الباحث القرآني
الطالب: ﴿قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ (١١) قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (١٢) وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ (١٣) وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (١٤) قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ﴾ [الشعراء ١١ - ١٥].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [الشعراء ١٠] في القرآن الكريم يُكْثِر الله تبارك وتعالى من ذكر قصة موسى، وما جرى له مع فرعون، ومع بني إسرائيل؛ وذلك ليستعدَّ النبيُّ ﷺ لليهود الذين في المدينة حتى يعرف من أمرهم ما لم يكن معروفًا عنده؛ ولهذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام إذا بَعَث أحدًا أخبره بحالِ المبعوثِ له، كما قال لمعاذ: «إِنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ»[[متفق عليه؛ البخاري (١٤٩٦)، ومسلم (١٩ / ٢٩) من حديث ابن عباس.]] ليستعد لهم.
وقد كرر الله تعالى قصة موسى مختصرة، ومبسوطة لهذا الغرض لُيبيِّن حال هؤلاء اليهود الذين هم (...)، أو الذين هم من سكان دار الهجرة.
وفي درس أمس بيَّن اللهُ تبارك وتعالى أنَّ المكذبين للرسول عليه الصلاة والسلام ﴿مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ﴾ [الأنبياء ٢].
وسبق البحثُ في قوله: ﴿مُحْدَثٍ﴾، ما المراد بذلك؟ يعني: قيل: المراد بـ(محدث) أي: إنزاله، أو محدث هو أي: الذكر، وأيهما أرجح ؟
* الطالب: الأرجح أنه الذكر.
* الشيخ: الجواب الثاني.
* الطالب: الجواب الثاني؛ لأنه إذا قلنا: إنه مُحدَث إنزاله (...)، قوله: وما يأتيهم (...).
* الشيخ: (...) بيان على إحداث النزول.
وأيضًا إنه لو كان الثالث لكان النعت سببيًّا؛ يعني: الموصوف به غير (...)، والأصلُ خلافُ ذلك، الأصل أن يكون النعتُ حقيقيًّا، (...)، بل لما يتصل به، والأمرُ ليس كذلك.
تقدَّم أن المراد بالأنباء هنا العاقبة؛ لأنهم أُنْبِئوا بها، فالمراد بإتيان النَّبأ إتيانُ المنبأ به، وهو العاقبة.
وسبق أيضًا أن الله تعالى..
تقدم أن المراد بالأنباء هنا العاقبة؛ لأنهم أنبؤوا بها، فالمراد بإتيان النبأ إتيان المنبأ به، وهو العاقبة، وسبق أيضًا أن الله تعالى أراد أن يبين تمام قدرته، حيث أشار إلى ما أنبت في هذه الأرض من الأصناف والأنواع الحسنة البهيجة، وأن في ذلك آية، لكن لمن كان مؤمنًا ﴿وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ والآية هي بنفسها آية، ولكنه لا ينتفع بها إلا المؤمن، فإذا لم ينتفع بها أحد ما صارت بالنسبة إليه آية.
ولهذا قيدها ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [الشعراء ٨] أي: لا ينتفعون بها، ثم ختم الآية بذكر عزته ورحمته ليجمع بين الترغيب والترهيب، الترهيب بالعزة، والترغيب بالرحمة، ثم بدأ الله تعالى بذكر قصص الأنبياء، مقدمًا ذكر قصة موسى؛ لطولها، ولأهميتها بالنسبة للنبي ﷺ.
وقال: ﴿وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [الشعراء ١٠] إذ: هذه ظرف، عاملها محذوف، التقدير ما قدره المؤلف، (﴿وَ﴾ اذكر يا محمد لقومك ﴿إذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى﴾ ليلة رأى النار والشجرة) إلى آخره.
﴿إِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى﴾ ناداه؛ أي: دعاه بصوت مرتفع؛ لأن النداء لا يكون إلا بصوت عالٍ، وقوله تعالى: ﴿وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا﴾ [مريم ٥٢] فالنداء يكون للبعيد، ويلزم أن يكون بصوت عالٍ، وأما المناجاة فهي للقريب.
﴿وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى﴾ هو ابن عمران عليه الصلاة والسلام، وقوله: ﴿رَبُّكَ﴾، الإضافة هنا للتخصيص، وليس للتخصيص أنه ليس رب غيرك، ولكنها ربوبية خاصة؛ لأن ربوبية الله نوعان، كما أن عبوديته نوعان.
﴿رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ﴾، ﴿أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ﴾ (أن) هذه تفسيرية؛ لأنه سبقها معنى القول دون حروفه، وأن إذا سُبقت بمعنى القول دون حروفه تُسمى تفسيرية، ﴿أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ﴾، ومثلها ﴿فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ﴾ [المؤمنون ٢٧] فإن الوحي فيه بمعنى القول دون حروفه، فيعربون مثل هذه بأنها تفسيرية، ولهذا قال الشارح أو المفسر: (أي بأن ﴿ائْتِ﴾ ).
وقول المؤلف: (ليلة رأى النار، والشجرة) ليلة رأى النار صحيحة ﴿إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا﴾ [طه ١٠]، وكذلك الشجرة، ولكنه التزم بأنه رآها فيه نظر؛ لأن سورة القصص ما تدل على أنه رآها، ويش لفظ الآية؟
* طالب: ﴿فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ﴾ [القصص ٣٠].
* الشيخ: ﴿مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾، ﴿قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (٢٩) فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ﴾ [القصص ٢٩، ٣٠] فلا يتبين من القرآن أنه رأى الشجرة، إنما يتبين أن الصوت سمعه من قبل الشجرة.
(﴿أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ رسولًا) لأنه ليس المراد أنه يأتيهم فقط، بل يأتيهم بالرسالة، و﴿الْقَوْمَ﴾ الجماعة، و﴿الظَّالِمِينَ﴾ سيأتي في كلام المؤلف معنى الظلم هنا.
(﴿قَوْمَ فِرْعَوْنَ﴾ معه، ظلموا أنفسهم بالكفر بالله، وبني إسرائيل باستعبادهم) من الظالمين المعتدين الناقصين حق الله، وحق العباد، أما حق الله فإنهم كفروا به وأشركوا به، وقد قال الله تعالى: ﴿إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لقمان ١٣] وأما حق الإنسان فقد استعبدوا بني إسرائيل، وصاروا يذبحون أبناءهم ويستحيون نساءهم.
وفي قوله: ﴿أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٠) قَوْمَ فِرْعَوْنَ﴾ [الشعراء ١٠، ١١] تخصيص بعد تعميم، أو بيان بعد إجمال؛ لأن القوم الظالمين مبهم، لكن قوم فرعون مبين، وفائدة الإبهام، ثم البيان بعده التأكيد من وجه، وبيان الاهتمام به من وجه آخر، وتلقي السمع له بالقبول من وجه ثالث.
أما التأكيد؛ فلأنه كُرر مرتين، مرة مجملًا، ومرة مبينًا، وهذا التأكيد، وأما الاهتمام به؛ فلأن ذكره مؤكدًا دليل على أنه مهتم به، وأما تلقي السمع له بالقبول؛ فلأنه إذا جاء اللفظ مجملًا بقي الذهن يدور، ما هذا؟ ومن هؤلاء؟ مثلًا، فإذا أتى البيان إليه بعد ذلك أتى إلى ذهن متشوق حريص على معرفة هذا المبهم فيتلقاه بالقبول أكثر؛ لأنه متشوق إليه ومتطلع إليه، فهذه فوائد البيان بعد الإجمال.
وفي وصفهم بالظلم قبل بيانهم؛ أي: في هذه الآية إشارة إلى عظم أمرهم حيث قدم الوصف على الموصوف في الحقيقة؛ لأنه عندما يُقال: ﴿أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ يتصور الإنسان ويعرف أنهم ظلمة، فإذا جاء بيانهم جاء بعد الحكم عليهم بهذا الوصف مما يدل على قبح ما هم عليه من هذا الأمر ﴿أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾.
(﴿قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا﴾ الهمزة للاستفهام الإنكاري ﴿يَتَّقُونَ﴾ الله بطاعته فيوحدونه).
قوله: ﴿أَلَا يَتَّقُونَ﴾ يحتمل أنه من المرسل به؛ يعني قل لهم: ﴿أَلَا يَتَّقُونَ﴾، ويحتمل أنه من كلام الله سبحانه وتعالى لموسى؛ ليبين له حالهم، وأنهم متجنبون للتقوى، وأن الأليق بهم أن يتقوا الله سبحانه وتعالى.
وقوله: ﴿أَلَا﴾ الهمزة للاستفهام الإنكاري، مقتضى كلامه أن نقول: الهمزة للاستفهام، و(لا) نافية؛ يعني: أهم لا يتقون، وأنه لا يصح أن نجعلها للعرض: ألا تنزل عندنا فتصيب خيرًا؟ ويكون المقصود بقوله: ﴿أَلَا يَتَّقُونَ﴾ عرض التقوى عليهم مع أنها (...).
* طالب: (...).
* الشيخ: لا، عرضها عليهم.
* الطالب: (...).
* الشيخ: (...).
* الطالب: (...).
* الشيخ: فالمهم إنها على كلام المؤلف تعرب الهمزة وحدها و(لا) وحدها، وتكون الهمزة للاستفهام و(لا) نافية، وعلى الاحتمال الذي ذكرنا أن تكون بالعرض؛ يعني: أعرض عليهم التقوى ملزمًا لهم بها، وسبق أن المراد بالتقوى اتخاذ الوقاية من عذاب الله.
* طالب: (...).
* الشيخ: نعم، تحتمل، ولا يتنافى المعنيان.
* طالب: المؤلف ماذا يريد؟
* الشيخ: المؤلف يريد الهمزة وحدها، و(لا) نافية، الهمزة للاستفهام، و(لا) نافية؛ يعني أهم لا يتقون.
ثم قال: (﴿قَالَ﴾ موسى ﴿رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ﴾ ) هذا جواب موسى عليه الصلاة والسلام لله مبينًا له حاله، حتى يكون الأمر لديه -أي: لدى موسى- واضحًا فينشط ويقوى، وليس المراد بهذا معارضة أمر الله، فإن موسى لم يعارض أمر الله عز وجل، ولكن يريد أن يستبين الأمر؛ ماذا تكون حاله مع فرعون وقد اتصف بهذه الصفات، وهي الخوف ﴿إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ﴾ (أن) هذه مصدرية؛ يعني: أخاف تكذيبهم إياي، والمراد بالخوف هنا (...)؛ يعني: إني أتوقع ذلك ﴿أَنْ يُكَذِّبُونِ﴾؛ لأنه عليه الصلاة والسلام يعلم منهم هذا الأمر وعتوهم واستكبارهم والتزامهم بعبادة فرعون.
وقوله: (﴿وَيَضِيقُ صَدْرِي﴾ من تكذيبهم لي) فيه إشكال؛ حيث رُفِع مع أنه يلي المنصوب ﴿أَنْ يُكَذِّبُونِ﴾ لأن (أن) هذه مصدرية، و(يكذبونِ) منصوبة بها بحذف النون، والنون الموجودة للوقاية، وأصلها: يكذبونني، ثم حُذفت النون الأولى للناصب، وحذفت الياء للتخفيف، لكن ﴿وَيَضِيقُ صَدْرِي﴾ لم يقل: ويضيقَ صدري.
* طالب: (...).
* الشيخ: (...).
* الطالب: (...) الاختلاف؛ يعني (...).
* الشيخ: هنا يخافهم، ويقول: أنا أخاف يكذبوني، وأخاف يضيق صدري ولا ينطلق لساني.
* طالب: (...).
* الشيخ: إذن معناه أنه: أخاف أن يكذبونِ، وأخاف أن يضيق صدري بتكذيبهم.
* الطالب: (...).
* الشيخ: ناسخ، معطوفة على أخاف ﴿إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ﴾ وإني يضيق صدري بتكذيبهم، ولا ينطلق لساني، إلى آخره.
* طالب: (...).
* الشيخ: ما يخالف؛ يعني لأن يكذبوني، هذه ما تعدو أن تكون مفعولًا فقط، مفعولًا به مثل: ضربت زيدًا وأكرمته.
وقوله: (﴿وَيَضِيقُ صَدْرِي﴾ من تكذبيهم لي)، ضيق الصدر: عدم انشراحه وانبساطه، وهذا أمر فطري؛ أن الإنسان إذا خولف فسوف يضيق صدره كما كان الرسول عليه الصلاة والسلام يضيق صدره، ولكن الله تعالى يسلي رسله بأن لا تضيق صدورهم، ولا يحزنوا على هؤلاء المكذبين؛ لأن لهم يومًا يحاسبهم الله تعالى فيه، والرسل مبلغون فقط.
﴿وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي﴾ يقولون: إن ضيق الصدر من أسباب حدوث الضغط، ولهذا ينصحون المصابين بالضغط ينصحونهم أن يتجنبوا الغضب وما يحزنهم ويضيِّق صدورهم؛ لأن هذا في الحقيقة هو الواقع؛ لأن الضغط يستلزم ضيق الصدر، وضيق التنفس، وضيق الأرض على الإنسان، فإذا عَرَّض نفسه لما (...) ذلك ازداد عليه الضغط، فإذا عود نفسه الانبساط، والانشراح وعدم الاكتراث بالنوازل، فإنه يحصل خيرًا كثيرًا، ويبقى دائمًا في سرور، لا سيما إذا كان محتسبًا ومؤمنًا بالقدر.
قال: (﴿وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي﴾ بأداء الرسالة للعقدة التي فيه)، وهذه العقدة هي معنوية ولّا حسية؟
* طالب: معنوية (...).
* الشيخ: لا، (...) الجمرة هذه باطلة، قصة إسرائيلية ما هي مقبولة، لكنها يحتمل أن تكون معنوية، بمعنى أنه لا يستطيع التعبير بانطلاق وفصاحة؛ لقوله: ﴿وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (٢٧) يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾ [طه ٢٧، ٢٨]، وقول فرعون في وصفه: ﴿وَلَا يَكَادُ يُبِينُ﴾ [الزخرف ٥٢] ويحتمل -وهو أقرب- أن فيه لكنة، إما سرعة في القول بالنطق بالحروف، بحيث تتتابع الحروف حتى لا تفهم؛ لأن من الناس من يكون كذلك، ما في لسانه عقدة حسية، لكنه تترادف الحروف في كلامه بحيث لا تدري ما يقول؛ أو لأنه فيه لكنة لا تتبين الحروف من كلامه، وكل هذا محتمل؛ إنما يدل على أن هذه العقدة ليست كما ذكر من الجمرة؛ لأنها أثر حسي يمنعه من الكلام فهي أثر خلقي؛ يعني بأصل الخلقة، ويحتمل أنها من جهة البيان؛ يعني ليس فصيحًا في خطابه، وبيانه وإقناعه لكن الأول أولى؛ أي أنها عقده معنوية، وذلك بصفة الكلام، بحيث لا تتبين الحروف من كلامه إما لعجلته، وإما للثغته أو غير ذلك.
(﴿وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى﴾ أخي ﴿هَارُونَ﴾ معي)، أرسل إليه؛ يعني ابعث له بالرسالة حتى يكون مُعينًا، ووزيرًا له، وقد قيل: إنه لا يوجد أحد أشد منه على أخيه من موسى على أخيه هارون؛ لأنه تسبب بأن يكون في المقام الأعلى من مقامات بني آدم الذين أنعم الله عليهم، وهي الرسالة، حيث قال: ﴿فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ﴾.
ثم بَيَّن مانعًا آخر غير التكذيب، فقال: (﴿وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ﴾ بقتل القبطي منهم ﴿فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ﴾ ) هذا خوف آخر ناتج عن معاملته معهم، والأول خوف يتعلق بالرسالة، وهذا خوف يتعلق بالمعاملة معهم، ولهذا في الأول قال: ﴿أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ﴾ ما قال: أن يقتلون، ولا كان يتصور أن يُقْتَلَ إذا جاء بالرسالة، ولهذا قال في الثاني: ﴿وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ﴾ بأي شيء؟ مثلما قال المؤلف: (بقتل القبطي منهم).
وقصته مشهورة في سورة القصص، حيث إنه عليه الصلاة والسلام كان رجلًا قويًّا وشديدًا، فخرج ذات يوم، فوجد في المدينة رجلين يقتتلان، أحدهما من شيعته من بني إسرائيل، والثاني من عدوه الأقباط، فاستنجد به الإسرائيلي فوكز موسى القبطي حتى مات، وفي اليوم الثاني خرج، ووجد صاحبه الإسرائيلي مع رجل آخر، فقال له موسى: ﴿إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ﴾ [القصص ١٨]، وأراد أن يبطش بالعدو، فظن الإسرائيلي أنه يريد أن يبطش به؛ لأنه وبخه، وقال: ﴿إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ﴾ فلما تهيأ للبطش ظن أنه سيبطش به فقال الإسرائيلي: ﴿أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ﴾ [القصص ١٩]، الله يكفيك شر من تحسن إليه، لما قال هكذا انتبه لها القبطي، فدل على موسى بهذا السبب، موسى عليه الصلاة والسلام خرج خائفًا يترقب، ولجأ إلى الله سبحانه وتعالى قال: ﴿رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ [القصص ٢١] فنجاه الله ومَنَّ عليه بالرسالة.
* طالب: (...).
* الشيخ: ما يتعلق بشيء، اقرأ الآيات (...).
* طالب: (...).
* الشيخ: ما هو السياق كله في سياق الرجل الذي (...) ﴿فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ﴾ [القصص ١٨]، (...) لكن موسى ﴿فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا﴾ [القصص ١٩].
يقول: ﴿وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ﴾ أي: يقتلونني به، وحُذفت الياء للتخفيف، والنون نون الفعل حُذفت للنصب، ﴿فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ﴾ به.قال الله تعالى (﴿كَلَّا﴾ أي لا يقتلونك ﴿فَاذْهَبَا﴾ أي: أنت وأخوك ففيه تغليب الحاضر على الغائب)، وفيه: أيضًا أن الله تعالى أجاب دعاء موسى كما قال في سورة طه: ﴿قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى﴾ [طه ٣٦] أجابه، وأرسل إلى هارون بالرسالة ﴿فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا﴾ الباء للمصاحبة، المصاحبون لآيات الله؛ أي: العلامات الخاصة به التي تدل عليه وحده دون غيره، والآيات التي ذهب بها هو الوحي، والثاني: العصا، والثالث: اليد، هذه الآيات التي كانت عند الوحي إليه.
ثم تلاها بعد ذلك تسع آيات كما هو واضح، هذه الآيات الثلاث منها آية معنوية، وآيتان حسيتان مناسبتان للأصل؛ لأن انقلاب العصا حية يشبه السحر، وليس بالسحر؛ لأن هذا حقيقة، والسحر خيال، وأيضًا كون اليد إذا أدخلها في جيبه تخرج بيضاء من غير سوء؛ يعني من غير برص، ونقص هذا أيضًا مثل السحر، ولكنه ليس بسحر، فيكون آية من آيات الله سبحانه وتعالى المعجزة لهؤلاء أن يأتوا بمثلها.
(﴿إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ﴾ ما تقولون، وما يُقال لكم، أُجري مجرى الجماعة)، أما قوله: ﴿إِنَّا﴾ فالضمير لله سبحانه وتعالى بلفظ الغلبة، ما قال: إنني، مع أنه في سورة طه، قال: ﴿إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾ [طه ٤٦]، لكن هنا ذكر ﴿أَسْمَعُ وَأَرَى﴾ فكان المبالغة حصلت بانضمام الأمرين: السمع والرؤية، وهنا ما ذكر إلا الاستماع فقط، ولهذا جاء في صورة العظمة بالنسبة للمبتدأ.
وقول: ﴿إِنَّا مَعَكُمْ﴾، ولم يقل: معكما، كما قال في سورة طه، يقول المؤلف: (أُجري مجرى الجماعة)، والجواب عن هذا، هذا ما قال المؤلف أن يقول: أُجري الاثنان مجرى الجماعة، وإذا قلنا: بأن أقل الجمع اثنان.
* طلبة: (...).
* الشيخ: (...)، إذا قلنا بأن أقل الجمع اثنان نقول هذا، وإن كان بلفظ الجمع، لكنه دال على الاثنين باعتبار المراد اللغوي، فلا حاجة إلى التأويل.
وإذا قلت: إنه لما كان موسى وهارون والآيات، كأنها صارت ثلاثة، وإن كانت الآيات ليست (...) ولكنها مؤيدة؛ لأن التأييد يكون بالأدلة وبقوة الداعي والمستدل، ويحتمل أيضًا أنه جمعها باعتبار أن موسى وهارون سيكون لهم قوم، ويكون الاستماع بموسى وهارون بقومهما.
﴿فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشعراء ١٦] يقول: ﴿أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٠) قَوْمَ فِرْعَوْنَ﴾ وهنا قال: ﴿فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ﴾ فدل ذلك على أن القوم والآل إذا أضيفت إلى الشخص دخل فيهم، فقوله: ﴿أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ﴾ [غافر ٤٦] لا يدل على نجاة فرعون؛ لقوله: ﴿يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ﴾ [هود ٩٨] فهو أولهم، وهنا أيضًا قال: ﴿أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [الشعراء ١٠]، ثم قال: ﴿فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ﴾ مما يدل على أن (القوم) إذا أُضيفت فأول ما يدخل فيها من أُضيفت له ما لم يمنع من ذلك مانع حسي كموته مثلًا، فإنه إذا مات ما عاد يكون فائدة في الإتيان إليه لكن إذا كان موجودًا فهو أول من يدخل في قومه.
﴿فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ ولم يبين الله تعالى صفة القول، بل بين هنا المقول، لكنه في سورة طه: ﴿فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾ [طه ٤٤]، أمروا أو أمر موسى، وهارون بأن يقولا: إنهما رسول من الله، وأن يقولا ذلك بلهجة لينة لا بلهجة قاسية؛ لأن القاسي إذا قُوبل بلهجة قاسية قسى أكثر، وإذا قُوبل بلهجة لينة اجتمع لين وقاس فلا يحصل الصدم، والاصطدام بينهما، وهذا من الحكمة في الدعوة، أما الإنسان إذا كان عاتيًا جبارًا فلا ينبغي أن يُقابل بالعتو والجبروت؛ وذلك لأنه لا يزيد الأمر إلا شدة، يُقابل باللين حتى تقوم عليه الحُجَّة.
(﴿فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا﴾ أي كلًّا منا ﴿رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ ) قدر المؤلف: (أي كلًّا منا)؛ لأجل التناسب مع المبتدأ الذي هو اسم (إنَّ) والخبر الذي هو رسول ﴿إِنَّا رَسُولُ﴾.
وفي آية أخرى ﴿إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ﴾ [طه ٤٧] بالتثنية، وهنا بالإفراد فقدر المؤلف أو خرج المؤلف في الآية على أن المعنى: كل واحد منا، وقد مر قريبًا قوله تعالى: ﴿وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ [الفرقان ٧٤] أي: اجعل كل واحد منا، هذا أحد الوجوه.
وجه آخر أن رسول بمعنى الرسالة؛ بمعنى المصدر اسم مصدر، والمصدر إذا وُصف به يستوي فيه المفرد، وغيره.
ووجه ثالث: أن يُقال: إن الأصل في الرسالة موسى وهو واحد، وهارون معينٌ ووزير، وإلا فالأصل أن موسى هو الرسول كما (...) السيرة ذكر موسى بدون ذكر هارون.
﴿إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.
وقوله: ﴿رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ ولم يقل: إني رسول الله؛ لأنهم سيقابلون شخصًا يدعي الربوبية أنه الرب، فيتبين له من أول الأمر أن الربوبية ليست له، وإنما هي لله ﴿إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، والعالَمون كل من سوى الله فهو عالَم، فكل المخلوقات عالَم، ومع ذلك ربما تُضاف إلى أنواعها، فيُقال: عالم البشر، عالم الجن، عالم الإبل عالم كذا، عالم كذا، لكن إذا جُمعت هكذا شملت جميع الأنواع، فكل من سوى الله فإنه عالَم قالوا: وسموا عالمًا؛ لأنهم علم على خالقهم.
(﴿إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ إليك)، المؤلف قَدَّر (إليك) للإيضاح، وإلا فلا حاجة؛ لأنهم يخاطبونه فقولهم: ﴿إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ لولا أنه لم يكن هناك فائدة من خطابهم إياه، فهم رسول رب العالمين إليه (﴿أَنْ﴾ أي: بأن ﴿أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا﴾ إلى الشام ﴿بَنِي إسْرَائِيل﴾ فأتياه) إلى آخره.
قوله: ﴿أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ [الشعراء ١٧] الإرسال يُطلق بمعنى الإطلاق؛ يعني أطلقهم؛ لأنه كان قد ضيق عليهم الخناق، وعذبهم بكونه يقتل أبناءهم، ويستحيي نساءهم، فطلب موسى عليه الصلاة والسلام منه أن يرسل معه بني إسرائيل، ويطلقهم، ولكن ستأتي المناقشة بينه وبين موسى فيما بعد إن شاء الله.
* يستفاد من هذه الآيات أولًا: إثبات النداء لله سبحانه وتعالى، من أين نأخذه؟
* طالب: (...).
* الشيخ: فيكون كلامه بصوت على هذا، وأنه بحرف.
* ويستفاد أيضًا من الآية: أنه بحرف.
* طالب: ﴿أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾.
* الشيخ: ﴿أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ فإن ﴿ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٠) قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ﴾ [الشعراء ١٠، ١١] كلها حروف.
وفي هذا دليل على فضل الله سبحانه وتعالى على الخلق، من أين نأخذه؟
* طالب: (...).
* الشيخ: إرسال الرسل، نعم، إرسال الرسل دليل على فضل الله على الخلق وعنايته بهم؛ لأن الخلق مهما أُوتوا من ذكاء لا يمكنهم أن يدركوا ما يجب لله سبحانه وتعالى على التفصيل، العاقل يدرك ما يجب لله على وجه الإجمال، فإدراكه أن له الكمال المطلق، وأنه مستحق للعبادة لكن على وجه التفصيل لا يمكن إلا عن طريق الرسل، ولهذا قال: ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ [النساء ١٦٥] وفي هذا دليل على سوء حال فرعون وقومه، من أين نأخذه؟
* طالب: (...).
* الشيخ: (...).
وفيه دليل على أنه لا بأس بالإجمال في الكلام، بشرط أن يكون (...)، من أين نأخذه؟ ﴿أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٠) قَوْمَ فِرْعَوْنَ﴾ [الشعراء ١٠] ما فائدة الإجمال ثم التفصيل بعده؟
* طالب: (...).
* الشيخ: المعنى؟ الاهتمام به؛ (...) لأنه يكون متشوفًا، ومتطلعًا إلى بيان هذا المجمل، فيأتيه وهو على (...)، وفي الحديث أيضًا من الفوائد دليل على جواز الخوف الطبيعي، وأنه ليس بشرك، من أين تأخذه؟ (...) أي: الخوفين؛ لأنه يخاف مرتين ﴿أَنْ يُكَذِّبُونِ﴾ [الشعراء ١٢] و﴿أَنْ يَقْتُلُونِ﴾ [الشعراء ١٤].
أو قلنا: إن المراد بالخوف هنا لازِمُهُ، وهو التوقع؛ لأنه يتوقع هذا (...)، يقول: ﴿أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ﴾ [الشعراء ١٢]، أنا أظن أنهم يكذبونني، ليس معنى أنه يخاف خوف ذعر، الذعر الذي يقع في النفس، وبمعنى التوقع، وفي هذا دليل على جواز بيان الإنسان حاله إذا لم يقصد به الشكوى، قوله: ﴿وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي﴾ فإن هذا وصف له بالضعف، نعم، وعدم التحمل نفسيًّا بضيق الصدر، وعدم البيان المتقن بكونه لا ينطلق لسانه، وفيه دليل على جواز ذكر الوسائل التي تستوجب القبول في الدعاء، إذ إنه ذكر أنه ما يستطيع لكونه يضيق صدره، ولا ينطلق لسانه، وهذا من باب توسل الداعي، ذِكْر حالِهِ هذه من الوسائل التي تستوجب قبول دعائه.
وفي هذا إثبات المعية لله عز وجل، وهل المعية حقيقية ولّا مجاز؟
* طالب: (...).
* الشيخ: إذا كانت حقيقية ألا يكون ذلك موجبًا للقول (...)؛ يعني مثلًا: أنت الآن (...) بأن المعية في الأصل المشاركة في المكان ولّا لا؟ تقر بهذا أن المعية في الأصل تستلزم المشاركة في المكان.
* طالب: لا شك.
* الشيخ: لا شك.
* طالب: (...).
* الشيخ: ترى تقتضي غير تستلزم؟ تقتضي؛ يعني (...) هذا أو تستلزم.
* الطالب: (...).
* الشيخ: تستلزم.
* الطالب: (...).
* الشيخ: لا، أنا أقول: المعية مطلقًا؛ لأجل أن يتوصل إلى دعوة (...)، فلماذا يؤولون المعية، ثم ينكرون علينا تأويل اليد.
* طالب: (...).
* الشيخ: لا تستلزم المشاركة في المكان ولا الاختلاط (...)؛ لأن المعية في حقيقة الله معناها المصاحبة المطلقة، ولكنها في كل شيء بحسبه ولّا لا؟ تقول مثلًا: اللبن معه ماء، سقاني لبنًا معه ماء، هذه تقتضي الامتزاج والاختلاط.
(...).
واستصحاب الدليل؛ لقوله: ﴿بِآيَاتِنَا﴾، والعلم بالمدافع، وهو قوله: ﴿مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ﴾ فكل شيء يحتاج إلى تشجيع، فينبغي للإنسان أن يظهر تشجيع صاحبه حتى ينشط ويؤدي الرسالة على الوجه الأكمل، وفي هذا دليل على أن القوم والأهل وما أشبه ذلك إذا أُضيفت دخل فيها من أضيفت له، نأخذه من قوله: ﴿قَوْمَ فِرْعَوْنَ﴾، ثم قال في آخر الآيات: ﴿فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ﴾ فدل ذلك على أن فرعون منهم.
وفيه أيضًا دليل على أنه ينبغي أن يُخَاطَبَ الإنسان بما تقتضيه حاله، فمنكر الربوبية نخاطبه بإثبات الربوبية، ومنكر الألوهية نثبته بإثبات الأولوهية، وهكذا، تؤخذ من أين؟
من قوله تعالى: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ﴾ [النمل ١٤].
* طالب: ها دول قوم فرعون.
* الشيخ: لا، فرعون معهم.
* الطالب: فرعون وقومه (...).
* الشيخ: إي نعم، وقال له أيضًا موسى: ﴿لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ﴾ [الإسراء ١٠٢].
* طالب: فرعون، هذا الدليل واضح عليه، وفي غير فرعون ممن جحد (...) هل هناك دليل صحيح بأنه (...) يقينًا (...).
* الشيخ: نعم الدليل عقلي.
* طالب: شرعي؛ يعني ما فيه.
* الشيخ: لا، شرعي ما فيه؛ لأن الشرعي ما يمكن يتحدث عن أمر ما بعد وقع؛ لأن في الموجودين الآن اللي ينكرون يقولون بلا خالق؟
* الطالب: إلا بالقياس (...).
* الشيخ: إلا بالقياس؟! لا، وبالعقل أيضًا، كل إنسان عاقل ما يمكن يدعي إن هذه الأمور حدثت بدون محدث أبدًا لا، إحنا ما علمنا أحدًا أنكر، ونرى أنه لا يمكن أيضًا، وأنه إذا أنكرها بلسانه فإن قلبه يعترف إلا أن يكون غير عاقل؛ يعني قد يكون بعض الناس مقلدًا تقليدًا محضًا، ولا يفكر مثل عوام الشيوعيين، وغيرهم هؤلاء فيما يظهر أنهم ما يفكرون بهذه الأمور؛ لأنهم عاشوا في بيئة من الأصل تقول: ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا، وإنه ما فيه بعث ولا فيه رب ولا فيه شيء أبدًا، مثل دول يمكن أن يكونوا منكرين بقرارة قلوبهم، أو نفوسهم (...) بس انقطع عن المعارضة.
* طالب: انقطع عن المعارضة.
* الشيخ: ما يلزم أنه يؤمن، يمكن يستكبر ولا يؤمن.
* طالب: (...) دليلًا.
* الشيخ: على أيش؟
* الطالب: على (...).
* الشيخ: عجز عن المعارضة.
* الطالب: نعم اعترف (...).
* الشيخ: لأنه قال: أنا أحيي وأميت، فعارض تمويها ثم بعد ذلك عجز.
* طالب: (...) أقر.
* الشيخ: لا، ما أقر؛ لأنه ما قال: فأقر.
* طالب: بهت.
* الشيخ: بهت، عجز، ويش معنى بهت؟
* الطالب: انقطع (...).
* الشيخ: إي، هذه، لكن لا يلزم من عدم قيام الحجة، أو من قيام الحجة على الخصم أن يقر، ربما يستكبر.
* طالب: (...).
* الشيخ: نعم، إحنا الآن نقول فيه من أنكر باللفظ.
* طالب: لا، بقلبه.
* الشيخ: لا، ما تدل الآية على أنه أنكر بقلبه حتى لو بُهت، ما فيه دليل على أنه أنكر بقلبه، لا تدل على أنه أقر بالإيمان، ولا على أنه أنكر المعنى؛ لأنه قال لما قال: ﴿رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ﴾ [البقرة ٢٥٨]، ما قال: إنه ما لك رب، جعل نفسه ندًّا لله، قال: ﴿أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ﴾ [البقرة ٢٥٨]، فأورد عليه الإيراد اللي عاد ما (...) يتخلص منه، ذكر ثلاث علل استبيانًا للأمر أمام هذه العلل، وهي: تكذيبهم، وأنه يضيق صدره، وأنه لا ينطلق لسانه، فبين الله سبحانه وتعالى أن ذلك لا يؤثر، فقال: ﴿فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ (١٥) فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الشعراء ١٥، ١٦]، وهما سيمتثلان هذا الأمر؛ لأنهما يعلمان أن الله تعالى معهما مستمع لما يقول فرعون، وما يقولون له، ونفذ هذه الرسالة بأمر الله تبارك وتعالى.
وتقدم أيضًا أنهم طلبوا منه أن يرسل معهما بني إسرائيل، المؤلف يقول: يرسلهما إلى الشام، ولكن ليس في القرآن ما يدل على ذلك؛ أي أنهما طلبا أن يرسل معهما بني إسرائيل إلى الشام، بل المراد بالإرسال هنا الإطلاق من الاستعباد والرق؛ لأنه كان يفعل ببني إسرائيل كذلك.
{"ayahs_start":10,"ayahs":["وَإِذۡ نَادَىٰ رَبُّكَ مُوسَىٰۤ أَنِ ٱئۡتِ ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ","قَوۡمَ فِرۡعَوۡنَۚ أَلَا یَتَّقُونَ","قَالَ رَبِّ إِنِّیۤ أَخَافُ أَن یُكَذِّبُونِ","وَیَضِیقُ صَدۡرِی وَلَا یَنطَلِقُ لِسَانِی فَأَرۡسِلۡ إِلَىٰ هَـٰرُونَ","وَلَهُمۡ عَلَیَّ ذَنۢبࣱ فَأَخَافُ أَن یَقۡتُلُونِ","قَالَ كَلَّاۖ فَٱذۡهَبَا بِـَٔایَـٰتِنَاۤۖ إِنَّا مَعَكُم مُّسۡتَمِعُونَ","فَأۡتِیَا فِرۡعَوۡنَ فَقُولَاۤ إِنَّا رَسُولُ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ","أَنۡ أَرۡسِلۡ مَعَنَا بَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ"],"ayah":"قَالَ رَبِّ إِنِّیۤ أَخَافُ أَن یُكَذِّبُونِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق