الباحث القرآني
﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلى﴾ أي: نزه ذاته الذي هو أعلى من أن يقاس بغيره فالاسم مقحم، والأعلى صفة لربك، أو نزه أسماءه عما لا يصح فيه من المعاني، والأعلى إما صفة للاسم، أو للرب ﴿الذِي خَلَقَ﴾ كل شيء ﴿فَسَوّى﴾: خلقه، ولم يأت به متفاوتًا غير ملتئم ﴿والذِي قَدَّرَ﴾: الأشياء على وجه معين ﴿فَهَدى﴾: فوجهها إليه ﴿والَّذِي أخْرَجَ﴾ من الأرض ﴿المَرْعى﴾: ما يرعاه الدواب ﴿فَجَعَلَهُ﴾ بعد خضرته ﴿غثاءً﴾: يابسًا ﴿أحْوى﴾ أسود، وقيل: أحوى حال من المرعى، أي: من شدة الخضرة أسود ﴿سَنُقْرِئُكَ﴾ على لسان جبريل، أو سنجعلك قارئًا ﴿فَلاَ تَنسى﴾ فهذا وعد من الله ﴿إلا ما شاءَ اللهُ﴾ نسيانه بأن نسخ تلاوته، أو إلا ما شاء الله لكن لم يشأ، وعن مجاهد وغيره، كان عليه السلام يستعجل بالقراءة قبل إتمام قراءة جبريل مخافة النسيان، فنزل هذا الوعد فلم ينسَ بعد ذلك شيئًا، وقيل: نفي بمعنى النهي، أو نهي، والألف للفاصلة نحو: السبيلا، ﴿إنَّهُ يَعْلَمُ الجَهْرَ وما يَخْفى﴾: ما ظهر من الأحوال وما بطن، فلا يفعل إلا ما فيه الحكمة البالغة، ﴿ونُيَسِّرُكَ﴾، عطف على سنقرئك، أي: نُعدّلك ﴿لِلْيُسْرى﴾: للشريعة اليسرى السمحة، أو نسهل عليك أفعال الخير، وقيل: معناه إنه يعلم الجهر مما تقرأه بعد فراغ جبريل، وما يخفى مما تقرأه في نفسك معه مخافة النسيان، ثم وعده وقال، نيسرك للطريقة اليسرى في حفظ الوحي ﴿فَذَكِّرْ إنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى﴾: عظ بالقرآن إن نفعت التذكير، قال على رضي الله عنه: ما أنت بمحدث قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة لبعضهم، وحاصله إن كنت جربت أن الموعظة لا تنفع فلا تتعب نفسك ﴿سَيَذَّكَّرُ﴾: يتعظ، وينتفع بها ﴿مَن يَخْشى﴾: الله ﴿ويَتَجَنَّبُها﴾، أي: الذكرى، ويتباعد عنها ﴿الأشقى﴾ من الكفرة لتوغله في الكفر والعناد، أو المراد من الأشقى الكافر في علم الله ﴿الذِي يَصْلى النّارَ الكُبْرى﴾: نار جهنم، فإنما أشد حرًّا من نار الدنيا ﴿ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها﴾: فيستريح ﴿ولا يَحْيى﴾: حياة يجد منها روح الحياة، فهذا للكافر، وأما المذنب ففي صحيح مسلم وغيره (إن أناسًا دخلوا النار بخطاياهم يموتون في النار، فيصيرون فحمًا، ثم يخرجون فيلقون على أنهار الجنة فيرش عليهم منها، فينبتون كالحبة في حميل السيل) ﴿قَدْ أفْلَحَ مَن تَزَكّى﴾: تطهر نفسه من الكفر والمعصية ﴿وذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ﴾ بقلبه ولسانه ﴿فَصَلّى﴾: الصلوات الخمس نحو: ”أقم الصلوة لذكري“ [طه: ١٤]، وعن كثير من السلف المراد من أعطى صدقة الفطر فصلى العيد، وعلى هذا يكون النزول سابقًا على الحكم، لأن السورة مكية، ولم يكن بمكة عيد ولا فطر كما قالوا في قوله: (وأنْتَ حِلٌّ بِهَذا البَلَدِ) كما سيجيء، ﴿بَلْ تُؤْثِرُونَ﴾: تختارون ﴿الحَياةَ الدُّنْيا﴾ عن ابن مسعود قال: حين وصل إلى هذه الآية، آثرناها لأنّا رأينا زينتها، ونساءها، وطعامها، وشرابها، وزويت عنا الآخرة فاخترنا هذا العاجل، وجاز أن يكون الخطاب للأشْقَيْنَ على الالتفات ﴿والآخِرَةُ خَيْرٌ وأبْقى إنَّ هَذا﴾ عن كثير من السلف: الإشارة إلى أربع آيات متقدمة من قوله: ”قد أفلح من تزكى“، وعن بعض منهم: الإشارة إلى جميع السورة ﴿لَفِي الصُّحُفِ الأُولى﴾: الكتب السماوية المتقدمة ﴿صُحُفِ إبْراهِيمَ ومُوسى﴾ بدل من الصحف الأولى، وفي مسند الإمام أحمد «كان رسول الله ﷺ يحب هذه السورة».
الحَمْدُ لله رَبِّ العالَمِينَ.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["سَبِّحِ ٱسۡمَ رَبِّكَ ٱلۡأَعۡلَى","ٱلَّذِی خَلَقَ فَسَوَّىٰ","وَٱلَّذِی قَدَّرَ فَهَدَىٰ","وَٱلَّذِیۤ أَخۡرَجَ ٱلۡمَرۡعَىٰ","فَجَعَلَهُۥ غُثَاۤءً أَحۡوَىٰ","سَنُقۡرِئُكَ فَلَا تَنسَىٰۤ","إِلَّا مَا شَاۤءَ ٱللَّهُۚ إِنَّهُۥ یَعۡلَمُ ٱلۡجَهۡرَ وَمَا یَخۡفَىٰ","وَنُیَسِّرُكَ لِلۡیُسۡرَىٰ","فَذَكِّرۡ إِن نَّفَعَتِ ٱلذِّكۡرَىٰ","سَیَذَّكَّرُ مَن یَخۡشَىٰ","وَیَتَجَنَّبُهَا ٱلۡأَشۡقَى","ٱلَّذِی یَصۡلَى ٱلنَّارَ ٱلۡكُبۡرَىٰ","ثُمَّ لَا یَمُوتُ فِیهَا وَلَا یَحۡیَىٰ","قَدۡ أَفۡلَحَ مَن تَزَكَّىٰ","وَذَكَرَ ٱسۡمَ رَبِّهِۦ فَصَلَّىٰ","بَلۡ تُؤۡثِرُونَ ٱلۡحَیَوٰةَ ٱلدُّنۡیَا","وَٱلۡـَٔاخِرَةُ خَیۡرࣱ وَأَبۡقَىٰۤ","إِنَّ هَـٰذَا لَفِی ٱلصُّحُفِ ٱلۡأُولَىٰ","صُحُفِ إِبۡرَ ٰهِیمَ وَمُوسَىٰ"],"ayah":"فَذَكِّرۡ إِن نَّفَعَتِ ٱلذِّكۡرَىٰ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق