الباحث القرآني
(p-٢٤٣)سُورَةُ الماعُونِ
وَيُقالُ لَها: سُورَةُ أرَأيْتَ
وَفِيها قَوْلانِ.
أحَدُهُما: مَكِّيَّةٌ، قالَهُ الجُمْهُورُ.
والثّانِي: مَدَنِيَّةٌ، رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وقَتادَةَ. وقالَ هِبَةَ اللَّهِ المُفَسِّرُ: نَزَلَ نِصْفُها بِمَكَّةَ في العاصِ بْنِ وائِلٍ، ونِصْفُها بِالمَدِينَةِ في عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبِي المُنافِقِ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أرَأيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ﴾ اخْتَلَفُوا فِيمَن نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ عَلى سِتَّةِ أقْوالٍ.
أحَدُها: نَزَلَتْ في رَجُلٍ مِنَ المُنافِقِينَ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ.
والثّانِي: نَزَلَتْ في عَمْرِو بْنِ عائِذٍ، قالَهُ الضَّحّاكُ.
(p-٢٤٤)والثّالِثُ: في الوَلِيدِ بْنِ المُغِيرَةِ، قالَهُ السُّدِّيُّ.
والرّابِعُ: في العاصِ بْنِ وائِلٍ، قالَهُ ابْنُ السّائِبِ.
والخامِسُ: في أبِي سُفْيانَ بْنِ حَرْبٍ، قالَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ.
والسّادِسُ: في أبِي جَهْلٍ، حَكاهُ الماوَرْدِيُّ.
وَفِي " الدِّينِ " أرْبَعَةُ أقْوالٍ.
أحَدُها: أنَّهُ حُكْمُ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ.
والثّانِي: الحِسابُ، قالَهُ مُجاهِدٌ، وعِكْرِمَةُ.
والثّالِثُ: الجَزاءُ، حَكاهُ الماوَرْدِيُّ.
والرّابِعُ: القُرْآنُ، حَكاهُ بَعْضُ المُفَسِّرِينَ. و " يَدُعُّ " بِمَعْنى يَدْفَعُ. وقَدْ ذَكَرْناهُ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿يَوْمَ يُدَعُّونَ إلى نارِ جَهَنَّمَ﴾ [الطَّوْرِ: ١٣] . والمَعْنى: أنَّهُ يَدْفَعُ اليَتِيمَ عَنْ حَقِّهِ دَفْعًا عَنِيفًا لِيَأْخُذَ مالَهُ. وقَدْ بَيَّنّا فِيما سَبَقَ أنَّهم كانُوا لا يُورِّثُونَ الصَّغِيرَ، وقِيلَ: يَدْفَعُ اليَتِيمَ إبْعادًا لَهُ، لِأنَّهُ لا يَرْجُو ثَوابَ إطْعامِهِ ﴿وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ المِسْكِينِ﴾ أيْ: لا يُطْعِمُهُ، ولا يَأْمُرُ بِإطْعامِهِ لِأنَّهُ مُكَذِّبٌ بِالجَزاءِ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ﴾ ﴿الَّذِينَ هم عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ﴾ نَزَلَ هَذا في المُنافِقِينَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِصَلاتِهِمْ ثَوابًا، ولا يَخافُونَ عَلى تَرْكِها عِقابًا. فَإنْ كانُوا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ صَلَّوْا رِياءً، وإنْ لَمْ يَكُونُوا مَعَهُ لَمْ يُصَلُّوا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿الَّذِينَ هم يُراءُونَ﴾ وقالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: واللَّهِ ما تَرَكُوها البَتَّةَ ولَوْ تَرَكُوها البَتَّةَ كانُوا كُفّارًا، ولَكِنْ تَرَكُوا المُحافَظَةَ عَلى أوْقاتِها. وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ: يُؤَخِّرُونَها عَنْ وقْتِها. ونُقِلَ عَنْ (p-٢٤٥)أبِي العالِيَةِ أنَّهُ قالَ: هو الَّذِي لا يَدْرِي عَنْ كَمِ انْصَرَفَ، عَنْ شَفْعٍ، أوْ عَنْ وتْرٍ. ورَدَّ هَذا بَعْضُ العُلَماءِ فَقالَ: هَذا لَيْسَ بِشَيْءٍ، لِأنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدْ سَها في صِلاتِهِ، ولِأنَّهُ قالَ تَعالى: ﴿عَنْ صَلاتِهِمْ﴾ ولَمْ يَقُلْ: في صَلاتِهِمْ، ولِأنَّ ذاكَ لا يَكادُ يَدْخُلُ تَحْتَ طَوْقِ ابْنِ آدَمَ.
قالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ: قُلْتُ: ولا أظُنُّ أبا العالِيَةِ أرادَ السَّهْوَ النّادِرَ، وإنَّما أرادَ السَّهْوَ الدّائِمَ، وذَلِكَ يُنْبِئُنا عَنِ التِفاتِ القَلْبِ عَنِ احْتِرامِ الصَّلاةِ، فَيَتَوَجَّهُ الذَّمُّ إلى ذَلِكَ لا إلى السَّهْوِ.
وَفِي ﴿الماعُونَ﴾ سِتَّةُ أقْوالٍ.
أحَدُها: أنَّهُ الإبْرَةُ، والماءُ، والنّارُ، والفَأْسُ، وما يَكُونُ في البَيْتِ مِن هَذا النَّحْوِ، رَواهُ أبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، وإلى نَحْوِهِ ذَهَبَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وابْنُ عَبّاسٍ في رِوايَةٍ. ورَوى عَنْهُ أبُو صالِحٍ أنَّهُ قالَ: الماعُونُ: المَعْرُوفُ كُلُّهُ (p-٢٤٦)حَتّى ذَكَرَ القِدْرَ، والقَصْعَةَ، والفَأْسَ. وقالَ عِكْرِمَةُ: لَيْسَ الوَيْلُ لِمَن مَنَعَ هَذا، إنَّما الوَيْلُ لِمَن جَمَعَهُنَّ، فَراءى في صِلاتِهِ، وسَها عَنْها، ومَنَعَ هَذا. قالَ الزَّجّاجُ: والماعُونُ في الجاهِلِيَّةِ: كُلُّ ما كانَ فِيهِ مَنفَعَةٌ كالفَأْسِ، والقِدْرِ، والدَّلْوِ، والقَدّاحَةِ، ونَحْوِ ذَلِكَ، وفي الإسْلامِ أيْضًا.
والثّانِي: أنَّهُ الزَّكاةُ، قالَهُ عَلِيٌّ، وابْنُ يَعْمَرَ، والحَسَنُ، وعِكْرِمَةُ، وقَتادَةُ.
والثّالِثُ: أنَّهُ الطّاعَةُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ في رِوايَةٍ.
والرّابِعُ: المالُ، قالَهُ سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّبِ، والزُّهْرِيُّ.
والخامِسُ: المَعْرُوفُ، قالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ.
والسّادِسُ: الماءُ، ذَكَرَهُ الفَرّاءُ عَنْ بَعْضِ العَرَبِ قالَ: وأنْشَدَنِي:
؎ يَمُجُّ صَبِيرُهُ الماعُونَ صَبّا
والصَّبِيرُ: السَّحابُ.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["أَرَءَیۡتَ ٱلَّذِی یُكَذِّبُ بِٱلدِّینِ","فَذَ ٰلِكَ ٱلَّذِی یَدُعُّ ٱلۡیَتِیمَ","وَلَا یَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلۡمِسۡكِینِ","فَوَیۡلࣱ لِّلۡمُصَلِّینَ","ٱلَّذِینَ هُمۡ عَن صَلَاتِهِمۡ سَاهُونَ","ٱلَّذِینَ هُمۡ یُرَاۤءُونَ","وَیَمۡنَعُونَ ٱلۡمَاعُونَ"],"ayah":"وَلَا یَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلۡمِسۡكِینِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق