الباحث القرآني

قوله عزّ وجلّ: ﴿ألَمْ تَرَ أنَّ اللهَ يُولِجُ اللَيْلَ في النَهارِ ويُولِجُ النَهارِ في اللَيْلَ وسَخَّرَ الشَمْسَ والقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إلى أجَلٍ مُسَمًّى وأنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ ﴿ذَلِكَ بِأنَّ اللهَ هو الحَقُّ وأنَّ ما يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الباطِلُ وأنَّ اللهَ هو العَلِيُّ الكَبِيرُ﴾ هَذا تَنْبِيهٌ خُوطِبَ بِهِ النَبِيُّ ﷺ والمُرادُ بِهِ جَمِيعُ العالَمِ، وهَذِهِ عَبْرَةٌ تَدُلُّ عَلى الخالِقِ المُخْتَرِعِ أنْ يَكُونَ اللَيْلُ بِتَدَرُّجٍ، والنَهارُ كَذَلِكَ، فَما قَصُرَ مِن أحَدِهِما زادَ في الآخَرِ، ثُمَّ بِالعَكْسِ يَنْقَسِمُ بِحِكْمَةٍ بارِئِ العالَمِ، لا رَبَّ غَيْرُهُ. و"يُولِجُ" مَعْناهُ: يُدْخِلُ، و"الأجَلُ المُسَمّى": القِيامَةُ الَّتِي تُنْتَقَضُ فِيها هَذِهِ البِنْيَةُ وتُكَوَّرُ الشَمْسُ. وقَرَأ جُمْهُورُ القُرّاءِ: "بِما تَعْمَلُونَ" بِالتاءِ مِن فَوْقٍ، وقَرَأ عَبّاسٌ عن أبِي عَمْرُو "يَعْمَلُونَ" بِالياءِ. (p-٦٠)وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿ذَلِكَ بِأنَّ اللهَ هو الحَقُّ﴾، الإشارَةُ بِـ"ذَلِكَ" إلى هَذِهِ العِبْرَةِ وما جَرى مَجْراها، ومَعْنى ﴿هُوَ الحَقُّ﴾ أيْ: صِفَةُ الأُلُوهِيَّةِ لَهُ حَقٌّ، فَيَحْسُنُ في القَوْلِ تَقْدِيرُ "ذُو"، وكَذَلِكَ البابُ مَتى أُخْبِرَ بِمَصْدَرٍ عن عَيْنٍ، فالتَقْدِيرُ: ذُو كَذا، و"حَقٌّ" مَصْدَرٌ، ومِنهُ قَوْلُ الشاعِرِ: ؎ فَإنَّما هي إقْبالٌ وإدْبارُ وهَذا كَثِيرٌ. ومَتى قُلْتُ: كَذا وكَذا حَقٌّ، فَإنَّما مَعْناهُ: اتِّصافُ كَذا بِكَذا حَقٌّ. وقَوْلُهُ: ﴿وَأنَّ ما يَدْعُونَ﴾ يَصِحُّ أنْ يُرِيدَ الأصْنامَ، وتَكُونُ "ما" بِمَعْنى "الَّذِي"، ويَكُونُ الإخْبارُ عنها بِالباطِلِ عَلى نَحْوِ ما قَدَّمْناهُ في "الحَقُّ"، ويَصِحُّ أنْ تَكُونَ "ما" مَصْدَرِيَّةً، كَأنَّهُ قالَ: وأنَّ دُعاءَكم آلِهَةً مِن دُونِهِ الباطِلُ، أيِ الفِعْلِ الَّذِي لا يُؤَدِّي إلى الغايَةِ المَطْلُوبَةِ بِهِ. وقَرَأ الجُمْهُورُ: "تَدْعُونَ" بِالتاءِ مِن فَوْقٍ، وقَرَأ: "يَدْعُونَ" بِالياءِ ابْنُ وثّابٍ، والأعْمَشُ، وأهْلُ مَكَّةَ، ورُوِيَتْ عن أبِي عَمْرُو:. وباقِي الآيَةِ بَيِّنٌ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب