الباحث القرآني
﴿وَجَاۤءَ رَبُّكَ وَٱلۡمَلَكُ صَفࣰّا صَفࣰّا ٢٢﴾ - تفسير
٨٣١٤٠- عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: «تُوقفون موقفًا واحدًا يوم القيامة مقدار سبعين عامًا، لا يُنظر إليكم، ولا يُقضى بينكم، قد حُصر عليكم، فتَبْكُون حتى ينقطع الدمع، ثم تَدمعون دمًا، وتَبْكُون حتى يبلغ ذلك منكم الأذقان، أو يُلْجِمكم، فتضجّون، ثم تقولون: مَن يشفع لنا إلى ربّنا، فيقضي بيننا؟ فيقولون: مَن أحقّ بذلك مِن أبيكم؟ جبل الله تربته، وخَلَقه بيده، ونفخ فيه مِن روحه، وكلّمه قِبَلًا. فيؤتى آدم ﷺ، فيُطلب ذلك إليه، فيأبى، ثم يَستَقرون الأنبياء نبيًّا نبيًّا، كلما جاءوا نبيًّا أبى». قال رسول الله ﷺ: «حتى يأتوني، فإذا جاءوني خرجتُ حتى آتي الفحص». قال أبو هريرة: يا رسول الله، ما الفحص؟ قال: «قدام العرش، فأخرّ ساجدًا، فلا أزال ساجدًا حتى يبعث الله إلَيّ مَلكًا، فيأخذ بعضدي، فيرفعني، ثم يقول الله لي: محمد؟ وهو أعلم، فأقول: نعم. فيقول: ما شأنك؟ فأقول: يا ربّ، وعدتني الشفاعة، شفِّعني في خَلْقك فاقضِ بينهم. فيقول: قد شفّعتُك، أنا آتيكم فأقضي بينكم». قال رسول الله ﷺ: «فأنصرف حتى أقف مع الناس، فبينا نحن وقوف سمعنا حِسًّا مِن السماء شديدًا، فهالنا، فنزل أهلُ السماء الدنيا بمثلَي مَن في الأرض مِن الجن والإنس، حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنورهم، وأخذوا مصافّهم، وقلنا لهم: أفيكم ربُّنا؟ قالوا: لا، وهو آتٍ. ثم ينزلُ أهل السماء الثانية بمثلي مَن نزل مِن الملائكة، وبمثلي مَن فيها من الجن والإنس، حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنورهم، وأخذوا مصافّهم، وقلنا لهم: أفيكم ربّنا؟ قالوا: لا، وهو آتٍ. ثم نزل أهل السموات على قدْر ذلك من الضِّعف، حتى نزل الجبّار في ظُلَلٍ مِن الغمام والملائكة، ولهم زَجَلٌ مِن تسبيحهم، يقولون: سبحان ذي المُلك والملكوت، سبحان ربِّ العرش ذي الجبروت، سبحان الحيِّ الذي لا يموت، سبحان الذي يميت الخلائق ولا يموت، سُبُّوحٌ قُدُّوس ربّ الملائكة والروح، قدوس قدوس، سبحان ربنا الأعلى، سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والسلطان والعظمة، سبحانه أبدًا أبدًا. يحمل عرشه يومئذ ثمانية، وهم اليوم أربعة، أقدامهم على تخوم الأرض السفلى، والسموات إلى حُجَزهم، والعرش على مناكبهم، فوضع الله عرشه حيث شاء مِن الأرض، ثم ينادي بنداء يُسمع الخلائق، فيقول: يا معشر الجنّ والإنس، إني قد أنصتُّ منذ يوم خلقتُكم إلى يومكم هذا، أسمع كلامكم، وأُبصر أعمالكم، فأنصِتوا إلَيَّ، فإنما هي صحفكم وأعمالكم تُقرأ عليكم، فمَن وجد خيرًا فليحمد الله، ومَن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه. ثم يأمر الله جهنم فتخرج منها عُنقًا ساطعًا مُظلمًا، ثم يقول الله: ﴿ألَمْ أعْهَدْ إلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ إلى قوله: ﴿هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ [يس:٦٠-٦٣]، ﴿وامْتازُوا اليَوْمَ أيُّها المُجْرِمُونَ﴾ [يس:٥٩]. فيتميز الناس ويجثون، وهي التي يقول الله: ﴿وتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إلى كِتابِها اليَوْمَ﴾ الآية [الجاثية:٢٨]. فيقضي الله بين خَلْقه؛ الجنّ والإنس والبهائم، فإنه ليُقيد يومئذ للجمّاء من ذات القرون، حتى إذا لم يبق تبعة عند واحدة لأخرى قال الله: كونوا ترابًا. فعند ذلك يقول الكافر: ﴿يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرابًا﴾ [النبأ:٤٠]. ثم يقضي الله سبحانه بين الجنّ والإنس»[[أخرجه ابن أبي الدنيا في الأهوال ص١١٨-١٢٣ (١٥٥) بنحوه، والطبراني في الأحاديث الطوال ص٢٦٦-٢٦٨ (٣٦)، والبيهقي في البعث والنشور ص٣٣٦-٣٤٤ (٦٠٩) كلاهما مطولًا، وابن جرير ٣/٦١١-٦١٤، ٢٤/٣٨٦-٣٨٩، من طريق إسماعيل بن رافع، عن محمد بن يزيد بن أبي زياد، عن رجل من الأنصار، عن محمد بن كعب القُرَظيّ، عن رجل من الأنصار، عن أبي هريرة به، على اختلاف يسير في إسناده عندهم. إسناده ضعيف جدًّا؛ فيه جهالة محمد بن يزيد بن أبي زياد، وجهالة الراوي عن محمد بن كعب القُرَظيّ، وجهالة شيخه، وفيه إسماعيل بن رافع المدني، قال عنه ابن حجر في التقريب (٤٤٢): «ضعيف الحفظ».]]. (ز)
٨٣١٤١- عن عبد الله بن عباس -من طريق شَهْر بن حَوْشَب- أنه قال: إذا كان يوم القيامة مُدّت الأرض مَدّ الأديم، وزِيد في سعتها كذا وكذا، وجمع الخلائق بصعيد واحد؛ جِنّهم وإنسِهم، فإذا كان ذلك اليوم قِيضتْ[[قيضت: شُقّت. اللسان (قيض).]] هذه السماء الدنيا عن أهلها على وجه الأرض، ولأهل السماء وحدهم أكثر من أهل الأرض جِنّهم وإنسِهم بضعْفٍ، فإذا نُثِروا على وجه الأرض فزعوا منهم، فيقولون: أفيكم ربّنا؟ فيَفزعون مِن قولهم، ويقولون: سبحان ربّنا، ليس فينا، وهو آتٍ. ثم تُقاض السماء الثانية، ولَأهل السماء الثانية وحدهم أكثر مِن أهل السماء الدنيا ومِن جميع أهل الأرض بضعْف جِنّهم وإنسِهم، فإذا نُثِروا على وجه الأرض فزع إليهم أهل الأرض، فيقولون: أفيكم ربّنا؟ فيَفزعون من قولهم، ويقولون: سبحان ربّنا، ليس فينا، وهو آتٍ. ثم تُقاض السموات سماء سماء، كلما قِيضتْ سماء عن أهلها كانت أكثر من أهل السموات التي تحتها ومن جميع أهل الأرض بضعْفٍ، فإذا نُثِروا على وجه الأرض فزع إليهم أهل الأرض، فيقولون لهم مثل ذلك، ويرجعون إليهم مثل ذلك، حتى تُقاض السماء السابعة، فلَأهل السماء السابعة أكثر من أهل ست سموات ومِن جميع أهل الأرض بضعْفٍ، فيجيء الله فيهم، والأمم جُثًا صفوف، وينادي منادٍ: ستعلمون اليوم مَن أصحاب الكرم، لِيَقُم الحَمُّادون لله على كل حال. قال: فيقومون، فيَسْرَحون إلى الجنة؛ ثم ينادي الثانية: ستعلمون اليوم مَن أصحاب الكرم، أين الذين كانت ﴿تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وطَمَعًا ومِمّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ [السجدة:١٦]؟ فيقومون، فيَسْرَحون إلى الجنة؛ ثم ينادي الثالثة: ستعلمون اليوم مَن أصحاب الكرم، أين الذين ﴿لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ ولا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وإقامِ الصَّلاةِ وإيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ القُلُوبُ والأَبْصارُ﴾ [النور:٣٧]؟ فيقومون، فيَسْرَحون إلى الجنة، فإذا أخذ من هؤلاء ثلاثة خرج عُنقٌ من النار، فأشرف على الخلائق، له عينان تُبصِران، ولسان فصيح، فيقول: إنّي وُكِّلتُ منكم بثلاثة: بكلّ جبّار عنيد. فيَلْقُطُهم من الصفوف لَقْط الطير حبَّ السِّمْسم، فيُحبس بهم في جهنم، ثم يخرج ثانية، فيقول: إني وُكِّلتُ منكم بمن آذى الله ورسوله. فيَلْقُطُهم لَقْط الطير حبَّ السِّمْسم، فيُحبس بهم في جهنم، ثم يخرج ثالثة، قال عوف، قال أبو المنهال: حسبتُ أنه يقول: وُكِّلتُ بأصحاب التصاوير. فيَلتقطهم من الصفوف لَقْط الطير حبَّ السِّمْسم، فيُحبس بهم في جهنم، فإذا أخذ من هؤلاء ثلاثة ومن هؤلاء ثلاثة نُشرت الصحف، ووُضعت الموازين، ودُعي الخلائق للحساب[[أخرجه ابن جرير ٢٤/٣٨٤-٣٨٥.]]. (ز)
٨٣١٤٢- عن الضَّحّاك بن مُزاحِم -من طريق الأجلح- قال: إذا كان يوم القيامة أمر الله السماء الدنيا بأهلها، ونزل مَن فيها من الملائكة، وأحاطوا بالأرض ومَن عليها، ثم الثانية، ثم الثالثة، ثم الرابعة، ثم الخامسة، ثم السادسة، ثم السابعة، فصفُّوا صفًّا دون صف، ثم ينزل الملك الأعلى على مُجَنَّبَته اليسرى جهنم، فإذا رآها أهل الأرض ندّوا، فلا يأتون قُطرًا مِن أقطار الأرض إلا وجدوا سبعة صفوف مِن الملائكة، فيرجعون إلى المكان الذي كانوا فيه، فذلك قول الله: ﴿إنِّي أخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ما لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِن عاصِمٍ﴾ [غافر:٣٢-٣٣]، وذلك قوله: ﴿وجاءَ رَبُّكَ والمَلَكُ صَفًّا صَفًّا وجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ﴾، وقوله: ﴿يا مَعْشَرَ الجِنِّ والإنْسِ إنِ اسْتَطَعْتُمْ أنْ تَنْفُذُوا مِن أقْطارِ السَّماواتِ والأَرْضِ فانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إلّا بِسُلْطانٍ﴾ [الرحمن:٣٣]، وذلك قول الله: ﴿وانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ والمَلَكُ عَلى أرْجائِها﴾ [الحاقة:١٦-١٧][[أخرجه ابن جرير ٢٤/٣٨٦.]]. (ز)
٨٣١٤٣- عن الضَّحّاك بن مُزاحِم، في قوله: ﴿والمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾، قال: جاء أهل السماوات كلّ سماء صفًّا[[عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.]]. (١٥/٤٢٢)
٨٣١٤٤- عن شَهْر بن حَوْشَب -من طريق ليث- قال: إذا كان يوم القيامة مُدّت الأرض مَدّ الأديم العكاظيّ، ثم يَحشر الله فيها الخلائق مِن الجنّ والإنس، ثم أخذوا مصافّهم مِن الأرض، ثم ينزل أهل السماء الدنيا بمثل مَن في الأرض، وبمثلهم معهم مِن الجن والإنس، حتى إذا كانوا على رؤوس الخلائق أضاءت الأرضُ لوجوههم، وخرّ أهل الأرض ساجدين، وقالوا: أفيكم ربُّنا؟ قالوا: ليس فينا، وهو آتٍ. ثم أخذوا مصافّهم مِن الأرض، ثم ينزل أهل السماء الثانية بمثل مَن في الأرض من الجن والإنس والملائكة الذين نزلوا قبلهم ومثلهم معهم، حتى إذا كانوا مكان أصحابهم أضاءت الأرض لوجوههم، وخرّ أهل الأرض ساجدين، وقالوا: أفيكم ربّنا؟ قالوا: ليس فينا، وهو آتٍ. ثم أخذوا مصافّهم من الأرض، ثم ينزل أهل السماء الثالثة بمثل مَن في الأرض من الجن والإنس والملائكة الذين نزلوا قبلهم ومثلهم معهم، حتى إذا كانوا مكان أصحابهم أضاءت الأرضُ لِوجوههم، وخرّ أهل الأرض ساجدين، وقالوا: أفيكم ربّنا؟ قالوا: ليس فينا، وهو آتٍ. وينزل أهل السماء الرابعة على قدْرهم من التضعيف، ثم ينزل أهل السماء الخامسة على قدْر ذلك مِن التضعيف، ثم ينزل أهل السماء السادسة على قدْر ذلك مِن التضعيف، ثم ينزل أهل السماء السابعة على قدْر ذلك مِن التضعيف، حتى ينزل الجبّار -تبارك وتعالى- قال: ﴿ويَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ﴾ [الحاقة:١٧]. تحمله الملائكة على كواهلها بأيدٍ وقوة وحُسنٍ وجمال، حتى إذا جلس على كرسيّه ونادى بصوته: ﴿لِمَنِ المُلْكُ اليَوْمَ﴾؟ فلا يجيبه أحد، فيردُّ على نفسه: ﴿لِلَّهِ الواحِدِ القَهّارِ اليَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ اليَوْمَ إنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الحِسابِ﴾ [غافر:١٦-١٧][[أخرجه يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ٥/١٢٩-١٣٠-.]]. (ز)
٨٣١٤٥- قال عطاء: ﴿وجاءَ رَبُّكَ والمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾ يريد: صفوف الملائكة، وأهل كلّ سماء صفٌّ على حِدة[[تفسير البغوي ٨/٤٢٢.]]. (ز)
٨٣١٤٦- عن قتادة بن دعامة -من طريق سعيد- ﴿وجاءَ رَبُّكَ والمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾، قال: صفوف الملائكة[[أخرجه ابن جرير ٢٤/٣٨٩. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.]]. (١٥/٤٢٢)
٨٣١٤٧- قال إسماعيل السُّدِّيّ: ﴿وجاءَ رَبُّكَ والمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾، يعني: صفوف الملائكة، كلّ أهل سماء على حِدة[[ذكره يحيى بن سلام -كما في تفسير ابن أبي زمنين ٥/١٢٩-.]]. (ز)
٨٣١٤٨- قال محمد بن السّائِب الكلبي: ﴿وجاءَ رَبُّكَ﴾ ينزل[[تفسير البغوي ٨/٤٢٢.]]. (ز)
٨٣١٤٩- قال مقاتل بن سليمان: ﴿وجاءَ رَبُّكَ والمَلَكُ صَفًّا صَفًّا﴾ وذلك أنه تنشقّ السموات والأرض، فتنزل ملائكة كلّ سماء، وتقوم ملائكة كلّ سماء على حِدة، فيجيء الله -تبارك وتعالى- كما قال: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إلّا أنْ تَأْتِيَهُمُ المَلائِكَةُ أوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ﴾ [الأنعام:١٥٨]، وكما قال: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إلّا أنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الغَمامِ والمَلائِكَةُ﴾ [البقرة:٢١٠] قيامًا صفوفًا[[تفسير مقاتل بن سليمان ٤/٦٩١.]]. (ز)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.