الباحث القرآني
مكية في قول عطاء، وجابر، وأحد قولي ابن عباس، ومدنية في قول له آخر، وهو قول قتادة وغيره، وهي سبع آيات، وخمس وعشرون كلمة، ومائة وثلاثة وعشرون حرفا. بسم الله الرحمن الرحيم قوله تعالى: ﴿أَرَأَيْتَ الذي يُكَذِّبُ بالدين﴾ ، أي: بالجزاء، والحساب، وقرأ الكسائي: «أَرَيْتَ» بسقوط الهمزة. وتقدم تحقيقه في «الأنعام» .
وقال الزمخشري: وليس بالاختيار، لأن حذفها مختصّ بالمضارع، ولم يصح عن العرب: «رَيْتَ» ولكن الذي سهل من أمرها وقوع حرف الاستفهام في أول الكلام، ونحوه: [الخفيف]
5322 - صَاحِ، هَلْ رَيْتَ أو سَمِعْتَ بِراعٍ ... رَدَّ فِي الضَّرعِ ما قَرَى في الحِلابِ
وفي «أرأيْتَ» وجهان:
أحدهما: أنها بصرية، فتتعدّى لواحد، وهو الموصول كأنه قال: أبصرت المكذب.
والثاني: أنها بمعنى «أخبرني» فتتعدّى لاثنين، فقدره الحوفي: أليس مستحقًّا عذاب الله.
وقدره الزمخشري: من هو، ويدل على ذلك قراءة عبد الله: «أرأيتك» بكاف الخطاب، والكاف لا تلحق البصرية.
قال القرطبي: «وفي الكلام حذف والمعنى: أرأيت الذي يكذب بالدين، أمصيب هو، أو مخطئ» .
* فصل فيمن نزلت فيه السورة
نقل أبو صالحٍ عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما - قال: نزلت في العاص بن وائل السهمي، وهو قول الكلبي ومقاتل.
وروى الضحاك عنه قال: نزلت في رجُل من المنافقين.
وقال السديُّ: نزلت في الوليد بن المغيرة.
[وقيل في أبي جهل.
وقال الضحاك: في عمرو بن عائذ.
وقال ابن جريج: في أبي سفيان، وكان ينحر في كل أسبوع جزوراً، فطلب منه يتيم شيئاً فقرعه بعصاه، فأنزل الله هذه السورة] .
قال ابن الخطيب: وقيل: إنه عام في كل مكذب بيوم الدين.
قوله: ﴿فَذَلِكَ﴾ ، فيه وجهان:
أحدهما: أن الفاء جواب شرط مقدر، أي: طلبت علمه فذلك.
والثاني: أنها عاطفة «فَذلِكَ» على «الَّذي يُكذِّبُ» إما عطف ذات على ذات، أو صفة على صفة ويكون جواب «أرَأيْتَ» محذوفاً لدلالة ما بعده عليه كأنه قيل: أخبرني، وإما تقول فيمن يكذب بالجزاء، وفيمن يؤذي اليتيم، ولا يطعم المسكين أنِعْمَ ما يصنع؟ .
فعلى الأول يكون اسم الإشارة في محل رفع بالابتداء، والخبر الموصول بعده، وإما على أنه خبر لمبتدأ مضمر، أي: فهو ذلك، والموصول نعته.
وعلى الثاني: أن يكون منصوباً بالنسق، على ما هو منصوب، إلا أن أبا حيان رد الثاني فقال: جعل «فَذلِكَ» في موضع نصب على المفعول، وهو تركيب غريب كقولك: «أكرمت الذي يزورنا فذلك الذي يحسن إلينا» فالمتبادر إلى الذهن أن «فَذلِكَ» مرفوع بالابتداء، وعلى تقدير النصب يكون التقدير: أكرمت الذي يزورنا، فأكرمت ذلك الذي يحسن إلينا، فاسم الإشارة في هذا التقدير غير متمكِّن تمكن ما هو فصيح، إذ لا حاجة إلى أن يشار إلى «الذي يزورنا» ، بل الفصيح: أكرمت الذي يزورنا، فالذي يحسن إلينا، أو «أكرمت الذي يزورنا، فيحسن إلينا» ، وأما قوله: «إما عطف ذات على ذات» ، فلا يصح؛ لأن «فذلك» إشارة إلى «الَّذي يُكذِّبُ» فليسا بذاتين؛ لأن المشار إليه بقوله: «فَذلِكَ» هو واحد، وأما قوله: «ويكون جواب أرأيت محذوفاً» فلا يسمَّى جواباً، بل هو في موضع المفعول الثاني ل «أرأيت» ، وأما تقديره «أنعمَ ما يصنع» فهمزة الاستفهام لا نعلم دخولها على «نِعْمَ» ، ولا «بِئْسَ» ، لأنهما إنشاء، والاستفهام لا يدخل إلا علىلخبر، انتهى.
[والجواب عن قوله: «فاسم الإشارة غير متمكن» إلى آخره، أن الفرق بينهما أن في الآية الكريمة استفهاماً وهو «أرأيتَ» فحسن أن يفسر ذلك المستفهم منه بخلاف المثال الذي مثل به، فمن ثم حسن التركيب المذكور، وعن قوله: «لأن» فذلك إشارة إلى القائم لا إلى زيد، وإن كان يجوز أن يكون إشارة إليه، وعن قوله: «فلا يسمى جواباً» أن النحاة يقولون: جواب الاستفهام، وهذا قد تقدمه استفهام فحسن ذلك] ، وعن قوله: «والاستفهام لا يدخل إلا على الخبر» بالمعارضة بقوله: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ﴾ [محمد: 22] فإن «عسى» إنشاء فما كان جواباً له، فهو جوابٌ لنا.
فصل
قال ابن الخطيب: هذا اللفظ، وإن كان في صورة الاستفهام، لكن الغرض بمثله المبالغة في التعجب كقولك: أرأيت فلاناً ماذا ارتكب.
ثم قيل: إنه خطاب للرسول عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ.
وقيل: خطاب لكل عاقل.
قوله: ﴿يَدُعُّ اليتيم﴾ قرأ العامة: بضم الدَّال، وتشديد العين من «دعَّه» أي: دفعه، وأمير المؤمنين والحسن وأبو رجاء: «يَدعُ» بفتح الدال وتخفيف العين.
فصل
قال الضحاك عن ابن عباس: ﴿فذلِكَ الذي يدعُّ اليَتِيمَ﴾ ، أي: يدفعه عن حقه، قال تعالى: ﴿يَوْمَ يُدَعُّونَ إلى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا﴾ [الطور: 13] .
[قال قتادة: يقهره ويظلمه، وقد تقدم في سورة «النساء» أنهم كانوا لا يورثون النساء، ولا الصغار، ويقولون: إنما يجوز المال من يطعن بالسنان ويضرب بالحسام] .
وقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «مَنْ ضمَّ يَتِيْماً مِنَ المُسْلمينَ، حَتَّى يَسْتَغْنِي فَقدْ وجَبَتْ لهُ الجَنَّة» .
قوله: ﴿وَلاَ يَحُضُّ على طَعَامِ المسكين﴾ ، أي: لا يأمر به من أجل بخله، وتكذيبه الجزاء، والحساب.
وقرأ زيد بن علي: «ولا يحاضّ» من المحاضة. وقد تقدم في الفجر.
قال القرطبي: «وليس الذم عامًّا حتى يتناول من تركه عجزاً، ولكنهم كانوا يبخلون ويعتذرون لأنفسهم، ويقولون: ﴿أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَآءُ الله أَطْعَمَهُ﴾ [يس: 47] فنزلت هذه الآية فيهم، فيكونُ معنى الآية: لا يفعلونه إن قدروا، ولا يحثون عليه إن عسروا» .
{"ayahs_start":1,"ayahs":["أَرَءَیۡتَ ٱلَّذِی یُكَذِّبُ بِٱلدِّینِ","فَذَ ٰلِكَ ٱلَّذِی یَدُعُّ ٱلۡیَتِیمَ","وَلَا یَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلۡمِسۡكِینِ"],"ayah":"وَلَا یَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلۡمِسۡكِینِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق