الباحث القرآني
(...) الآية الآن، ذُكر أولًا تنزيل القرآن (...).
* طالب: (...) ﴿فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا (٤) وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (٥) قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (٦) وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا (٧) أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (٨) انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا﴾ [الفرقان ٤ - ٩].
* الشيخ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تعالى: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ﴾ [الفرقان ٣].
(﴿وَاتَّخَذُوا﴾ أي: الكفار ﴿مِنْ دُونِهِ﴾ أي: الله)، أمَّا الضمير الأول: ﴿وَاتَّخَذُوا﴾ فلمْ يُذكَر له مرجعٌ لفظيٌّ، لكنَّه مرجعه معلومٌ بحسب الحال؛ يعني ﴿اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ﴾ مَن هم؟
* طالب: الكفار.
* الشيخ: الكفار المتَّخذون، فهو لا مَرجِع له لفظًا، لكن مَرجعه معلومٌ بحال الواقع.
وأمَّا ﴿مِنْ دُونِهِ﴾ فمَرجعه ظاهرٌ مما سبق؛ لأنَّ الله تحدَّث عن نفسه بقوله: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ﴾ إلى أن قال: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ﴾.
ومناسبة هذه الآية لِمَا قبلها أنَّ الله لَمَّا أثنى على نفسه بما أثنى به ناسبَ أن يذكر تلك الأصنام التي اتُّخذتْ من دونه -يعني مِن دون الله- آلهةً، ليتبيَّن حالُهم؛ لأنَّ الأشياء تتبيَّن بما يكون لها من صفات.
﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً﴾، وقوله: ﴿آلِهَةً﴾ جمع (إله)، وهذه الآلهة إنما كانت آلهةً باتِّخاذهم، أمَّا في الحقيقة فليست آلهةً لأنها ليستْ مستحقةً للعبادة، أليس كذلك؟
* طالب: بلى.
* الشيخ: لقول الله تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (٢٠) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (٢١) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (٢٢) إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ﴾ [النجم ١٩ - ٢٣]، وقال يوسف: ﴿أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (٣٩) مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ﴾ [يوسف ٣٩، ٤٠]، فهي آلهةٌ لاسمهم واعتقادهم، أمَّا في الواقع فليست آلهةً؛ بمعنى أنها لا تستحقُّ أن تكون آلهة. واضح يا جماعة؟
فعلى هذا مثلًا إذا قال قائل: كيف أثبتَ الله هنا أنها آلهة ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً﴾، مع أنَّ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كلهم يقولون لأقوامهم: ﴿اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾ [هود ٦١]، والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾ [البقرة ١٦٣]، كيف نجمع بين هذا النفي وبين هذا الإثبات؟
نقول: نجمع بين هذا النفي وبين هذا الإثبات أنَّ النفي باعتبار الحقيقة والواقع؛ فإنَّه لا إله إلا الله ولا شك في ذلك، وأمَّا الإثبات فهو بحسب أيش؟ بحسب عمل هؤلاء حيث جعلوا هذه آلهةً؛ أي: معبودةً، وهي لا شك أنها تُعبَد، لكنَّها ليست مستحقَّة للعبادة، فبحسب الاستحقاق يكون النفي، وبحسب الواقع يكون الإثبات. واضح الأمر ولَّا لا؟
بحسب الاستحقاق يكون النفي؛ يعني: لا أحد يستحقُّ ولا أحد يكون حقيقةً إلهًا سوى الله عز وجل. وأمَّا باعتبار الاعتقاد وباعتبار العمل فإنَّ مِن الناس مَن اعتقد وعَمِل فجعل مع الله إلهًا آخَر، وحقيقة هذه الآلهة أنها ليست بشيء، صحيح أنها تُعبَد وتُدعى ويُركَع لها ويُسجَد ويُنذَر لها، لكنَّها في الواقع ليست مستحقَّة لهذا الأمر، فليست آلهة.
ثم بيَّن الله هذه الآلهة المتَّخَذة: ﴿لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا﴾، وعدم خلْقهم دليلٌ على عَجْزِهم، وعَجْزُهم دليلٌ على أنهم ليسوا آلهة؛ لأنَّ الإله لا بدَّ أن يكون قادرًا؛ لأنَّ القدرة من كماله، وهذا العجز الذي اتَّصفتْ به هذه الآلهة يمنع أن تكون آلهة.
ثانيًا: ﴿وَهُمْ يُخْلَقُونَ﴾، مين اللي ﴿وَهُمْ يُخْلَقُونَ﴾؟ الآلهة. إذَنْ هي حادثةٌ بعد أن لم تكن، والربُّ يجب أن يكون أوَّليًّا ليس قبله شيء؛ لأنَّ الربَّ المستحقَّ للعبادة لا بدَّ أن يكون خالقًا، وإذا كان مخلوقًا فهو حادثٌ، وإذا كان حادثًا فمَن قبله ليس من خلْقه، وعلى هذا يكون في قوله: ﴿لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا﴾ بيانٌ لعدم صلاحيتهم للآلهة من حيث أيش؟ انتفاء القدرة.
﴿وَهُمْ يُخْلَقُونَ﴾ لا يصلح أيضًا أن يكونوا آلهةً من وجهين:
أولًا: الحدوث؛ لأنهم محدَثون، والإله لا يمكن أن يكون مُحْدَثًا.
الأمر الثاني: أنَّ مَن قبلهم ومَن سبقهم ليس مِن خلْقهم، على فرض أن يكونوا يَخلقون، وهذا دليلٌ على عدم صلاحيتهم للألوهية.
﴿لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا﴾ [الفرقان ٣] يقول المؤلف: (﴿وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا﴾ أي: دَفْعه). ونحن نقول: دَفْعه وجَلْبه أيضًا. ويش المانع؟! لو أرادوا أن يضرُّوا أنفسَهم ما ضرُّوها، ولو أرادوا أن يدفعوا عنها ضررًا ما دفعوا عنها، فإبقاء الآية على العموم أَوْلى؛ ﴿لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا﴾ أيش؟ لا جَلْبًا للضرِّ ولا دَفْعًا له، حتى الضرر الذي يمكن أن يكون سهلًا لو أرادوه لأنفسهم ما استطاعوا؛ يعني لو أرادتْ هذه الأصنام أن تُتلف نفسَها تستطيع ولَّا لا؟
* طالب: لا.
* الشيخ: لو أرادتْ أن تُمرِض نفسَها -إذا كانت مما يَلْحقه المرض- هل تملك ذلك ولَّا لا؟ لا تملك. ولو أراد أحدٌ أن يعتدي عليها تملك دَفْعه ولَّا لا؟
* طالب: لا.
* الشيخ: ما تستطيع، ولهذا يقول الله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ﴾ وهذا يدلُّ على أهميته؛ أَمْر الله تعالى لنا بأنْ نستمع لهذا المثل يدلُّ على أهميته.
المثل: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ﴾، الذباب اللي هو مِن أَهْون الحيوانات وأَضْعفها لو أنَّهم اجتمعوا على أن يخلقوه ما استطاعوا.
أمرٌ آخَر: ﴿وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا﴾ على ضعفه ﴿لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ﴾ ما يستطيعون أن يستنقذوه، ﴿ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ﴾ [الحج ٧٣].
فهؤلاء لا يملكون لأنفسهم ضَرًّا؛ لا دَفْعَه ولا جَلْبَه، ولا يملكون أيضًا نَفْعًا، يقول المؤلف: (أي: جَرَّه)، يعني: ما يملكون أن يجرُّوا لأنفسهم نفعًا. كذا؟ عندي: (أي: جَرَّه)؟
* طالب: إي نعم، (جَرَّه).
* الشيخ: إي نعم، فهُم لا يملكون أن يجرُّوا النفع إلى أنفسهم، ولا يملكون أيضًا أن يدفعوه عن أنفسهم، مِثل الأول، يعني ينبغي أن نجعلها على سبيل العموم، وإنْ كان مقتضى الحال أنَّ الإنسان يريد الدفع .. أو أنَّ أيَّ واحدٍ يريد دَفْع الضرر ويريد جَلْب النفع، ولكن إبقاء الآية على العموم أَوْلى؛ يعني: لا يستطيعون شيئًا لأنفسهم، وإذا كانوا لا يستطيعون ذلك لأنفسهم فمِن باب أَوْلى ألَّا يستطيعوه لعابديهم.
(﴿وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً﴾ أي: إماتةً لأحدٍ وإحياءً لأحدٍ ﴿وَلَا نُشُورًا﴾ أي: بعثًا للأموات).
﴿لَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً﴾ يعني: ما يملكون أن يموِّتوا أحدًا (...)، نعرف أنَّ الذي حاجَّ إبراهيمَ في ربِّه وقال: ﴿أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ﴾ [البقرة ٢٥٨] أنَّه كاذب ولَّا صادق؟ كاذب.
﴿لَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً﴾ يعني: لا يملكون أن يَجْلبوا موتًا لأحدٍ ولا أن يَجْلبوا حياةً لأحد مهما اجتمعوا لذلك.
فإذا قال إنسان: أليس يمكن أن يقتلوا أحدًا؟
فالجواب: هذا سببُ الموت وليس هو الموت؛ يعني يمكن الإنسان يفعل سببَ الموت، لكن ما يمكن أن يُوقِع الموت، وبين الأمرين فرق، ولهذا أحيانًا يوجد سبب الموت ولا يموت الإنسان، وأحيانًا يموت الإنسان بدون سبب؛ يعني بدون سببٍ معلومٍ.
فإذَنْ هؤلاء لا يملكون موتًا لأحدٍ ولا حياةً، لا يملكون أن يُحْيُوا أحدًا من الأموات لأنَّ ذلك إلى الله عز وجل.
وأمَّا إحياء عيسى للأموات فليس من هذا الباب، ليس من الأمر الذي نفاه الله؛ لأنَّ الذي يُحْيِي حقيقةً للأموات هو الله، ولهذا قيَّد الله إحياءَه للموتى بقوله: ﴿بِإِذْنِي﴾ [المائدة ١١٠]، فليس هو يستقلُّ بهذا، وإنما يكون قوله سببًا للحياة التي يخلقها الله عز وجل. واضح؟
﴿وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا﴾ النُّشور هو بَعْثُ الموتى وتفريقُهم، نَشْرُهم معناه أنَّهم يُفَرَّقون؛ يخرجون من الأجداث وينتشرون في الأرض يتفرَّقون فيها، فهُم لا يملكون شيئًا من هذا كلِّه.
فإذا تبيَّن عَجْزهم الذاتي والعَرَضي تبيَّن أنها لا تصلح أن تكون آلهة، ففيهم عجز ذاتي وعَرَضي.
طيب، ما مقام أو ما حال ﴿وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا﴾ بالنسبة لقوله: ﴿لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا﴾؟
عَطْفها على قوله: ﴿لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا﴾ من باب عطْف الخاصِّ على العامِّ أو التفصيل بعد الإجمال.
تجدون الآن الآية الكريمة تترقَّى من الأدنى إلى الأعلى: ﴿ضَرًّا وَلَا نَفْعًا﴾، ﴿مَوْتًا﴾ و﴿حَيَاةً﴾ و﴿نُشُورًا﴾، معلوم؛ لأنَّ الحياة أشدُّ من الموت؛ يعني وجود سبب الحياة أو القدرة على الحياة أعظم من الموت، كذلك أيضًا النفعُ والضررُ؛ أيُّهما أعظم؟ النفع؛ لأن الضرر .. الإنسان يريد من الضرر دَفْع الشيء، ودَفْع الشيءِ أسهل من جَلْبه؛ لأنَّ الجلب إيجابيٌّ والدفْع سلبيٌّ، وغالبًا أن السلبي يكون أَهْون من الإيجابي، فانتقل الله سبحانه وتعالى في بيان عَجْز هذه الآلهة وأنها لا تَصْلح من الأدنى إلى الأعلى، هذا بالنسبة للتفصيل، أمَّا بالنسبة للإجمال فقال: ﴿لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا﴾.
* وفي هذا من الفوائد: دليلٌ على أنَّه ينبغي للإنسان أن يسوق للخَصْم ما يُقِرُّ به لزومًا حتى تقوم الحجَّة عليه.
هؤلاء الذين جعلوها آلهةً هل يمكن أن يدَّعوا بأنها تَخْلق؟ لا.
هل يمكن أن يدَّعوا بأنها غير مخلوقة؟ لا؛ لأنهم يعرفونها موجودةً وليستْ من قبل.
هل يمكن أن يدَّعوا بأنها تنفع أو تضرُّ؟ نقول: يمكن أن يدَّعوا ذلك، وفِعْلًا يدَّعون ذلك؛ يقولون: إنَّ الأولياء ينفعون، وإنهم يضرُّون، وإنَّ مَن لم يذبح لهذا الولي أو ينذر له فإنَّه يضرُّه. هذه دعوى.
يُطالَبون بأيِّ شيء إذا ادَّعوا؟ يُطالَبون بالدليل، نعم، الدليل أنْ يُقال لهم مثلًا: ادعوا هذا الوليَّ بأمرٍ معيَّن وانظروا هل يجلب لكم ذلك أو لا يجلبه، مِثْلما أنهم هم يطالبون الرُّسُلَ بأشياء معيَّنة؛ يقولون مثلًا لَمَّا قالت لهم الرُّسُل: إنَّ الله يُحْيي الموتى، قالوا: ﴿ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [الجاثية ٢٥]، مع أنَّ الرُّسُل ما قالت لهم: إنَّ البعث في الدنيا، حتى يقولوا: ﴿ائْتُوا بِآبَائِنَا﴾، إنما قالت لهم: إنَّ البعث متى؟ بعد الموت. وهذا غير ما طالب به هؤلاء الخصْم للرُّسُل، فقولهم: ﴿ائْتُوا بِآبَائِنَا﴾ هو في الحقيقة مصادرة؛ يعني: طلبُ دليلٍ لشيءٍ لم يقُله الرسل عليهم الصلاة والسلام؛ إذ لم يقولوا: إنهم يُبعثون الآن.
فعلى كل حالٍ هذه الدعوى أنَّهم يملكون نفعًا أو ضرًّا، هذه دعوى تحتاج إلى بيِّنة.
أمَّا دعوى الموت والإحياء فهي أيضًا أوضح بُطلانًا، بل لَرُبَّما تُدَّعى؛ لأنَّ الذي حاجَّ إبراهيمَ في ربِّه قال له: ﴿أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ﴾ [البقرة ٢٥٨]، فربما تُدَّعى.
وفي مناظرة إبراهيم عليه الصلاة والسلام -يعني يمكن أنْ ننتفع بها هنا- دليلٌ على أنَّه إذا ادَّعى المبطِل دعوى فإنَّنا ننقله إلى ما هو أَوْضح؛ لأنَّ المقصود ما هي بالمجادلة، المقصود إقامة الحجَّة على بُطلان هذا الأمر، وهو إذا بَطَل ولو من دليلٍ واحدٍ كفى، ما حاجة لأننا نُبْطله من الدليل الذي يُعيِّنه الخصم، قد نُبْطله من دليلٍ آخَر، إبراهيم عليه الصلاة والسلام لو أراد أن يحاجَّ هذا الرجل ويجادل هذا الرجل لَقال له: لستَ تُحيي وتميت، وإنما تفعل سببَ الإحياء والإماتة. لكنَّه عليه الصلاة والسلام ذهب إلى دليلٍ أَوْضح وأَبْين ولا تمكن المحاجَّة فيه؛ قطعًا لأيِّ شيء؟ قطعًا للنزاع والمجادلة؛ لأنَّ الإنسان اللي يجادل قابِلْه بدليلٍ لا يمكنه دَفْعه، فقال: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ﴾ [البقرة ٢٥٨]، إلزام ولَّا ما هو بإلزام؟ إلزامٌ لا يتمكَّن معه أن يدَّعي شيئًا، ولهذا قال الله عز وجل: ﴿فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [البقرة ٢٥٨].
المهم الآن اللي عندنا: ﴿لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا﴾ مُسَلَّم، ويمكن دعوى نَفْيه ولَّا ما يمكن؟ لا يمكن، حتى عند العابدين: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ [لقمان ٢٥]، ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ [الزخرف ٨٧]، حتى عند العابدين ما يمكن يدعون هذه الصفة المنفية.
﴿وَهُمْ يُخْلَقُونَ﴾ لا يمكن أيضًا أن يدَّعوا أنها ليستْ مخلوقة؛ لأنها مصنوعة، هُم صنعوها بأيديهم؛ يقول إبراهيم لهم: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ [الصافات ٩٦].
﴿وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا﴾ هذه قُلنا: إنه يمكن أن يُدَّعى أيش؟ خلافُ هذا النفي، وجوابُنا عليه من أمرين:
إمَّا إبطال هذه الدعوى بعينها ونقول: هذا أمرٌ لا يمكن، وإذا شئتم فادْعوا.
وإمَّا أن يقال: ننتقل عن هذا النفي عند المجادلة -ترى- لا ننتقل عن هذا النفي لعدم إيمانٍ بالله؛ يجب علينا أنْ نؤمن بأنهم لا يملكون ذلك، لكنْ عند المخاصمة ويش ننتقل إليه؟ إلى أمرٍ أعظم وأَبْين وأوضح.
مثلًا لو نزلتْ أمطارٌ كثيرةٌ مغرِقةٌ أو حصلتْ زلازل، ممكن نقول لهم: ادْعوا هذه الأصنام وانظروا هل (...) السماء؟ وهل تتوقَّف الأرض عن الزلازل؟ وما أشبهَ ذلك. لكنْ مهما كان لو ادَّعوا ما يدَّعون فإنَّنا ننتقل عند المجادلة إلى أمرٍ أوضح لا يتمكَّنون من نفيه. ﴿وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا﴾.
ولَمَّا ذكر الله سبحانه وتعالى ما يعود إلى التوحيد انتقل إلى ما يعود إلى الرسالة؛ لأنَّ (أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله)، فقال تعالى..
* طالب: (...)؟
* الشيخ: الفرق بينهما أنَّ النشور عامٌّ، وأمَّا الحياة فهي خاصَّة، الحياة لواحدٍ معيَّن؛ مِثل أن يُقال لهم: أحيوا هذا الميت. النُّشُور عامٌّ، ولهذا قُلنا: إنَّه من النَّشْر بمعنى التفريق والانتشار، فهو أعمُّ.
﴿وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا﴾ (﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا﴾ أي: ما القرآن ﴿إِلَّا إِفْكٌ﴾ كَذِبٌ ﴿افْتَرَاهُ﴾ محمَّد ﴿وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ﴾ [الفرقان ٤] وهم من أهل الكتاب).
هذا الأصل الثاني من الأصول في التوحيد وهو إثبات الرسالة، إثبات الرسالة لا شك أنَّه أحدُ شطري التوحيد: (أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنَّ محمدًا رسول الله)، ولا يمكن أن يُعبَد الله سبحانه وتعالى إلا بما جاءت به الرسل؛ لأنَّ العبادة طريقٌ للمرء إلى ربِّه.
وهل يمكن أن نتوصَّل إلى الله بطريقٍ لم يجعله طريقًا؟ ويش الجواب؟
* طلبة: لا يمكن.
* الشيخ: لا، وهذا الطريق الذي جعله الله طريقًا إليه جاء بواسطة الرسل، إذَنْ فالعبادة لا بدَّ لها من رسالة، ولا يمكن أنْ يُعبَد الله بمجرَّد العقل؛ لأن العبادة طريقٌ يوصل إلى الله، وهذا الطريق لا يمكن إلا بوضعٍ من الله، والله سبحانه وتعالى جعله بواسطة من؟ بواسطة الرسل.
المكذِّبون للرسل أيضًا قدحوا في الرسل وبما جاءوا به؛ ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ﴾ هنا صرَّح بالاسم الظاهر، بالأول قال: ﴿وَاتَّخَذُوا﴾ [الفرقان ٣] ليعمَّ جميع المشركين من العرب وغيرهم، وهنا قال: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ يعني من العرب الذين ردُّوا رسالة النبي عليه الصلاة والسلام.
(﴿إِنْ هَذَا﴾ أي: ما القرآن)، المؤلف دقيقٌ في التفسير، فسَّر لنا الآن -رحمه الله- فسَّر لنا ﴿إِنْ﴾، وفسَّر لنا اسمَ الإشارة.
﴿إِنْ﴾ بمعنى (ما) فهي نافية، ﴿هَذَا﴾ يقول: (القرآن)، فالمشار إليه إذَن القرآن.
﴿إِنْ هَذَا﴾ أي: ما هذا القرآن ﴿إِلَّا إِفْكٌ﴾، شوف -والعياذ بالله- أَتَوْا بالحصر؛ يعني ما يمكن يكون إلا إفكًا، لا يمكن أن يكون فيه صِدْق، فأَتَوا بالحصر عن طريق النفي والإثبات؛ (ما هذا إلا إفكٌ) يعني: ولا يمكن أن يكون صدقًا.
(كَذِبٌ ﴿افْتَرَاهُ﴾ ) يعني اختلقه؛ أي: النبي ﷺ.
﴿وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ﴾ يقول: (من أهل الكتاب)، ومنه أيضًا الرجُل الذي قالوا: ﴿إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ﴾ [النحل ١٠٣].
يقولون: إنَّ هذا ليس من الله، بل هو من محمدٍ ﷺ افتراه مع مساعدة غيره.
يقول الله عز وجل مبطلًا لكلامهم: (﴿فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا﴾ [الفرقان ٤] كُفْرًا وكَذِبًا).
﴿جَاءُوا ظُلْمًا﴾ المؤلف فسَّر الظُّلم بالكفر لأنَّ الكفر ظُلم؛ ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لقمان ١٣]، ثم أيضًا هو ظلمٌ بالنسبة للرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأنه اعتداءٌ عليه ووصْفٌ له بالكذب، ولو أنَّ إنسانًا وَصَف أحدًا من الناس بالكذب لَقُلنا: إنَّه ظالِمٌ له ومُعْتدٍ عليه.
﴿وَزُورًا﴾ الزُّور في الأصل: كلُّ ما انحرف عن الصراط المستقيم، كلُّ انحرافٍ فهو زُور؛ ﴿وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ﴾ [الكهف ١٧]؛ تميل، فكلُّ مَيْلٍ فهو زُور، وفي الحديث: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ» » والمراد به كلُّ قولٍ منحرفٍ، «والْعَمَلَ بِهِ»[[الحديث بتمامه: «مَن لم يَدَعْ قولَ الزُّور والعملَ به فليس لله حاجةٌ في أن يَدَعَ طعامَه وشرابَه» أخرجه البخاري (١٩٠٣) عن أبي هريرة رضي الله عنه.]].
الزُّور إذَن الكذب، فهُم من أكذَبِ الناس، بل أكذَبُ الناس فيما قالوا؛ هل قولهم: ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ﴾ فيه شيءٌ من الصدق؟ لا، بل هو كَذِبٌ وظلمٌ وعدوانٌ على الرسول ﷺ.
ثم نقول لهم: إذا كان محمدٌ ﷺ هو الذي افتراه وأعانه عليه قومٌ آخرون فأْتوا بسورةٍ من مِثله؛ ﴿فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ﴾ [الطور ٣٤]، ﴿قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا﴾ [الإسراء ٨٨].
ثم إنَّ محمدًا ﷺ عاش فيهم قبل الوحي كم؟ أربعين سنة، ما قال يومًا من الأيام: إنَّه يُوحى إليه، والذي يريد أن يكذبَ يكذبُ في عُنفوان شبابه ليكسب الأتباع من أول الأمر، فلمَّا لم يكن هذا إلا بعد مُضِيِّ أربعين سنةً، دلَّ ذلك على أنَّ دعواهم يُكَذِّبها الواقع أيضًا؛ فإنَّ هذا الوحي جاء والرسولُ عليه الصلاة والسلام في سِنِّ الأربعين، ولا يمكن أن يكون الكذب يتجدَّد له في هذا السن.
ثم إنَّنا نقول: مِمَّا يبيِّن أنَّه الغرور أنَّ هؤلاء الذين يقولون: إنه افتراه، هم بأنفسهم يشهدون للرسول ﷺ بالصدق، وكانوا يُسَمُّونه الأمين[[أخرج الحاكم (١٧٠١) من حديث عبد الله بن السائب رضي الله عنه: «وكانوا يُسَمُّونه في الجاهلية الأمينَ».]]، ولا يشكُّون في صِدْقه، ولا يشكُّون في عدالته ﷺ. فأين كانوا من قبل؟
ثم قال الله تعالى: ﴿وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا﴾ [الفرقان ٥].
(﴿وَقَالُوا﴾ أيضًا هو ﴿أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾ أكاذيبهم؛ جمع (أُسطورة) بالضمِّ ﴿اكْتَتَبَهَا﴾ انتسخها من ذلك القوم) أيش؟
* طالب: (لغيره).
* الشيخ: (بغيره).
* الطالب: باللام.
* الشيخ: (لغيره)؟
* الطالب: نعم.
* الشيخ: عندي بالباء، (بغيره ﴿فَهِيَ تُمْلَى﴾ تُقرأ ﴿عَلَيْهِ﴾ ليحفظها ﴿بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ غُدوةً وعشيًّا).
﴿وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾، ﴿أَسَاطِيرُ﴾ جمع أُسطورة، وهي الأحاديث الرائجة التي لا أصل لها، وعند العامَّة يسمُّونها (...)، هذه الأسطورة. قالوا: إنَّ الرسول عليه الصلاة والسلام أتى بأساطير الأوَّلين؛ يعني: أقاصيصهم وأحاديثهم التي لا أصل لها.
هذا القول الذي قالوه هل هو عن عقيدة ولَّا حسب الواقع؟ يعني: هل هو عن عقيدةٍ كاذبةٍ؟ يعني: قالوه بألسنتهم، ولَّا قالوه بحسب الواقع؟ يعني هل هم ادَّعَوْا ذلك دعوى، أو هذا الذي يعتقدونه وهذا الذي تبيَّن لهم؟
يمكن هذا ويمكن هذا، والله سبحانه وتعالى يقول في سورة المطففين: ﴿كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ (٧) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ (٨) كِتَابٌ مَرْقُومٌ (٩) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٠) الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (١١) وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (١٢) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٣) كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [المطففين ٧ - ١٤]، هذا يدلُّ على أنَّ قولهم: ﴿أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾ ليس دعوى بل اعتقاد، وأنَّ هذا هو الذي يعتقدونه، فإنْ كانت دعوى وهم يعتقدون أنها وحيٌ وصِدْقٌ فهذه دعوى باطلةٌ مثل غيرها من الدعاوى، وإنْ كان هذا ما يعتقدونه وهو ما ظهر لهم من القرآن فليس بغريبٍ أيضًا؛ لأنَّ الإنسان -والعياذ بالله- إذا حُجِبَ قلبُه رأى الحقَّ باطلًا والباطلَ حقًّا، فيمكن أن هؤلاء لظلمهم وكفرهم وعدوانهم لم يتبيَّن لهم حقيقة القرآن وظنُّوها أساطير. وهذا في الحقيقة معنًى جيِّد -الأخير- أنهم يقولونه لا مجرَّد دعوى لتكذيب الرسول ﷺ، ولكن بحسب الواقع فيما يعتقدون؛ وذلك لأنهم ليس عندهم اتجاهٌ سليمٌ صحيحٌ لقبول الحقِّ، فأُرُوا الحقَّ باطلًا.
الآن لو قرأْنا القرآنَ على إنسانٍ مُعْرِضٍ هل يتذوَّق حلاوتَه؟ هل يُحِسُّ بأنَّه كلام الله؟ هل يُحِسُّ بأنَّه أصدَقُ الأخبار وبأنَّه أعدَلُ الأحكام؟ لا، أبدًا، تجده مُعْرِضًا عنه، وليس بشيءٍ عنده حقيقةً باعتبار الواقع. ليش؟ لأنه -والعياذ بالله- كما قال الله عز وجل: ﴿وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ [الأنعام ١١٠].
فهو -قولهم: ﴿أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾ - قد يكون ذلك عن عقيدةٍ وأنَّ هذا بحسب الواقع لأنَّ حالهم تقتضي ذلك، وكلَّما أعرضَ الإنسانُ عن القرآن يكون أشدَّ خفاءً عليه وأبعدَ عن معرفته، وكلَّما أقبلَ عليه ازدادَ به يقينًا ومعرفةً. أفهمتم الآن؟
ولِهذا أنا أدعوكم ونفسي إلى أنْ يتأمل الإنسان دائمًا في القرآن ويتدبَّر لئلَّا يكون أُمِّيًّا. الله تعالى سَمَّى اللي ما يعرفون المعنى سَمَّاهم أُمِّيِّين، اللي ما يعرف المعنى وإنْ كان يعرف اللفظَ سَمَّاه الله أُمِّيًّا؛ كما قال الله تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ﴾ [البقرة ٧٨]، أيش معنى ﴿أَمَانِيَّ﴾؟
* الطلبة: قراءة.
* الشيخ: قراءة، فسَمَّى هؤلاء الذين لا يعلمون الكتاب إلا قراءةً سَمَّاهم أُمِّيِّين؛ لأنَّ مَن يقرأ ولا يفهم فهو كمَنْ لا يقرأ، لا فرق بينهما، إلَّا أنَّ هذا عنده فهمٌ للَّفظ وذاك ليس عنده (...)، واللفظ ماذا يستفيد به المرء وهو لا يعرف معناه؟! لأنَّ اللفظ هو بمنزلة الثوب للجسم؛ إذا كان عند الإنسان ثيابٌ هل تكون رجالًا؟ واحد عنده عشرون ثوبًا، قال: واللهِ أنا أبغي آخذه على هؤلاء الجماعة (...) عليهم. أيش عندك؟ قال: عندي عشرين ثوب. تنفعه هذه الثياب؟ ليست عشرون الثوب تكون عشرين رجلًا.
فالمهم أنَّنا نقول: إنَّ الواقع أنَّ الرجل إذا لم يُقبل على القرآن وهو يتأمَّله ويحرص على معرفة معناه فإنَّه لا يستفيد من القرآن شيئًا، وكما تعرفون حال الصحابة رضي الله عنهم؛ لا يتجاوزون عَشْر آياتٍ حتى يتعلَّموها وما فيها من العلم والعمل[[أخرج الطبري في تفسيره (١ / ٨٠) عن أبي عبد الرحمن قال: حدثنا الذين كانوا يُقرِئوننا أنهم كانوا يستقرئون من النبيِّ ﷺ، فكانوا إذا تعلَّموا عشر آياتٍ لم يخلِّفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل، فتعلَّمنا القرآن والعمل جميعًا.]]، فتعلَّموا القرآنَ والعلمَ والعملَ جميعًا.
والذي يضرُّنا نحن أنَّنا نحرص على تلاوة القرآن لفظًا، وهذا طيب، لكن معنًى أيضًا. ومن الممكن أنَّ الإنسان يقرأ ما تيسَّر لفظًا، ثم إذا كان ما قد مَنَّ الله عليه بحفظه يتأمَّله وهو يمشي، يتأمَّله وهو على فراشه، وبتأمُّل القرآن يفتح الله على الإنسان معاني ما كان يعرفها ولا تخطر له على البال؛ ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ [القمر ١٧]، وجرِّبْ تَجِدْ؛ لأنَّ القرآن تبيانٌ لكلِّ شيء، وهذا كلام الله عنه، والذي يحول بيننا وبين هذا التبيان لكلِّ شيءٍ هو عدمُ إقبالنا على هذا القرآن والتأمُّل فيه والتفكُّر فيه، وإلا لو أنَّنا تأمَّلْناه لَوجدناه تبيانًا لكلِّ شيء.
﴿وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا﴾ يعني: استنسخها من غيره. وأيضًا الرسولُ ﷺ يعرفون هم أنَّه كان أُمِّيًّا لا يقرأ ولا يكتب، لكنَّه أَمَر غيره أن يكتبها له، ولهذا المؤلف يقول: (انتسخها من ذلك القوم بغيره) انتسخها بغيره، لأنهم ما قالوا: كتبها، قالوا: ﴿اكْتَتَبَهَا﴾؛ يعني أَمَر غيرَه أن يكتبها له؛ لأنهم هم يعرفون الرسول ﷺ أنه كان أُمِّيًّا لا يقرأ ولا يكتب.
﴿فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الفرقان ٥] ﴿تُمْلَى عَلَيْهِ﴾ يعني: تُقرأ عليه، ليس تُملى عليه ليكتبها؛ لأنه لا يكتب، ولكنْ تُقرأ عليه ﴿بُكْرَةً﴾ في أول النهار ﴿وَأَصِيلًا﴾ في آخر النهار، ثم يأتي بها للناس ويقول: هذا كلام الله وهذا وَحْيٌ يُلقى إليه، وهو في ذلك -على زعمهم- ليس بصادق.
قال الله تعالى ردًّا لقولهم ..
* طالب: قوله تعالى: (...)؟
* الشيخ: يمكن أن يكون (...)، يجوز هذا وهذا، ويمكن بعضهم مِثْل كُبَرائهم لا شكَّ أنهم يعرفون الحقَّ، لكن عوامهم قد لا يعرفون، قد يخفى عليهم هذا الأمر ويقولون: ﴿أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾.
* طالب: يا شيخ، قوله تعالى: (...)، يؤخذ من هذا أنَّ (...)؟
* الشيخ: لا، ما هو بيؤخذ، يؤخذ من هذا العموم ومن كلِّ وقت، دائمًا إذا أُرِيدَ العمومُ يُذكَر البُكرة والعشي؛ ﴿وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا﴾ [مريم ٦٢] مع أنَّ رزقهم لا ينقطع في الجنة؛ ﴿لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ﴾ [الواقعة ٣٣]، لكنَّه يُذكَر هذان الوقتان للدوام.
أمَّا بالنسبة للواقع والتجربة فإنَّنا جرَّبْنا أنَّ الحفظ في أول النهار أسرع، والحفظ في آخر النهار -حسب ما جرَّبتُ أنا- إذا حفظت في آخر النهار ما هو سريع الحفظ، لكنَّك إذا قُمت من النوم وجدت أنك حافظ، فكلُّ واحدٍ منهما له مزيَّة بالنسبة للحفظ.
ردَّ الله عليهم بقوله: (﴿قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ﴾ الغيب ﴿فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا﴾ للمؤمنين ﴿رَحِيمًا﴾ [الفرقان ٦] بهم).
﴿قُلْ أَنْزَلَهُ﴾ أمْرٌ للنبيِّ عليه الصلاة والسلام بأنْ يقول لهم في ردِّ قولهم: ﴿أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ﴾، ونحن ذكرنا فيما سبق أنَّ القرآن كلَّه قد أُمِرَ النبيُّ ﷺ بتبليغه، ولكنَّه إذا جاء حُكمٌ من الأحكام أو خبرٌ من الأخبار وأُمِرَ النبيُّ ﷺ أن يقوله، ويش يدلُّ عليه؟ على الاهتمام به والعناية به، كأنَّه وصيَّةٌ خاصَّةٌ بهذا الأمر.
وفي هذا المقام الذي معنا فيه أيضًا زيادةٌ على ذلك أنَّه دعمٌ للرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأنَّه إذا كان الله هو الذي يُلَقِّنه الحُجَّة، كان ذلك أبلغ في دَعْمه وتقويته، أليس كذلك؟ يعني كأنَّ الله يُلَقِّنه الحُجَّة ليُحاجَّ عنه لكن على لسانه.
﴿قُلْ أَنْزَلَهُ﴾ أي: القرآن ﴿الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ قد يبدو للإنسان أن هذا الجواب ليس بمقنع؛ لأن هذا الجواب هو نفس الشيء الذي كان الرسول يقوله؛ فإنَّ الرسول يقول: إنَّ هذا الوحي أنزله الله، من الأصل، فهل يمكن.. أنتم فاهمون الكلام الآن؟
يعني قد يبدو للإنسان مِن أوَّل وَهْلةٍ أنَّ هذا الجواب غير مقنع، كيف ذلك؟ لأنَّ الرسول ما زال يقول: إن الذي أنزله الله، فكيف يكون هذا الجواب مُفْحِمًا لهم ومُبْطِلًا لقولهم؟
* طالب: لأنَّ الله سبحانه وتعالى (...).
* الشيخ: وهي؟
* الطالب: ﴿أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [الفرقان ٦] (...).
* الشيخ: زين، هذا وجه. ووجه آخر: في نفس ﴿يَعْلَمُ السِّرَّ﴾؛ ولهذا الله قال: ﴿قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ﴾ [الفرقان ٦]، وفي أخبار هذا القرآن ما هو من الأسرار التي لا يطَّلع عليها محمدٌ ﷺ ولا غيره؛ ولهذا عدلَ الله سبحانه وتعالى عن قوله: قلْ أنزله الله، إلى قوله: ﴿الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ﴾، يعني هو في القرآن من الأسرار ما هو معلوم، يُخبر بالخبر فيقع، هل الرسول عليه الصلاة والسلام يمكنه أن يعلم ذلك؟ لا يعلم ذلك، وإنما الذي يعلمه الله، وهو الذي أنزله، فنأخذ من قوله: ﴿الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ نأخذ منه البرهان القاطع على أنَّ هذا القرآن ليس من كلام الرسول عليه الصلاة والسلام، وليس أساطير الأولين؛ لأنَّ فيه إخبارًا عن أمورٍ مستقبَلةٍ تقع كما أخبر، ولا أظنُّ أنَّ بشرًا يتمكَّن من ذلك، هذا وجهٌ بيِّنٌ جدًّا.
وجهٌ آخَر يمكن أن يؤخذ؛ وهو أنَّه إذا كان هذا القرآن من عند محمدٍ ﷺ وينسبه إلى الله، فإنَّ الله لا يمكن أن يُقِرَّه على هذا الأمر؛ لأنَّ الله تعالى يعلم السِّرَّ، وهذا الذي فعله محمدٌ ﷺ على فرض أنَّه ليس بصحيحٍ سرٌّ ولَّا جَهْر؟ جَهْرٌ. فإذا كان الله يعلم السِّرَّ فإنَّه يعلم الجهرَ من باب أَوْلى، وإذا كان يعلم الجهرَ ومحمدٌ ﷺ يقول: إنَّ هذا كلام الله، فإنَّ الله تعالى لا يمكن أن يُهمله: ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ﴾، ﴿بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ﴾ ما هي بكلِّها ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (٤٤) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ﴾ [الحاقة ٤٤ - ٤٦].
إذَنْ فهذه حُجَّة من وجهين:
منين الوجه الأول؟ أنَّ في القرآن أسرارًا وأخبارًا بالغيب لا يمكن أنْ يأتي بها بَشَر.
الأمر الثاني: أنَّه لو كان القرآن من عند محمدٍ ﷺ وهو (...) إلى الله ويجاهد به أيضًا، ويجاهد به وعليه، لَكان الله سبحانه وتعالى يُعاجله بأيِّ شيء؟ بالعقوبة؛ لأن الله يقول: ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (٤٤) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ﴾، وهذا هو السرُّ في العدول عن قوله: قلْ أنزله الله، إلى قوله: ﴿قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾.
وقوله: ﴿إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ يُشير المؤلف .. المؤلف تصرَّف في إطلاق الآية؛ الآية: ﴿إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾، وهو يقول هنا: (﴿إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا﴾ للمؤمنين ﴿رَحِيمًا﴾ بهم)، فما رأيُكم بهذا التصرُّف من المؤلف؟ هذا في الحقيقة تخصيصٌ لا وجه له؛ فالله تعالى موصوفٌ بهذا الوصف ﴿إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا﴾ لكلِّ مَن يستحقُّ المغفرة؛ للمؤمن معه أصل الإيمان لكن يعمل المعاصي..
تجوز مخالفة الرسم العثماني، قالوا: لأن للرسم قواعد خاضعة لكل أمة ولكل عصر، ولو أن القرآن حين نزَلَ كتابته على غير هذا الوجه لكُتِبَ على غير هذا الوجه.
إذن (...) القول الأول يقولون: لا تجوز مخالفة الرسم العثماني، ويجب على الإنسان إذا كتب القرآن لنفسه أو لغيره، تعليمًا أو تلاوة، أو أي حال من الأحوال، يجب أن يكون على الرسم العثماني، بناءً على أن هذا من باب التوقيف، فكما أننا لا نغيِّر اللفظ فكذلك لا نغيِّر الكتابة.
ثانيًا: يجوز أن يُكتب القرآن بحسب القواعد التي يُكتَب بها في أي عصر كان، ولا يجب التقيُّد بالرسم العثماني.
قالوا: لأن الكتابة لها قواعد تختلف باختلاف العصور والأمم، والقرآن لم ينزل مكتوبًا وإنما نزَلَ مقروءًا باللفظ لا بالكتابة حتى نقول: إن الكتابة توقيفية. ولأنه لو كانت القواعد -قواعد الرسم- حين نزول القرآن على غير هذا الوجه لكتب بها ولَّا لا؟
* طالب: بلى.
* الشيخ: لو فُرِضَ أن الرسم حين نزول القرآن أو حين جمعه في عصر عثمان رضي الله عنه على غير هذه القواعد، لكُتِبَ بها ولَّا يُكْتب بشيء آخر؟ لكُتِب بها. فدلَّ ذلك على أن الكتابة تابعةٌ للعصر الذي تُكْتَب فيه.
والقول الثالث: التفصيل؛ إن كُتِبَ لعالمٍ فبالرسم العثماني، وإن كُتِبَ لجاهل فبالرسم العصري الذي هو فيه. قالوا: لأنه إذا كان جاهلًا ثم كُتِبَ له على الرسم العثماني أخطأ في اللفظ؛ مثلًا: نبغي نكتب (الصلاة)، على الرسم العثماني فيها واو.
* طالب: الصلوات.
* الشيخ: بيقرأها الجاهل الصلوات مثلًا، أو الصلوت، وكذلك الزكاة، وكذلك الربا، وما أشبهها. فهؤلاء يفصِّلون بين أن يُكْتَبَ لعالمٍ وأن يُكْتَبَ لجاهلٍ.
والصحيح القول الثاني: إنه يجوز أن يُكْتَبَ القرآن بحسب القواعد العصرية التي كُتِبَ بها؛ لأن كتابته ليست بتوقيفية؛ لأنه لم ينزِلْ مكتوبًا، فنقول: يجب التوقف على ما نزل عليه، وإنما هو كُتِبَ في عصرٍ كانت قواعد الرسم على هذا الوجه، فبقي على هذا الوجه.
* طالب: ربما يا شيخ (...)؟
* الشيخ: لا، ما يقع، أصله هو يُتْلَى، فالتلاوة تضبطه عن التحريف.
طيب، بناء على هذا الخلاف: كتابة القرآن بطريقة (برايل) تجوز ولَّا لا؟
* طالب: تجوز.
* الشيخ: لا، ما تجوز من باب أولى؛ لأن النقط هذه أبعد ما تكون عن الحروف، وعلى هذا فلا يجوز إطلاقًا أن يُكْتَبَ، وعمل الناس الآن على خلاف هذا؛ فهم الآن يوجد مصاحف كاملة مكتوبة بهذه الطريقة.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: لا، لفظًا، ما هي ترجمة.
* طالب: يُكْتَب ببرايل بالرسم العثماني؟
* الشيخ: لا.
* الطالب: ما المعنى يعني؟
* الشيخ: الآن مثلًا: ﴿وَإِذْ قَالَ اللَّهُ﴾ [المائدة ١١٦]، ﴿قَالَ﴾ ما تكتب ببرايل إلا على حسب قواعد برايل، حسب رسمها، (...).
* الطالب: إي نعم، لا يكتب (...) يا شيخ، أغلبها اختصارات.
* الشيخ: لا، حتى لو فُرِضَ أنها تبقى على ما هي عليه، إن كان بعد اختصارات فهي يجب البحث فيها، حتى لو قلنا بالجواز.
* الطالب: لا، أغلبها اختصارات، تعلمنا في (...) أكثرها اختصارات، يختصرون الكلمات إلى نقط (...) الحرف.
* الشيخ: نقطة واحدة؟
* الطالب: يعني ربما كلمة كاملة مثلًا (كيف)، بالذات الكلمات المشهورة.
* الشيخ: إي، يرمزون لها رمزًا؟
* الطالب: إي رمز، ربما رمَزَ بحرف واحد.
* الشيخ: معناه أنهم يسقطون بعض الحروف كتابة؟
* الطالب: إي.
* الشيخ: هذه تكون أبعد عن الجواز، يعني هذه أبعد حتى لو قلنا بالجواز فيُنْظر في هذا.
* طالب: يا شيخ، بالنسبة لكتابة القرآن لنا، يعني (...)؟
* الشيخ: لا، القراءات على الرسم العثماني صحيح تأتي، لكن قبل أن يوجد التشكيل والإعراب. الإعجام الآن يمنع، ﴿فَتَبَيَّنُوا﴾ [الحجرات ٦] مثلًا بعد أن أُعجمت ونُقِطَت ما يمكن أنك تقرأها: ﴿فَتَثَبَّتُوا﴾ .
* الطالب: لا، مثل قوله تعالى: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ [الفاتحة ٤]؟
* الشيخ: إي.
* الطالب: تقرأ ﴿مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ ؟
* الشيخ: نعم.
* الطالب: فيها، يعني بالرسم العثماني ألف مُزالةٌ، فتُقْرَأ على الوجهين.
* الشيخ: الآن؟
* الطالب: لكن لو كُتِبَت على الكتابة المعروفة لاحتملت وجهًا واحدًا، وهو (...).
* الشيخ: الآن ﴿مَالِكِ﴾، لو أنا بنقرأها على الرسم العثماني بدون تشكيل، على طول نقرؤها: ﴿مَلِكِ﴾ ، ولا يمكن نقرؤها: ﴿مَالِكِ﴾، ولَّا لا؟
* الطالب: نعم.
* الشيخ: وبالتشكيل تقرؤها: ﴿مَالِكِ﴾؛ لأنه يرمز للألف بالشرطة.
* الطالب: للاسم.
* الشيخ: بالشرطة؟
* الطالب: نعم.
* الشيخ: فإذن على كل حال سيتبين هذا وهذا، يعني بعد التشكيل في الحقيقة ما تتبين القراءة، يعني ما تكون الكلمة الواحدة جامعة للقراءة.
* الطالب: (...)؟
* الشيخ: لا، أبدًا، ما هو محظور هذا.
* طالب: بالنسبة لكتابة (برايل)، أليس القرآن الكريم نزل مقصودًا للنطق به، يعني تعلم الناس؟
* الشيخ: بلى.
* الطالب: ويش المانع أن تكون الكتابة على هذه (...)؟
* الشيخ: نحن نقول بناء على الخلاف، أما إذا قلنا بالجواز فهي جائزة طريقة (برايل)، إي، لكن بس عاد اللي يوجب علينا الإشكال كلام الأخ أن فيها اختصارًا.
* الطالب: إذا كان يفهم المعنى؟
* الشيخ: إي.
* الطالب: إذا كان -مثلًا- يفهم أن هذه النقطة أنها مثلًا (كيف) أو (لماذا).
* الشيخ: إي نعم.
* الطالب: يعني يكون القرآن كاملًا، يعني لفظًا؟
* الشيخ: ما فيه إشكال.
* الطالب: ما فيه إشكال؟
* الشيخ: إي نعم، هو على القول بالجواز الأمر واسع، على القول بجواز كتابة القرآن بغير الرسم العثماني الأمر فيه واسع، وما زال الناس الآن بالنسبة للتعليم -تعليم الصبيان- يكتبونه بالرسم العصري، وأنا ما عندي إشكال في جواز الرسم العصري بدون حاجة، حتى وإن لم يحتج الإنسان إليه؛ لأنه كما أشرنا إليه أولًا. أولًا ذكرنا ثلاثة أوجه للجواز: أن القرآن نزل؟
* طالب: ليُقْرَأ.
* الشيخ: مَلْفوظًا به لا مكتوبًا، وحينئذٍ يمنع التوقيف.
ثانيًا: أنه إنما كُتِب على هذا الوجه لأن القاعدة الرسمية في ذلك الوقت كانت على هذا الوضع، لا لأنه -مثلًا- الرسول قال: اكتبوه على هذه الصفة، أو أن جبريل نزل به على هذه الصفة.. إلى آخره.
* طالب: فيه حديث عن النبي ﷺ أمره بأن يكتب على هذه الصفة.
* الشيخ: على هذه الصفة؟
* الطالب: إي نعم.
* الشيخ: وين هو؟
* الطالب: في حديث (...) ﷺ: مدَّ الألف، يعني لا أحفظ لفظ الحديث: وحرك اللام...
* الشيخ: ما أعرفه.
* الطالب: لا (...)، فيه حديث -يا شيخ- شرحه الزرقاني.
* الشيخ: إي.
* الطالب: يعني ذكر فيه كيفية أمر النبي ﷺ لهم بكتابة القرآن، بأن قال لهم يعني: مُدَّ الْأَلِفَ، أو حَرِّكِ اللَّامَ.
* الشيخ: طيب، إذا قال: مُدَّ الْأَلِفَ، هذا عليهم؛ لأن ﴿مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ ، إذا مدينا الألف نجيب الألف، مع أني ما أعتقد أن هذا يصلح من الرسول عليه الصلاة والسلام، أبدًا، أنه يقول: اكتبوا (الصلاة) بالواو، واكتبوا (الزكاة) بالواو، واكتبوا (الربا) بالواو.
* الطالب: لا، هو ذكر فيها قواعد الرسم الخمسة (...)، يعني الحذف والوصل والـ...
* الشيخ: على كل حال، اللي بيغير اللفظ لا بد، هذا لو ما أمر به الرسول عليه الصلاة والسلام لفظًا أمرًا خاصًّا، هذا معلوم، اللي بيغير اللفظ.
* الطالب: (...) حسب الأحرف السبعة، حتى تعتبرها الأحرف السبعة.
* الشيخ: أبدًا، ما نعتبرها الأحرف السبعة، الأحرف السبعة باللفظ ما بالكتابة.
الوجه الثالث: أننا نجزم بأنه لو كانت القواعد الرسمية في ذلك الوقت على غير هذا الشكل لكُتِبَ بها بلا شكٍّ، ما يمكن يُكْتَب بغير القواعد الرسمية في ذلك الوقت.
* طالب: (...).
* الشيخ: نعم، لكنه في عهد عثمان رضي الله عنه كتبوا حسب القواعد الرسمية -فيما يبدو لي- في المدينة في ذلك الوقت ولو هو من الجائز، ما دام أن عثمان أمر بإحراق جميع المصاحف المخالفة لهذا في اللفظ، حتى لفظًا أمر بإحراقها ليجتمع الناس.
على هذا نقول: هذا القول هو الراجح؛ أنه يجوز أن يكتب القرآن بحسب القواعد العصرية، وأنه لا يجوز أن يكتب بالرسم العثماني للجاهل، هذا الذي نراه أيضًا، إنسان جاهل ما إحنا معلمينه لفظًا، يعني لا نعلمه التلاوة لفظًا، لا يجوز أن نكتب له بالرسم العثماني، والسبب أنه لو قرأه على حسب الرسم العثماني وهو لم يعلم إياه بالتلاوة سوف يحرف القرآن.
* طالب: يا شيخ، بالنسبة لأصحاب القول الثاني الذين يرون أنه، الذين فسروا بالنسبة (...)؟
* الشيخ: بالنسبة؟
* الطالب: للجاهل، يعني يجب كتابة القرآن بالطريقة التي يقرأها (...).
* الشيخ: إي.
* الطالب: طيب، منها نستنبط أنه أيضًا (...)؟
* الشيخ: ما فيها شك، هذا إذا قلنا بالجواز سواء تفصيلًا أو إطلاقًا، فالطريقة (برايل) هذه جائزة للحاجة.
﴿وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ﴾ [الفرقان ٧] قلنا: إن (ما) استفهامية، و(لِ هذا) جار ومجرور خبرُ المبتدأ، و﴿يَأْكُلُ الطَّعَامَ﴾ الجملة ويش محلها من الإعراب؟ نجيب آية تشبهها ليتضح لكم: ﴿فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ﴾ [المدثر ٤٩]، ويش تُعْرِبون ﴿مُعْرِضِينَ﴾؟
* طالب: (...) حال.
* الشيخ: حال. إذن ﴿يَأْكُلُ الطَّعَامَ﴾ حال؛ الجملة حالية، يعني: ما باله آكلًا للطعام، كأنهم يقولون: لو كان رسولًا لم يأكل الطعام. هذه واحدة.
ثانيًا: ﴿وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ﴾، يمشي في الأسواق مع الناس، ما يترفَّع، ولا يختبئ في بيته، ولا يمشي ومعه جنوده يمينًا وشمالًا، وأمامًا وخلفًا، ليش يمشي في الأسواق؟
﴿لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا﴾، يعني كأنهم يقولون: ولماذا لم يكن معه مَلَكٌ؟ لأن ﴿لَوْلَا﴾ بمعنى: هلَّا، وهي للتحضيض.
وقوله: ﴿مَلَكٌ﴾ أحد الملائكة، وهو مشتقٌّ من الألوكة، وهي لُغةً الرسالةُ، وقد قال الله تعالى: ﴿جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا﴾ [فاطر ١].
﴿فَيَكُونَ مَعَهُ﴾ مع من؟ مع الرسول ﷺ، ﴿نَذِيرًا﴾ يعني مُنذِرًا؛ ليعلم بذلك أنه صادق.
الوجه الرابع: (﴿أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ﴾ [الفرقان ٨] من السماء ينفقه ولا يحتاج إلى المشي في الأسواق لطلَبِ المَعاش).
﴿يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ﴾ يعني: من السماء ينزل، ﴿كَنْزٌ﴾ من السماء، وإنما قلنا: (من السماء)؛ لأن قوله: ﴿إِلَيْهِ﴾ تدل على الانتهاء والغاية، وإلا من الجائز: ﴿أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ﴾ يعني: يجد كنزًا في الأرض، ولكن (إلى) تفيد الانتهاء والغاية، فيكون معنى هذا يعني: ﴿يُلْقَى إِلَيْهِ﴾ من السماء ينزل، ﴿إِلَيْهِ﴾ من السماء، ﴿كَنْزٌ﴾ لأجل أي شيء؟ ليكون ذا مال كثير، فلا يحتاج إلى المشي في الأسواق، ولا يصيبه الفقر كما هي حال النبي ﷺ.
هذه كم؟ ﴿يَأْكُلُ الطَّعَامَ﴾، ﴿وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ﴾، ﴿لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ﴾، ﴿أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ﴾.
(﴿تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ﴾ بستانٌ، ﴿يَأْكُلُ مِنْهَا﴾ أي: من ثمارها، فيكتفي بها، وفي قراءة ﴿نَأْكُلُ﴾ بالنون؛ أي: نحن، فيكون له مَزِيَّة علينا بها).
(وفي قراءة) سبعيَّة ولَّا شاذة؟
* طالب: سبعيَّة.
* الشيخ: سبعيَّة؛ لأن قاعدة المؤلف رحمه الله أنه إذا قال: (وفي قراءة) فهي سبعية، وإذا قال: (وقُرِئَ) فهي شاذة.
إذن فيها قراءتان: ﴿يَأْكُلُ مِنْهَا﴾ و﴿نَأْكُلُ مِنْهَا﴾ ، ﴿يَأْكُلُ﴾ و﴿نَأْكُلُ﴾ .
طيب، هذه خمسة أشياء اعترضوا بها.
(﴿وَقَالَ الظَّالِمُونَ﴾ أي: الكافرون للمؤمنين، ﴿إِنْ﴾ ما، ﴿تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا﴾ مخدوعًا مغلوبًا على عقله).
﴿وَقَالَ الظَّالِمُونَ﴾ أولًا: في هذا إظهار في مقام الإضمار، ولَّا لا؟ لأنه بالأول كلها المسألة ضمائر: ﴿وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ﴾، وهنا: ﴿وَقَالَ الظَّالِمُونَ﴾. والإظهار في مقام الإضمار له فوائد، وأظن أننا قد ذكرناها من قبل.
* طالب: أولًا (...).
* الشيخ: تسجيل هذا الوصف عليهم، يعني بيان حالهم أنهم بهذا الوصف، يعني أنهم ظالمون. هذه واحدة.
طيب، الثانية؟
* طالب: الاعتناء (...).
* الشيخ: اهتمام، كيف ذلك؟ ما فيه شيء.
الفائدة الثانية: أن هذا القول يُعتَبَرُ من الظلم، فيكون الأمر شاملًا، يعني أن كل من قال فهو ظالم.
الفائدة الثالثة: التنبيه، تنبيه المخاطب؛ لأن الكلام إذا كان على نسق واحد فإن الإنسان ينسجم وربما يسرح، فإذا جاءه شيء على خلاف النمط الأول حصل بذلك الانتباه. وهذه الفائدة لفظية، والفائدتان الأوليان معنويتان.
* طالب: العلة (...)؟
* الشيخ: هو هذا يؤخذ من الأمر الثاني؛ الفائدة الثانية.
الفائدة الأولى قلنا: إنه يسجل على هؤلاء وصفهم بهذا الظاهر؛ إن كان كفرًا فهو كفر، أو ظلمًا فهو ظلم، أو فسقًا فهو فسق، أو إيمانًا فهو إيمان.. إلى آخره.
والفائدة الثانية: أن هذا الحكم أو هذا القول أو هذا الفعل ظُلمٌ، من أي إنسان وقع، وهذا هو الذي أشار إليه (...)؛ لأنه للتعليل.
والفائدة الثالثة: التنبيه، تنبيه المخاطب؛ لأن اختلاف الكلام أو اختلاف نسق الكلام يوجب الانتباه.
و﴿إِنْ تَتَّبِعُونَ﴾، يقول المؤلف: (﴿إِنْ﴾ مَا)، (ما) هذه تفسير لـ﴿إِنْ﴾، يعني أنَّ ﴿إِنْ﴾ نافية، إذا كانت نافية فالمسألة فيها حصر، يعني: ما ﴿تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا﴾، وهذا أبلغ من قولهم: إنكم تتبعون رجلًا مسحورًا، يعني كأنهم قالوا: إن الرسول عليه الصلاة والسلام ليس له حال من الأحوال إلا أنه مسحور، يعني: (مخدوعًا مغلوبًا على عقله) يعني: مختل العقلِ بالسِّحر.
ومن العجائب أنهم أحيانًا يقولون: إنه ﴿سَاحِرٌ﴾ [الذاريات ٥٢]، وأحيانًا يقولون: إنه ﴿مَسْحُورًا﴾ [الإسراء ٤٧]، وبينهما فرق. ولكن مع هذا المبطل كل ما يمكنه من الدعاوى الباطلة يأتي بها ولو كان (...).
نشوف الآن: هذه الأشياء الست التي قدحوا في النبي ﷺ بها.
أولًا: ﴿مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ﴾، بماذا نجيبهم؟ ويش نرد عليهم به؟
* طالب: أنه بشرٌ.
* الشيخ: أنه بشرٌ، فهو محتاج إلى الطعام، وهذا ليس بقادح، ما دامت القرائن أو البينات شهدت بصدقه، فإن كونَه يأكل الطعام لا يمنع من صدقه؛ لأنه بشر.
﴿وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ﴾..
* طالب: أيضًا.
* الشيخ: لا، هذه ما هي من الطبيعة البشرية، البقر يمشي بالأسواق، والإبل تمشي في الأسواق.
* طالب: التواضع.
* طالب آخر: (...) طلب الرزق يعني.
* الشيخ: إي، التواضع نعم، نرد عليهم بأن هذا مما يؤيد كونه رسولًا، لا مما يناقض كونه رسولًا؛ لأن هذا يدل على تواضعه، وعلى محبته لأنْ يكون بين أُمَّته يفيدهم ويستفيدون منه.
إذن فهذه لكونها دليلًا على الرسالة أوضح من كونها مانعًا من الرسالة، ولَّا لا؟
طيب، و﴿لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ﴾، هم كأنهم يقولون: ولماذا لم ينزل عليه مَلَكٌ؟
* طالب: (...).
* الشيخ: إي نعم، يُقال: أولًا: إنه أنزل إليه مَلَكٌ، لكنه ليس كما طلبوا يمشي معه ويُنذِرُ، فإن جبريل قد أُنْزِلَ إلى النبي ﷺ ومعه الوحي، وهذا ما يقوله النبي عليه الصلاة والسلام. وأمَّا كونه معه مصاحبًا له، فهذا لا يقدح في الرسالة إذا لم يكن مصاحبًا؛ لأنه لو كان مصاحبًا وجاء على غير صفة الملائكة عاد الأمر كما كان، صارت الحجة التي يحتجون بها أو الشبهة التي يحتجون بها موجودة. ولو جُعِلَ مَلكًا في صورة الملك لكان يقضى عليه إذا لم يؤمنوا؛ لأن الآيات المعينة إذا طلبت ولم يؤمن من طلبها فإنه يهلك.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: لا، ما هي معينة، ولهذا قيدناها: الآيات المعينة إذا طُلِبَت، أما لو قالوا: أَرِنا آيةً ولم يعينوها، فهذا يمكن ما يهلكون به.
طيب، ﴿يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ﴾، يقول: ليش ما صار هذا غنيًّا؟ فكونه قليل ذاتِ اليد يدل على أنه غير رسول، بماذا نجيبهم؟
* طالب: لأن الرسول ﷺ دعا إلى هذا؛ دعا إلى الكفاف وطلب الرزق.
* الشيخ: إي، لكن هم يقولون: أنت رسول، ليش ما نزل عليك كنزٌ تستغني به عن طلب الرزق؟
* الطالب: مما يدل على (...).
* طالب: لأن جميع الأنبياء كانوا فقراء، فكما ثبت وَكَانُوا يَأْكُلُونَ مِنْ كَسْبِ أَيْدِيهِمْ[[أخرج البخاري (٢٠٧٢) عن المقدام بن معدي كرب رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ، قال: «ما أكل أحد طعامًا قطُّ خيرًا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده». ]].
* الشيخ: طيب، وغير؟
* طالب: ولأن الرسول ﷺ خُيِّر بين (...).
* الشيخ: ما يخالف، هو خُيِّر بين أن تسير معه الجبال ذهبًا، أو خُيِّر بين أن يكون مَلَكًا نبيًّا أو عبدًا نبيًّا، فاختار هذا[[أخرج النسائي في الكبرى (٤٣١٢) أن ابن عباس رضي الله عنهما كان يحدث أن الله تبارك وتعالى أرسل إلى نبيه ﷺ ملكًا من الملائكة ومعه جبريل، فقال الملك: إن الله يخيرك بين أن تكون عبدًا نبيًّا وبين أن تكون مَلِكًا، فالتفت رسول الله ﷺ إلى جبريل كالمستشير، فأشار جبريل بيده أن تواضع، فقال رسول الله ﷺ: «بل أكون عبدًا نبيًّا»، قال: فما أكل بعد تلك الكلمة طعامًا متكئًا. ]]، لكن ما هي بهذه مقنعة.
* طالب: لأن الأمر الذي جاء به أمر عظيم من الدعوة (...)، ومن الإيمان بالله سبحانه وتعالى، فليس يعني (...) المال وغيره، وإنما عليه كي ينبههم إلى...
* طالب: (...).
* الشيخ: نعم، طيب.
* طالب: لأنه قد يكون الإنسان معه -مثلًا- مال ولا يكون رسولًا، كم مثلًا من صاحب جاهٍ فيكون معه، ليس دليلًا على (...).
* الشيخ: يعني معناه الرسالة لا تتوقف؟
* الطالب: على المال.
* الشيخ: على المال، الرسالة لا تتوقف على المال، وليس المال دليلًا على الرسالة؛ لأن هناك أناسًا كثيرين أغنياء وليسوا برُسُلٍ.
* طالب: ثم إنه لو كان معه مالٌ لاتُّبِعَ لأجل ماله.
* الشيخ: هذه إيجابية، الكلمة اللي أنت قلت إيجابية، لكن نريد الدفع؛ دفع قولهم، ثم نقول كما أشار إليه الأخ: إن عدم المال معه قد يكون أكثر لتأييد كونه رسولًا؛ لأنه لو نزل إليه مالٌ واتبعه الناس من أجله صارت المسألة ما اتبعوه علشان رسالته.
إذن نقول: هذا -أي: كونه لم ينزل عليه كنزٌ- ليس مانعًا من الرسالة. لماذا؟ لأن ثبوت الرسالة لا يتوقف على الكنز، بل تثبت بدونه، ولأنه لو كان عنده كنزٌ لقيل: اتبعه الناس من أجل كنزه وغناه. فهذا إبطال لقولهم.
﴿أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا﴾، نقول فيها مثلما قلنا في مسألة الكنز: إن هذا ليس بلازم في الرسالة، وأنه لو كان ﴿لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا﴾ أو ﴿نَأْكُلُ﴾ على القراءة الثانية (...) لقيل: إنهم اتبعوه لأجل الأكل من هذه الجنة.
السادس: ﴿وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا﴾، بماذا نرد عليهم؟
* طالب: بالآيات القرآنية.
* الشيخ: لا، بس الآيات القرآنية ما هم مؤمنين هم بالقرآن.
* طالب: (...).
* الشيخ: وغير هذا؟
* طالب: نرد عليهم (...).
* الشيخ: نعم، نرد عليهم بأن المسحور لا يمكن أن يأتي بمثل هذا الكلام، يأتي بكلام يعجز عنه العقلاء فيقال: إنه مسحور، يمكن هذا ولَّا لا؟
* طالب: نعم.
* الشيخ: يعني يمكن لإنسانٍ مسحورٍ مخبولِ العقل بالسحر يأتي بكلام يعجز عنه البلغاء، ويتحدى العقلاء أن يأتوا بمثله ولا يستطيعون أو ما يمكن؟ لا يمكن، هذا واضح جدًّا، ولهذا قال الله سبحانه وتعالى: ﴿انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا﴾ [الفرقان ٩].
* طالب: كذلك ما أقول: إن (...).
* الشيخ: إي، الساحر (...)، لكن أثر على المسحور، ما يمكن أن يأتي بمثل هذا الكلام.
* الطالب: إذا كان الساحر يبطل سحره، فالمسحور أولى أن يُبطل السحر.
* الشيخ: لا، أصلًا ما هو بيجي بكلام مضبوط، يعني لا نقول: إنه بيأتي بكلام يمكن نقضه أو لا يمكن، لا يمكن يأتي بكلام إلا كلام غير متوازن، فكيف بكلام معجز؟!
قال الله تعالى: ﴿انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ﴾ الاستفهام في قوله: ﴿كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ﴾ للتعجب والإنكار.
وقوله: ﴿الْأَمْثَالَ﴾ يعني: الأشباه أو الأوصاف؛ لأن المثَلَ يأتي بمعنى الشبَهِ ويأتي بمعنى الصفة. قال الله تعالى: ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ﴾ [محمد ١٥]، معنى ﴿مَثَلُ﴾ صفةُ الجنة. ﴿مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ﴾ [البقرة ١٧] يعني: شَبَهُهُم كشَبَهِ... فالأمثال إما بمعنى الأشباه أو بمعنى الأوصاف، يعني: كيف جعلوا هذه الأوصاف التي يقدحون برسالتك بها؟! انظر إليها متعجبًا، والتعجب يقتضي في الغالبِ الإنكارَ.
(﴿كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ﴾ بالمسحور، والمحتاج إلى ما ينفقه، وإلى مَلَكٍ يقوم معه بالأمر، ﴿فَضَلُّوا﴾ بذلك عن الهُدى، ﴿فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا﴾ طريقًا إليه).
قوله تعالى: ﴿كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ﴾، الخطاب للرسول عليه الصلاة والسلام، وكونه يُخاطب الرسول ﷺ بهذا الإنكار عليهم لا يخفى ما فيه من التأييد والتقوية للرسول ﷺ وعناية الله تعالى به ﷺ، وهذا أمر معلوم.
وقوله: ﴿فَضَلُّوا﴾، الفاء هذه عاطفة لكنها تُفيد السببية؛ أي: فبسبب ما ضربوا لك من الأمثال ضلَّوا. وفي هذا دليل على أن الإنسان إذا أورد الشبهات على نفسه أو على من أتى بالحق فإنه يكون سببًا لضلاله، إذا لم يَقْبَل الإنسان الحق ويدَعْ ما يَرِدُ على خاطره من الشبهات حول ذلك الحق فإنه يكون سببًا لضلاله؛ ولهذا قال: ﴿فَضَلُّوا﴾، الفاء عاطفة وتُفيد السببية.
وقد ذكر ابن القيم في مفتاح دار السعادة أنه تكلم مع شيخه ابن تيمية في مسائل (...)، يقول: فجعلت أورد عليه بالنقد، فقال لي: لا تجعل قلبك مثل الإسفنجة يقبَلُ كلَّ شُبهةٍ فيتشرَّبها، ولكن اجعله كالزجاجة الصلبة تكشف ما وراءها ولا تتأثر. وهذا صحيح، الإنسان إذا فتح على نفسه باب الشبهات والتساؤلات فإنه يضِلُّ، وانظر إلى إرشاد النبي ﷺ الرجل حينما يتساءل الناس: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقولوا: من خلق الله، فأمر النبي عليه الصلاة والسلام الإنسان إذا وصل إلى هذا الحد أن يستعيذ بالله ولينته، وأرشده إلى أن يقرأ ﴿اللَّهُ أَحَدٌ (١) اللَّهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ [الإخلاص ١ - ٤]، وفي حديث آخر: ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ﴾ [الحديد ٣]
فهذه الأشياء التي تَرِدُ على القلب إذا استرسل الإنسان منها فسوف تكون سببًا لضلاله، كما تفيده هذه الآية وآيات أخرى كثيرة؛ مثل: ﴿وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ [الأنعام ١١٠]. فالإنسان يجب عليه أن يكون قابلًا للحق، متشوِّفًا له، قابلًا له، ولا يورد على نفسه شبهات؛ لأن الشبهات ما لها حدٌّ، والشيطان يحب من ابن آدم أن يرد على قلبه هذه الشبهات ليضل.
* طالب: (...)؟
* الشيخ: نعم، (المسحور) واضح، وكونه ﴿يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ﴾، و﴿يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ﴾، كلها مندرجة بقوله: (والمحتاج إلى ما ينفقهًا وإلى مَلَكٍ يقوم معه).
الخلاصة الآن -يا جماعة- أن هؤلاء الكفار جعلوا مع الله آلهة، وهذا قدح في التوحيد. ثم زعموا أن القرآن أساطير الأولين، وهذا قدح في القرآن مباشرة، ويتضمن القدح في الله أيضًا والقدح في الرسول ﷺ. ثم بعد ذلك ذكر الله قدحهم في الرسول ﷺ القدح المباشر بهذه الأوجه الستة، وتبين -ولله الحمد- أن هذه الأوجه التي أوردوها قدحًا في النبي ﷺ كلها ليست بقدح، بل منها ما يؤيد أنه رسول.
استدل بعض العلماء بهذه الآية على أن النبي ﷺ لم يُسْحَرْ، وكذَّبوا بذلك الأحاديثَ المشهورة بل المتواترة أن النبي ﷺ سُحِرَ، وأن الله أنزل عليه المعوذتين لنقض هذا السحر[[أخرج عبد بن حميد (٢٧١) عن زيد بن أرقم، قال: سحر النبي ﷺ رجل من اليهود، قال: فاشتكى فأتاه جبريل، فنزل عليه بالمعوذتين... الحديث. ]]. فهل لاستدلالهم بهذه الآية وجه ولَّا لا؟
* طالب: له وجه.
* الشيخ: كيف ذلك؟
* الطالب: لأنها (...) الظالمين.
* الشيخ: إي نعم، لكن هم.. الآن نحن لا نشك أن الرسول ﷺ قد سُحِرَ، وأنه نزلت عليه المعوذتان ونُقِضَ سِحْرُه بهما، هذا أمر لا شك فيه؛ لأن الأحاديث في ذلك متواترة. هم يقولون: هذه الأحاديث كلها كذبٌ، ما هي بصحيحة؛ لأن القول بأنه مسحور هو قول الكفار.
* طالب: لا وجه له؛ لأن (...).
* الشيخ: لا، ما هو بهذا الوصف، ما هو بهذا الرد، هو صحيح ما له وجه لكن ما هو بهذا الـ...
* طالب: قولهم: رجل مسحور، تُفيد الوصفَ اللازم.
* الشيخ: إي.
* الطالب: أنه يعني هذا حاله الدائم أنه مسحور، أما السحر الذي سحره اليهودي فهو شيء طارئ مثل المرض، يعني يُزَالُ بمزيلات.
* الشيخ: إي نعم، هذا صحيح، هذا هو الرد عليهم، نقول: إن هؤلاء الظالمين الذين قالوا: ﴿إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا﴾، أرادوا بذلك أن السحر وصف لازم له، وأن كل ها الكلام اللي بيقول كله كلام مسحور (...). أما السحر الذي طرأ على النبي عليه الصلاة والسلام فهو سحر طارئ، ثم مع ذلك ما أثَّر في الرسالة أبدًا، عائشة رضي الله عنها تقول: اللي حصل أنه كان يخيل إليه أنه فعل الشيء ولم يفعله[[أخرج البخاري (٦٠٦٣) ومسلم واللفظ له (٢١٨٩ / ٤٣) عن عائشة، قالت: سحر رسول الله ﷺ يهودي من يهود بني زريق، يقال له: لبيد بن الأعصم، قالت: حتى كان رسول الله ﷺ يخيل إليه أنه يفعل الشيء، وما يفعله، حتى إذا كان ذات يوم، أو ذات ليلة، دعا رسول الله ﷺ، ثم دعا، ثم دعا، ثم قال: «يا عائشة أشعرت أن الله أفتاني فيما استفتيته فيه؟ جاءني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي، فقال الذي عند رأسي للذي عند رجلي، أو الذي عند رجلي للذي عند رأسي: ما وجع الرجل؟ قال: مطبوب، قال: من طبه؟ قال: لبيد بن الأعصم، قال: في أي شيء؟ قال: في مشط ومشاطة، قال: وجف طلعة ذكر، قال: فأين هو؟ قال: في بئر ذي أروان» قالت: فأتاها رسول الله ﷺ في أناس من أصحابه، ثم قال: «يا عائشة، والله لكأن ماءها نقاعة الحناء، ولكأن نخلها رءوس الشياطين». قالت: فقلت: يا رسول الله أفلا أحرقته؟ قال: «لا، أما أنا فقد عافاني الله، وكرهت أن أثير على الناس شرًّا، فأمرت بها فدفنت».]]، هذا الذي حصل، وهي مدة وجيزة أيضًا ولم تؤثِّر؛ يعني ما قال شيئًا في الرسالة مما يمكن أن تتغير به الرسالة في هذه المدة.
فالحاصل أن الاستدلال بهذه الآية على إبطال أحاديث صحيحة متواترة، لا شك أنه جرأة عظيمة، لو كانت الأحاديث ضعيفة أو كانت الأحاديث -مثلًا- من الأحاديث التي في أدنى مراتب الصحة، لكنا نقول: إن هذا له وجه. وأما أحاديث صحيحة مشهورة متواترة ونبطلها بمثل هذا الأمر لا يمكن أن يبطلها، ولذلك الصواب، بل اليقين المتيقن المتعين أن ذلك وقَعَ للرسول عليه الصلاة والسلام، ولكن الله تعالى أنزل عليه سورتين ثم هُدِيَ إلى محَل السحر. أين كان سحره؟ في بئر أريس، وكان في مُشْطٍ ومُشاطةٍ في جوف طلعة ذكَرٍ، يعني كافور. تعرفون الكافور؟ كافور الفحل يكون كبيرًا ويسع. هذا السحر وُضِعَ للرسول عليه الصلاة والسلام في مُشْطٍ اللي يُكَدُّ به الرأس، والمُشاطة الشعر الذي يتناثر مع الكدُّ، وجعل في هذا الكافور في البئر التي كان الرسول عليه الصلاة والسلام يأتي إليها. فذهب النبي عليه الصلاة والسلام وأمر أن يُخْرَجَ هذا السحر، فأُخْرِجَ السحر فنُقِضَ، فعافاه الله سبحانه وتعالى.
قال الله تعالى: ﴿فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا﴾ ﴿سَبِيلًا﴾ بمعنى طريقًا. إلى أي شيء؟ إلى الهدى، والعياذ بالله. وفي هذا تحذير كما أشرنا إليه أولًا، تحذير من أن يتابع الإنسان الشُّبَه التي تَرِدُ عليه، وأنه يجب على الإنسان أن يبتعد عن هذا كله.
{"ayahs_start":3,"ayahs":["وَٱتَّخَذُوا۟ مِن دُونِهِۦۤ ءَالِهَةࣰ لَّا یَخۡلُقُونَ شَیۡـࣰٔا وَهُمۡ یُخۡلَقُونَ وَلَا یَمۡلِكُونَ لِأَنفُسِهِمۡ ضَرࣰّا وَلَا نَفۡعࣰا وَلَا یَمۡلِكُونَ مَوۡتࣰا وَلَا حَیَوٰةࣰ وَلَا نُشُورࣰا","وَقَالَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ إِنۡ هَـٰذَاۤ إِلَّاۤ إِفۡكٌ ٱفۡتَرَىٰهُ وَأَعَانَهُۥ عَلَیۡهِ قَوۡمٌ ءَاخَرُونَۖ فَقَدۡ جَاۤءُو ظُلۡمࣰا وَزُورࣰا","وَقَالُوۤا۟ أَسَـٰطِیرُ ٱلۡأَوَّلِینَ ٱكۡتَتَبَهَا فَهِیَ تُمۡلَىٰ عَلَیۡهِ بُكۡرَةࣰ وَأَصِیلࣰا","قُلۡ أَنزَلَهُ ٱلَّذِی یَعۡلَمُ ٱلسِّرَّ فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ إِنَّهُۥ كَانَ غَفُورࣰا رَّحِیمࣰا","وَقَالُوا۟ مَالِ هَـٰذَا ٱلرَّسُولِ یَأۡكُلُ ٱلطَّعَامَ وَیَمۡشِی فِی ٱلۡأَسۡوَاقِ لَوۡلَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡهِ مَلَكࣱ فَیَكُونَ مَعَهُۥ نَذِیرًا","أَوۡ یُلۡقَىٰۤ إِلَیۡهِ كَنزٌ أَوۡ تَكُونُ لَهُۥ جَنَّةࣱ یَأۡكُلُ مِنۡهَاۚ وَقَالَ ٱلظَّـٰلِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلࣰا مَّسۡحُورًا","ٱنظُرۡ كَیۡفَ ضَرَبُوا۟ لَكَ ٱلۡأَمۡثَـٰلَ فَضَلُّوا۟ فَلَا یَسۡتَطِیعُونَ سَبِیلࣰا"],"ayah":"ٱنظُرۡ كَیۡفَ ضَرَبُوا۟ لَكَ ٱلۡأَمۡثَـٰلَ فَضَلُّوا۟ فَلَا یَسۡتَطِیعُونَ سَبِیلࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق