الباحث القرآني

﴿وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ﴾ نَزَلَتْ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ كَانُوا يُؤْذُونَ النَّبِيَّ ﷺ، وَيَقُولُونَ مَا لَا يَنْبَغِي، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَفْعَلُوا، فَإِنَّا نَخَافُ أَنْ يَبْلُغَهُ مَا تَقُولُونَ فَيَقَعُ بِنَا. فَقَالَ الْجُلَاسُ بْنُ سُوَيْدٍ مِنْهُمْ: بَلْ نَقُولُ مَا شِئْنَا، ثُمَّ نَأْتِيهِ فَنُنْكِرُ مَا قُلْنَا، وَنَحْلِفُ فَيُصَدِّقُنَا بِمَا نَقُولُ، فَإِنَّمَا مُحَمَّدٌ أُذُنٌ [[أسباب النزول للواحدي ص (٢٨٦) ، سيرة ابن هشام: ١ / ٥٢١.]] أَيْ: أُذُنٌ سَامِعَةٌ، يُقَالُ: فَلَانٌ أُذُنٌ وأُذُنَةٌ عَلَى وَزْن فُعُلَةٍ إِذَا كَانَ يَسْمَعُ كُلَّ مَا قِيلَ لَهُ وَيَقْبَلُهُ. وَأَصْلُهُ مِنْ أَذِنَ يَأْذَنُ أُذُنًا أَيِ: اسْتَمَعَ. وَقِيلَ: هُوَ أُذُنٌ أَيْ: ذُو أُذُنٍ سَامِعَةٍ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ: نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ يُقَالُ لَهُ نَبْتَلُ بْنُ الْحَارِثِ، وَكَانَ رَجُلًا أَذْلَمَ، ثَائِرَ شَعْرِ الرَّأْسِ، أَحْمَرَ الْعَيْنَيْنِ، أَسْفَعَ الْخَدَّيْنِ، مُشَوَّهَ الْخِلْقَةِ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى الشَّيْطَانِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى نَبْتَلَ بْنِ الْحَارِثِ"، وَكَانَ يَنِمُّ حَدِيثَ النَّبِيِّ ﷺ إِلَى الْمُنَافِقِينَ، فَقِيلَ لَهُ: لَا تَفْعَلْ، فَقَالَ: إِنَّمَا مُحَمَّدٌ أُذُنٌ فَمَنْ حَدَّثَهُ شَيْئًا صَدَقَهُ، فَنَقُولُ مَا شِئْنَا، ثُمَّ نَأْتِيهِ وَنَحْلِفُ بِاللَّهِ فَيُصَدِّقُنَا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ [[ذكره ابن إسحاق بلاغا: ١ / ٥٢١، وانظر: الطبري: ١٤ / ٣٢٤، أسباب النزول ص (٢٨٦) والدر المنثور: ٤ / ٢٢٧.]] . قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ﴾ قَرَأَهُ الْعَامَّةُ بِالْإِضَافَةِ، أَيْ: مُسْتَمِعُ خَيْرٍ وَصَلَاحٍ لَكُمْ، لَا مُسْتَمِعَ شَرٍّ وَفَسَادٍ. وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ والبُرْجُمِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ: ﴿أُذُنٌ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ مَرْفُوعَيْنِ مُنَوَّنَيْنِ، يَعْنِي: أَنْ يَسْمَعَ مِنْكُمْ وَيُصَدِّقَكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ يُكَذِّبَكُمْ وَلَا يَقْبَلُ قَوْلَكُمْ، ثُمَّ كَذَّبَهُمْ فَقَالَ: ﴿يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ﴾ أَيْ: لَا بَلْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ، ﴿وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ أَيْ: يُصَدِّقُ الْمُؤْمِنِينَ وَيَقْبَلُ مِنْهُمْ لَا مِنَ الْمُنَافِقِينَ. يُقَالُ: أَمِنْتُهُ وَأَمِنْتُ لَهُ بِمَعْنَى صَدَّقْتُهُ. ﴿وَرَحْمَةٌ﴾ قَرَأَ حَمْزَةُ: " وَرَحْمَةٍ " بِالْخَفْضِ عَلَى مَعْنَى أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ، وَأُذُنُ رَحْمَةٍ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ: "وَرَحْمَةٌ" بِالرَّفْعِ، أَيْ: هُوَ أُذُنُ خَيْرٍ، وَهُوَ رَحْمَةٌ ﴿لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ﴾ لِأَنَّهُ كَانَ سَبَبَ إِيمَانِ الْمُؤْمِنِينَ. ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب