الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ﴾ أَيْ ضَرَبُوا لَكَ هَذِهِ الْأَمْثَالَ لِيَتَوَصَّلُوا إِلَى تَكْذِيبِكَ. (فَضَلُّوا) عَنْ سَبِيلِ الْحَقِّ وَعَنْ بُلُوغِ مَا أَرَادُوا. (فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا) إِلَى تَصْحِيحِ مَا قَالُوهُ فِيكَ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ﴾ شَرْطٌ وَمُجَازَاةٌ، وَلَمْ يُدْغَمْ "جَعَلَ لَكَ" لِأَنَّ الْكَلِمَتَيْنِ مُنْفَصِلَتَانِ، وَيَجُوزُ الْإِدْغَامُ لِاجْتِمَاعِ الْمِثْلَيْنِ. (وَيَجْعَلْ لَكَ) في موضوع جَزْمٍ عَطْفًا عَلَى مَوْضِعِ "جَعَلَ". وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ مَقْطُوعًا مِنَ الْأَوَّلِ. وَكَذَلِكَ قَرَأَ أَهْلُ الشَّامِ. وَيُرْوَى عَنْ عَاصِمٍ أَيْضًا: "وَيَجْعَلُ لَكَ" بِالرَّفْعِ، أَيْ وَسَيَجْعَلُ لَكَ فِي الْآخِرَةِ قُصُورًا. قَالَ مُجَاهِدٌ: كَانَتْ قُرَيْشٌ تَرَى الْبَيْتَ مِنْ حِجَارَةٍ قَصْرًا كَائِنًا مَا كَانَ. وَالْقَصْرُ فِي اللُّغَةِ الْحَبْسُ، وَسُمِّيَ الْقَصْرُ قَصْرًا لِأَنَّ مَنْ فِيهِ مَقْصُورٌ عَنْ أَنْ يُوصَلَ إِلَيْهِ. وَقِيلَ: الْعَرَبُ تُسَمِّي بُيُوتَ الطِّينِ الْقَصْرَ. وَمَا يُتَّخَذُ مِنَ الصُّوفِ وَالشَّعْرِ الْبَيْتَ. حَكَاهُ الْقُشَيْرِيُّ. وَرَوَى سُفْيَانُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ خَيْثَمَةَ قَالَ: قِيلَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: أَنْ شِئْتَ أَنْ نُعْطِيَكَ خَزَائِنَ الدُّنْيَا وَمَفَاتِيحَهَا وَلَمْ يُعْطَ ذَلِكَ مَنْ قَبْلَكَ وَلَا يُعْطَاهُ أَحَدٌ بَعْدَكَ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِنَاقِصِكَ فِي الْآخِرَةِ شَيْئًا، وَإِنْ شِئْتَ جَمَعْنَا لَكَ ذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ، فَقَالَ: "يُجْمَعُ ذَلِكَ لِي فِي الْآخِرَةِ" فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: "تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً" "مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً". وَيُرْوَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ أَنْزَلَهَا رِضْوَانُ خَازِنُ الْجِنَانِ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، وَفِي الْخَبَرِ: إِنَّ رِضْوَانَ لَمَّا نَزَلَ سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ! رَبُّ الْعِزَّةِ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ، وَهَذَا سَفَطٌ [[السفط: الذي يعنى فيه الطيب وما أشبهه من أدوات النساء. وقيل: كالجوالق. وفي ك: سوط. وهو تحريف]] - فَإِذَا سَفَطٌ مِنْ نُورٍ يَتَلَأْلَأُ- يَقُولُ لَكَ رَبُّكَ: هَذِهِ مَفَاتِيحُ خَزَائِنِ الدُّنْيَا، مَعَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مالك [[في ك: ممالك.]] فِي الْآخِرَةِ مِثْلَ جَنَاحِ بَعُوضَةٍ، فَنَظَرَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى جِبْرِيلَ كَالْمُسْتَشِيرِ لَهُ، فَضَرَبَ جِبْرِيلُ بِيَدِهِ الْأَرْضَ يُشِيرُ أَنْ تَوَاضَعْ، فَقَالَ: "يَا رِضْوَانُ لَا حَاجَةَ لِي فِيهَا الْفَقْرُ أَحَبُّ إِلَيَّ وَأَنْ أَكُونَ عَبْدًا صَابِرًا شَكُورًا". فَقَالَ رِضْوَانُ: أَصَبْتَ! [[في ك: أصاب الله لك]] اللَّهُ لَكَ. وذكر الحديث.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب