الباحث القرآني

ولَمّا ذَمَّ الضّالِّينَ في أمْرِ المَسِيحِ، وعَلَّقَ تَهْدِيدَهم بِوَصْفٍ دَخَلَ فِيهِ مُشْرِكُو العَرَبِ، فَأنْذَرَهم بِصَرِيحِ تَكْذِيبِهِمْ بِالبَعْثِ، وغَيْرَهم بِأنَّهم لِسُوءِ أعْمالِهِمْ كالمُكَذِّبِينَ بِهِ، وخَتَمَ ذَلِكَ بِأنَّهُ الوارِثُ وأنَّ الرُّجُوعَ إلَيْهِ، ودَخَلَ في ذَلِكَ الإرْثِ بِغَلَبَةِ أنْبِيائِهِ وأتْباعِهِمْ عَلى أكْثَرِ أهْلِ (p-٢٠٣)الأرْضِ بِرُجُوعِ أهْلِ الأدْيانِ الباطِلَةِ إلَيْهِمْ حَتّى يَعُمَّ ذَلِكَ جَمِيعَ أهْلِ الأرْضِ في زَمَنِ عِيسى عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، وكانَ إبْراهِيمُ عَلَيْهِ السَّلامُ لِكَثْرَةِ أوْلادِهِ مِنَ العَرَبِ والرُّومِ وأهْلِ الكِتابَيْنِ وارِثًا لِأكْثَرِ الأرْضِ، وكانَ مِثْلَ زَكَرِيّا في هِبَةِ الوَلَدِ عَلى كِبَرِ سِنِّهِ وعُقْمِ زَوْجِهِ، أتْبَعَ ذَلِكَ قَوْلَهُ: ﴿واذْكُرْ﴾ أيْ يا مُحَمَّدُ! ﴿فِي الكِتابِ﴾ أيِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْكَ [و -] تُبَلِّغُهُ لِلنّاسِ وتُعَلِّمُهم أنَّ [هَذِهِ -] القِصَّةَ مِنَ القُرْآنِ ﴿إبْراهِيمَ﴾ أعْظَمَ آبائِكُمُ الَّذِي نَهى أباهُ عَنِ الشِّرْكِ يا مَن يَكْفُرُونَ تَقْلِيدًا لِلْآباءِ! ثُمَّ عَلَّلَ تَشْرِيفَهُ بِذِكْرِهِ [لَهُ عَلى سَبِيلِ التَّأْكِيدِ المَعْنَوِيِّ بِالِاعْتِراضِ بَيْنَ البَدَلِ والمُبْدَلِ مِنهُ، واللَّفْظِيِّ بِـ ”إنَّ“ بِقَوْلِهِ مُنَبِّهًا عَلى أنَّ مُخالَفَتَهم لَهُ بِالشِّرْكِ والِاسْتِقْسامِ بِالأزْلامِ ونَحْوِ ذَلِكَ تَكْذِيبٌ بِأوْصافِهِ الحَسَنَةِ -]: ﴿إنَّهُ كانَ﴾ [أيْ جِبِلَّةً وطَبْعًا -] ﴿صِدِّيقًا﴾ أيْ بَلِيغَ الصِّدْقِ في نَفْسِهِ في أقْوالِهِ وأفْعالِهِ، والتَّصْدِيقِ بِكُلِّ ما يَأْتِيهِ [مِمّا -] هو أهْلٌ لِأنْ يُصَدَّقَ [لِأنَّهُ - ] مَجْبُولٌ عَلى ذَلِكَ ولا يَكُونُ كَذَلِكَ إلّا وهو عامِلٌ بِهِ حَقَّ العَمَلِ فَهو أبْلَغُ مِنَ المُخْلِصِ -] (p-٢٠٤)﴿نَبِيًّا﴾ [أيْ يُخْبِرُهُ اللَّهُ بِالأخْبارِ العَظِيمَةِ جِدًّا الَّتِي يَرْتَفِعُ بِها في الدّارَيْنِ -] وهو أعْظَمُ الأنْبِياءِ بَعْدَ مُحَمَّدٍ - عَلى جَمِيعِهِمْ أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ [كَما رَواهُ الحافِظُ أبُو البَزّارِ بِسَنَدِهِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وأكَّدَهُ وكَذا أكَّدَ فِيما بَعْدَهُ -] مِنَ الأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ وإنْ كانُوا مُقِرِّينَ بِنُبُوّاتِهِمْ تَنْزِيلًا لَهم مَنزِلَةَ المُنْكِرِ، لِجَرْيِهِمْ في إنْكارِهِمْ نُبُوَّةَ البَشَرِ عَلى غَيْرِ مُقْتَضى عِلْمِهِمْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب