الباحث القرآني
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَأمّا الإنْسانُ﴾ إلَخْ مُتَّصِلٌ بِما عِنْدَهُ كَأنَّهُ قِيلَ: إنَّهُ سُبْحانَهُ لَبِالمِرْصادِ مِن أجْلِ الآخِرَةِ فَلا يَطْلُبُ عَزَّ وجَلَّ إلّا السَّعْيَ لَها، فَأمّا الإنْسانُ فَلا يُهِمُّهُ إلّا الدُّنْيا ولَذّاتُها، فَإنْ نالَ مِنها شَيْئًا رَضِيَ اللَّهَ وإلّا سَخِطَ وكانَ اللّائِقُ أنْ لا يُهِمُّهُ إلّا ما يَطْلُبُهُ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ ولا يَكُونُ حالُهُ ذَلِكَ. وقِيلَ: هو مُتَّصِلٌ بِهِ مُتَفَرِّعٌ عَلَيْهِ عَلى مَعْنى: فالإنْسانُ يُؤاخَذُ لا مَحالَةَ لِأنَّهُ بَيْنَ غِنًى مُهْلِكٍ مُوجِبٍ لِلتَّكَبُّرِ والِافْتِخارِ بِالدُّنْيا، وبَيْنَ فَقْرٍ لا يَصْبِرُ عَلَيْهِ ويَكْفُرُ لِأجْلِهِ بِالجَزَعِ والقَوْلِ بِما لا يَنْبَغِي وهو كَما تَرى.
﴿إذا ما ابْتَلاهُ رَبُّهُ﴾ أيْ: عامَلَهُ مُعامَلَةَ مَن يَبْتَلِيهِ بِالغِنى واليَسارِ لِيَرى هَلْ يَشْكُرُ أمْ لا. والفاءُ في قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿فَأكْرَمَهُ ونَعَّمَهُ﴾ تَفْسِيرِيَّةٌ؛ فَإنَّ الإكْرامَ والتَّنْعِيمَ عَيْنُ المُرادِ بِالِابْتِلاءِ، ولَمّا كانَ الإكْرامُ والتَّنْعِيمُ في حُكْمِ شَيْءٍ واحِدٍ اقْتَصَرَ عَلى قَوْلِهِ: ﴿أكْرَمَنِ﴾ في قَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿فَيَقُولُ رَبِّي أكْرَمَنِ﴾ ولَمْ يَضُمَّ إلَيْهِ ونِعْمَتِي. وهَذِهِ الجُمْلَةُ خَبَرٌ لِلْمُبْتَدَأِ الَّذِي هو الإنْسانُ، والفاءُ لِما في أمّا مِن مَعْنى الشَّرْطِ والظَّرْفِ؛ أعْنِي إذًا مُتَعَلِّقٌ بِ «يَقُولُ» وهو (p-126)عَلى نِيَّةِ التَّأْخِيرِ ولا تُمْنَعُ الفاءُ مِن ذَلِكَ كَما صَرَّحَ بِهِ الزَّمَخْشَرِيُّ وغَيْرُهُ مِن مُتَقَدِّمِي النُّحاةِ وتَبِعَهم مَن بَعْدَهم كَأبِي حَيّانِ والسَّمِينِ والسَّفاقِسِيِّ مَعَ جَمْعٍ غَفِيرٍ مِنَ المُفَسِّرِينَ، وهو كَما قالَ الشِّهابُ الحَقُّ الَّذِي لا مَحِيدَ عَنْهُ، وخالَفَهم في ذَلِكَ الرَّضِيُّ ومَن تَبِعَهُ كالبَدْرِ الدَّمامِينِيِّ في شَرْحِ المُغْنِي، فَقالُوا: إنَّما يَجُوزُ تَقْدِيمُ ما بَعْدَ الفاءِ عَلَيْها إذا كانَ المُقَدَّمُ هو الفاصِلَ بَيْنَ أمّا والفاءِ، لِما يَتَعَلَّقُ بِتَقْدِيمِهِ مِنَ الأغْراضِ، فَإنْ كانَ ثَمَّتَ فاصِلٌ آخَرُ امْتَنَعَ تَقْدِيمُ غَيْرِهِ فَيَمْتَنِعُ: أمّا زَيْدٌ طَعامَكَ فَآكِلٌ، وإنْ جازَ أمّا طَعامُكَ فَزَيْدٌ آكِلٌ، وقالُوا في ذَلِكَ أنَّهم لَمّا التَزَمُوا حَذْفَ الشَّرْطِ لَزِمَ دُخُولُ أداتِهِ عَلى فاءِ الجَوابِ وهو مُسْتَكْرَهٌ فَدَعَتِ الضَّرُورَةُ لِلْفَصْلِ بَيْنَهُما بِشَيْءٍ مِمّا بَعْدَ الفاءِ، والفاصِلُ الواحِدُ كافٍ فِيهِ فَيَجِبُ الِاقْتِصارُ عَلَيْهِ. وزَعَمَ الجَلْبِيُّ مُحَشِّي المُطَوَّلِ أنَّ هَذا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَرَدَّ بِهِ عَلى المُفَسِّرِينَ إعْرابَهُمُ السّابِقَ وقالَ: إنَّهُ خَطَأٌ، والصَّوابُ أنْ يُجْعَلَ الظَّرْفُ مُتَعَلِّقًا بِمُقَدَّرٍ وهو ابْتَدَأ في الحَقِيقَةِ، والتَّقْدِيرُ: فَأمّا شَأْنُ الإنْسانِ إذا... إلَخْ. فالظَّرْفُ مِن تَتِمَّةِ الجُزْءِ المَفْصُولِ وبِهِ لَيْسَ فاصِلًا ثانِيًا كَقَوْلِكَ: أمّا إحْسانُ زَيْدٍ إلى الفَقِيرِ فَحَسَنٌ، ويُرِيدُ عَلى تَقْدِيرِهِ أنَّهُ لا يَصِحُّ وُقُوعُ جُمْلَةِ يَقُولُ خَبَرًا عَنِ الشَّأْنِ إلّا بِتَعَسُّفٍ كَأنْ يَكُونَ الفِعْلُ بِتَأْوِيلِ المَصْدَرِ وإنْ لَمْ تَكُنْ مَعَهُ في اللَّفْظِ أنْ المَصْدَرِيَّةُ كَما قِيلَ فِي:«تَسْمَعُ بِالمُعَيْدِيِّ خَيْرٌ مِن أنْ تَراهُ». وهو فِرارٌ مِنَ السَّحابِ إلى المِيزابِ.
وذَهَبَ أبُو البَقاءِ إلى أنَّ «إذا» شَرْطِيَّةٌ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَيَقُولُ﴾ جَوابُها، والجُمْلَةُ الشَّرْطِيَّةُ خَبَرُ «الإنْسانُ»، ويَلْزَمُهُ حَذْفُ الفاءِ بِدُونِ القَوْلِ وقَدْ قِيلَ: إنَّهُ ضَرُورَةٌ.
{"ayah":"فَأَمَّا ٱلۡإِنسَـٰنُ إِذَا مَا ٱبۡتَلَىٰهُ رَبُّهُۥ فَأَكۡرَمَهُۥ وَنَعَّمَهُۥ فَیَقُولُ رَبِّیۤ أَكۡرَمَنِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق