وَما بَثَّ يجوز أن يكون مرفوعا ومجرورا يحمل على المضاف إليه أو المضاف. فإن قلت:
لم جاز فِيهِما مِنْ دابَّةٍ والدواب في الأرض وحدها؟ قلت: يجوز أن ينسب الشيء إلى جميع المذكور وإن كان ملتبسا ببعضه، كما يقال: بنو تميم فيهم شاعر مجيد أو شجاع بطل، وإنما هو في فخذ [[قوله «فخذ» العشائر أقلها الفخذ، وفوقه البطن، ثم العمارة، ثم الفصيلة، ثم القبيلة، ثم الشعب. فهو أكثرها. أفاده الصحاح. (ع)]] من أفخاذهم أو فصيلة من فصائلهم، وبنو فلان فعلوا كذا، وإنما فعله نويس منهم. ومنه قوله تعالى يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ وإنما يخرج من الملح [[قال محمود: «فان قلت: لم جاز فيهما من دابة والدواب في الأرض وحدها؟ وأجاب بأنه يجوز أن ينسب الشيء إلى جميع المذكور وإن كان لبعضه، كقوله تعالى يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ وإنما يخرج من الملح ...
الخ» قال أحمد: إطلاق الدواب على الأناسى بعيد من عرف اللغة، فكيف في إطلاقه على الملائكة. والصواب- والله أعلم-: هو الوجه الأول، وقد جاء مفسرا في غير ما آية، كقوله إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ ثم قال وَما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ فخص هذا الأمر بالأرض، والله أعلم.]] . ويجوز أن يكون للملائكة عليهم السلام مشى مع الطيران. فيوصفوا بالدبيب كما يوصف به الأناسى. ولا يبعد أن يخلق في السماوات حيوانا يمشى فيها مشى الأناسى على الأرض، سبحان الذي خلق ما نعلم وما لا نعلم من أصناف الخلق. إِذا يدخل على المضارع كما يدخل على الماضي. قال الله تعالى وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى ومنه إِذا يَشاءُ وقال الشاعر:
وإذا ما أشاء أبعث منها ... آخر اللّيل ناشطا مذعورا»
{"ayah":"وَمِنۡ ءَایَـٰتِهِۦ خَلۡقُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَثَّ فِیهِمَا مِن دَاۤبَّةࣲۚ وَهُوَ عَلَىٰ جَمۡعِهِمۡ إِذَا یَشَاۤءُ قَدِیرࣱ"}