الباحث القرآني
ثم قال: ﴿سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا﴾ [الأحزاب ٦٢].
يقول الله عز وجل: ﴿سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا﴾ ﴿سُنَّةَ﴾ السُّنة بمعنى الطريقة، وسُنة الله عز وجل نوعان: سنة كونية، وسنة شرعية.
أما السُّنة الشرعية فإنها تكون بحسب مصالح العباد وتختلف باختلاف الأمم، كما قال تعالى: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾ [المائدة ٤٨]، وإن كانت هذه الشرائع كلها تتفق في أصول التوحيد فيما يتعلق بذات الله وأسمائه وصفاته متفقة.
وكذلك في القواعد العامة في الشريعة، وقد أشار الله إليها في قوله: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف ٣٣]، كم هذه؟ ﴿الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ هذه الأصول الخمسة ذكر أهل العلم أن جميع الشرائع متفقة عليها، لكن من الشرائع التي تختلف مصالحها باختلاف الزمان والمكان والأمم، هذه لا بد أن تختلف أحكامها بحسب ما تقتضيه الحكمة؛ حكمة الله عز وجل.
أما السُّنة الكونية فهي ما يُجْرِيه الله تبارك وتعالى قدرًا من العقوبات وغيرها، وهذه السنة لا تتبدَّل ولا تتغيَّر، وإن كان الله عز وجل قد يُضاعف العقوبة على بعض الناس دون بعض، كما سبق لنا في نساء النبي ﴿مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ﴾ [الأحزاب ٣٠]، وقد يجزي الله تعالى بعض العاملين على العمل أكثر من البعض الآخر، كما في هذه الأمة؛ فإنها أُعْطِيت كفلين من الأجر على من سبقها من الأمم، وكما في أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام الذين قال فيهم الرسول ﷺ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ»[[متفق عليه؛ البخاري (٣٦٧٣)، ومسلم (٢٥٤١ / ٢٢٢) من حديث أبي سعيد الخدري.]].
لكن في العقوبات يقول الله: ﴿سُنَّةَ اللَّهِ﴾ قال المؤلف: (أيْ: سَنَّ الله ذلك)، وأفادنا المؤلف في هذا التقدير أفادنا أن ﴿سُنَّةَ﴾ منصوب على المصدر المحذوف عامله؛ أي: سَنَنَّا بهم سنة الله؛ أي: سَنَنَّا بهؤلاء المنافقين والذين في قلوبهم مرض والمرجفين في المدينة سَنَنَّا بهم سنة الله فيمن سبق، فإن كل من نابذ عِباد الله وأولياءه سلَّط الله عليهم.
(﴿سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ﴾ من الأمم)، ﴿خَلَوْا﴾ بمعنى مضوا، ولهذا قال المؤلف: (من الأمم الماضية في منافقيهم المرجفين بالمؤمنين، ﴿وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا﴾ منه) ولا من غيره؟ إي، ولا من غيره السنن الكونية، إي نعم.
أما الشرعية فيمحو الله ما يشاء ويثبت، وربما تُبَدَّل، لكن سنة الله الكونية لن تجد لها تبديلًا؛ لا منه ولا من غيره في إنزال العقوبة بمن يستحقها، وإن كانت هذه العقوبة قد تختلف لكن لا بد للمخالفين من عقوبة، والله أعلم.
(...) الله تعالى: ﴿يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ﴾ [الأحزاب ٦٣]، ﴿يَسْأَلُكَ النَّاسُ﴾ قال المؤلف: (أي: أهل مكة) والصواب أنه أعم، وفي قوله: ﴿يَسْأَلُكَ﴾ ولم يقل: (سألك) دليل على أن هذا السؤال ما زال مستمرًّا على رسول الله ﷺ يسأله الناس عن الساعة، والسؤال عن الساعة يحتمل أن يكون الحامل عليه التكذيب بها واستبعادها، وهذا يُورَدُ مِمَّن؟ إذا كان الحامل التكذيب والاستبعاد يُورَدُ ممن؟ من الكفار، وتارة يُسْأَل عنها سؤال استفهام متى تكون؟ مع الإيقان بها، وهذا قد يرد ممن؟ من المؤمنين، وتارة يُسْأَل عنها ليبين للناس أنه لا يمكن العلم بها، كما سأل جبريل النبي ﷺ عن الساعة قال: «متى الساعة؟»[[متفق عليه؛ البخاري (٥٠)، ومسلم (٩ / ٥) من حديث أبي هريرة.]] هو ما سأل لا استبعادًا وإنكارًا ولا استرشادًا متى يكون وقتها، ولكن إعلامًا بأن وقتها لا يعلمه إلا الله.
ولكن قد يقول قائل: إن قوله: ﴿يَسْأَلُكَ النَّاسُ﴾ لا يدخل فيه سؤال جبريل؛ لأن جبريل ليس من الناس؟ فيجاب عنه بأن جبريل حين سأل كان على صورة الناس.
(﴿يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ﴾ متى تكون؟) أمر الله نبيه أن يجيب بقوله: ﴿قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ﴾ ﴿قُلْ﴾ في الجواب، وهذا تلقين من الله عز وجل، تلقين لرسوله بالجواب أن يقول هذا، وإنما لقنه الله عز وجل ليتبين للناس عامة أن قوله: ﴿إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ﴾ صادر من الله وليس من تلقاء نفسه؛ حتى يقتنع الناس بذلك ويوقنوا به.
وقوله: ﴿إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ﴾ هذه الجملة فيها حصر، ما طريقه؟
* طالب: (...).
* الشيخ: لا، ما هو تقديم، طريقه ﴿إِنَّمَا﴾، ﴿إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ﴾ يعني: ما علمها إلا عند الله وحده، وهذا كقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾ [لقمان ٣٤]، فلا أحد يعلم متى تقوم الساعة إلا الله عز وجل، وكل ما قيل عن وقت قيامها من السابقين واللاحقين فما هو تخرُّصٌ كاذب نعلم ذلك علم اليقين؛ لأن الله قال: ﴿قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ﴾. وأعلمُ الرسلِ بالله البشريِّ والمَلَكيِّ مَن؟ محمد ﷺ وجبريل، وكلاهما لا يعلم، لما سأل جبريلُ النبيَّ ﷺ قال: «مَا الْمَسْؤُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٥٠)، ومسلم (٩ / ٥) من حديث أبي هريرة.]]، فإذا كنت أنت تجهل أيها السائل فأنا مثلك أجهل منك.
﴿قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ﴾ وهذا كما يشمل الساعة العامة التي تقوم ويحشر الناس بها من قبورهم لرب العالمين تشمل أيضًا الساعة الخاصة التي هي موت كل إنسان، فإن من مات قامت قيامته وقامت ساعته؛ لأنه انتهى من الدنيا إلى دار الجزاء، ويدل لذلك قوله تعالى: ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ﴾ [لقمان ٣٤]. ويش وجه الدلالة؟
* طالب: (...).
* الشيخ: إي، لكن ويش وجه الدلالة من الآية التي ذكرت؟
* طالب: (...).
* الشيخ: ويش وجه الدلالة من أنه لا يدري أحدٌ متى يموت؟
* طالب: (...).
* الشيخ: لا.
* طالب: وجه الدلالة (...) أرض كذا لم يذهب إليها (...).
* الشيخ: أقول: وجه الدلالة أنه إذا انتفى علمه بأي أرض يموت ففي أي زمن من باب أولى؛ وذلك لأن الأرض يتمكن الإنسان أن يذهب إليها أو لا يذهب، والزمن ما له فيه تصرف، فإذا انتفى عِلمه بما له فيه التصرف -وهو الانتقال من مكان لآخر- فانتفاء علمه بما لا يتصرف فيه من باب أولى.
يقول الله عز وجل: (﴿وَمَا يُدْرِيكَ﴾ يعلمك بها؛ أي أنت لا تعلمها)، ﴿وَمَا يُدْرِيكَ﴾ ﴿مَا﴾ يحتمل أن تكون نافية؛ يعني: لا يدريك عنها شيء، ويحتمل أن تكون استفهامية؛ يعني: أي شيء يعلمك بها حتى تُسْأَل عنها. وأيًّا كان فالله تعالى ينفي علم رسوله ﷺ بها ويقول له: ﴿مَا يُدْرِيكَ﴾.
وقوله: (﴿لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ﴾ توجد ﴿قَرِيبًا﴾ ) ظاهر صنيع المؤلف أو المفسِّر أن قوله: ﴿لَعَلَّ السَّاعَةَ﴾ جملة مستأنفة لا علاقة لها بالفعل الذي قبلها وأنها جملة مستأنفة من الله؛ يعني: لا تدري عنها أنت ولكنها قريبة، ﴿لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا﴾، و﴿لَعَلَّ﴾ هنا للتوقع؛ أي أنها متوقعة.
وذهب بعض المُعْربين إلى أن قوله: ﴿لَعَلَّ السَّاعَةَ﴾ مفعولٌ لقوله: ﴿يُدْرِيكَ﴾، مفعول ثانٍ وثالث لكنه عُلِّق، عُلِّق بماذا؟ بـ(لعل)؛ لأن (لعل) من المعلقات؛ يعني: وما يدريك عن توقع قربها؛ يعني: لا تدري عن قربها أيضًا، ومن لم يَدْرِ عن قربها لا يدري عن وقوعها من باب أولى.
وأيًّا كان فالله عز وجل نفى أن يكون النبي ﷺ عالمًا بها أو بقربها، وإذا انتفى علم النبي ﷺ بذلك فعِلْمُ غيرِه من باب أولى أن ينتفي.
ثم إن السؤال عن الساعة ليس بذي قيمة كبيرة، القيمة الكبيرة ما أشار إليه النبي ﷺ؛ حيث قال حين سأله رجل عن الساعة قال: «انْظُرْ مَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا»[[متفق عليه؛ البخاري (٣٦٨٨)، ومسلم (٢٦٣٩ / ١٦٣) من حديث أنس بن مالك.]]، هذه هي القيمة، أما متى تأتي أو لا تأتي ليس ذا قيمة كبيرة، لكن القيمة الحقيقية أن ينظر الإنسان ماذا أعد لها.
ومن ثَمَّ أعقب الله تعالى هذا بقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا﴾ [الأحزاب ٦٤] إلى آخره؛ يعني احذر: أن تقوم الساعة عليك وأنت من هؤلاء، ﴿إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ﴾..
* طالب: (...)؟
* الشيخ: لا، التعليق يكون بعد العامل.
* طالب: (...).
* الشيخ: وين هذه؟
* الطالب: (...) ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا﴾ [العنكبوت ٢].
* الشيخ: ما سبقها عامل حتى تعلق.
* الطالب: الهمزة؟
* الشيخ: الهمزة للاستفهام لكن الجملة ابتدائية، مثلما لو قلت: أقام زيد؟ أقعد عمرو؟ ما فيه تعليق.
* طالب: (...).
* الشيخ: مفعولها (أنْ) وما دخلت عليه.
* طالب: (...).
* الشيخ: لا، ما معلقة هذه مصدرية، فتأويل المصدر سدَّ مسد الفعلين؛ يعني: أحسب الناس تركهم.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: تكون للتأكيد، وقد تكون للتعليل أيضًا، مثل: ﴿وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ [الأعراف ١٥٨] وما أشبه ذلك، لكن ما تكون للرجاء. وبعضهم قال: تكون للرجاء باعتبار المخاطَب لا باعتبار المتكلِّم.
يقول الله عز وجل: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا﴾ [الأحزاب ٦٤]، ﴿إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ﴾ اللعْنُ قال أهل العلم: معناه الطرد والإبعاد عن رحمة الله. وهذه الجملة مؤكدة بـ(إنَّ)، وقوله: ﴿الْكَافِرِينَ﴾ بمن؟ الكافرين بالله وبما يجب الإيمان به، وقوله: ﴿لَعَنَ الْكَافِرِينَ﴾ أبعدهم عن الرحمة.
ثم قال: ﴿وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا﴾ يعني: ليسوا مُبْعَدين عن الرحمة فقط وسالمين من الإثم بل إنهم جُمِعَ لهم بين الإبعاد عن الرحمة وبين العقوبة، ﴿وَأَعَدَّ لَهُمْ﴾ أي: هيأ لهم، ﴿سَعِيرًا﴾ يقول: (نارًا شديدة يدخلونها) نارًا يُسَعَّرون بها والعياذ بالله، فهم وقودها والحجارة، نارًا تطلع على الأفئدة تصل إلى قلوبهم التي في أجوافهم والعياذ بالله، هذه النار ليسوا باقين فيها يومًا أو يومين أو سنة أو سنتين يقول: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ [الأحزاب ٦٥] قال: (مقدرًا خلودهم) أشار المؤلف إلى أن الحال هنا حال مقدرة؛ لأن الخلود ليس حال كفرهم ولكن حال مجازاتهم يوم القيامة، فالحال هذه حال مقدرة ﴿خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾، و﴿أَبَدًا﴾ هذه تفيد استمرار الزمن في المستقبل وأزلًا تفيد استمراره في الماضي، ولهذا نقول: إن علم الله علم ثابت لله أزلًا وأبدًا.
وقوله: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ هذه إحدى آيات ثلاث صرَّح الله فيها بأبدية خلود أهل النار، والآية الثانية في سورة النساء: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (١٦٨) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ [النساء ١٦٨، ١٦٩]، والآية الثالثة في سورة الجن: ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ [الجن ٢٣]، وفي بعض هذه الآيات بل في واحدة منها ردٌّ واضح على قول من قال: إن النار غير مؤبدة، ولهذا كان عقيدة أهل السنة والجماعة أن النار مؤبدة كالجنة، وليس في هذا منافاة لرحمة الله عز وجل وحكمته، ولا فيها إبطال لقوله تعالى في الحديث القدسي: «إِنَّ رَحْمَتِي سَبَقَتْ غَضَبِي»[[متفق عليه؛ البخاري (٧٤٢٢)، ومسلم (٢٧٥١ / ١٥) من حديث أبي هريرة.]]؛ لأن هذه العقوبة قد أنذر بها أولئك الذين فعلوا ما يستحقونها وقامت عليهم الحجة بها، فليس لهم عذر، فيكونون قد عوملوا بمقتضى العدل، فعقوبتهم هذه عدل من الله عز وجل وليس فيها ظلم، ومن أُنْذِر بشيء ففعل السبب الموصل إليه باختياره فهو الذي جنى على نفسه.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: قال: ﴿إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ﴾ [هود ١٠٧]؛ يعني: الزائد على ذلك.
يقول الله عز وجل: (﴿خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا﴾ يحفظهم عنها، ﴿وَلَا نَصِيرًا﴾ يدفعها عنهم) ﴿لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا﴾ يتولاهم بحصول المطلوب، ﴿وَلَا نَصِيرًا﴾ ينصرهم بدفع المكروه، فهم لا يجدون أحدًا يوم القيامة يتولاهم ويحصل لهم مطلوبهم بحمايتهم من النار ويدفعهم إلى الجنة، ولا يجدون أحدًا ينصرهم من هذه النار ويدفعهم عنها ويخرجهم منها بعد الدخول؛ لأن هؤلاء الكفار لا تنفعهم شفاعة الشافعين، أما العصاة من المؤمنين فإنهم قد يجدون شفعاء في ذلك اليوم يشفعون فيمن استحق النار ألَّا يدخلها، وفيمن دخلها أن يخرج منها.
﴿يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا﴾ [الأحزاب ٦٦]، ﴿يَوْمَ﴾ هذه ظرف، والظرف والجار والمجرور لا بدَّ له من عاملٍ الذي يُسَمَّى المتعلق، فأين عاملها؟ يحتمل أن العامل قوله: ﴿وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا﴾ ﴿أَعَدَّ﴾، ويحتمل أنها ﴿خَالِدِينَ﴾، ويحتمل أنها ﴿يَجِدُونَ﴾، فتكون تنازعت فيها العوامل الثلاثة، ويحتمل أن العامل محذوف؛ أي: اذكر يوم تقلب وجوههم، وكل هذا محتمل، وكل هذا هو الواقع.
وقوله: ﴿تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ﴾ أي: تُصْرَف من جهة إلى جهة كما يُقَلَّب اللحم على النار لينضج، والعياذ بالله.
وفي قوله: ﴿يَوْمَ تُقَلَّبُ﴾ ولم يقل: يوم يقلبون؛ لأن هذا الأمر يقع منهم على سبيل الكره -والعياذ بالله- وأنه ليس باختيارهم، ﴿تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ﴾.
فيه نقطة نسيتها وهي قوله: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ كيف قال ﴿فِيهَا﴾ و﴿سَعِيرًا﴾ مذكَّرٌ؟ لأن المراد بالسعير هنا سعير النار وهي مؤنثة.
قال: ﴿يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا﴾، قوله: ﴿يَقُولُونَ﴾ يحتمل أنها حال -وهو الأقرب- من الهاء في ﴿وُجُوهُهُمْ﴾ يعني: تُقَلَّب وهم يتحسرون هذا التحسر ﴿يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا﴾، ويحتمل أن تكون استئنافية حكاية الله سبحانه وتعالى عنهم ما يقولون.
﴿يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا﴾ قال المؤلف: (﴿يَا﴾ للتنبيه وليست للنداء) لأيش؟ لأن (يا) النداء لا تدخل إلا على من يصح نداؤه حقيقة أو حكمًا و(ليت) لا يصح نداؤها؛ لأنها حرف؛ لأن (ليت) للتمني، يقول المؤلف: إنها للتنبيه، وقيل: إنها نداء لمنادى محذوف يناسب المقام، يقولون: يا ربنا ليتنا أطعنا الله، والمنادى محذوف تقديره: يا ربنا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسول، فعلى الأول يكون التنبيه هنا يراد به زيادة التحسر، كأنهم ينبهون أنفسهم لهذا التمني الذي تمنوه، وعلى الثاني: يكون المنادى محذوفًا للمبادرة بذكر التمني دون ذكر من وجه الخطاب إليه، وأيًّا كان فإنه يدل على شدة تحسرهم.
وقوله: ﴿يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا﴾ هذا التمني ما يعسر حصوله أو ما يتعذر في ذلك الوقت؟ يتعذر في ذلك الوقت، هذا أشد تعذرًا من قول الشاعر:
؎أَلَا لَيْتَ الشَّبَابَ يَعُودُ يَوْمًا ∗∗∗ فَأُخْبِرَهُ بِمَا فَعَلَ الْمَشِيبُ
﴿يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا﴾ (أَطَعْنَ) نحذف الألف، ﴿أَطَعْنَا﴾ هي أصلا بالألف فنقول: ﴿أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا﴾، ولا تقل: إنه يجب أن أشير إلى الألف لئلا تشتبه النون (...)، الحمد لله هذا غلط، بل تقول: ﴿وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ [النمل ١٥] ما فيها شيء، تحذف الألف لالتقاء الساكنين هنا أيضًا نحذف الألف لالتقاء الساكنين، ولا نقول: إن حذفنا إياه يشتبه ضمير المتكلم بضمير النسوة؛ لأن السياق يدل على المعنى.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: هم ينبهون السامع على أنهم يتمنون هذا.
* الطالب: والوجه الثاني؟
* الشيخ: الوجه الثاني أنها حرف النداء، والمنادى محذوف تقديره: يا ربنا ليتنا.
* طالب: شيخ، ﴿قَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ [النمل ١٥] (...)؟
* الشيخ: إي نعم، موجودة خطًّا لكن ما يُنْطَق بها لفظًا، حتى ﴿أَطَعْنَا اللَّهَ﴾ الآن موجودة خطًّا لكن في اللفظ ما تنطق بها.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: مثل: ﴿دَعَوَا اللَّهَ﴾ [الأعراف ١٨٩] تحذف الألف.
﴿يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا﴾ ﴿الرَّسُولَا﴾ بالألف، والألف هنا للإطلاق، ومرَّ علينا في هذه السورة نظيرها، ما هو؟ ﴿وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا﴾ [الأحزاب ١٠]، وسيأتي بعدها أيضًا كلمة أخرى ﴿فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا﴾ [الأحزاب ٦٧]، فهذه ثلاث كلمات فيها ألف تُسَمَّى ألف الإطلاق، ثلاث ألفاتٍ فيها ثلاث قراءات: قراءة بإثبات الألف وصلًا ووقفًا، وقراءة بحذفها وصلًا ووقفًا، وقراءة بحذفها وصلًا وإبقائها وقفًا.
نشوف الآن: ﴿يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا (٦٦) وَقَالُوا﴾ [الأحزاب ٦٦، ٦٧] هذا على القرائتين، ﴿يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَ (٦٦) وَقَالُوا﴾ قراءة واحدة، واضح؟ ما هي بواضحة الحقيقة؛ يعني يجوز نقرؤها بالثلاثة على النشر؛ ﴿يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا﴾ ﴿يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا (٦٦) وَقَالُوا﴾ هذه قراءة؛ يعني: أنا أثبتنا الألف وصلًا ووقفًا.
القراءة الثانية: ﴿يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَ (٦٦) وَقَالُوا﴾ ﴿يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولْ﴾ ﴿وَقَالُوا﴾ هذه أيضًا القراءة الثانية؛ حذف الألف وصلًا ووقفًا.
القراءة الثالثة: ﴿يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَ (٦٦) وَقَالُوا﴾ ﴿يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا (٦٦) وَقَالُوا﴾ هذه التي تثبتها وقفًا لا وصلًا.
وقوله: ﴿أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا﴾ الرسول هنا؟
* طالب: سبعيات.
* الشيخ: سبعيات. الرسول هنا اسم جنس يشمل كل رسول، أرسل إلى هؤلاء لأن أهل النار ليسوا مختصين بأمة محمد ﷺ بل جميع الأمم، فيقصدون بالرسول واحدًا أو الجنس؟ الجنس، وبالله؟ واحدًا.
﴿أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا (٦٦) وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا﴾ [الأحزاب ٦٦، ٦٧] (﴿وَقَالُوا﴾ أي: الأتباع منهم) صح كما قال المؤلف: (الأتباع) (...) المتبوعين، ﴿رَبَّنَا﴾ يعني: يا ربنا، حرف النداء محذوف، (﴿إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا﴾ وفي قراءة) يعني: سبعية، (﴿سَادَاتَنَا﴾ جمع الجمع)، سادة جمع أيش؟ سيِّد، وسادات جمع سادة، فهي جمع الجمع، قراءتان: ﴿سَادَتَنَا﴾ و﴿سَادَاتَنَا﴾ ، وإنما جُمِعت لكثرة الأسياد في الأمم، والسيد هو ذو الشرف والقدر في قومه المقدَّم فيهم، هذا السيد.
وقوله: ﴿وَكُبَرَاءَنَا﴾ الذين فوق الأسياد كالأمراء ونحوهم، فالناس لهم أسياد مطاعون، ولهم كبراء فوق هؤلاء، فيقولون: ﴿إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا﴾ الصنفين جميعًا، وبطاعتهم ﴿فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا﴾ أي: فبسبب طاعتنا لهم أضلونا السبيلا، الضلال هنا بمعنى أيش؟ الضياع عن الصواب وعن الحق أو التيهان؛ يعني: تُهْنا السبيل، والمراد بالسبيل الطريق الذي هو طريق الله، فـ(ال) فيه هنا للعهد، العهد الذكري ولَّا الذهني؟ العهد الذهني؛ أي: السبيل المعهود الموصِّل إلى الله.
﴿رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ﴾ [الأحزاب ٦٨]، قال المؤلف: (﴿السَّبِيلَا﴾ طريق الهدى، ﴿رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ﴾ أي مثلي عذابنا)، شوف الله أكبر! كانوا في الدنيا يُجِلُّونهم ويحترمونهم ويعظمونهم ويؤثرونهم على أنفسهم، وفي الآخرة على العكس ﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (١٦٦) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا﴾ [البقرة ١٦٦، ١٦٧]، فالمتبوعون يتبرؤون.
وهؤلاء أيضًا يشتمون ويلعنون يقولون: ﴿رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ﴾، وهم بهذا الدعاء ليسوا جائرين؛ لأنهم أرادوا بالضعفين أن هؤلاء الكبراء ضلوا وأضلوا، فيكون عليهم إثمان؛ إثم الضلال بأنفسهم، وإثم الإضلال لغيرهم، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: «مَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»[[أخرجه مسلم (١٠١٧ / ٦٩) من حديث جرير بن عبد الله.]]، وقال تعالى: ﴿وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ﴾ [العنكبوت ١٣]، فدعاء هؤلاء الأتباع دعاء عدل وليس دعاء جور؛ لأن هؤلاء المتبوعين مستحقون للعذاب مرتين.
﴿رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا﴾ يقول: (﴿الْعَنْهُمْ﴾ عذِّبْهم)، لماذا فسَّر اللعنة بالعذاب؟ لأنهم في النار، فهم مطرودون عن رحمة الله، ولكن لو أن المؤلف أبقاها على ما هي عليه لكان حقًّا، ﴿الْعَنْهُمْ﴾ يعني: أبعدهم إبعادًا كبيرًا عن رحمتك حتى لا ترحمهم يومًا من الدهر. وقوله: ﴿كَبِيرًا﴾ يقول: (كثيرًا عدده، وفي قراءة بالموحدة؛ أي عظيمًا).
* طالب: (...).
* الشيخ: إي نعم، فيها قراءتان: ﴿وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَثِيرًا﴾ وهذا باعتبار الكمية، و﴿لَعْنًا كَبِيرًا﴾ باعتبار الكيفية؛ أي عظيمًا.
فإن قلت: كيف يكون فيها قراءتان والقول واحد صادر من هؤلاء، فهم إما أن يكونوا قالوا: كبيرًا، وإما أن يكونوا قالوا: كثيرًا، والله عز وجل يحكي عنهم، فما هو الجواب؟
أو ما فهمت السؤال؟ السؤال الله يحكي عن هؤلاء الكفار أنهم يقولون: ﴿الْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا﴾، وعلى القراءة الثانية ﴿كَثِيرًا﴾ ، فكيف يحكي قولين عن قائل واحد؟ يعني: هم إما قالوا: كبيرًا ولا قالوا: كثيرًا؟
* طالب: (...) أحيانًا يقولون: كبيرًا، وأحيانًا يقولون: كثيرًا، أو بعضهم يقول: كبيرًا، وبعضهم يقول: كثيرًا؟
* الشيخ: صح، الجواب أحد وجهين: إما أن بعضهم يقول: كثيرًا، والآخر يقول: كبيرًا، وإما أنهم يقولون أحيانًا: كبيرًا، وأحيانًا: كثيرًا.
فإن قلت: ألا يحتمل أن الواحد منهم يجمع بينهما في كلمة واحدة؛ بمعنى أن يقول: والعنهم لعنًا كبيرًا كثيرًا؟
الجواب لا؛ لأن الله ما حكى هذا، بل الكلمة واحدة؛ إما كبيرًا، وإما كثيرًا، ولهذا لا نجمع بين الكلمتين؛ لا في الآية هذه، ولا في قوله ﷺ حين علَّم أبا بكر: «اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا»[[متفق عليه؛ البخاري (٨٣٤)، ومسلم (٢٧٠٥ / ٤٨) من حديث أبي بكر الصديق.]]، وفي لفظ: «كَبِيرًا»[[أخرجه مسلم (٢٧٠٥ / ٤٨) من حديث أبي بكر الصديق.]]، ما نجمع بينهما، ما نقول: اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا كبيرًا، بل نقول أحد اللفظين؛ لأن السُّنة لم ترِدْ بالجمع بينهما، وكذلك هنا في القرآن؛ لا يجوز لأحد أن يقول: (والعنهم لعنًا كثيرًا كبيرًا)، هذا حرام؛ لأنه إذا قال ذلك فقد زاد في القرآن، فنقول: إما هذا، وإما هذا.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: ما يخالف؛ لأن الظاهر أن الحديث يمكن نقف على الباب اللي وقفنا عليه قبل، وعلشان نكمل السورة هذه.
* طالب: (...).
* الشيخ: يقال: ضعف، ويقال: ضعفين بمعنى واحد (...).
يقول: (﴿وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا (٦٨) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا﴾ مع نبيكم، ﴿كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى﴾ بقولهم مثلًا: ما يمنعه أن يغتسل معنا إلا أنه آدر).
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى﴾ [الأحزاب ٦٩] تقدَّم الكلام مرارًا وتكرارًا على قوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ على كونها صُدِّرت بالنداء وعلى (...) وصف الإيمان، ﴿لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى﴾ ﴿كَالَّذِينَ﴾ الكاف هنا اسم بمعنى (مثل) فهي خبر، ﴿تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى﴾ ولكنهم آذوه بدون ضرر، ما أضروا به ﴿آذَوْا﴾، وهذه الآية لها صلة بما سبق في قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾ [الأحزاب ٥٧].
وفي قوله: ﴿لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى﴾ فيها تحذير وفيها تسلية؛ أما التحذير فلمن؟ فللمؤمنين؛ لأنهم إذا آذوا نبيهم استحقوا ما استحقه من آذوا موسى، وفيها تسلية لمن؟ للرسول ﷺ بأنه إن أُوذِي فقد أُوذِي من قبله، ولهذا ثبت عنه أنه ﷺ قال: «رَحِمَ اللَّهُ أَخِي مُوسَى؛ لَقَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَصَبَرَ»[[متفق عليه؛ البخاري (٣١٥٠)، ومسلم (١٠٦٢ / ١٤٠) من حديث عبد الله بن مسعود.]].
وقوله: ﴿لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى﴾ هو موسى بن عمران عليه الصلاة والسلام أفضل أنبياء بني إسرائيل. وبماذا آذوه؟ قال المؤلف: (بقولهم مثلًا: ما يمنعه أن يغتسل معنا إلا أنه آدر) هم يؤذونه بغير هذا الكلام، ويؤذونه بالفعل أيضًا، لكن المَثَل الذي ذكره المؤلف لأنه قال مثلًا: كان موسى عليه الصلاة والسلام على ما فيه من الشدة كان حييًّا، وكان بنو إسرائيل يغتسلون عراة، ولكنه هو يغتسل وحده، ما يغتسل معهم، لا يتعرى، فقال بنو إسرائيل: ليش هذا الرجل يشذ عنا؟ هذا لولا أنه فيه آفة -برص أو أُدْرَة- ما انفرد عنا، والآدر كبير الخصيتين، فيكون هذا السبب أنه كان يغتسل وحده ما يغتسل معنا، أو فيه آفة؛ فيه برص أو غير ذلك، ولا كان يغتسل مع الناس، فأراد الله عز وجل أن يتبين لبني إسرائيل أن الرجل من أحسن خلق الله وأسلمهم، فاغتسل ذات يوم وحده ووضع ثوبه على حجر، ولما خرج ليلبسه فرَّ الحجر؛ فرَّ بثوبه، فجعل يلحقه: «ثَوْبِي حَجَرُ، ثَوْبِي حَجَرُ»، » يكلمه يخاطبه، ولكن الحجر مأمور بأمر الله عز وجل ما وقف حتى وصل مَلَأً من بني إسرائيل وموسى يمشي وراءه عريانًا، يقول: لما وصل بني إسرائيل رأوا الرجل، وإذا الرجل سليم ما فيه شيء أبدًا؛ من أحسن خلق الله وأسلمهم من العيب، وقف الحجر فأخذ ثوبه فلبسه، وجعل يضرب الحجر؛ يضربه بعصاه حتى صار فيه أثر من ضرب العصا[[متفق عليه؛ البخاري (٢٧٨)، ومسلم (٣٣٩ / ٧٥) من حديث أبي هريرة.]].
ليش يضرب الحجر؟ لأنه لما عمِل عمَل العاقل بهربه بالثوب، فاستحق تأديبَ العاقل، وإلا كان الحجر ما يستفيد، ولهذا الآن صار لنا فيه نوع من التأسي بموسى، حينما يعثر الصبي بحجر نقول: تعال، نبغي ندقه، إذا دقيت الحجر يهدأ الصبي ويقف عن البكاء، لكن بس شتَّان ما بين المسألتين، أنا أقول يعني نوع من الأصل، على كل حال أن موسى عليه الصلاة والسلام أراد الله عز وجل أن يبين لبني إسرائيل أنه ليس كما قالوا وأنه سليم، وسيأتي -إن شاء الله- في الفوائد ما في هذه القصة من الحكمة.
قال: ﴿فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا﴾ قال المؤلف: (بأن وضع ثوبه على حجر ليغتسل، ففرَّ الحجر به حتى وقف بين ملأ من بني إسرائيل، فأدركه موسى، فأخذ ثوبه فاستتر به، فرأوه لا أُدْرَة به) قال: (وهي نفخة في الخصية)، رأوا أنه سليمٌ عليه الصلاة والسلام.
﴿فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا﴾ أفادنا سبحانه وتعالى بقوله: ﴿مِمَّا قَالُوا﴾ أن الأذية التي أشار الله إليها هي قول، وقوله: ﴿مِمَّا قَالُوا﴾ (ما) اسم موصول، والعائد محذوف تقديره: مما قالوه.
قال: ﴿وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا﴾ أي ذا جاه، والجاه بمعنى القَدْر وعلو المنزلة، فكان موسى عليه الصلاة والسلام وجيهًا عند الله؛ يعني ذا قدر ومنزلة رفيعة. وهل وصف الله غيره من الأنبياء بالوجاهة؟
* طالب: عيسى.
* الشيخ: عيسى، قال: ﴿وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٤٥) وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا﴾ [آل عمران ٤٥، ٤٦] وغير؟
* طالب: عيسى.
* الشيخ: عيسى ذكرناه، فيه؟
* طالب: ﴿وَسَيِّدًا وَحَصُورًا﴾ [آل عمران ٣٩].
* الشيخ: ﴿سَيِّدًا وَحَصُورًا﴾ [آل عمران ٣٩] (وجيهًا) أنا لا أستحضر الآن لكن ما أستطيع أني أنفي، قد يكون فيه أحد، لكن إذا كان موسى وجيهًا عند الله وعيسى فمحمد عليه الصلاة والسلام أعظم جاهًا منهم؛ لأنه أفضل الرسل.
ولكن هل يلزم من الجاه أن يتوسل الإنسان بجاه النبي إلى الله؟
الجواب: لا؛ لأن جاه النبي قدْرٌ ومنزلة خاصة بالنبي ما تنتفع بجاهه؛ لأن مجرد جاه النبي عند الله لا تنفع أحدًا من الناس، ولهذا القول الراجح من أقوال أهل العلم أن التوسل بجاه النبي ﷺ محرَّم.
قال: (﴿وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا﴾ ذا جاهٍ، ومما أُوذِيَ به نبينا ﷺ أنه قسم قسمًا فقال رجل:« هذه قسمة ما أريد بها وجه الله»[[متفق عليه؛ البخاري (٣١٥٠)، ومسلم (١٠٦٢ / ١٤٠) من حديث عبد الله بن مسعود.]] )، وهذا من أعظم ما يكون من السبِّ، لكن سبُّ النبي ﷺ حقٌّ له؛ إذا عفا عنه وأسقطه فله الحق، ولا أحد يتهم الرسول عليه الصلاة والسلام بأنه ما أراد بها وجه الله، هذا ما أحد يقول هذا، وإن قاله بعض الناس غِيرةً، كما قاله بعض من قاله من الأنصار حين قسم النبي ﷺ غنائم حنين قالوا: إن الرجل وجد قومه، وأراد أن يغدق عليهم المال، ونحن قاتلنا وفعلنا ولم يعطنا شيئًا. لكن الذي قاله شبان من الأنصار، ما لهم قيمة بالنسبة للكبار منهم، ومع ذلك الرسول عليه الصلاة والسلام خطب بهم -كما تعرفون- تلك الخطبة العظيمة التي بيَّن فيها فضلهم، وبيَّن الحكمة من إعطاء هؤلاء القوم دونهم، وأنه يعطي هؤلاء ليتألفهم على الإسلام ويقوى إيمانهم أو ينكف شرهم، أما الأنصار فليسوا بحاجة إلى ذلك؛ لأن الناس يذهبون بالشاة والبعير، وهم يذهبون بمن؟ برسول الله ﷺ، وشتان ما بين هذا وهذا، حتى قال لهم: «لَوْ أَنَّ النَّاسَ سَلَكُوا شِعْبًا أَوْ وَادِيًا وَسَلَكَ الْأَنْصَارُ شِعْبًا أَوْ وَادِيًا لَسَلَكْتُ شِعْبَ الْأَنْصَارِ»، » وقال لهم: «الْأَنْصَارُ شِعَارٌ وَالنَّاسُ دِثَارٌ»، » وقال لهم: «لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَءًا مِنَ الْأَنْصَارِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٤٣٣٠)، ومسلم (١٠٦١ / ١٣٩) من حديث عبد الله بن زيد بن عاصم.]]. كل هذا أقنعهم ولَّا لا؟ أقنعهم، حتى جعلوا يبكون حتى أخضبوا لحاهم بالبكاء رضي الله عنهم؛ لأن هذا الحقيقة يساوي الدنيا كلها، ومثلما قال (...) اللي يذهب بالشاة والبعير واللي يذهب برسول الله، فرق عظيم بينهم.
فهذا فيه حكمة من الله عز وجل؛ أن الله قد يقدِّر للإنسان ما يكرهه ليكون بعد ذلك ما يحبه، فموسى ﷺ كَرِهَ أن يفرَّ الحجر بثوبه بلا شك، ولكن صار فيه حكمة عظيمة؛ أن ما يتكلم به بنو إسرائيل من الكلام والاتهام كله زال.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: نعم، المناسبة، لهذا سيأتينا -إن شاء الله- في الفوائد أنه بيان؛ أنه عليه الصلاة والسلام مع كونه مبرَّأ مما يقولون مما أوذي فهو ذو منزلة عالية عند الله.
ثم قال: ﴿يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ﴾ [الأحزاب ٦٣].
* من فوائد هذه الآية الكريمة: أن الناس ما زالوا يتساءلون عن الساعة.
* ويتفرع من تلك الفائدة فائدة أخرى؛ وهي: أن شأن الساعة عظيم؛ لأنه إنما يكثر التساؤل عن أمور العظيمة دون الأمور التافهة.
* ومن فوائدها: أن النبي ﷺ لا يعلم الغيب، ولو كان يعلم الغيب لعلم متى تكون الساعة.
* ومن فوائدها: أن علم الساعة عند الله لا يعلمه أحد؛ لقوله: ﴿قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ﴾، وهذا حصرٌ.
* ومن فوائدها: أن الساعة قريب؛ لقوله: ﴿وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا﴾. ويدل لقربها أن النبي ﷺ كان آخر الأنبياء، وقد ثبت عنه ﷺ أنه قال: «بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ»[[متفق عليه؛ البخاري (٦٥٠٤)، ومسلم (٢٩٥١ / ١٣٣) من حديث أنس بن مالك.]] وأشار بالسبابة والتي تليها؛ يعني أننا مقترنان، أو أنه ليس بيني وبين الساعة إلا كما بين الأصبع الوسطى والسبابة في القُرْب.
* ومن فوائدها: لأن الله خاطب نبيه بقوله: ﴿وَمَا يُدْرِيكَ﴾، وهو دليل على أن الرسول عليه الصلاة والسلام بشرٌ كغيره من البشر، يُخاطَب بما يُخاطَب به البشر، فلا يقال: كيف يخاطب الله نبيه ويقول: ﴿مَا يُدْرِيكَ﴾؟ لو خاطبت إنسانًا وقلت: ويش يدريك عن الأمور هذه أو عن هذا الأمر لعُدَّ ذلك من باب أيش؟ التنقيص أو التنقُّصِ، ولكن الله عز وجل يخاطب نبيه بما هو أهله.
ثم قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا﴾ [الأحزاب ٦٤] إلى آخره.
* من فوائد الآية: أن الله تعالى لعن الكافرين وأبعدهم وطردهم عن رحمته.
* ومن فوائدها: التحذير من الكفر؛ لأنه سبب لِلَّعْنَةِ.
* ومن فوائدها: إثبات العلل والأسباب. من أين يؤخذ؟ من قوله: ﴿الْكَافِرِينَ﴾؛ لأن الكافرين وصفٌ عُلِّق به اللعن، فهو ربط لِلَّعن بالكفر، فيكون في هذا إثبات العلل والأسباب، وهذا كثير.
* ومن فوائدها: الرد على الجهمية الذين يقولون: إن الله عز وجل يفعل الأشياء لا لحكمة بل لمجرد المشيئة.
* ومن فوائدها: إثبات وجود النار؛ لقوله: ﴿وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا﴾.
* ومن فوائدها: عظم النار؛ لأن السعير إنما يقال للنار العظيمة المسعَّرة، وهذا أمر ثبت في عدة آيات وأحاديث.
* ومن فوائد الآية: تأبيد الخلود الكافرين في النار؛ لقوله: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾.
وفيها ردٌّ على من قال بفناء النار، والذين قالوا بفناء النار طائفة من السلف والخلف لكن قولهم ضعيف، أما أبدية النار فقد أجمع عليها السلف وأهل السنة ولم يخالف في ذلك إلا طائفة من المعتزلة الذين يمنعون تأبيد أفعال الله، ويقولون: إن التسلسل في الأبد ممتنع، كما يرون أن التسلسل في الأزل أيضًا ممتنع.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن هؤلاء المعذَّبين في النار لن يجدوا أحدًا يتولاهم بدفع العذاب عنهم ولا بمنعه قبل أن ينزل بهم؛ لقوله: ﴿لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا﴾، الولي الذي يتولاهم ويحميهم ويحفظهم من أن ينالهم سوء، والنصير هو الذي يدفع عنهم البلاء بعد نزوله.
ثم قال: ﴿يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ﴾ [الأحزاب ٦٦] إلى آخره.
* يستفاد من هذه الآية: شدة عذاب الكافرين -والعياذ بالله- في النار؛ حيث إنه ذكر التعذيب على الوجه الذي يكون تعذيبه أعظم إهانة من بقية البدن، ولأن الوجه يحس بالألم أكثر مما يحس غيره من الأعضاء الظاهرة، ولأن الوجه هو شرف الإنسان وظاهرته، فإذا وقع التعذيب عليه صار هذا أشد في الألم النفسي؛ لقوله: ﴿يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ﴾.
* ومن فوائد الآية: أن هذا التقليب بغير اختيار منهم؛ لقوله: ﴿تُقَلَّبُ﴾، فهم يُقَلَّبون فيها -والعياذ بالله- كما تُقَلَّب اللحم على النار لِشَيِّها.
* ومن فوائد الآية الكريمة: ظهور التحسر من أولئك الكافرين حين عذابهم؛ لقوله: ﴿يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا﴾ ولكن هذا أمر فات أوانه.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن طاعة الله ورسوله سبب للنجاة من النار؛ لأنهم لم يتمنوا شيئًا سوى طاعة الله ورسوله التي ينجون بها من هذا العذاب.
ثم قال تعالى: ﴿وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا﴾ [الأحزاب ٦٧].
* في هذه الآية دليل على اعترافهم بأنهم مقلِّدون وليسوا متبوعين؛ لقوله: ﴿رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا﴾.
* ومن فوائدها: أن التقليد لا يغني من العذاب؛ يعني حتى لو كان هناك كبراء وزعماء وبُيِّن لهم الحق، فإذا خالفوه لأجل الموافقة لزعمائهم فإن ذلك لا ينجيهم من العذاب.
* ومن فوائدها: تحريم تقليد العالم إذا تبيَّن النص. من أين يؤخذ؟ من أن الله عذَّب هؤلاء على تقليد كبرائهم وزعمائهم في مخالفة الحق، فإذا تبين لك الحق لا تقل: والله قال العالم الفلاني، وقال الإمام الفلاني، فتكون مشابهًا لمن؟ لأهل النار الذين قالوا: ﴿إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا﴾.
* ومن فوائدها: جواز نسبة الشيء إلى سببه؛ لقوله: ﴿فَأَضَلُّونَا﴾، مع أن الذي يضل ويهدي حقيقةً هو الله عز وجل، لكن هؤلاء الكبراء صاروا سببًا للإضلال فنُسِب الإضلال إليهم.
* ومن فوائدها: الرد على القدرية في قولهم: ﴿أَطَعْنَا﴾ وقولهم: ﴿أَضَلُّونَا السَّبِيلَا﴾.
* ومن فوائدها: أن موالاتهم لهؤلاء الكبراء والسادة ستنقلب يوم القيامة عداوة؛ لقولهم: ﴿رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا﴾.
* ومن فوائدها: تحذير من حول ولاة الأمور، الولاة سواء كانوا وزراء أو مدراء أو أكبر من ذلك تحذير من كان حولهم أن يتبعهم في معصية الله، وأنه سيأتي اليوم الذي يندم فيه ويتبرَّأ ويدعو عليهم بمثل هذا الدعاء.
* ومن فوائدها: أن السادة والكبراء المضلين لا ينفعون أتباعهم يوم القيامة وجهه؛ لقوله: ﴿لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا﴾، ولأنهم دعوا على هؤلاء وقالوا: ﴿رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ﴾، ولو كانوا ينفعونهم ما دعوا عليهم.
* ومن فوائد الآية الكريمة: التحذير من جلساء السوء. ما وجهه؟ قوله: ﴿فَأَضَلُّونَا﴾، وأن كل إنسان ترى أنه سيضلك عن سبيل الله فالواجب عليك البعد عنه، وقد قال الله عز وجل مُخْبِرًا عن هذه الحالة: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (٢٧) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا﴾ [الفرقان ٢٧، ٢٨]، فلانًا هذا ما هو من الكبراء والسادة، أي فلان، ﴿يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (٢٨) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي﴾ [الفرقان ٢٨، ٢٩] وهذه هي النقطة، فيكون قوله هنا: ﴿فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا﴾؛ يعني: بعد أن جاءهم الذكر وتبين لهم الحق تابعوا هؤلاء، فصارت عليهم هذه العقوبة.
* ومن فوائد الآية الكريمة: أن الدار الآخرة لا ينقطع فيها التكليف انقطاعًا تامًّا؛ لأن الله أثبت أن هؤلاء يدعون الله، والدعاء نوع من العبادة، ما نقول: إن الآخرة ما فيها لا دعاء ولا فيها سجود ولا فيها عمل، فيها لكنها ليست كالدنيا، وإلا فإن الله عز وجل يقول في سورة (ن): ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ﴾ [القلم ٤٢]، هذا تكليف ﴿خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ﴾ [القلم ٤٣].
* ومن فوائد الآية الكريمة: بيان شدة بغض هؤلاء الأتباع للمتبوعين؛ لأنهم دعوا أن الله يضاعف عليهم العذاب ويلعنهم أيضًا، وليس لعنًا قليلًا بل كثيرًا وكبيرًا أيضًا ﴿وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا﴾ [الأحزاب ٦٨].
وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى﴾ [الأحزاب ٦٩] إلى آخره.
* يستفاد من الآية الكريمة: تحريم أذية الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لقوله: ﴿لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى﴾، ويُقْصَد بالنهي التحريم، وقد سبق أن أذية الرسول من كبائر الذنوب؛ لقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾ [الأحزاب ٥٧].
* ومن فوائد الآية الكريمة: عناية الله تعالى برسوله؛ حيث يضرب له الأمثال بمن سبقه من الرسل لأجل التسلية وتهوين الأمر عليه، وأن هذا أمر قد سبقك، وهذا كثير في القرآن؛ ﴿وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا﴾ [الأنعام ٣٤].
* ومنها: تحذير المؤمنين أن يصيبهم ما أصاب من سبقهم حين تجرَّؤا على رسل الله؛ لقوله: ﴿لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى﴾.
* ومن فوائد الآية الكريمة: عناية الله تعالى برسله؛ لقوله: ﴿فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا﴾.
* ومن فوائدها: أن التبرئة تكون بالقول وتكون بالفعل؛ تكون بالقول مثل قوله تعالى لرسوله عليه الصلاة والسلام: ﴿مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ﴾ [القلم ٢]، فنفى عنه الجنون الذي رماه به أعداؤه ﴿فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ﴾ [الطور ٢٩]، هذه التبرئة بأيش؟ التبرئة بماذا؛ بالفعل ولَّا بالقول؟ بالقول، التبرئة بالفعل كما جرى لموسى عليه الصلاة والسلام؛ فإن الله تعالى ما قال لبني إسرائيل: إنه ليس بآدر، لكنه هيأ له هذا الأمر الواقع الذي يكون تبرئة من الله عز وجل لرسوله بماذا؟ بالفعل.
* ومن فوائد الآية الكريمة: فضيلة موسى؛ حيث برَّأه الله مما عِيبَ عليه، هذا من وجه، وحيث قال فيه: ﴿وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا﴾.
* ومن فوائد الآية: الإشارة إلى أن العبرة بوجاهة الإنسان عند الله لا عند الخلق؛ لأنه قال: ﴿وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا﴾، فقدَّم ﴿عِنْدَ﴾ على قوله: ﴿وَجِيهًا﴾ إشارةً إلى أن المهم أن تكون وجيهًا عند الله.
وبماذا يكون الإنسان وجيهًا عند الله؟ يكون وجيهًا عند الله تعالى بعبادته، كلما كان الإنسان أعبد لله تعالى وأطوع له كان عند الله أوجه. ودليل ذلك قوله تعالى: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات ١٣]، فكل من كان اتقى فهو أكرم عند الله وأرفع منزلة.
* طالب: (...) الرسول ﷺ هذا بالفعل ولَّا بالقول؟
* الشيخ: لا، هذه شهادة بالفعل؛ لأن الله ما أنزل قرآنًا وقال: إن الرسول صادق لكنه رُفِع له بيت المقدس حتى شاهده.
* طالب: بالنسبة لقراءة: ﴿وَكَانَ عَبْدَ اللَّهِ وَجِيهًا﴾ ؟
* الشيخ: هذه قراءة شاذة.
* الطالب: وإذا كان يحتج بها على نفي العندية، ماذا يقال لهم؟
* الشيخ: يقال: هذه شاذة، هذه متواترة، تلقَّاها المسلمون من الرسول إلى يومنا، وأما تلك فشاذةٌ.
* الطالب: والكلام على العندية في هذه الآية والقُرب من الله عز وجل؟
* الشيخ: نرد عليهم بالآيات الكثيرة وبالأحاديث أيضًا، وهو إثبات القُرب لله عز وجل، ولكنه لا يلزم من القرب الحلول؛ يعني إذا قال: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ﴾ [البقرة ١٨٦] لا يلزم من ذلك أن يكون قريبًا عندك في مكانك، لكنه قريب وإن كان عاليًا؛ لأن الله ليس كمثله شيء.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: يعني: تطبيق مدلول قوله تعالى: ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [البقرة ٢١٦]، بس هذه بحيث إنها ما ذكرت في القرآن ما جعلناها فائدة، وإلا هي فائدة عظيمة؛ أن الإنسان قد يكره الشيء وهو خير له.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: ما قدمها؛ لأنه قال: (وفي قراءة).
* الطالب: في السياق؟
* الشيخ: إي؛ لأنه هو رحمه الله فسَّر على هذه القراءة؛ لأن المصحف اللي عنده على هذه القراءة.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: لا.
* طالب: قوله تعالى: ﴿وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا﴾ [الأحزاب ٦٢] (...) أن الله سبحانه وتعالى قد يغير سنته في خلقه؟
* الشيخ: لا، يقول: ﴿لَنْ تَجِدَ﴾ هذا نفي.
* الطالب: (...)؟
* الشيخ: إي نعم؛ لأنه ما قال: (ولن تجد الله مبدِّلًا) مثلًا، كما قال في الآية الأخرى: ﴿لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ﴾ [الأنعام ١١٥].
* طالب: (...)؟
* الشيخ: أبدًا، مربوطة بأسبابها.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: لا.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: أبدًا ما تختلف، بأسبابها؛ إذا اختلف السبب اختلفت السنة، أما إذا كانت السبب واحدًا ما يمكن تختلف.
* طالب: لماذا لا نقول في قوله: ﴿وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا﴾ (...) تحقق الوقوع؟
* الشيخ: هذا خلاف الأصل، وقد ثبت وجود النار، إحنا ما نلجأ إلى أنه أتى بالماضي عن المستقبل لتحقق وقوعه إلا في شيء يقين أنه ما أتى، مثل: ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ [النحل ١]، فقوله: ﴿فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ معناه أنه ما وقع الآن.
* طالب: (...) الرد على (...) ﴿وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا﴾ [الأحزاب ٦٢] (...) يعتمد على (...) الكرامات من الله سبحانه وتعالى (...)؟
* الشيخ: والله ما أدري، هذه الظاهر أنها فائدة عرجاء، شوف الأعرج إن كان له كرامة يمكن نقبلها منك.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: لا؛ لأنه جاه معنوي، الوجاهة أمر معنوي، فيكون القرب هنا قربًا معنويًّا، لكن القرب الحسي مثل قوله (...): ﴿الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ﴾ [الأعراف ٢٠٦].
* طالب: (...)؟
* الشيخ: في الآية هذه؟ لا (...)؛ لأن الوجاهة معنوي.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: إي، حسي نعم، مفيش شك أن القريب من الله من الملائكة اللي حملة العرش أقرب من غيرهم.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: ما هي (...)، ما دام هي موجودة ما (...).
{"ayahs_start":62,"ayahs":["سُنَّةَ ٱللَّهِ فِی ٱلَّذِینَ خَلَوۡا۟ مِن قَبۡلُۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبۡدِیلࣰا","یَسۡـَٔلُكَ ٱلنَّاسُ عَنِ ٱلسَّاعَةِۖ قُلۡ إِنَّمَا عِلۡمُهَا عِندَ ٱللَّهِۚ وَمَا یُدۡرِیكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ تَكُونُ قَرِیبًا","إِنَّ ٱللَّهَ لَعَنَ ٱلۡكَـٰفِرِینَ وَأَعَدَّ لَهُمۡ سَعِیرًا","خَـٰلِدِینَ فِیهَاۤ أَبَدࣰاۖ لَّا یَجِدُونَ وَلِیࣰّا وَلَا نَصِیرࣰا","یَوۡمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمۡ فِی ٱلنَّارِ یَقُولُونَ یَـٰلَیۡتَنَاۤ أَطَعۡنَا ٱللَّهَ وَأَطَعۡنَا ٱلرَّسُولَا۠","وَقَالُوا۟ رَبَّنَاۤ إِنَّاۤ أَطَعۡنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاۤءَنَا فَأَضَلُّونَا ٱلسَّبِیلَا۠","رَبَّنَاۤ ءَاتِهِمۡ ضِعۡفَیۡنِ مِنَ ٱلۡعَذَابِ وَٱلۡعَنۡهُمۡ لَعۡنࣰا كَبِیرࣰا","یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَكُونُوا۟ كَٱلَّذِینَ ءَاذَوۡا۟ مُوسَىٰ فَبَرَّأَهُ ٱللَّهُ مِمَّا قَالُوا۟ۚ وَكَانَ عِندَ ٱللَّهِ وَجِیهࣰا"],"ayah":"یَوۡمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمۡ فِی ٱلنَّارِ یَقُولُونَ یَـٰلَیۡتَنَاۤ أَطَعۡنَا ٱللَّهَ وَأَطَعۡنَا ٱلرَّسُولَا۠"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق