﴾ أيِ البَيانِ الشّافِي ﴿ودِينِ الحَقِّ﴾ أيِ المَلِكِ الَّذِي ثَباتُهُ لا يُدانِيهِ ثَباتٌ، فَلا ثَباتَ لِغَيْرِهِ، فَثَباتُ هَذا الدِّينِ بِثَباتِهِ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ المَعْنى: والدِّينُ الَّذِي هو الحَقُّ الثّابِتُ في الحَقِّيَّةِ الكامِلِ فِيها كَمالًا لَيْسَ لِغَيْرِهِ، فَيَكُونُ مِن إضافَةِ المَوْصُوفِ إلى صِفَتِهِ إشارَةً إلى شِدَّةِ التِباسِهِ بِها ﴿لِيُظْهِرَهُ﴾ أيْ يُعْلِيهِ (p-٣٢)مَعَ الشُّهْرَةِ وإذْلالِ المُنازِعِ ﴿عَلى الدِّينِ﴾ أيْ جِنْسِ الشَّرِيعَةِ الَّتِي تَجْعَلُ لِيُجازِيَ مَن يَسْلُكُها ومَن يَزِيغُ عَنْها، بِها يَشْرَعُ فِيها مِنَ الأحْكامِ ﴿كُلِّهِ﴾ فَلا يَبْقى دِينٌ إلّا كانَ دُونَهُ وانْمَحَقَ بِهِ وذَلَّ أهْلُهُ لَهُ ذُلًّا لا يُقاسُ بِهِ ذَلٌّ ﴿ولَوْ كَرِهَ﴾ أيْ إظْهارَهُ ﴿المُشْرِكُونَ﴾ أيِ المُعانِدُونَ في كُفْرِهِمُ الرّاسِخُونَ في تِلْكَ المُعانَدَةِ، وأعْظَمُ مُرادٍ بِهَذا أهْلُ العِنادِ بِبِدْعَةِ الِاتِّحادِ، فَإنَّهم ما تَرَكُوا شَيْئًا مِمّا سِواهُ حَتّى أشْرَكُوا بِهِ - تَعالى [اللَّهُ] عَمّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا، - وهم مَعَ بُعْدِ نِحْلَتِهِمْ مِنَ العُقُولِ وفَسادِها مِنَ الأوْهامِ ومُصادَمَتِها لِجَمِيعِ النُّقُولِ في غايَةِ الكَثْرَةِ لِمَصِيرِ النّاسِ إلى ما وعَدَ اللَّهُ ورَسُولَهُ [وصَدَقَ اللَّهُ ورَسُولُهُ -] مِن أنَّ أكْثَرَهم قَدْ مَرَجَتْ عُهُودُهم وخَفِيَتْ أماناتُهم وصارُوا حُثالَةً كَحُثالَةِ التَّمْرِ لا يَعْبَأُ اللَّهُ بِهِمْ، لَكِنَّهم عَلى كَثْرَتِهِمْ بِما تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الآيَةُ في أمْثالِها في غايَةِ الذُّلِّ ولِلَّهِ الحَمْدُ لا عِزَّ لَهم إلّا بِإظْهارِ الِاتِّباعِ لِلْكِتابِ والسُّنَّةِ وهم يَعْلَمُونَ أنَّهم يُكَذِّبُونَ في هَذِهِ الدَّعْوى لِأنَّهم في غايَةِ المُخالَفَةِ لَهُما بِحَيْثُ يَعْتَقِدُونَ أنَّهُما شِرْكٌ لِإثْباتِهِما لِلَّهِ تَعالى وُجُودًا يُخالِفُ وُجُودَ الخَلْقِ وهم يَقُولُونَ مُكابَرَةً لِلضَّرُورَةِ أنَّ الوُجُودَ واحِدٌ وأنَّهُ لا مَوْجُودَ ظاهِرًا وباطِنًا سِواهُ، ولِذَلِكَ سَمُّوا الوُجُودَ بِهِ ثُمَّ لا يَرُدُّهم عِلْمُهم بِذُلِّهِمْ وأنَّهم لا عِزَّ لَهم إلّا (p-٣٣)بِحِمى الشَّرِيعَةِ عَنْ ضَلالِهِمْ فَأعْجَبَ لِذَلِكَ وألْجَأ إلى اللَّهِ تَعالى بِسُؤالِ العافِيَةِ، فَإنَّ القُلُوبَ بِيَدِ اللَّهِ يُقَلِّبُها كَيْفَ يَشاءُ، وضَرَبَهم بِالذُّلِّ مَعَ كَثْرَتِهِمْ في غايَةِ الدَّلالَةِ عَلى اللَّهِ سُبْحانَهُ لِأنَّ المَلِكَ الكامِلَ القُدْرَةَ لا يُقِرُّ مَن يَطْعَنُ في مُلْكِهِ ويَسْعى في رَدَّ رِسالَتِهِ وإهانَةَ رُسُلِهِ ولَقَدْ أنْجَزَ سُبْحانَهُ كَثِيرًا مَن وعَدَهُ بِما دَلَّ - لِكَوْنِهِ تَغْلِيبًا عَلى أقْوى المُلُوكِ مِنَ الأكاسِرَةِ والقَياصِرَةِ - عَلى القُدْرَةِ عَلى الباقِينَ، وذَلِكَ أنَّهُ لَمّا تَقاعَدَ قَوْمُهُ عَنْ نُصْرَتِهِ وانْتَدَبُوا لِتَكْذِيبِهِ وجَحَدَ ما شاهَدُوهُ مِن صِدْقِهِ يَسَّرَ اللَّهُ لَهُ أنْصارًا مِن أُمَّتِهِ هم نِزاعُ القَبائِلِ وأجادُ الأفاضِلِ وساداتُ الأماثِلِ فَبَلَغُوا في تَأْيِيدِهِ أقْصى الأمَلِ.
{"ayah":"هُوَ ٱلَّذِیۤ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِینِ ٱلۡحَقِّ لِیُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّینِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق