الباحث القرآني
﴿ألَمْ تَرَ أنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ في النَّهارِ ويُولِجُ النَّهارَ في اللَّيْلِ وسَخَّرَ الشَّمْسَ والقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إلى أجَلٍ مُسَمًّى وأنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾
اسْتِدْلالٌ عَلى ما تَضَمَّنَتْهُ الآيَةُ قَبْلَها مِن كَوْنِ الخَلْقِ الثّانِي وهو البَعْثُ في مُتَناوَلِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعالى بِأنَّهُ قادِرٌ عَلى تَغْيِيرِ أحْوالِ ما هو أعْظَمُ حالًا مِنَ الإنْسانِ، وذَلِكَ بِتَغْيِيرِ أحْوالِ الأرْضِ وأُفُقِها بَيْنَ لَيْلٍ ونَهارٍ في كُلِّ يَوْمٍ ولَيْلَةٍ تَغْيِيرًا يُشْبِهُ طُرُوَّ المَوْتِ عَلى الحَياةِ في دُخُولِ اللَّيْلِ في النَّهارِ، وطُرُوَّ الحَياةِ عَلى المَوْتِ في دُخُولِ النَّهارِ عَلى اللَّيْلِ، وبِأنَّهُ قادِرٌ عَلى أعْظَمَ مِن ذَلِكَ بِما سَخَّرَهُ مِن سَيْرِ الشَّمْسِ والقَمَرِ.
فَهَذا الِاسْتِدْلالُ عَلى إمْكانِ البَعْثِ بِقِياسِ التَّمْثِيلِ بِإمْكانِ ما هو أعْظَمُ مِنهُ مِن شُئُونِ المَخْلُوقاتِ بَعْدَ أنِ اسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِالقِياسِ الكُلِّيِّ الَّذِي اقْتَضاهُ قَوْلُهُ ﴿إنَّ اللَّهَ (p-١٨٥)سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ [لقمان: ٢٨] مِن إحاطَةِ العِلْمِ الإلَهِيِّ بِالمَعْلُوماتِ المُقْتَضِي إحاطَةَ قُدْرَتِهِ بِالمُمْكِناتِ لِأنَّها جُزْئِيّاتُ المَعْلُوماتِ وفَرْعٌ عَنْها.
والخِطابُ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ، والمَقْصُودُ بِهِ المُشْرِكُونَ بِقَرِينَةِ ﴿وأنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ .
والرُّؤْيَةُ عِلْمِيَّةٌ. والِاسْتِفْهامُ لِإنْكارِ عَدَمِ الرُّؤْيَةِ بِتَنْزِيلِ العالِمِينَ مَنزِلَةَ غَيْرِ عالِمِينَ لِعَدَمِ انْتِفاعِهِمْ بِعِلْمِهِمْ.
والإيلاجُ: الإدْخالُ. وهو هُنا تَمْثِيلٌ لِتَعاقُبِ الظُّلْمَةِ والضِّياءِ بِوُلُوجِ أحَدِهِما في الآخَرِ كَقَوْلِهِ ﴿وآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنهُ النَّهارَ﴾ [يس: ٣٧] .
وتَقَدَّمَ الكَلامُ عَلى نَظِيرِهِ في قَوْلِهِ ﴿تُولِجُ اللَّيْلَ في النَّهارِ﴾ [آل عمران: ٢٧] أوَّلَ آلِ عِمْرانَ، وقَوْلِهِ ﴿ذَلِكَ بِأنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ في النَّهارِ﴾ [الحج: ٦١] الآيَةَ في سُورَةِ الحَجِّ مَعَ اخْتِلافِ الغَرَضَيْنِ.
والِابْتِداءُ بِاللَّيْلِ لِأنَّ أمْرَهُ أعْجَبُ كَيْفَ تَغْشى ظُلْمَتُهُ تِلْكَ الأنْوارَ النَّهارِيَّةَ، والجَمْعُ بَيْنَ إيلاجِ اللَّيْلِ وإيلاجِ النَّهارِ لِتَشْخِيصِ تَمامِ القُدْرَةِ بِحَيْثُ لا تُلازِمُ عَمَلًا مُتَماثِلًا.
والكَلامُ عَلى تَسْخِيرِ الشَّمْسِ والقَمَرِ مَضى في سُورَةِ الأعْرافِ.
وتَنْوِينُ (كُلٌّ) هو المُسَمّى تَنْوِينَ العِوَضِ عَنِ المُضافِ إلَيْهِ، والتَّقْدِيرُ: كُلٌّ مِنَ الشَّمْسِ والقَمَرِ يَجْرِي إلى أجَلٍ.
والجَرْيُ: المَشْيُ السَّرِيعُ؛ اسْتُعِيرَ لِانْتِقالِ الشَّمْسِ في فَلَكِها وانْتِقالِ الأرْضِ حَوْلَ الشَّمْسِ وانْتِقالِ القَمَرِ حَوْلَ الأرْضِ، تَشْبِيهًا بِالمَشْيِ السَّرِيعِ لِأجْلِ شُسُوعِ المَسافاتِ الَّتِي تُقْطَعُ في خِلالِ ذَلِكَ.
وزِيادَةُ قَوْلِهِ ﴿إلى أجَلٍ مُسَمًّى﴾ لِلْإشارَةِ إلى أنَّ لِهَذا النِّظامِ الشَّمْسِيِّ أمَدًا يَعْلَمُهُ اللَّهُ فَإذا انْتَهى ذَلِكَ الأمَدُ بَطَلَ ذَلِكَ التَّحَرُّكُ والتَّنَقُّلُ، وهو الوَقْتُ الَّذِي يُؤْذِنُ بِانْقِراضِ العالِمِ؛ فَهَذا تَذْكِيرٌ بِوَقْتِ البَعْثِ.
فَيَجُوزُ أنْ يَكُونَ (إلى أجَلٍ) ظَرْفًا لَغْوًا مُتَعَلِّقًا بِفِعْلِ يَجْرِي، أيْ يَنْتَهِي جَرْيُهُ، أيْ سَيْرُهُ عِنْدَ أجَلٍ مُعَيَّنٍ عِنْدَ اللَّهِ لِانْتِهاءِ سَيْرِهِما.
(p-١٨٦)ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ إلى أجَلٍ مُتَعَلِّقًا بِفِعْلِ سَخَّرَ أيْ جَعَلَ نِظامَ تَسْخِيرِ الشَّمْسِ والقَمَرِ مُنْتَهِيًا عِنْدَ أجَلٍ مُقَدَّرٍ.
وحَرْفُ إلى عَلى التَّقْدِيرَيْنِ لِلِانْتِهاءِ.
ولَيْسَتْ إلى بِمَعْنى اللّامِ عِنْدَ صاحِبِ الكَشّافِ هُنا خِلافًا لِابْنِ مالِكٍ وابْنِ هِشامٍ، وسَيَأْتِي بَيانُ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى ﴿وسَخَّرَ الشَّمْسَ والقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأجَلٍ مُسَمًّى﴾ [فاطر: ١٣] في سُورَةِ فاطِرٍ.
﴿وأنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ عَطْفٌ عَلى ﴿أنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ في النَّهارِ﴾، فَهو داخِلٌ في الِاسْتِفْهامِ الإنْكارِيِّ بِتَنْزِيلِ العالِمِ مَنزِلَةَ غَيْرِهِ لِعَدَمِ جَرْيِهِ عَلى مُوجَبِ العِلْمِ، فَهم يَعْلَمُونَ أنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ ولا يَجْرُونَ عَلى ما يَقْتَضِيهِ هَذا العِلْمُ في شَيْءٍ مِن أحْوالِهِمْ.
{"ayah":"أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ یُولِجُ ٱلَّیۡلَ فِی ٱلنَّهَارِ وَیُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِی ٱلَّیۡلِ وَسَخَّرَ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَۖ كُلࣱّ یَجۡرِیۤ إِلَىٰۤ أَجَلࣲ مُّسَمࣰّى وَأَنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق