الباحث القرآني
﴿سَیَحۡلِفُونَ بِٱللَّهِ لَكُمۡ إِذَا ٱنقَلَبۡتُمۡ إِلَیۡهِمۡ لِتُعۡرِضُوا۟ عَنۡهُمۡۖ فَأَعۡرِضُوا۟ عَنۡهُمۡۖ إِنَّهُمۡ رِجۡسࣱۖ وَمَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُ جَزَاۤءَۢ بِمَا كَانُوا۟ یَكۡسِبُونَ ٩٥﴾ - نزول الآية، وتفسيرها
٣٣٣١٢- عن كعب بن مالك، قال: لَمّا قدِم رسولُ الله ﷺ من تبوك جلس للناس، فلمّا فعل ذلك جاءه المُخَلَّفون، فطَفِقوا يعتذرون إليه، ويَحْلِفون له، وكانوا بضعةً وثمانين رجلًا، فقَبِل منهم رسولُ الله ﷺ علانيتَهم، وبايعهم، واستغفر لهم، ووَكَل سرائِرَهم إلى الله، وصَدَقْتُه حديثي. فقال كعب: واللهِ، ما أنْعَمَ اللهُ عَلَيَّ مِن نعمةٍ قطُّ -بعد أن هداني للإسلام- أعْظَمَ في نفسي مِن صدق رسول الله ﷺ؛ أن لا أكون كَذَبْتُه فأهلك كما هَلَك الذين كَذَبُوا، إنّ اللهَ قال لِلَّذِين كَذَبُوا -حين أنزل الوَحْيَ- شَرَّ ما قال لأحد: ﴿سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجس ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون﴾ إلى قوله: ﴿فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين﴾[[أخرجه البخاري ٦/٣-٥ (٤٤١٨)، ومسلم ٤/٢١٢٠-٢١٢٧ (٢٧٦٩) كلاهما مُطَوَّلًا، وابن جرير ١١/٦٣٠-٦٣١ واللفظ له، وابن أبي حاتم ٦/١٨٩٩-١٩٠٣ (١٠٠٨٥).]]. (ز)
٣٣٣١٣- عن عبد الله بن عباس -من طريق عطية العوفي- قوله: ﴿سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا﴾ إلى: ﴿بما كانوا يكسبون﴾، وذلك أنّ رسول الله ﷺ قيل له: ألا تغزو بني الأصفر؛ لعلك أن تُصِيب بنتَ عظيم الروم؛ فإنّهُنَّ حِسانٌ. فقال رجلان: قد علمتَ -يا رسول الله- أنّ النساءَ فِتنة؛ فلا تَفْتِنّا بِهِنَّ؛ فَأْذَن لَنا. فأذِن لهما، فلمّا انطَلقا قال أحدهما: إن هو إلا شَحْمَةٌ لِأَوَّلِ آكِلٍ. فسار رسول الله ﷺ، ولم ينزل عليه في ذلك شيء، فلمّا كان ببعض الطريق نزل عليه وهو على بعض المياه: ﴿لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لاتبعوك ولكن بعدت عليهم الشقة﴾ [التوبة:٤٢]، ونزل عليه: ﴿عفا الله عنك لم أذنت لهم﴾ [التوبة:٤٣]، ونزل عليه: ﴿لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر﴾ [التوبة:٤٤]، ونزل عليه: ﴿إنهم رجس ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون﴾. فسمع ذلك رجلٌ مِمَّن غزا مع النبي ﷺ، فأتاهم وهم خلفهم، فقال: تعلمون أن قد أُنزِل على رسول الله ﷺ بعدكم قرآنٌ؟ قالوا: ما الذي سَمِعتَ؟ قال: ما أدري، غير أنِّي سمعتُ أنّه يقول: ﴿إنهم رجس﴾. فقال رجلٌ يُدْعى مخشيًّا: واللهِ، لَوَدِدتُ أنِّي أُجْلَد مائة جلدة وأنِّي لست معكم. فأتى رسولَ الله ﷺ، فقال: «ما جاء بك؟». فقال: وجْهُ رسولِ الله ﷺ تَسْفَعُه الرِّيحُ، وأنا في الكِنِّ[[الكِنُّ: ما يرُدُّ الحر والبرد من الأبنية والمساكن. النهاية (كنن).]]. فأنزل الله عليه: ﴿ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني﴾ [التوبة:٤٩]، ﴿وقالوا لا تنفروا في الحر﴾ [التوبة:٨١]. ونزل عليه في الرجل الذي قال: لَوَدِدتُ أنِّي أُجْلَدُ مائة جلدة؛ قولُ الله: ﴿يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم﴾ [التوبة:٦٤]. فقال رجلٌ مع رسول الله: لَئِن كان هؤلاء كما يقولون ما فينا خيرٌ. فبلغ ذلك رسولَ الله ﷺ، فقال له: «أنت صاحبُ الكلمة التي سمعتُ؟». فقال: لا، والَّذي أنزَل عليك الكتابَ. فأنزل الله فيه: ﴿ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم﴾ [التوبة:٧٤]. وأنزل فيه: ﴿وفيكم سماعون لهم والله عليم بالظالمين﴾ [التوبة:٤٧][[أخرجه ابن جرير ١١/٦٢٩-٦٣٠. الإسناد ضعيف، لكنها صحيفة صالحة ما لم تأت بمنكر أو مخالفة. وينظر: مقدمة الموسوعة.]]٣٠٢٩. (ز)
٣٣٣١٤- عن مجاهد بن جبر -من طريق ابن أبي نَجِيح- قوله: ﴿سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم﴾، قال: المنافقون[[أخرجه ابن أبي حاتم ٦/١٨٦٥.]]. (ز)
٣٣٣١٥- عن موسى بن عبد العزيز، قال: سألتُ الحكمَ، قلتُ: قوله: ﴿سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجس﴾. قال: حدثني عكرمة، قال: قال محاش بن عُوَيْمِر[[كذا في المطبوع، وكأنه تصحيف، والمعروف مَخشِيُّ بن حُمَيِّرٍ.]]: إن كانوا هم أرجاسًا فنحنُ أشَرُّ مِن الحمير. ففيهم نزلت هذه الآية، فسأله رسول الله ﷺ: «ما قلتَ؟». فقال: لم أقل شيئًا. فسأله، فقال: «ما قلتَ شيئًا؟». فقال: لا جرم، كيف لا أعترف وقد جاء بها جبريلُ ﵇ مِن السماء؟![[أخرجه ابن أبي حاتم ٦/١٨٦٥ (١٠٢٠٦).]]. (ز)
٣٣٣١٦- قال مقاتل بن سليمان: ﴿سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إذا انْقَلَبْتُمْ﴾ يعني: إذا رجعتم ﴿إلَيْهِمْ﴾ إلى المدينة؛ ﴿لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ﴾ في التَّخَلُّف، ﴿فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إنَّهُمْ رِجْسٌ وماواهُمْ جَهَنَّمُ جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ﴾ فحلف منهم بضع وثمانون رجلًا، منهم جَدُّ بن قيس، ومُعَتِّب بن قُشَير، وأبو لبابة، وأصحابه[[تفسير مقاتل بن سليمان ٢/١٩٠-١٩١.]]. (ز)
﴿فَأَعۡرِضُوا۟ عَنۡهُمۡۖ إِنَّهُمۡ رِجۡسࣱۖ وَمَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُ جَزَاۤءَۢ بِمَا كَانُوا۟ یَكۡسِبُونَ ٩٥﴾ - تفسير
٣٣٣١٧- عن الضحاك بن مزاحم، في قوله: ﴿لِتُعرِضُوا عنهم﴾، يقول: لِتَتَجاوَزُوا عنهم[[عزاه السيوطي إلى أبي الشيخ.]]. (٧/٤٩٠)
٣٣٣١٨- عن إسماعيل السُّدِّيّ -من طريق أسباط- قوله: ﴿سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجس﴾، قال: لَمّا خرج رسولُ الله ﷺ خَلَّف عَلِيًّا بعده، ولم يخرج به معه، فخاض الناسُ فقالوا: إنّما خَلَّفه لِسُخْطِه [عليه]. فأدركه عليٌّ في الطريق، فأخبره بما قال المنافقون، فقال النبيُّ ﷺ لِعَلِيٍّ: «إنّ موسى لَمّا ذهب إلى ربِّه استخلف هارون، وإنِّي أسْتَخْلِفُك بعدي، أفَما ترضى أن تكون مِنِّي كمنزلة هارون من موسى؟ إلّا أنّه لا نَبِيَّ بعدي». قال: بلى، يا رسول الله. فلمّا رجع استقبله عليٌّ، فأردفه النبيُّ ﷺ خَلْفَه، وقال: لعن اللهُ المنافقين والمُخالفين. فدخل النبيُّ ﷺ المدينةَ وعليٌّ قائِمٌ خلفَه يلعن المنافقين، وقال النبيُّ ﷺ للمؤمنين: «لا تُكَلِّموهم، ولا تُجالِسوهم، فأعرِضُوا عنهم كما أمركم الله ﷿»[[أخرجه ابن أبي حاتم ٦/١٨٦٥ (١٠٢٠٧) من مرسل السدي.]]. (ز)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.