الباحث القرآني
قوله: ﴿وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً﴾، الآية.
المعنى: وأرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحاً، وسمي أخاهم؛ لأنه بشر مثلهم.
وقيل: سمي أخاهم؛ لأنه من عشيرتهم.
وثمود: قبيلة. أبوهم ثمود بن غاثر بن إرم بن سام بن نوح، وكانت مساكنهم: الحجر، بين الحجاز والشام، إلى وادي القرى [وما حوله].
قال لهم: ﴿يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ (ٱللَّهَ)﴾، ما لكم من يجب أن تعبدوه إلا الله، ﴿قَدْ جَآءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ﴾، أي: حجة وبرهان على صدق ما أقول لكم، ﴿هَـٰذِهِ نَاقَةُ ٱللَّهِ لَكُمْ آيَةً﴾، أي: دليل على صدق ما جئتكم به.
وإضافة الناقة إلى الله، جل ذكره، على طريق إضافة الخلق إلى الخالق، وهو مثل قوله: ﴿وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي﴾ [الحجر: ٢٩، ص: ٧٢]؛ لأن الروح خلق الله (عز وجل)، لكن في إضافة الناقة إلى الله (سبحانه) معنى التشريف والتخصيص، والتحذير من أن يصيبوها بسوء. وهو في التخصيص كقولهم: "بيت الله"، و "عباد الرحمن"، فكله فيه معنى التشريف والتفضيل (والتخصيص)، إضافة خلق إلى خالق، كقولهم،: "خلق الله"، و "أرض الله"، و "سماء الله" وهو كثير.
وذلك أنهم سألوه آية، [أي:] حجة على صدق ما جاءهم به، حكى الله عنهم أنهم قالوا: ﴿فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ﴾ [الشعراء: ١٥٤].
رُوِيَ أنهم سألوا صالحاً ءاية، فقالوا: اخرج لنا من الجبل ناقة عُشَرَاءَ، وهي الحامل، فتضع فصيلاً، ثم تغدو إلى هذا الماء فتشربه، ثم تغدو علينا بمثله لبناً سائغاً عذباً طيباً، فأجاب الله (تعالى) صالحاً (عليه السلام) فيما سألوه. فقال لهم صالح: اخرجوا إلى الهضبة من الأرض، فخرجوا، فإذا هي تتمخض كما تتمخض الحامل، ثم إنها انفرجت فخرجت من وسطها الناقة، فقال لهم: ﴿هَـٰذِهِ نَاقَةُ [ٱللَّهِ] لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِيۤ أَرْضِ ٱللَّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوۤءٍ﴾، ﴿لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ﴾ [الشعراء: ١٥٥] فلما مَلُّوها عقروها، فقال لهم: ﴿تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذٰلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ﴾ [هود: ٦٥]، وآية العذاب أن تصبحوا غداً حُمْراً، واليوم الثاني، صُفْراً، والثالث سُوداً. فلما رأوا علامة ذلك تَحَنَّطُواْ واستعدوا.
قال السدي: كانت تأتيهم يوم شُرْبهَا فتقف لهم حتى يَحْلُبُواْ اللبن فترويهم، إنما تصب صباً وكان معها فصيل لها، فقال لهم صالح (عليه السلام): إنه يولد في شهركم هذا غلام يكون هلاككم على يديه، فولد لتسعة منهم في ذلك الشهر، فذبحوا أبناءهم، ثم ولد للعاشر، وكان لم يولد له قط فتركه، وكان أزرق أحمر فنبت نباتاً سريعاً، فإذا مر بالتسعة قالوا: لو كان أبناؤنا أحياء كانوا مثل هذا! فغضبوا على صالح؛ لأنه أمرهم بذبح أبنائهم فـ: ﴿تَقَاسَمُواْ﴾، أي: تحالفوا، ﴿لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ﴾ [النمل: ٤٩]، وذلك أنهم قالوا: نخرج فيرى الناس أنا قد خرجنا إلى سفر، فنأتي الغار فنكون فيه، حتى إذا كان الليل وخرج صالح إلى المسجد، أتيناه فقتلناه، ثم رجعنا إلى الغار فكنا فيه ثم رجعنا فقلنا: ﴿مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ﴾، فيصدقوننا، فخرجوا فدخلوا الغار، فلما أرادوا أن يخرجوا في الليل سقط عليهم الغار فقتلهم، وهو قوله: ﴿وَكَانَ فِي ٱلْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ﴾ [النمل: ٤٨]، وقوله: ﴿وَمَكَرُواْ مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً (وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ) * فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ﴾ [النمل: ٥٠-٥١]، أي: أهلكناهم، فكبر الغلام ابن العاشر، فجلس مع أناس يصيبون من الشراب، فأرادوا ماء يمزجون شرابهم به، وكان ذلك اليوم يوم شرب الناقة، فوجدوا الماء قد شربته الناقة، فاشتد [ذلك] عليهم، وتكلموا في شأن الناقة، وقالوا: لو كنا نأخذ هذا الماء الذي تشربه الناقة فنسقيه أنعامنا وحروثنا، كان خيراً لنا!، فقال الغلام. ابن العاشر: هل لكم في أن أَعْقِرَهَا لكم؟ قالوا: نعم فأتاها الغلام فشدَّ عليها فلما بَصُرَت به شدت عليه، فهرب منها، فلما رأى ذلك دخل خلف صخرة على طريقها، فاستتر بها، وقال: أَحِيشُوهَا عَلَيَّ! فلما جازت به، نادوه: عليك! فتناولها فعقرها، فسقطت، فذلك قوله: ﴿فَنَادَوْاْ صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَىٰ فَعَقَرَ﴾ [القمر: ٢٩] فأظهروا أمرهم، وقالوا: ﴿يَاصَالِحُ ٱئْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ﴾ [الأعراف: ٧٧]، وفزع ناس إلى صالح، فأعلموه أن الناقة قد عُقِرَت، فقال: علي بالفصيل! فطلبوه فوجدوه على رابية من الأرض، فطلبوه، فارتفعت به حتى حلقت به في السماء، فلم يقدروا عليه. ثم رغا الفصيل إلى الله (عز وجل) فأوحى الله (عز وجل) إلى صالح (عليه السلام): أن مُرْهُم أن يتمتعوا في دارهم ثلاثة أيام.
قال قتادة: قال عاقر الناقة لهم: لا أقتلها حتى ترضوا أجمعين فجعلوا يدخلون على المرأة في خدرها فيقولون: ترضين؟ فتقول: نعم! وكذلك الصبي حتى رضوا أجمعين فعقروها.
وصالح النبي [عليه السلام]، هو: صالح بن عبيد بن عابر بن إِرَم بن سام بن نوح.
قال وهب: بعثه الله إلى قومه حين رَاهَقَ الحلم، وارتحل صالح بمن كان معه إلى مكة محرمين فأقاموا بها حتى ماتوا، فقبورهم بين دار الندوة والحِجْر.
روي أنه كان بين موت هود وصالح، صلوات الله عليهما، أكثر من خمس مائة سنة.
{"ayah":"وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمۡ صَـٰلِحࣰاۚ قَالَ یَـٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُوا۟ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَـٰهٍ غَیۡرُهُۥۖ قَدۡ جَاۤءَتۡكُم بَیِّنَةࣱ مِّن رَّبِّكُمۡۖ هَـٰذِهِۦ نَاقَةُ ٱللَّهِ لَكُمۡ ءَایَةࣰۖ فَذَرُوهَا تَأۡكُلۡ فِیۤ أَرۡضِ ٱللَّهِۖ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوۤءࣲ فَیَأۡخُذَكُمۡ عَذَابٌ أَلِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق