قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ﴾ يُرِيدُ الْأَصْنَامَ.
(وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ) وَهَذِهِ غَايَةُ الْجَهَالَةِ مِنْهُمْ، حَيْثُ يَنْتَظِرُونَ الشَّفَاعَةَ فِي الْمَآلِ مِمَّنْ لَا يُوجَدُ مِنْهُ نَفْعٌ وَلَا ضَرٌّ فِي الْحَالِ. وَقِيلَ: "شُفَعاؤُنا" أَيْ تَشْفَعُ لَنَا عِنْدَ الله في إصلاح معايشنا فِي الدُّنْيَا.
(قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِما لَا يَعْلَمُ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ) قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ "تُنَبِّئُونَ" بِالتَّشْدِيدِ. وَقَرَأَ أَبُو السَّمَّالِ الْعَدَوِيُّ "أَتُنْبِئُونَ اللَّهَ" مُخَفَّفًا، مِنْ أَنْبَأَ يُنْبِئُ. وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ مِنْ نَبَّأَ يُنَبِّئُ تَنْبِئَةً، وَهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ، جَمَعَهُمَا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ﴾[[راجع ج ١٨ ص ١٨٦ فما بعد.]] [التحريم: ٣] أَيْ أَتُخْبِرُونَ اللَّهَ أَنَّ لَهُ شَرِيكًا فِي مُلْكِهِ أَوْ شَفِيعًا بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَاللَّهُ لَا يعلم لنفسه شريكا في السموات وَلَا فِي الْأَرْضِ، لِأَنَّهُ لَا شَرِيكَ لَهُ فَلِذَلِكَ لَا يَعْلَمُهُ. نَظِيرُهُ قَوْلُهُ: ﴿أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِما لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ﴾[[راجع ج ٩ ص ٣٢٢ فما بعد.]] [الرعد: ٣٣] ثُمَّ نَزَّهَ نَفْسَهُ وَقَدَّسَهَا عَنِ الشِّرْكِ فَقَالَ: "سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ" أَيْ هُوَ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ شَرِيكٌ وَقِيلَ: الْمَعْنَى أَيْ يَعْبُدُونَ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ [[في ب وع وهـ: ما لا يشفع ولا ينصر.]] وَلَا يُمَيِّزُ "وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ" فَيَكْذِبُونَ، وَهَلْ يَتَهَيَّأُ لَكُمْ أَنْ تُنَبِّئُوهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ!. وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ "تُشْرِكُونَ" بِالتَّاءِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي عبيد. الباقون بالياء.
{"ayah":"وَیَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا یَضُرُّهُمۡ وَلَا یَنفَعُهُمۡ وَیَقُولُونَ هَـٰۤؤُلَاۤءِ شُفَعَـٰۤؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ قُلۡ أَتُنَبِّـُٔونَ ٱللَّهَ بِمَا لَا یَعۡلَمُ فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَلَا فِی ٱلۡأَرۡضِۚ سُبۡحَـٰنَهُۥ وَتَعَـٰلَىٰ عَمَّا یُشۡرِكُونَ"}