الباحث القرآني
﴿وَنَضَعُ ٱلۡمَوَ ٰزِینَ ٱلۡقِسۡطَ لِیَوۡمِ ٱلۡقِیَـٰمَةِ فَلَا تُظۡلَمُ نَفۡسࣱ شَیۡـࣰٔاۖ﴾ - تفسير
٤٩١٣٨- عن عائشة: أنّ رجلًا قال: يا رسول الله، إنّ لي مملوكين يخونونني ويكذبونني ويعصونني، وأضربهم وأشتمهم، فكيف أنا منهم؟ فقال له رسول الله ﷺ: «يُحسب ما خانوك، وعصوك، وكذبوك، وعقابك إيّاهم؛ فإن كان عقابُك إيّاهم دون ذنوبهم كان فضلًا لك، وإن كان عقابُك إيّاهم بقدر ذنوبهم كان كفافًا، لا لك ولا عليك، وإن كان عقابك إيّاهم فوق ذنوبهم اقتُصَّ لهم منك الفضل». فجعل الرجل يبكي ويهتف، فقال رسول الله ﷺ: «أما تقرأ كتاب الله: ﴿ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين﴾؟». فقال الرجل: يا رسول الله، ما أجد لي ولهم شيئًا خيرًا من مفارقتهم، أُشْهِدُك أنّهم أحرار[[أخرجه أحمد ٤٣/٤٠٦-٤٠٧ (٢٦٤٠١)، والترمذي ٥/٣٨٤-٣٨٥ (٣٤٣٦)، من طريق عبد الرحمن بن غزوان، عن ليث بن سعد، عن مالك بن أنس، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة به. قال الترمذي: «هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن غزوان». وقال المنذري في الترغيب والترهيب ٤/٢١٧ (٥٤٥٧): «رواتهما ثقات، عبد الرحمن هذا يكنى أبا نوح، ثقة احتج به البخاري، وبقية رجال أحمد ثقات، احتج بهم البخاري ومسلم». وقال الهيثمي في المجمع ١٠/٣٥١-٣٥٢ (١٨٤٠٢): «حديث عائشة وحده رواه الترمذي. رواه أحمد، وفي إسناد الصحابي الذي لم يُسَمَّ راوٍ لم يُسَمَّ أيضًا، وبقية رجالهما رجال الصحيح».]]. (١٠/٢٩٨)
٤٩١٣٩- عن زياد بن أبي زياد، قال: قال رجل: يا رسول الله، إنّ لي مالًا، وإنّ لي خدمًا، وإني أغضب فأعزم وأشتم وأضرب. فقال رسول الله ﷺ: «تُوزَن ذنوبه بعقوبتك؛ فإن كانت سواء فلا لك ولا عليك، وإن كانت العقوبة أكثر فإنّما هو شيء يُؤخَذ مِن حسناتك يوم القيامة». فقال الرجل: أوَّه، أوَّه، يُؤخذ من حسناتي! أُشْهِدُك -يا رسول الله ﷺ- أنّ مماليكي أحرار، أنا لا أُمْسِك شيئًا يُؤخَذ مِن حسناتي له. قال: «فحسبتَ ماذا؟! ألم تسمع إلى قوله تعالى: ﴿ونضع الموازين القسط﴾؟» الآية[[أورده الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ١/١١٤.]]. (١٠/٢٩٩)
٤٩١٤٠- عن عبد الله بن عباس -من طريق العوفي- قوله: ﴿ونضع الموازين القسط ليوم القيامة﴾ إلى آخر الآية، وهو كقوله: ﴿والوزن يومئذ الحق﴾ [الأعراف:٨]، يعني بـ«الوزن»: القسط بينهم بالحق في الأعمال، الحسنات والسيئات؛ فمن أحاطت حسناته بسيئاته ثقلت موازينه، يقول: أذهبت حسناتُه سيئاتِه، ومَن أحاطت سيئاته بحسناته فقد خفت موازينه، وأمه هاوية. يقول: أذهبت سيئاتُه حسناتِه[[أخرجه ابن جرير ١٦/٢٨٥. وعزاه السيوطي إليه مقتصرًا على أوله.]]. (١٠/٢٩٩)
٤٩١٤١- عن مجاهد بن جبر -من طريق الثوري، عن ابن أبي نَجِيح- في قول الله: ﴿ونضع الموازين القسط ليوم القيامة﴾، قال: إنما هو مَثَلٌ، كما يجوز الوَزْن كذلك يجوز الحق. قال الثوري: قال ليث عن مجاهد: ﴿ونضع الموازين القسط﴾، قال: العدل[[أخرجه عبد الرزاق ٢/٢٤، وابن جرير ١٦/٢٨٥. وفي تفسير الثعلبي ٦/٢٧٧ عن مجاهد: هذا مَثَل، وإنّما أراد بالميزان: العدل.]]. (ز)
٤٩١٤٢- تفسير إسماعيل السُّدِّيّ: قوله: ﴿فلا تظلم نفس شيئا﴾، يقول: فلا تُنقَص مِن ثواب عملها شيئًا[[علَّقه يحيى بن سلام ١/٣١٨.]]. (ز)
٤٩١٤٣- قال مقاتل بن سليمان: ﴿ونضع﴾ الأعمال في ﴿الموازين القسط﴾ يعني: العدل ﴿ليوم القيامة﴾ فجبريل ﵇ يلي موازين أعمال بني آدم، ﴿فلا تظلم نفس شيئا﴾ يقول: لا يُنقَصون شيئًا من أعمالهم[[تفسير مقاتل بن سليمان ٣/٨٢.]]. (ز)
٤٩١٤٤- قال يحيى بن سلّام: قوله: ﴿ونضع الموازين القسط﴾ يعني: العدل ﴿ليوم القيامة﴾ ... ﴿فلا تظلم نفس شيئا﴾ لا يُنقَص المؤمن مِن حسناته شيئًا، ولا يُزاد عليه مِن سيئات غيره، ولا يُزاد على الكافر مِن سيئات غيره، ولا يُجازى في الآخرة بحسنة قد استوفاها في الدنيا[[تفسير يحيى بن سلام ١/٣١٨.]]. (ز)
﴿وَنَضَعُ ٱلۡمَوَ ٰزِینَ ٱلۡقِسۡطَ لِیَوۡمِ ٱلۡقِیَـٰمَةِ فَلَا تُظۡلَمُ نَفۡسࣱ شَیۡـࣰٔاۖ﴾ - آثار متعلقة بالآية
٤٩١٤٥- عن عبد الله بن مسعود -من طريق أبي الأحوص- قال: يُجاء بالناس يوم القيامة إلى الميزان، فيتجادلون عنده أشدَّ الجِدال[[أخرجه ابن أبي شيبة ١٣/١٧٨. وعزاه السيوطي إلى أحمد في الزهد، والبيهقي في البعث.]]. (١٠/٢٩٩)
٤٩١٤٦- عن سلمان الفارسي -من طريق أبي عثمان النهدي- قال: يُوضَع الميزان يوم القيامة، ولو وُضِع في كفة السموات والأرض لوسعتهما، فتقول الملائكة: ربَّنا، ما هذا؟ فيقول: أزِنُ به لِمَن شِئتُ مِن خلقي. فتقول الملائكة: ربَّنا، ما عبدناك حقَّ عبادتك[[أخرجه يحيى بن سلام ١/٣١٨.]]. (ز)
٤٩١٤٧- عن وهب بن مُنَبِّه -من طريق عبد الصمد- قال: إنّما يُوزَن مِن الأعمال خواتيمها، فإذا أراد الله بعبدٍ خيرًا خُتِم له بخير عمله، وإذا أراد الله بعبد سوءًا خُتِم له بشرِّ عمله[[أخرجه عبد الرزاق ٢/٢٤.]]. (ز)
﴿وَإِن كَانَ مِثۡقَالَ حَبَّةࣲ مِّنۡ خَرۡدَلٍ أَتَیۡنَا بِهَاۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَـٰسِبِینَ ٤٧﴾ - قراءات
٤٩١٤٨- عن مجاهد بن جبر -من طريق ليث- أنّه كان يقرأ: (وإن كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِن خَرْدَلٍ آتَيْنا ِبها) بمد الألف. قال: جازينا بها[[أخرجه ابن جرير ١٦/٢٨٦. وعزاه السيوطي إلى سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم. (آتَيْنا) بالمد قراءة شاذة، تروى أيضًا عن ابن عباس، وسعيد بن جبير، وغيرهما، وقراءة العشرة ﴿أتَيْنا﴾ بالقصر. انظر: المحتسب ٢/٦٣.]]. (١٠/٣٠٠)
٤٩١٤٩- عن عاصم بن أبي النجود أنّه قرأ: ﴿وإنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِن خَرْدَلٍ أتَيْنا بِها﴾، على معنى: جئنا بها، لا يمد: ﴿أتَيْنا﴾[[عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.]]٤٣٥١. (١٠/٣٠٠)
﴿وَإِن كَانَ مِثۡقَالَ حَبَّةࣲ مِّنۡ خَرۡدَلٍ أَتَیۡنَا بِهَاۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَـٰسِبِینَ ٤٧﴾ - تفسير الآية
٤٩١٥٠- عن إسماعيل السُّدِّيّ، في قوله: ﴿مثقال حبة﴾، قال: وزن حبة. وفي قوله: ﴿وكفى بنا حاسبين﴾، قال: مُحْصِين[[عزاه السيوطي إلى ابن أبي حاتم.]]. (١٠/٣٠٠)
٤٩١٥١- قال مقاتل بن سليمان: ﴿وإن كان مثقال حبة﴾ يعني: وزن حبة ﴿من خردل أتينا بها﴾ يعني: جئنا بها؛ بالحبة، ﴿وكفي بنا حاسبين﴾ يقول سبحانه: وكفى بنا من سرعة الحساب[[تفسير مقاتل بن سليمان ٣/٨٢.]]. (ز)
٤٩١٥٢- عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم -من طريق ابن وهب- في قوله: ﴿وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها﴾، قال: كتبناها وأحصيناها له وعليه. وفي لفظ: يؤتى بها لك أو عليك، ثم يعفو إن شاء أو يأخذ، ويجزي بما عمل له من طاعة[[أخرجه ابن جرير ١٦/٢٨٦.]]. (ز)
٤٩١٥٣- قال يحيى بن سلّام: ﴿وإن كان مثقال حبة من خردل﴾ أي: وزن حبة من خردل؛ ﴿أتينا بها وكفى بنا حاسبين﴾ يعني: عالِمين[[تفسير يحيى بن سلام ١/٣١٨.]]. (ز)
﴿وَإِن كَانَ مِثۡقَالَ حَبَّةࣲ مِّنۡ خَرۡدَلٍ أَتَیۡنَا بِهَاۗ وَكَفَىٰ بِنَا حَـٰسِبِینَ ٤٧﴾ - آثار متعلقة بالآية
٤٩١٥٤- عن أبي أُمامة، قال: لَمّا نزلت: ﴿وأنذر عشيرتك الأقربين﴾ [الشعراء:٢١٤] جَمَع رسولُ الله ﷺ بني هاشم، فأجلسهم على الباب، وجمع نساءَه وأهلَه، فأجلسهم في البيت، ثم اطَّلع عليهم، فقال: «يا بني هاشم، اشتروا أنفسكم مِن النار، واسعوا في فكاك رقابكم، وافتَكُّوا أنفسكم مِن الله، فإني لا أملك لكم مِن الله شيئًا». ثم أقبل على أهل بيته، فقال: «يا عائشة بنت أبي بكر، ويا حفصة بنت عمر، ويا أم سلمة، ويا فاطمة بنت محمد، ويا أم الزبير عمة رسول الله ﷺ، اشتروا أنفسكم مِن النار، واسعوا في فكاك رقابكم، فإنِّي لا أطلب لكم من الله شيئًا، ولا أُغْنِي». فبكت عائشة، وقالت: يا حبي، وهل يكون ذلك يوم لا تغني عنا شيئًا؟ قال: «نعم، في ثلاث مواطن: يقول الله ﷿: ﴿ونضع الموازين القسط ليوم القيامة﴾ الآيتين [الأنبياء:٤٧] فعند ذلك لا أُغني عنكم مِن الله شيئًا، وعند النور؛ مَن شاء اللهُ أتَمَّ له نوره، ومَن شاء أكبَّه في الظلمات يَعْمَه[[كذا في مطبوعة كتاب الشريعة للآجري، وفي مطبوعة معجم الطبراني الكبير: يَغُمُّه.]] فيها، فلا أملك لكم مِن الله شيئًا، ولا أغني لكم من الله شيئًا، وعند الصراط؛ مَن شاء الله سلَّمه وأجازه، ومَن شاء كَبْكَبَه في النار». قالت عائشة: أي حبي، قد علمنا الموازين هي الكفتان، فيُوضَع في هذه الشيء، فترجح إحداهما، وتَخِفُّ الأخرى، وقد علمنا ما النور وما الظلمة، فما الصراط؟ فقال: «طريقٌ بين الجنة والنار، يجاز الناس عليه، وهو مثل حدِّ الموسى، والملائكة صافُّون يمينًا وشمالًا، يتخطفونهم بالكلاليب، مثل شوك السَّعْدان[[السَّعْدان: نبتٌ ذُو شَوكٍ، وهو مِن جَيِّد مَراعي الإبل تسْمَن عَلَيْهِ. النهاية (سعد).]]، وهم يقولون: ربِّ، سلِّم سلِّم. وأفئدتهم هواء، فمَن شاء الله سَلَّمهم، ومَن شاء الله كَبْكَبَه فيها»[[أخرجه الآجري في كتاب الشريعة ٣/١٣٣٧-١٣٣٩ (٩٠٧)، والطبراني في الكبير ٨/٢٦٨ (٧٨٩٠)، من طريق علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة به. قال الهيثمي في المجمع ٧/٨٦ (١١٢٤٦): «فيه علي بن يزيد الألهاني، وهو متروك».]]. (ز)
٤٩١٥٥- عن النضر بن معبد، أنّ محمد بن سيرين حدَّثه، قال: بينما رسول الله ﷺ يأكل طعامه ومعَه أبو بكر إذ نزلت هذه السورة: ﴿إذا زلزلت الأرض زلزالها﴾ إلى آخرها، فأمسك أبو بكر يدَه، وقال: يا رسول الله، ما مِن خيرٍ عملتُ إلا رأيت، ولا مِن شرِّ عملتُ إلا رأيت! فقال: «يا أبا بكر، ما رأيت مِمّا تكره في الدنيا فهو مثاقيل الشرِّ، وأما مثاقيل الخير فتلقاك يوم القيامة، ولن يهتكَ اللهُ سترَ عبدٍ فيه مثقالُ ذرَّةٍ مِن خيرٍ»[[أخرجه يحيى بن سلام ١/٣١٩ مرسلًا.]]. (ز)
٤٩١٥٦- عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: «يا أيها الناس، لا تَغْتَرُّوا بالله؛ فإنّ الله لو كان مُغْفِلًا شيئًا لأغفل الذَّرَّة، والخَرْدَلة، والبعوضة»[[أخرجه أبو الشيخ في العظمة ٢/٥٣٣-٥٣٤، ويحيى بن سلام ١/٣١٩ واللفظ له، من طريق أبي أمية بن يعلى، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة به. قال الألباني في الضعيفة ٣/٣٥٩ (١٢١٤): «ضعيف جدًّا».]]. (ز)
٤٩١٥٧- قال الحسن البصري: لا يعلم حسابَ مثاقيل الذرِّ والخردل إلا الله، ولا يُحاسب العباد إلا هو[[علَّقه يحيى بن سلام ١/٣١٩.]]. (ز)
٤٩١٥٨- قال يحيى بن سلّام: وبلغني في الكافر: أنّه ما عمِل في الدنيا مِن مثقال ذرة خيرًا يره في الدنيا، وما عمل مِن مثقال ذرة شرًّا يره في الآخرة[[تفسير يحيى بن سلام ١/٣١٩.]]. (ز)
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.