الباحث القرآني

قوله عز وجل: قالَتْ إِحْداهُما يا أَبَتِ يعني: قالت إحدى الابنتين التي جاءت به. وقال في رواية مقاتل: هي الكبرى. وقال في رواية الكلبي: هي الصغرى يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ يعني: استأْجر موسى ليرعى لك الغنم إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ يعني: خير الأجراء من يكون قوياً في العمل، أميناً على المال والعورة. ثم قال: إيش تعلمين أنه قوي أمين؟ فأخبرته بالقصة. قال الفقيه أبو الليث رحمه الله: حدثنا محمد بن الفضل، قال حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا إبراهيم بن يوسف، قال حدثنا أبو معاوية، عن الحجاج. عن الحكم قال: كان شريح لا يفسر شيئاً من القرآن إلا ثلاث آيات. قوله: الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ [البقرة: 237] قال: أي الزوج وقوله: وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ [ص: 20] قال: الْحِكْمَةَ الفقه والعلم، وَفَصْلَ الْخِطابِ البينة والإيمان، وقوله: إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ قال: كانت قوته أن يحمل صخرة لا يقوى عليها إلا عشرة رجال، وكانت أمانته أن ابنة شعيب كانت أمامه، فوصفتها له الريح فقال لها: تأخري وصفي لي الطريق. قالَ شعيب لموسى عليهما السلام: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ يعني: أزوجك إحدى ابنتي على أن ترعى غنمي ثمان سنين، وهذا الحكم في هذه الأمة جائز أيضاً، لو تزوج الرجل المرأة على أن يرعى غنمها كذا وكذا سنة، أو يرعى غنم أبيها، يجوز النكاح، ويكون ذلك مهراً لها فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً يعني: عشر سنين فَمِنْ عِنْدِكَ يعني: فإن أتممت عشر سنين فبفضلك، وليس بواجب وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ في السنتين يعني: أنت بالخيار في ذلك. ويقال: بأن أشرط عليك العشر سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ أي من الوافين بالعهد. وقال مقاتل: يعني، من الوافين بك كقوله: اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ [الأعراف: 142] يعني: ارفق بهم. قالَ موسى: ذلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ يعني: أتممت لك، إما الثماني وإما العشر فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ أي: لا سبيل لك علي. ويقال: لا ظلم علي بأن أطالب بأكثر منه، فإن قيل: كيف تجوز الإجارة بهذا الشرط على أحد الأجلين بغير وقت معلوم؟ قيل له: العقد قد وقع على الثماني، وهو قوله: أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ وإنّما خيّره في الزيادة، والإجارة بهذا الشرط في الشريعة جائزة أيضاً، ثم قال: وَاللَّهُ عَلى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ يعني: شهيد فيما بيننا. ويقال: شاهد على ما نقول، وعلى عقدنا. وذكر مقاتل: أن رجلاً من الأزد سأل رسول الله ﷺ: أيما الأجلين قضى موسى؟ قال: «الله أَعْلَمُ» حتى أسأل جبريل عليه السلام» ، فأتاه جبريل، فسأله. فقال: «الله أعلم، سأسأل إسرافيل عليه السلام» فسأله فقال: «حتى اسأل رب العزة» ، فأوحى الله تعالى إلى إسرافيل عليه السلام: «أن قد قضى موسى أبرهما وأوفاهما» [[عزاه السيوطي: 6/ 409 إلى البزار وأبي يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس و 4/ 410 أخرجه ابن مردويه عن جابر.]] . وروي عن ابن عباس أنه قال: «قضى موسى أتمَّ الأجلين» ، وقد كان شرطه له أن ما ولدت في ذلك العام ولداً أبلق، فهو له، فولدت في ذلك العام كلها بلقاً، فأخذ الغنم البلق وقيل: مثل هذا الشرط في شريعتنا غير واجب، إلا أن الوعد من الأنبياء عليهم السلام واجب، فوفاه بوعده، فلما أراد أن يخرج قال لشعيب عليه السلام: يا شيخ أعطني عصا أسوق بها غنمي. فقال لابنته: التمسي له عصا، فجاءت بعصا شعيب عليه السلام. فقال شعيب عليه السلام: ردي هذه، وكانت تلك العصا أودعها إياه ملك في صورة إنسان، وكانت من عود آس الجنة، فردتها والتمست غيرها، فلم يقع في يدها غيرها، فأعطته، فخرج مع أهله فضل الطريق، وكانت ليلة باردة مظلمة، فذلك قوله تعالى: فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ يعني: بِامرأتِهِ آنَسَ يعني: أبصر مِنْ جانِبِ الطُّورِ نَاراً قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا يعني: قفوا مكانكم إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أي: خبر الطريق أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ قرأ عاصم جَذْوَةٍ بنصب الجيم، وقرأ حمزة جَذْوَةٍ بضم الجيم، وقرأ الباقون جَذْوَةٍ بالكسر، فهذه لغات معناها واحد، يعني: قطعة من النار. ويقال: شعلة، وهو عود قد احترق بعضه لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ أي: لكي تصطلوا من البرد، فترك امرأته في البرية وذهب.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب