قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا﴾ الْمَعْنَى: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْكَ وَهُوَ الْقُرْآنُ قِصَّةَ إِبْرَاهِيمَ وَخَبَرَهُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى الصِّدِّيقِ فِي "النِّسَاءِ" [[راجع ج ٥ ص ٢٧٢.]] وَاشْتِقَاقَ الصِّدْقِ فِي "الْبَقَرَةِ" [[راجع ج ١ ص ٢٣٣ وج ٢ ص ١٣٢.]] فَلَا مَعْنَى لِلْإِعَادَةِ. وَمَعْنَى الْآيَةِ: اقْرَأْ عَلَيْهِمْ يَا مُحَمَّدُ فِي الْقُرْآنِ أَمْرَ إِبْرَاهِيمَ فَقَدْ عَرَفُوا أَنَّهُمْ مِنْ وَلَدِهِ، فَإِنَّهُ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ يَتَّخِذُ الْأَنْدَادَ، فَهَؤُلَاءِ لِمَ يَتَّخِذُونَ الْأَنْدَادَ؟! وَهُوَ كَمَا قَالَ ﴿وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ ١٣٠﴾ [البقرة: ١٣٠].
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِذْ قالَ لِأَبِيهِ﴾
وَهُوَ آزَرُ وَقَدْ تَقَدَّمَ [[راجع ج ٧ ص ٢٢.]].
(يَا أَبَتِ)
قَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِ فِي (يُوسُفَ) [[راجع ج ٩ ص ١٢١.
(]] (لِمَ تَعْبُدُ) أَيْ لِأَيِّ شي تَعْبُدُ: (مَا لَا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً) يُرِيدُ الْأَصْنَامَ.
(يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ) أَيْ مِنَ الْيَقِينِ وَالْمَعْرِفَةِ بِاللَّهِ وَمَا يَكُونُ بَعْدَ الْمَوْتِ، وأن من عبد غير الله عذب إِلَى مَا أَدْعُوكَ إِلَيْهِ.
(أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا) أَيْ أُرْشِدُكَ إِلَى دِينٍ مُسْتَقِيمٍ فِيهِ النَّجَاةُ.
(يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ) أَيْ لَا تُطِعْهُ فِيمَا يَأْمُرُكَ بِهِ مِنَ الْكُفْرِ، وَمَنْ أَطَاعَ شَيْئًا فِي مَعْصِيَةٍ فَقَدْ عَبَدَهُ.
(إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيًّا) (كانَ) صِلَةٌ زَائِدَةٌ وقيل: [كان [[من ك.]]] بِمَعْنَى صَارَ. وَقِيلَ بِمَعْنَى الْحَالِ أَيْ هُوَ لِلرَّحْمَنِ. وَعَصِيًّا وَعَاصٍ بِمَعْنًى وَاحِدٍ قَالَهُ الْكِسَائِيُّ.
(يَا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ) أَيْ إِنْ مِتَّ عَلَى مَا أَنْتَ عَلَيْهِ. وَيَكُونُ "أَخافُ" بِمَعْنَى أَعْلَمُ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ "أَخافُ" عَلَى بَابِهَا فَيَكُونُ الْمَعْنَى: إِنِّي أَخَافُ أَنْ تَمُوتَ عَلَى كُفْرِكَ فَيَمَسَّكَ الْعَذَابُ.
(فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا) أَيْ قَرِينًا فِي النَّارِ.
(قالَ أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ) أَيْ أَتَرْغَبُ عَنْهَا إِلَى غَيْرِهَا.
(لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ) قَالَ الْحَسَنُ: يَعْنِي بِالْحِجَارَةِ. الضَّحَّاكُ: بِالْقَوْلِ، أَيْ لَأَشْتُمَنَّكَ. ابْنُ عَبَّاسٍ: لَأَضْرِبَنَّكَ. وقيل: لأظهرن أمرك.
(وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا). قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيِ اعْتَزِلْنِي سَالِمَ الْعِرْضِ لا يصيبنك مِنِّي مَعَرَّةٌ، وَاخْتَارَهُ الطَّبَرِيُّ، فَقَوْلُهُ: "مَلِيًّا" عَلَى هَذَا حَالٌ مِنْ إِبْرَاهِيمَ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ: "مَلِيًّا" دَهْرًا طَوِيلًا، وَمِنْهُ قَوْلُ الْمُهَلْهِلِ:
فَتَصَدَّعَتْ صُمُّ الْجِبَالِ لِمَوْتِهِ ... وَبَكَتْ عَلَيْهِ الْمُرْمَلَاتُ مَلِيًّا
قَالَ الْكِسَائِيُّ: يُقَالُ هَجَرْتُهُ مَلِيًّا وَمَلْوَةً وَمُلْوَةً وَمَلَاوَةً وَمُلَاوَةً، فَهُوَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ ظَرْفٌ، وَهُوَ بِمَعْنَى الْمَلَاوَةِ مِنَ الزَّمَانِ، وَهُوَ الطَّوِيلُ مِنْهُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿قالَ سَلامٌ عَلَيْكَ﴾ لَمْ يُعَارِضْهُ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِسُوءِ الرَّدِّ، لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْمَرْ بِقِتَالِهِ عَلَى كُفْرِهِ. وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِسَلَامِهِ الْمُسَالَمَةُ الَّتِي هِيَ الْمُتَارَكَةُ لَا التَّحِيَّةُ، قَالَ الطَّبَرِيُّ: مَعْنَاهُ أَمَنَةٌ مِنِّي لَكَ. وَعَلَى هَذَا لَا يُبْدَأُ الْكَافِرُ بِالسَّلَامِ. وَقَالَ النَّقَّاشُ: حَلِيمٌ خَاطَبَ سَفِيهًا، كَمَا قَالَ:" وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا [[راجع ج ١٣ ص ٦٧ فما بعد.]] سَلاماً" [الفرقان: ٦٣]. وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي مَعْنَى تَسْلِيمِهِ: هُوَ تَحِيَّةُ مُفَارِقٍ، وَجَوَّزَ تَحِيَّةَ الْكَافِرِ وَأَنْ يُبْدَأَ بِهَا. قِيلَ لِابْنِ عُيَيْنَةَ: هَلْ يَجُوزُ السَّلَامُ عَلَى الكافر؟ قال: نعم، قال الله تعالى: " لَا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [٦٠: ٨]" [[راجع ج ١٨ ص ٥٨ فما بعد،.]] [الممتحنة: ٨]. وَقَالَ:" قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ [٦٠: ٤]" [[راجع ج ١٨ ص ٥٥ فما بعد.]] [الممتحنة: ٤] الْآيَةَ، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ "سَلامٌ عَلَيْكَ". قُلْتُ: الْأَظْهَرُ مِنَ الْآيَةِ مَا قَالَهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَفِي الْبَابِ حَدِيثَانِ صَحِيحَانِ: رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: (لَا تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى بِالسَّلَامِ فَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي الطَّرِيقِ فَاضْطَرُّوهُ إِلَى أَضْيَقِهِ) خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أسامة ابن زَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَكِبَ حِمَارًا عَلَيْهِ إِكَافٌ تَحْتَهُ قَطِيفَةٌ فَدَكِيَّةٌ، وَأَرْدَفَ وَرَاءَهُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، وَهُوَ يَعُودُ سعد بن عبادة [[في ج وك: معاذ.]] في بني الحرث بْنِ الْخَزْرَجِ، وَذَلِكَ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، حَتَّى مَرَّ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ أَخْلَاطٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ وَالْيَهُودِ، وَفِيهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بن أبي بن سَلُولَ، وَفِي الْمَجْلِسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَلَمَّا غَشِيَتِ الْمَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ، خَمَّرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ أَنْفَهُ بِرِدَائِهِ، ثُمَّ قَالَ: لَا تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ ﷺ، الْحَدِيثَ. فَالْأَوَّلُ يُفِيدُ تَرْكَ السَّلَامِ عَلَيْهِمُ ابْتِدَاءً لِأَنَّ ذَلِكَ إِكْرَامٌ، وَالْكَافِرُ لَيْسَ أَهْلَهُ. وَالْحَدِيثُ الثَّانِي يُجَوِّزُ ذَلِكَ. قَالَ الطَّبَرِيُّ: وَلَا يُعَارَضُ مَا رَوَاهُ أُسَامَةُ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي أَحَدِهِمَا خِلَافٌ لِلْآخَرِ وَذَلِكَ أَنَّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ مَخْرَجُهُ الْعُمُومُ، وَخَبَرَ أُسَامَةَ يُبَيِّنُ أَنَّ مَعْنَاهُ الْخُصُوصُ. وَقَالَ النَّخَعِيُّ: إِذَا كَانَتْ لَكَ حَاجَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ فَابْدَأْهُ بِالسَّلَامِ فَبَانَ بِهَذَا أَنَّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ (لَا تَبْدَءُوهُمْ بِالسَّلَامِ) إِذَا كَانَ لِغَيْرِ سَبَبٍ يَدْعُوكُمْ إِلَى أَنْ تَبْدَءُوهُمْ بِالسَّلَامِ، مِنْ قَضَاءِ ذِمَامٍ أَوْ حَاجَةٍ تَعْرِضُ لَكُمْ قِبَلَهُمْ، أَوْ حَقِّ صُحْبَةٍ أَوْ جِوَارٍ أَوْ سَفَرٍ. قَالَ الطَّبَرِيُّ: وَقَدْ رُوِيَ عَنِ السَّلَفِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُسَلِّمُونَ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ. وَفَعَلَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ بِدِهْقَانٍ صَحِبَهُ فِي طَرِيقِهِ، قَالَ عَلْقَمَةُ: فَقُلْتُ لَهُ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَلَيْسَ يُكْرَهُ أَنْ يُبْدَءُوا بِالسَّلَامِ؟! قَالَ: نَعَمْ، وَلَكِنْ حَقُّ الصُّحْبَةِ. وَكَانَ أَبُو أمامة [[في الطبعة الاولى: أسامة وليس بصحيح.]] إِذَا انْصَرَفَ إِلَى بَيْتِهِ لَا يَمُرُّ بِمُسْلِمٍ وَلَا نَصْرَانِيٍّ وَلَا صَغِيرٍ وَلَا كَبِيرٍ إِلَّا سلم عليه، فقيل لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: أُمِرْنَا أَنْ نُفْشِيَ السلام. وسيل الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ مُسْلِمٍ مَرَّ بِكَافِرٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: إِنْ سَلَّمْتَ فَقَدْ سَلَّمَ الصَّالِحُونَ قَبْلَكَ، وَإِنْ تَرَكْتَ فَقَدْ تَرَكَ الصَّالِحُونَ قَبْلَكَ. وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا مَرَرْتَ بمجلس فيه مسلمون وكفار فسلم عليهم.
قُلْتُ: وَقَدِ احْتَجَّ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الْأُولَى بِأَنَّ السَّلَامَ الَّذِي مَعْنَاهُ التَّحِيَّةُ إِنَّمَا خُصَّ بِهِ هَذِهِ الْأُمَّةُ، لِحَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعْطَى أُمَّتِي ثَلَاثًا لَمْ تُعْطَ أَحَدًا قَبْلَهُمُ السَّلَامَ وَهِيَ تَحِيَّةُ أَهْلِ الْجَنَّةِ) الْحَدِيثَ، ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ الْحَكِيمُ، وَقَدْ مَضَى فِي الْفَاتِحَةِ [[راجع ج ١ ص ١٣٠.]] بِسَنَدِهِ. وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: "سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي". وَارْتَفَعَ السَّلَامُ بِالِابْتِدَاءِ، وَجَازَ ذَلِكَ مَعَ نَكِرَتِهِ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ مُخَصَّصَةٌ فَقَرَنَتِ الْمَعْرِفَةَ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا﴾: الْحَفِيُّ الْمُبَالِغُ فِي الْبِرِّ وَالْإِلْطَافِ، يُقَالُ: حَفِيَ بِهِ وَتَحَفَّى إِذَا بَرَّهُ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ يُقَالُ: حَفِيَ بِي حِفَاوَةً وَحِفْوَةً. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: "إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا" أَيْ عَالِمًا لَطِيفًا يُجِيبُنِي إِذَا دَعَوْتُهُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَأَعْتَزِلُكُمْ﴾: الْعُزْلَةُ الْمُفَارَقَةُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي "الْكَهْفِ" [[راجع ج ١٠ ص ٣٦٧.]] بَيَانُهَا. وقوله: (عَسى أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ رَبِّي شَقِيًّا) قِيلَ: أَرَادَ بِهَذَا الدُّعَاءِ أَنْ يَهَبَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ أَهْلًا وَوَلَدًا يَتَقَوَّى بِهِمْ حَتَّى لَا يَسْتَوْحِشَ بِالِاعْتِزَالِ عَنْ قَوْمِهِ. وَلِهَذَا قَالَ: (فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ) أَيْ آنَسْنَا وَحْشَتَهُ بِوَلَدٍ، عن ابن عباس وغيره. وقيل: "عيسى" يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَقْطَعُ بِأَنَّهُ يَبْقَى عَلَى الْمَعْرِفَةِ أَمْ لَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ. وَقِيلَ: دَعَا لِأَبِيهِ بِالْهِدَايَةِ. فَ "عَسَى" شَكٌّ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَدْرِي هَلْ يُسْتَجَابُ لَهُ فِيهِ أَمْ لَا؟ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ. وَقَوْلُهُ: (وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا) ٥٠ أَيْ أَثْنَيْنَا عَلَيْهِمْ ثَنَاءً حَسَنًا، لِأَنَّ جَمِيعَ الْمِلَلِ تُحْسِنُ الثَّنَاءَ عليهم. واللسان يذكر ويؤنث، وقد تقدم [[راجع ج ١ ص ١٢١.]].
{"ayahs_start":41,"ayahs":["وَٱذۡكُرۡ فِی ٱلۡكِتَـٰبِ إِبۡرَ ٰهِیمَۚ إِنَّهُۥ كَانَ صِدِّیقࣰا نَّبِیًّا","إِذۡ قَالَ لِأَبِیهِ یَـٰۤأَبَتِ لِمَ تَعۡبُدُ مَا لَا یَسۡمَعُ وَلَا یُبۡصِرُ وَلَا یُغۡنِی عَنكَ شَیۡـࣰٔا","یَـٰۤأَبَتِ إِنِّی قَدۡ جَاۤءَنِی مِنَ ٱلۡعِلۡمِ مَا لَمۡ یَأۡتِكَ فَٱتَّبِعۡنِیۤ أَهۡدِكَ صِرَ ٰطࣰا سَوِیࣰّا","یَـٰۤأَبَتِ لَا تَعۡبُدِ ٱلشَّیۡطَـٰنَۖ إِنَّ ٱلشَّیۡطَـٰنَ كَانَ لِلرَّحۡمَـٰنِ عَصِیࣰّا","یَـٰۤأَبَتِ إِنِّیۤ أَخَافُ أَن یَمَسَّكَ عَذَابࣱ مِّنَ ٱلرَّحۡمَـٰنِ فَتَكُونَ لِلشَّیۡطَـٰنِ وَلِیࣰّا","قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنۡ ءَالِهَتِی یَـٰۤإِبۡرَ ٰهِیمُۖ لَىِٕن لَّمۡ تَنتَهِ لَأَرۡجُمَنَّكَۖ وَٱهۡجُرۡنِی مَلِیࣰّا","قَالَ سَلَـٰمٌ عَلَیۡكَۖ سَأَسۡتَغۡفِرُ لَكَ رَبِّیۤۖ إِنَّهُۥ كَانَ بِی حَفِیࣰّا","وَأَعۡتَزِلُكُمۡ وَمَا تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَأَدۡعُوا۟ رَبِّی عَسَىٰۤ أَلَّاۤ أَكُونَ بِدُعَاۤءِ رَبِّی شَقِیࣰّا","فَلَمَّا ٱعۡتَزَلَهُمۡ وَمَا یَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَهَبۡنَا لَهُۥۤ إِسۡحَـٰقَ وَیَعۡقُوبَۖ وَكُلࣰّا جَعَلۡنَا نَبِیࣰّا","وَوَهَبۡنَا لَهُم مِّن رَّحۡمَتِنَا وَجَعَلۡنَا لَهُمۡ لِسَانَ صِدۡقٍ عَلِیࣰّا"],"ayah":"وَٱذۡكُرۡ فِی ٱلۡكِتَـٰبِ إِبۡرَ ٰهِیمَۚ إِنَّهُۥ كَانَ صِدِّیقࣰا نَّبِیًّا"}