الباحث القرآني

* اللغة: (بِساحَتِهِمْ) : بفنائهم، قال الفراء: العرب تكتفي بذكر الساحة عن القوم، وأصل الساحة الفناء الخالي من الأبنية وجمعها سوح فألفها منقلبة عن واو فتصغر سويحة والجمع والتصغير يردان الأشياء إلى أصولها. وقال الراغب: إنها من ذوات الياء حيث عدها في مادة سيح ثم قال الراغب: «الساحة المكان الواسع ومنه ساحة الدار والسائح الماء الجاري في الساحة وساح فلان في الأرض مر مر السائح ورجل سائح وسياح» وعلى هذا يكون لها مادتان ولكن كلام الراغب فيه قصور. وفي الأساس ذكرها في مادة سوح ونص عبارته: «عمر الله تعالى بك ساحتك، وتقول احمرّ اللّوح، واغبرّت السوح إذا وقع الجدب وقال أبو ذؤيب: وكان سيان أن لا يسرحوا نعما ... أو يسرحوه بها واغبرت السوح ولم يذكر في الأساس الساحة في مادة سيح فهما مادتان. وفي القاموس أورد الساحة من بنات الواو فقال: «الساحة الناحية وفضاء بين دور الحي والجمع ساح وسوح وساحات» ولم يذكرها في مادة ساح يسيح سيحا وسيحانا إلخ. * الإعراب: (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ) الفاء الفصيحة أي إن تبينت حقيقة أمرهم فتول عنهم وتول فعل أمر مبني على حذف حرف العلة أي أعرض عنهم والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت وعنهم متعلقان بتول وحتى حرف غاية وجر وحين مجرور بحتى والجار والمجرور متعلقان بتول. (وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ) الواو عاطفة وأبصرهم فعل أمر وفاعل مستتر ومفعول به أي إذا نزل بساحتهم العذاب والفاء رابطة لجواب الطلب وسوف حرف استقبال ويبصرون فعل مضارع وفاعل والمفعول به محذوف أي ما يحيق بهم جزاء كفرهم. (أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ) الهمزة للاستفهام ومعنى الاستفهام هنا التهديد والوعيد والفاء عاطفة على محذوف يقدر بحسب المقام وبعذابنا متعلقان بيستعجلون ويستعجلون فعل مضارع مرفوع والواو فاعل. (فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ) الفاء عاطفة وإذا ظرف مستقبل متضمن معنى الشرط ونزل فعل ماض وفاعله ضمير مستتر تقديره هو أي العذاب وبساحتهم متعلقان بنزل والفاء رابطة لجواب إذا وساء فعل جامد لإنشاء الذم وصباح المنذرين فاعل والمخصوص بالذم محذوف تقديره صباحهم وقيل إن ضمير ساء يعود على المخصوص وان التمييز محذوف وان المذكور مخصوص لا فاعل وسيأتي المزيد من هذا البحث. (وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ) عطف على ما تقدم وقد سبق اعراب هذه الآية المكررة. (وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ) تقدم اعرابها وحذف مفعول أبصر اختصارا لدلالة الأول عليه. (سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ) سبحان ربك مفعول مطلق لفعل محذوف ورب العزة بدل وعما متعلقان بسبحان وجملة يصفون صلة ما. (وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ) سلام مبتدأ ساغ الابتداء به لما فيه من معنى الدعاء وعلى المرسلين خبر. (وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) الحمد مبتدأ ولله خبر ورب العالمين بدل أو صفة. * البلاغة: في قوله «فإذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين» استعارة تمثيلية فقد شبه العذاب النازل بهم بعد ما أنذروا به فلم يبالوا الانذار، وأصموا آذانهم عنه بجيش أنذر بهجومه قومه بعض نصاحهم فلم يكترثوا لإنذاره ولم يتخذوا الأهبة والاحتياط وما عسى أن ينجيهم من هول الكارثة ويمكنهم من تفادي ويلاتها الطارئة وإنما خصص الصباح لأنه كان من عادة مساعيرهم وكماتهم الإغارة فسميت الغارة صباحا لأنها تقع فيه عادة ولهذا استفصح العرب هذه الآية. * الفوائد: كل فعل ثلاثي متصرف تام مثبت قابل للتفاوت مبني للمعلوم وليس الوصف منه على وزن أفعل فعلاء صالح للتعجب منه فإنه يجوز استعماله على فعل بضم العين إما بالأصالة كظرف وشرف أو بالتحويل بأن يكون في الأصل مفتوح العين كضرب وقتل أو مكسورها كعلم وفهم بضم العين فيهن وإنما حولت لتلحق بأفعال الغرائز ولتصير قاصرة وجامدة ثم يجري حينئذ مجرى نعم وبئس في إفادة المدح والذم وفي حكم الفاعل وحكم المخصوص تقول في المدح فهم الرجل زيد وفهم رجلا زيد وفي الذم خبث الرجل عمرو وخبث رجلا عمرو ومن أمثلته ساء فإنه في الأصل سوأ بالفتح من السوء ضد السرور من ساءه الأمر يسوءه إذا أحزنه فهو متعد متصرّف فحول إلى فعل بالضم فصار قاصرا ثم ضمن معنى بئس فصار جامدا قاصرا محكوما لفاعله بما يحكم لفاعل بئس تقول ساء الرجل زيد وفي التنزيل «وساءت مرتفقا» ومما يحتمل الفاعلية والتميز «ساء ما يحكمون» وقد تقدم بحثه.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب