الباحث القرآني
ولَمّا بَيَّنَ الصِّنْفَيْنِ السّالِفَيْنِ، وخَتَمَ أمْرَهُما بِصِفَتَيِ العِلْمِ والحِكْمَةِ، أتْبَعَهُما بِصِنْفٍ آخَرَ يُؤْذِي بِما يَجْعَلُهُ نَقْصًا في صِفاتِ الرَّسُولِ ﷺ فَلْيَزَمُ الطَّعْنُ في عِلْمِ مُرْسِلِهِ وحِكْمَتِهِ فَقالَ: ﴿ومِنهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ﴾ أيِ: الَّذِي أعْلى اللَّهُ مِقْدارَهُ، فَهو يُنْبِئُهُ بِما يُرِيدُ سُبْحانَهُ مِن خَفايا الأسْرارِ؛ ولَمّا أخْبَرَ بِمُطْلَقِ الأذى الشّامِلِ لِلْقَوْلِ والفِعْلِ، عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: ﴿ويَقُولُونَ هُوَ﴾ أيْ: مِن فَرْطِ سَماعِهِ لِما يُقالُ لَهُ ﴿أُذُنٌ﴾ ومُرادُهم أنَّهُ يُصَدِّقُ كُلَّ ما يَسْمَعُ ويَقْبَلُ قَوْلَ كُلِّ أحَدٍ - كَما سُمِّيَ الجاسُوسُ عَيْنًا؛ قالَ أبُو حَيّانَ: كانَ خِذامُ بْنُ خالِدٍ وعُبَيْدُ بْنُ هِلالٍ والجُلّاسُ بْنُ سُوَيْدٍ في آخَرِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقالَ بَعْضُهُمْ: لا تَفْعَلُوا؛ فَإنّا نَخافُ أنْ يَبْلُغَهُ فَيُوقِعَ بِنا، فَقالَ الجُلّاسُ: بَلْ نَقُولُ ما شِئْنا؛ فَإنَّ مُحَمَّدًا أُذُنٌ سامِعَةٌ، ثُمَّ نَأْتِيهِ فَيُصَدِّقُنا، فَنَزَلَتْ، وقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ.
رَجُلٌ أُذُنٌ: إذا كانَ يَسْمَعُ مَقالَ كُلِّ أحَدٍ، يَسْتَوِي فِيهِ الواحِدُ والجَمْعُ. انْتَهى. ومُرادُهم أنَّهُ ﷺ لا يَعْرِفُ مَكْرَ مَن يَمْكُرُ بِهِ وخِداعَ مَن يُخادِعُهُ وكَذَبُوا، هو أعْرَفُ النّاسِ بِذَلِكَ، ولَكِنَّهُ (p-٥٠٩)يُعْرِضُ عِنْدَ المَصالِحِ، لا يَلِيقُ بِمَحاسِنِ الدِّينِ غَيْرُها، بَيَّنَها تَعالى بِقَوْلِهِ: ﴿قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ﴾ ثُمَّ بَيَّنَ أنَّ نَفْعَ ذَلِكَ عائِدٌ إلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: ﴿لَكُمْ﴾ ثُمَّ فَسَّرَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿يُؤْمِنُ﴾ أيْ: يُوقِعُ الإيمانَ لِلْمَلائِكَةِ الَّذِينَ يَأْتُونَهُ عَنِ اللَّهِ مِنَ التَّكْذِيبِ بِأنْ يُصَدِّقَهم مُعْتَرِفًا ﴿بِاللَّهِ﴾ أيْ: بِسَبَبِ ما يُخْبِرُونَهُ عَنْهُ بِهِ حَقَّ الإيمانِ لِما لَهُ مِن كَمالِ العِلْمِ بِما لَهُ سُبْحانَهُ مِن صِفاتِ الجَلالِ والإكْرامِ؛ وحاصِلُهُ أنَّ فِعْلَ الإيمانِ ضِمْنَ فِعْلِ التَّصْدِيقِ ثُمَّ حُذِفَ وانْتُزِعَتْ مِنهُ حالٌ أُقِيمَتْ مَقامَهُ ثُمَّ حُذِفَتْ وأُتِيَ بِصِلَةٍ تَدُلُّ عَلَيْها كَما قالُوا في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٥] أنَّ التَّقْدِيرَ: حامِدِينَ عَلى ما هَداكُمْ، فالتَّقْدِيرُ هُنا: يُؤْمِنُ مُصَدِّقًا بِاللَّهِ، فَهَذا حَقِيقَتُهُ وهو يُثْمِرُ مَحَبَّةَ المُؤْمِنِينَ ووِلايَتَهُمْ، ولِذا أتْبَعَهُ قَوْلَهُ: ﴿ويُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ أيِ: الرّاسِخِينَ، يُوقِعُ الإيمانَ لَهم مِنَ التَّكْذِيبِ بِأنْ يُصَدِّقَهم في كُلِّ ما يُخْبِرُونَهُ بِهِ مِمّا يَحْتَمِلُ التَّصْدِيقَ، وذَلِكَ لِأجْلِ مَصالِحِهِمْ والتَّأْلِيفِ بَيْنَهم مَعَ ما ثَبَتَ مِن صِدْقِهِمْ، فَإنَّهُ لَوْ حَمَلَهم عَلى عَقْلِهِ ومَبْلَغِ عِلْمِهِ يُحِبُّهُ الكاذِبُ وعاقَبَ الخائِنَ بِمُجَرَّدِ عِلْمِهِ وتَفَرُّسِهِ، لَقَصُرَتْ عَنْ ذَلِكَ غالِبُ الأفْهامِ وتاهَتْ بِسَبَبِهِ أكْثَرُ الأوْهامِ، فَنَفَرَتِ القُلُوبُ ووَقَعَ مِنَ الأغْلَبِ الِاتِّهامُ. ولَمّا كانَ التَّصْدِيقُ بِوُجُودِ الإلَهِ عَلى ما لَهُ مِن صِفاتِ الكَمالِ المُقْتَضِي لِلْأمْرِ والنَّهْيِ عُدِّيَ بِالباءِ، وهُنا كانَ التَّصْدِيقُ إنَّما هو لِلْإخْبارِ بِأيِّ شَيْءٍ كانَ عُدِّيَ بِاللّامِ وأُشِيرَ - بِقَصْرِ الفِعْلِ وهو مُتَعَدٍّ - إلى مُبالَغَةٍ في التَّصْدِيقِ بِحَيْثُ كَأنَّهُ لا تَصْدِيقَ غَيْرُهُ. (p-٥١٠)ولَمّا بَيَّنَ سُبْحانَهُ أنَّ تَصْدِيقَهُ ظاهِرًا وباطِنًا إنَّما هو لِلرّاسِخِينَ في الإيمانِ، بَيَّنَ أنَّ تَصْدِيقَهُ لِغَيْرِهِمْ إنَّما هو الظّاهِرُ فَقالَ: ﴿ورَحْمَةٌ﴾ أيْ: وهو رَحْمَةٌ ﴿لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ أيْ: أظْهَرُوا الإيمانَ بِألْسِنَتِهِمْ ﴿مِنكُمْ﴾ فَهو -واللَّهُ أعْلَمُ- إشارَةٌ إلى المُنافِقِينَ ومَن في حُكْمِهِمْ مِمَّنْ جَزَمَ لِسانُهُ وقَلْبُهُ مُزَلْزَلٌ، أيْ: أنَّ إظْهارَ تَصْدِيقِهِمْ قَبُولًا لِما ظَهَرَ مِنهم وسَتْرَ قَبائِحِ أسْرارِهِمْ سَبَبٌ لِلْكَفِّ عَنْ دِمائِهِمْ، وإظْهارُ المُؤْمِنِينَ لِمَقْتِهِمْ رُبَّما كانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِصِدْقِ إيمانِهِمْ بِما يَرَوْنَ مِن مَحاسِنِ الإيمانِ بِتَمادِي الزَّمانِ، ولا يُسْتَبْعَدُ كَوْنُ التَّعْبِيرِ بِالماضِي إشارَةً إلى المُنافِقِينَ لا سِيَّما بَعْدَ التَّعْبِيرِ بِاسْمِ الفاعِلِ، فَقَدْ قالَ الإمامُ أبُو الحَسَنِ الحَرالِّيُّ في كِتابِهِ: ”المِفْتاحُ“ ما نَصُّهُ: البابُ الرّابِعُ في رُتَبِ البَيانِ عَنْ تَطَوُّرِ الإنْسانِ بِتَرَقِّيهِ في دَرَجِ الإيمانِ وتَرَدِّيهِ في دَرَكِ الكُفْرانِ: اعْلَمْ أنَّ اللَّهَ مُحِيطٌ بِكُلِّ شَيْءٍ خَلْقًا وأمْرًا أوَّلًا وآخِرًا ظاهِرًا وباطِنًا وهو حَمْدُهُ، ولَهُ عُلُوٌّ في ظُهُورِ أمْرِهِ وكَبِيرِ خَلْقِهِ، واحْتِجابٌ في مُقابِلِ ذَلِكَ مِن خِلْقِهِ وأمْرِهِ بِما أبْداهُ مِن حِكْمَتِهِ وأسْبابِ هُداهُ وفِتْنَتِهِ، وذَلِكَ العُلُوُّ هو إلَهِيَّتُهُ، والِاحْتِجابُ هو مُلْكُهُ، وبَيْنَهُما إقامَةُ كُلِّ خَلْقٍ لِما خُلِقَ لَهُ وتَأْيِيدُ كُلِّ أمْرٍ مِنَ الأمْرَيْنِ لِما أُقِيمَ لَهُ، وذَلِكَ هو رَبّانِيَّتُهُ ولِكُلِّ فَتْقٍ مِن خَلْقِهِ وأمْرِهِ رَتْقٌ سابِقٌ.
ولِكُلِّ تَفاوُتٍ سَواءٌ، وذَلِكَ هو رَحْمانِيَّتُهُ، ولِكُلِّ أقْرَبَ في مَدَدِ الحِجابِ اخْتِصاصٌ؛ وذَلِكَ هو رَحِيمِيَّتُهُ، ولِكُلِّ أبْعَدَ في مَدَدِ (p-٥١١)الحِجابِ بَطْشٌ مِنهُ شَدِيدٌ في رَدِّهِ إلى القُرْبِ وتِلْكَ هي نِقْمَتُهُ، ولِكُلٍّ مِن تَنَزُّلاتِهِ العَلِيَّةِ ظاهِرًا وباطِنًا أمْرٌ خاصٌّ، ولِكُلِّ أمْرٍ خَلْقٌ، يَرِدُ بَيانُ القُرْآنِ لِكُلِّ خَلْقٍ بِحَسَبِ كُنْهِ ذاتِهِ واخْتِصاصِ رُتْبَةِ قُرْبِهِ ومَحَلِّ بُعْدِهِ، وأنَّ اللَّهَ سُبْحانَهُ جَعَلَ آدَمَ وذَرَأهُ خَلِيفَةً لَهُ في جَمِيعِ أمْرِهِ وتَفْصِيلِهِ، وأنْزَلَ القُرْآنَ بِناءً عَلى جُمْلَةِ ذَلِكَ، فَأرْدَأُ الأحْوالِ لِهَذا المُسْتَخْلَفِ المَحَلُّ الَّذِي سُمِّيَ فِيهِ بِالإنْسانِ، وهو حَيْثُ أنِسَ بِنَفْسِهِ وغَيْرِهِ ونَسِيَ عَهْدَ رَبِّهِ، فَيَرِدُ لِذَلِكَ بِناؤُهُ بِالذَّمِّ في القُرْآنِ ﴿قُتِلَ الإنْسانُ ما أكْفَرَهُ﴾ [عبس: ١٧] ﴿إنَّ الإنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ﴾ [العاديات: ٦] ثُمَّ المَحَلُّ الَّذِي تَدارَكَهُ فِيهِ تَنَبُّهٌ لِسَماعِ الزَّجْرِ مِن رَبِّهِ، وهو لَهُ بِمَنزِلَةِ سِنِّ المَيْزِ لِابْنِ سَبْعٍ، ولا يَقَعُ إلّا عَنِ اجْتِماعٍ وتَراءٍ، وذَلِكَ هو السِّنُّ المُسَمَّوْنَ فِيهِ بِالنّاسِ لِنَوْسِهِمْ، أيْ: تَرَدُّدِهِمْ بَيْنَ سَماعِ الزَّجْرِ مِن رَبِّهِمْ وغَلَبَةِ أهْوائِهِمْ عَلَيْهِمْ، فَيَرِدُ لِذَلِكَ بِناؤُهم بِذَمِّ أكْثَرِهِمْ في القُرْآنِ ”﴿ولَكِنَّ أكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ [الروم: ٦]“ - و”لا يَشْكُرُونَ“ ثُمَّ المَحَلُّ الَّذِي يَتَحَقَّقُ لَهم قَبُولٌ وسَماعٌ وإيمانٌ لِغائِبِ الأمْرِ والخَلْقِ، لَكِنَّهم يَتَزَلْزَلُونَ عَنْهُ كَثِيرًا عِنْدَ كُلِّ عارِضَةِ نَيْلٍ وخادِعَةِ رَفْعَةٍ، وهو لَهم بِمَنزِلَةِ سِنِّ المُحْتَلِمِ الَّذِي قَدْ ذاقَ طَعْمَ بُدُوِّ النُّطْفَةِ مِن باطِنِهِ النّاجِمِ العَقْلِ لِلنَّظَرِ في حَقائِقِ المَحْسُوساتِ، وذَلِكَ هو السِّنُّ الَّذِي يَسْعَوْنَ فِيهِ ”الَّذِينَ آمَنُوا“ وهو أوَّلُ سِنِّ التَّلَقِّي، فَلِذَلِكَ جَمِيعُ آدابِ القُرْآنِ (p-٥١٢)وتَعْلِيمُهُ إنَّما مَوْرِدُهُ أهْلُ هَذا السِّنِّ، كانَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: إذا سَمِعْتَ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ يَقُولُ: ”يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا“ فَأعِرْها سَمْعَكَ؛ فَإنَّهُ خَيْرٌ يَأْمُرُ بِهِ أوْ شَرٌّ يَنْهى عَنْهُ، وكَما أنَّ ما يَخُصُّ البالِغَ العاقِلَ مِنَ الخِطابِ لا يَدْخُلُ فِيهِ الصَّبِيُّ المُمَيِّزُ، وما يَخُصُّ المُمَيِّزَ لا يَدْخُلُ فِيهِ البالِغُ، كَذَلِكَ خِطابُ ”الَّذِينَ آمَنُوا“ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ النّاسُ بَعْدُ، وخِطابُ النّاسِ قَدْ جاوَزَهُ ”الَّذِينَ آمَنُوا“ لِأنَّهم قَدِ انْزَجَرُوا بِما قَبِلَتْ قُلُوبُهم عَمّا يَنْزَجِرُ عَنْهُ النّاسُ، وقَدِ ائْتَمَرُوا بِما يَأْتَمِرُ بِهِ النّاسُ؛ وهَذِهِ الأسْنانُ الخالِيَةُ عِنْدَ أُولِي البَصائِرِ، وخاصُّ خِطابِها أشَدُّ ظُهُورًا مِن أسْنانِ الأبْدانِ عِنْدَ أصْحابِ الأبْصارِ، وعَدَمِ التَّبْصِرَةِ بِهَذِهِ المَراتِبِ في الأحْوالِ والبَيانِ هي أقْفالُ القُلُوبِ المانِعَةُ مِن تَدَبُّرِ القُرْآنِ، وكَذَلِكَ ما فَوْقَ سِنِّ ”الَّذِينَ آمَنُوا“ مِن سِنِّ ”الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ“ وهم في أوَّلِ حَدِّ القُرْبِ مَنزِلَةُ بُلُوغِ الأشُدِّ، وسِنُّ ”الَّذِينَ آمَنُوا“ و”النّاسُ“ في مَدَدِ حَدِّ البُعْدِ ولِذَلِكَ يُخاطَبُونَ بِحَرْفِ: ”يا“ المُرْسَلَةِ إلى حَدِّ البُعْدِ: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أدُلُّكم عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكم مِن عَذابٍ ألِيمٍ﴾ [الصف: ١٠] ﴿تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ورَسُولِهِ﴾ [الصف: ١١] وفَوْقَ ذَلِكَ سِنُّ المُؤْمِنِينَ وأدْنى قُرْبًا، ولِذَلِكَ لَمْ يَرِدْ في القُرْآنِ في خِطابِهِمْ ”يا“ البُعْدِ، وهَذا السِّنُّ بِمَنزِلَةِ الِاكْتِهالِ وسِنِّ الشَّيْبِ، وتَمامُ سِنِّهِمْ ”المُؤْمِنُونَ حَقًّا“ وكَذَلِكَ إلى سِنِّ ”المُحْسِنِينَ“ إلى غَيْبِ سِنِّ ﴿المُوقِنِينَ﴾ [الأنعام: ٧٥] إلى ما وراءَ ذَلِكَ، فَإنَّ أسْنانَ الجِسْمِ أرابِيعُ، (p-٥١٣)وأسْنانَ القَلْبِ أسابِيعُ، يَعْرِفُها مَن تَطَوَّرَ فِيها، ويَجْهَلُها مَن نَبَتَ سِنُّ قَلْبِهِ عَلى الجَهْلِ وتَطَوَّرَ سِنُّ جِسْمِهِ إلى الهَرَمِ ”يَهْرَمُ ابْنُ آدَمَ ويَشِيبُ مِنهُ اثْنَتانِ: الحِرْصُ والأمَلُ“ فالحِرْصُ فَقْرُهُ ولَوْ مَلَكَ الدُّنْيا، والأمَلُ هَمُّهُ وتَعَبُهُ، فَمَن لَمْ يَتَحَقَّقْ أسْنانُ القَلْبِ وتَفاوُتُ خِطابِها لَمْ يَنْفَتِحْ لَهُ البابُ إلى فَهْمِ القُرْآنِ، ومَن لَمْ يَتَّضِحْ لَهُ تَنَزُّلاتُ الخِطابِ لَمْ يَبِنْ لَهُ خِطابُ اللَّهِ مِن خِطابِ الرَّحْمَنِ مِن خِطابِ المَلِكِ الدَّيّانِ. انْتَهى.
ولَمّا بَيَّنَ ما لِمَن صَدَّقَهُ باطِنًا أوْ ظاهِرًا مِنَ الرَّحْمَةِ، بَيَّنَ ما عَلى مَن كَذَّبَهُ فَآذاهُ مِنَ النِّقْمَةِ فَقالَ: ﴿والَّذِينَ يُؤْذُونَ﴾ أيْ: مِن هَؤُلاءِ ومِن غَيْرِهِمْ ﴿رَسُولَ اللَّهِ﴾ أيِ: الَّذِي أظْهَرَ - وهو المَلِكُ الأعْلى - شَرَفَهُ وعَظَمَتَهُ بِالجَمْعِ بَيْنَ الوَصْفَيْنِ وأعْلاهُ بِإضافَتِهِ إلَيْهِ، وزادَ في رِفْعَتِهِ بِالتَّعْبِيرِ بِاسْمِهِ الأعْظَمِ الجامِعِ، وهو واسِطَةٌ بَيْنَ الحَقِّ والخَلْقِ في إصْلاحِ أحْوالِهِمْ فَإنَّما يَسْتَحِقُّ مِنهُمُ الشُّكْرَ والإكْرامَ لا الأذى والإيلامَ.
ولَمّا كانَ أذاهم مُؤْلِمًا جَعَلَ جَزاءَهم مِن جِنْسِهِ فَقالَ: ﴿لَهم عَذابٌ ألِيمٌ﴾
{"ayah":"وَمِنۡهُمُ ٱلَّذِینَ یُؤۡذُونَ ٱلنَّبِیَّ وَیَقُولُونَ هُوَ أُذُنࣱۚ قُلۡ أُذُنُ خَیۡرࣲ لَّكُمۡ یُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَیُؤۡمِنُ لِلۡمُؤۡمِنِینَ وَرَحۡمَةࣱ لِّلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مِنكُمۡۚ وَٱلَّذِینَ یُؤۡذُونَ رَسُولَ ٱللَّهِ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق