الباحث القرآني

﴿لا أُقْسِمُ﴾، زيادة لا النافية على القسم للتأكيد شائع، ﴿بِيَوْمِ القِيامَةِ ولا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوّامَةِ﴾ هي نفس المؤمن لم تزل تلومه: لم قلت كذا لما فعلت؟ لم تركت؟ أو النفس مطلقًا تلوم يوم القيامة نفسه إن عمل خيرًا لم ما استكثرته؟ وإن شرًّا لم عملته؟ وجواب القسم محذوف نحو ”إنكم مبعوثون“ يدل عليه قوله: ﴿أيَحْسَبُ الإنْسانُ﴾: جنسه، أو الكفار منهم، ﴿ألَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ﴾: بعد تفرقها لعدم قدرتنا، ﴿بَلى﴾: نجمعها، ﴿قادِرِينَ﴾، حال من فاعل نجمع المقدر، ﴿عَلى أن نُسَوِّيَ بَنانَهُ﴾: أن نجعل أصابع يديه ورجليه مستوية كخف البعير، فلا يمكنه القبض، والأخذ، وفنون الأعمال، أو على أن نضم الأنامل بعضها إلى بعض كما كانت على صغرها، فكيف بكبار العظام، ﴿بَلْ يُرِيدُ الإنْسانُ لِيَفْجُرَ أمامَهُ﴾: ليدوم على الفجور فيما يستقبله من الأوقات، والمعنى على إنكار الحسبان، أولًا ثم الإضراب عنه بالإخبار عن حال بما هو أدخل في اللوم والتوبيخ، وفيه إيماء بأنه عالم بوقوع الحشر لكنه متغاب، ﴿يَسْألُ أيّانَ يَوْمُ القِيامَةِ﴾: متى يكون إنكارًا أو استهزاء، ﴿فَإذا بَرِقَ البَصَرُ﴾: تحير فزعًا من شدة الأهوال، ﴿وخَسَفَ القَمَرُ﴾: ذهب ضوءه، ﴿وجُمِعَ الشَّمْسُ والقَمَرُ﴾ أي: جمع بعض أجزاء الشمس إلى بعض، ويلف كالحصير، وكذا القمر، أو جمع بينهما، فلا يكون كل واحد في فلك، ﴿يَقُولُ الإنْسانُ يَوْمَئِذٍ أيْنَ المَفَرُّ﴾: أين الفرار؟ ﴿كَلّا﴾، ردع عن طلب الفرار، ﴿لاَ وزَرَ﴾: لا ملجأ، ﴿إلى ربِّكَ﴾: وحده، ﴿يَوْمَئِذٍ المُسْتَقَرُّ﴾: استقرار العباد، ﴿يُنَبَّأُ الإنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وأخَّرَ﴾: بأعمال أوائل عمره وأواخره، أو بما عمله وما تركه، أو بأعمالٍ عملها، وبأعمالٍ أخَّرها فعمل بها كسنة حسنة وسيئة، ﴿بَلِ الإنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ﴾: حجة بينة تشهد جوارحه عليه نحو: لما جاءت آياتنا مبصرة أو عين بصيرة يعني لا يحتاج إلى الإنباء، ﴿ولَوْ ألْقى مَعاذِيرَهُ﴾: ولو جاء بكل معذرة يعتذر بها عن نفسه جمع معذار، وهو العذر، أي: لا ينفعه عذره؛ لأن من نفسه من يكذبه، وعن بعض: ولو ألقى الستور وأخفى الذنب كل الإخفاء، وأهل اليمن يسمون الستر معذارًا، ﴿لا تُحَرِّكْ﴾: يا محمد، ﴿بِهِ﴾: بالقرآن، ﴿لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ﴾: لتأخذه على عجلة قد صح عن ابن عباس - رضي الله عنهما - وغيره: إنه إذا نزل جبريل بالوحي قرأ النبي - عليه السلام - قبل فراغه مسارعة إلى الحفظ، وخوفًا من الانفلات، فنزل: ﴿إنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ﴾: في صدرك، ﴿وقُرْآنَهُ﴾: إثبات قراءته في لسانك، ﴿فَإذا قَرَأْناهُ﴾: بلسان الملك عليك، وأصغيته، ﴿فاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾: فاتبع قراءته، وكن مقفيًا له فيه، ﴿ثُمَّ إنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ﴾: بيان ما أشكل عليك، ﴿كَلّا﴾، ردع لإلقاء المعاذير، ﴿بَلْ تُحِبُّونَ العاجِلَةَ وتَذَرُونَ الآخِرَةَ﴾: تختارون الدنيا على العقبى، ولا تعملون للعقبى، والخطاب لجنس الإنسان؛ لأن فيهم من هو كذلك، أو الكفار وقوله: ”لا تحرك“ إلى قوله: ”ثم إن علينا بيانه“ اعتراض بذكر ما اتفق في أثناء نزول هذه الآيات مع ما فيه من إنكار العجلة، وإن كان في أمور الخير، وما قبل الاعتراض وما بعده في التوبيخ على حب العجلة، ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ﴾: يوم القيامة، ﴿ناضِرَةٌ﴾، من النضارة أي: حسنة بهيَّة مشرقة، ﴿إلى رَبِّها ناظِرَةٌ﴾: تراه عيانًا حين يرى ربه لا يلتفت إلى غيره، والنظر إلى غيره في جنب النظر إليه لا يعد نظرًا، ولهذا قدم المفعول، والأحاديت الصحاح في تفسير تلك الآية وأقوال السلف والخلف على ذلك بحيث يعد المكابر معاندًا، ﴿ووُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ﴾: شديد العبوس، ﴿تَظُنُّ﴾: تتوقع، ﴿أن يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ﴾: داهية تكسر فقار الظهر، فهذا ما يفعل بهم في مقابلة النظر إلى الرب لكون ذلك غاية النعمة، وهذا غاية النقمة، والظن فى البلاء أشد، والتنوين في وجوه، ونظائره كـ قلوب يومئذ واجفة للتنويع، ويقوم مقام الوصف المخصص للمبتدأ، أو كان هذا أولى مما قيل: إن بعض المذكور كناظرة وصف مخصص، وبعضه كـ إلى ربها ناظرة خبر، ﴿كَلاَّ﴾، ردع عن إيثار الدنيا، ﴿إذا بَلَغَتِ﴾: النفس، ﴿التَّراقِيَ﴾: أعالي الصدور، ﴿وقِيلَ﴾، القائل الملك، ﴿مَن راقٍ﴾: من يرقى بروحه ملك الرحمة، أو ملك الرحمة، أو ملك العذاب، أو القائل الحاضرون من يرقيه مما به، ﴿وظَنَّ﴾: المحتضر، ﴿أنّهُ﴾: أن ما نزل به، ﴿الفِراقُ﴾: فراق الدنيا، ﴿والتَفَّتِ السّاقُ بِالسّاقِ﴾، الساق مثل في الشدة أي: التفت شدة فراق الدنيا بشدة إقبال الآخرة، وقيل: التوت الساق بالساق عند قلق الموت، ﴿إلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ المَساقُ﴾: المرجع يسوق الملك الروح إلى السماوات كما في الحديث.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب