الباحث القرآني
فإن قلت: بم اتصل قوله [[قال محمود: «إن قلت: كيف اتصل قوله فَأَمَّا الْإِنْسانُ بما قبله ... الخ» قال أحمد: قوله لا يريد من الإنسان إلا الطاعة ولا يأمره إلا بها: فاسد الصدر، مبنى على أصله الفاسد، سليم العجز.]] فَأَمَّا الْإِنْسانُ؟ قلت: بقوله إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ كأنه قيل: إن الله لا يريد من الإنسان إلا الطاعة والسعى للعاقبة، وهو مرصد بالعقوبة للعاصي، فأما الإنسان فلا يريد ذلك ولا يهمه إلا العاجلة وما يلذه وينعمه فيها. فإن قلت: فكيف توازن قوله، فأما الإنسان، إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ وقوله وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ [[قال محمود: «فان قلت كيف توازن قوله فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ وقوله وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ قال أحمد: يريد أنه صدر ما بعد أما الأولى بالاسم، وما بعد أما الثانية بالفعل. ومقصود السائل أن يكونا مصدرين: إما باسمين أو بفعلين.]] وحق التوازن أن يتقابل الواقعان بعد أما وأما، تقول: أما الإنسان فكفور، وأما الملك فشكور.
أما إذا أحسنت إلى زيد فهو محسن إليك، وأما إذا أسأت إليه فهو مسيء إليك؟ قلت: هما متوازنان من حيث إنّ التقدير: وأما هو إذا ما ابتلاه ربه، وذلك أن قوله فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ خبر المبتدأ الذي هو الإنسان، ودخول الفاء لما في «أما» من معنى الشرط، والظرف المتوسط بين المبتدأ والخبر في تقدير التأخير، كأنه قيل: فأما الإنسان فقائل ربى أكرمن وقت الابتلاء، فوجب أن يكون فَيَقُولُ الثاني خبرا لمبتدإ واجب تقديره. فإن قلت: كيف سمى كلا الأمرين من بسط الرزق وتقديره ابتلاء؟ قلت: لأنّ كل واحد منهما اختبار للعبد، فإذا بسط له فقد اختبر حاله أيشكر أم يكفر؟ وإذا قدر عليه فقد اختبر حاله أيصبر أم يجزع؟ فالحكمة فيهما واحدة. ونحوه قوله تعالى وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً. فإن قلت:
هلا قال: فأهانه وقدر عليه رزقه، كما قال فأكرمه ونعمه؟ قلت: لأن البسط إكرام من الله لعبده بإنعامه عليه متفضلا من غير سابقة [[قال محمود: «فان قلت هلا قال فأهانه وقدر عليه رزقه، كما قال فأكرمه ونعمه؟ وأجاب بأن البسط إكرام من الله تعالى العبد من غير سابقة» قال أحمد: «قيد زائد تفريعا على أصله الفاسد، والحق أن كل نعمة من الله كذلك.]] ، وأما التقدير فليس بإهانة له، لأنّ الإخلال بالتفضل لا يكون إهانة، ولكن تركا للكرامة، وقد يكون المولى مكرما لعبده ومهينا له، وغير مكرم ولا مهين، وإذا أهدى لك زيد هدية قلت: أكرمنى بالهدية، ولا تقول: أهاننى ولا أكرمنى إذا لم يهد لك. فإن قلت: فقد قال فَأَكْرَمَهُ فصحح إكرامه وأثبته، ثم أنكر قوله رَبِّي أَكْرَمَنِ وذمّه عليه، كما أنكر قوله أَهانَنِ وذمّه عليه. قلت: فيه جوابان، أحدهما: أنه إنما أنكر قوله ربى أكرمن وذمّه عليه، لأنه قال على قصد خلاف ما صححه الله عليه وأثبته، وهو قصده إلى أنّ الله أعطاه ما أعطاه إكراما له مستحقا مستوجبا على عادة افتخارهم وجلالة أقدارهم عندهم، كقوله إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي [[قال محمود: «فان قلت: فقد قال فأكرمه فصحح إكرامه وأثبته، ثم أنكر قوله ربى أكرمن وذمه عليه كما أنكر قوله ربى أهانن وذمه عليه، وأجاب بأمرين، أحدهما أن المنكر عليه اعتقاده أن إكرام الله تعالى له عن استحقاق لمكان نسبه وحسبه وجلالة قدره، كما كانوا يعتقدون الاستحقاق بذلك على الله، كما قال: إنما أوتيته على علم» قال أحمد: والقدري لا يبعد عن ذلك، لأنه يرى أن النعيم الأعظم في الآخرة حق العبد على الله واجب له عليه ليس بتفضل ولا ممنون.]] وإنما أعطاه الله على وجه التفضل من غير استيجاب منه له ولا سابقة مما لا يعتدّ الله إلا به، وهو التقوى دون الأنساب والأحساب التي كانوا يفتخرون بها ويرون استحقاق الكرامة من أجلها.
والثاني: أن ينساق الإنكار والذّمّ إلى قوله رَبِّي أَهانَنِ يعنى أنه إذا تفضل عليه بالخير وأكرم به اعترف بتفضل الله وإكرامه، وإذا لم يتفضل عليه سمى ترك التفضل هوانا وليس بهوان، ويعضد هذا الوجه ذكر الإكرام في قوله فَأَكْرَمَهُ [[قال محمود: «الثاني أن سياق الإنكار والذم إلى قوله رَبِّي أَهانَنِ بمعنى أنه إذا تفضل عليه بالخير اعترف بتفضل الله تعالى، وإذا لم يتفضل عليه سمى ترك التفضل هو انا وليس بهوان، ويعضد هذا الوجه ذكر الإكرام في قوله فأكرمه» قال أحمد: كأنه يجعل قوله فَأَكْرَمَهُ توطئة لذمه على قوله أَهانَنِ لا أنه مذموم معه.]] وقرئ: فقدر بالتخفيف والتشديد. وأكرمن، وأهانن: بسكون النون في الوقف، فيمن ترك الياء في الدرج مكتفيا منها بالكسرة.
{"ayahs_start":15,"ayahs":["فَأَمَّا ٱلۡإِنسَـٰنُ إِذَا مَا ٱبۡتَلَىٰهُ رَبُّهُۥ فَأَكۡرَمَهُۥ وَنَعَّمَهُۥ فَیَقُولُ رَبِّیۤ أَكۡرَمَنِ","وَأَمَّاۤ إِذَا مَا ٱبۡتَلَىٰهُ فَقَدَرَ عَلَیۡهِ رِزۡقَهُۥ فَیَقُولُ رَبِّیۤ أَهَـٰنَنِ"],"ayah":"فَأَمَّا ٱلۡإِنسَـٰنُ إِذَا مَا ٱبۡتَلَىٰهُ رَبُّهُۥ فَأَكۡرَمَهُۥ وَنَعَّمَهُۥ فَیَقُولُ رَبِّیۤ أَكۡرَمَنِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق