الباحث القرآني
قوله: ﴿وَمِمَّنْ خَلَقْنَآ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِٱلْحَقِّ﴾، إلى قوله: ﴿يَعْمَهُونَ﴾.
والمعنى: ومن الذين خلقناهم ﴿أُمَّةٌ﴾، أي: جماعة يقْضُون ﴿بِٱلْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ﴾، أي: يأخذون به، ويعطون به.
قال ابن جريج: ذكر لنا أن نبي الله، (عليه السلام)، قال: هذه أمتي
وقال قتادة: هي هذه الأمة.
وروى سعيد بن جبير [عن قتادة] أن النبي (ﷺ)، كان يقول إذا قرأ هذه الآية: هَذِهِ لَكُمْ، وقد أعطى القوم بين أيديكم مثلها، يعني قوله: ﴿وَمِن قَوْمِ مُوسَىٰ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِٱلْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ﴾ [الأعراف: ١٥٩].
* * *
ثم قال تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَٰتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ﴾.
أي: سَنُمْهِلُهُمْ بغرتهم، ونُزَيِّنُ لهم سوء أعمالهم، حتى يحسب أنه في كفره مُحْسِنٌ، فإذا بلغ الغاية التي كتبت له، أُخذ بأعماله السيئة من حيث لا يعلم.
وأصل "الاسْتِدْرَاجِ": اغترار المستدرج بلُطْفٍ حتى يورّطه مكروهاً وَهَلَكَةً.
* * *
ثم قال تعالى: ﴿وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ﴾.
أي: وأؤخرهم مدة من الدهر.
و "المَلاَوةُ": القطعة من الدهر، يقال بضم "الميم" وفتحها وكسرها، لغات فيها.
﴿إِنَّ كَيْدِي﴾، أي: إنَّ عذابي.
﴿مَتِينٌ﴾، أي: شَديدٌ.
وقيل: "الكَيْدُ" هنا: هو أخذهم من حيث لا يشعرون.
وأصل "الكَيْدُ": المكر.
وقرأ ابن عباس: "أَنَّ كَيْدِي"، بفتح الهمزة، جعل "أَنَّ": مفعولاً من أجله، أي: من أجل أنّ الكيد متين وقع الإملاء.
﴿وَأُمْلِي لَهُمْ﴾، وقف.
﴿لاَ يَعْلَمُونَ﴾، وقف.
إن جعلت ﴿وَأُمْلِي﴾ مُسْتَأْنفاً.
* * *
ثم قال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ﴾.
أي: يتفكروا في أَنَّ الرَّسُولَ صَادِقٌ، وأَنَّ الحَقَّ ما دعاهم إليه.
* * *
ثم قال: ﴿مَا بِصَاحِبِهِمْ مِّن جِنَّةٍ﴾.
قال قتادة: ذكر لنا [أن] النبي (ﷺ)، كان على الصفا، فدعا قريشاً وجعل يُفَخِّذُهم فَخِذاً [فَخِذاً]: "يا بني فلان، يا بني فلان"، يحُذِّرُهُمْ بأس الله (عز وجل)، ووقائع الله، (تبارك وتعالى)، فقال قائلهم: "إِنَّ صَاحِبَكُمْ هَذَا لَمَجْنُونٌ! بَاتَ يُصَوِّتُ إلَى الصَّبَاحِ"، (فأنزل الله، عز وجل)،: ﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِهِمْ مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ﴾، أي: ينذركم عقاب الله، (عز وجل)، على كفركم.
* * *
﴿مُّبِينٌ﴾.
أي: قد أبانَ لكم إنذارهُ.
و: ﴿مِّن جِنَّةٍ﴾.
أي: من جنون. ومثلهُ في سورة "سبأ".
﴿مِّن جِنَّةٍ﴾، وقف.
﴿تَتَفَكَّرُواْ﴾، وقف حسن، ومثله: ﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ فِيۤ أَنفُسِهِمْ﴾ [الروم: ٨]، ومثله: ﴿ثُمَّ تَتَفَكَّرُواْ﴾ [سبأ: ٤٦] في "سبأ". ثم يبتدئ بـ: ﴿مَا﴾، وهي: للنَّفِيْ في الثلاثة المواضع.
* * *
ثم قال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَنْظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا خَلَقَ ٱللَّهُ مِن شَيْءٍ﴾.
والمعنى: أولم ينظر هؤلاء المكذبون، في ملك السموات والأرض وسلطانها، وفيما خلق الله، (عز وجل)، فيتدبروا، فيعلمون أنّ ذلك لا يحدثه إلا رب واحد، والله واحدٌ لا شبيه له، فيؤمنوا ويصدقوا، ويتفكروا في: ﴿أَنْ عَسَىۤ أَن يَكُونَ قَدِ ٱقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ﴾، فيحذروا أن يموتوا على كفرهم فيصيروا إلى عذاب الله، (سبحانه).
وقيل: إنهم كانوا يُسَوِّفون بالتوبة والإيمان، فقيل لهم: عسى أن يكون أجلكم قد قرب، فتموتوا على كفركم.
قال سفيان: ﴿مَلَكُوتَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ﴾ [الأنعام: ٧٥]: الشمس والقمر.
* * *
﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ﴾.
أي: فبأي تخويف بعد تخويف محمد، (ﷺ)، الذي أتاهم به من عند الله (عز وجل)، في آي كتابه ﴿يُؤْمِنُونَ﴾، وهو القرآن.
* * *
ثم قال تعالى: ﴿مَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَلاَ هَادِيَ لَهُ﴾.
أي: هؤلاء الذين كفروا ولم يتعظوا، إنما كان لإضلال الله، (عز وجل)، إياهم، ولو هداهم لاعتبروا وأبصروا رشدهم، فلا هادي لهم إذ أضلهم الله.
* * *
وقوله: ﴿وَيَذَرُهُمْ﴾.
من قرأ بـ "الياء"، رده على اسم الله، (سبحانه).
ومن قرأ ب: "النُّونِ"، جعله على الإخبار من الله، (سبحانه)، عن نفسه.
ومن قرأ بـ: "الرفع" قَطَعَهُ مما قبله، أو عطفه على موضع ما بعد "الفَاءِ" وهو الرفع؛ لأن "الفَاءَ" ترفع ما بعدها من الأفعال.
ومن جَزَمَ، عطف على موضع "الفَاءِ"، لأنه لو وقع موضع "الفَاءِ" فِعْلٌ جُزِمَ على الجَزَاءِ، فالعطف على موضع "الفَاءِ" يُوْجِبُ الجَزْمَ.
* * *
ومعنى ﴿وَيَذَرُهُمْ﴾، أي: ندعهم، ﴿فِي طُغْيَانِهِمْ﴾، أي: في تماديهم على الكفر، ﴿يَعْمَهُونَ﴾، يترددون ويَتَحيَّرونَ.
{"ayahs_start":181,"ayahs":["وَمِمَّنۡ خَلَقۡنَاۤ أُمَّةࣱ یَهۡدُونَ بِٱلۡحَقِّ وَبِهِۦ یَعۡدِلُونَ","وَٱلَّذِینَ كَذَّبُوا۟ بِـَٔایَـٰتِنَا سَنَسۡتَدۡرِجُهُم مِّنۡ حَیۡثُ لَا یَعۡلَمُونَ","وَأُمۡلِی لَهُمۡۚ إِنَّ كَیۡدِی مَتِینٌ","أَوَلَمۡ یَتَفَكَّرُوا۟ۗ مَا بِصَاحِبِهِم مِّن جِنَّةٍۚ إِنۡ هُوَ إِلَّا نَذِیرࣱ مُّبِینٌ","أَوَلَمۡ یَنظُرُوا۟ فِی مَلَكُوتِ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا خَلَقَ ٱللَّهُ مِن شَیۡءࣲ وَأَنۡ عَسَىٰۤ أَن یَكُونَ قَدِ ٱقۡتَرَبَ أَجَلُهُمۡۖ فَبِأَیِّ حَدِیثِۭ بَعۡدَهُۥ یُؤۡمِنُونَ","مَن یُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَلَا هَادِیَ لَهُۥۚ وَیَذَرُهُمۡ فِی طُغۡیَـٰنِهِمۡ یَعۡمَهُونَ"],"ayah":"وَمِمَّنۡ خَلَقۡنَاۤ أُمَّةࣱ یَهۡدُونَ بِٱلۡحَقِّ وَبِهِۦ یَعۡدِلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق