الباحث القرآني

﴿واذْكُرْ في الكِتابِ إبْراهِيمَ إنَّهُ كانَ صِدِّيقًا﴾ مُلازِمًا لِلصِّدْقِ، أوْ كَثِيرَ التَّصْدِيقِ لِكَثْرَةِ ما صَدَّقَ بِهِ مِن غُيُوبِ اللَّهِ تَعالى وآياتِهِ وكُتُبِهِ ورُسُلِهِ. ﴿نَبِيًّا﴾ اسْتَنْبَأهُ اللَّهُ. ﴿إذْ قالَ﴾ بَدَلٌ مِن إبْراهِيمَ وما بَيْنَهُما اعْتِراضٌ، أوْ مُتَعَلِّقٌ بِـ ﴿كانَ﴾ أوْ بِـ ﴿صِدِّيقًا نَبِيًّا﴾ . ﴿لأبِيهِ يا أبَتِ﴾ التّاءُ مُعَوَّضَةٌ مِن ياءِ الإضافَةِ ولِذَلِكَ لا يُقالُ يا أبَتِي ويُقالُ يا أبَتا، وإنَّما تُذْكَرُ لِلِاسْتِعْطافِ ولِذَلِكَ كَرَّرَها. ﴿لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ ولا يُبْصِرُ﴾ فَيَعْرِفُ حالَكَ ويَسْمَعُ ذِكْرَكَ ويَرى خُضُوعَكَ. ﴿وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا﴾ في جَلْبِ نَفْعٍ أوْ دَفْعِ ضُرٍّ، دَعاهُ إلى الهُدى وبَيَّنَ ضَلالَهُ واحْتَجَّ عَلَيْهِ أبْلَغَ احْتِجاجٍ وأرْشَقَهُ بِرِفْقٍ وحُسْنِ أدَبٍ، حَيْثُ لَمْ يُصَرِّحْ بِضَلالِهِ بَلْ طَلَبَ العِلَّةَ الَّتِي تَدْعُوهُ إلى عِبادَةِ ما يَسْتَخِفُّ بِهِ العَقْلُ الصَّرِيحُ ويَأْبى الرُّكُونَ إلَيْهِ، فَضْلًا عَنْ عِبادَتِهِ الَّتِي هي غايَةُ التَّعْظِيمِ، ولا تَحِقُّ إلّا لِمَن لَهُ الِاسْتِغْناءُ التّامُّ والإنْعامُ العامُّ وهو الخالِقُ الرّازِقُ المُحْيِي المُمِيتُ المُعاقِبُ المُثِيبُ، ونَبَّهَ عَلى أنَّ العاقِلَ يَنْبَغِي أنْ يَفْعَلَ ما يَفْعَلُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ، والشَّيْءُ لَوْ كانَ حَيًّا مُمَيِّزًا سَمِيعًا بَصِيرًا مُقْتَدِرًا عَلى النَّفْعِ والضُّرِّ ولَكِنْ كانَ مَمْكِنًا، لاسْتَنْكَفَ العَقْلُ القَوِيمُ مِن عِبادَتِهِ وإنْ كانَ أشْرَفَ الخُلْقِ كالمَلائِكَةِ والنَّبِيِّينَ لِما يَراهُ مِثْلُهُ في الحاجَةِ والِانْقِيادِ لِلْقُدْرَةِ الواجِبَةِ، فَكَيْفَ إذا كانَ جَمادًا لا يَسْمَعُ ولا يُبْصِرُ، ثُمَّ دَعاهُ إلى أنْ يَتْبَعَهُ لِيَهْدِيَهُ إلى الحَقِّ القَوِيمِ والصِّراطِ المُسْتَقِيمِ لِما لَمْ يَكُنْ مَحْظُوظًا مِنَ العِلْمِ الإلَهِيِّ مُسْتَقِلًّا بِالنَّظَرِ السَّوِيِّ فَقالَ:(p-12)
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب