الباحث القرآني
* (فصل)
فَإذا بلغ الأجَل الَّذِي قدر لَهُ واستوفاه جاءَتْهُ رسل ربه عز وجل ينقلونه من دار الفناء إلى دار البَقاء، فجلسوا مِنهُ مد البَصَر ثمَّ دنا مِنهُ الملك المُوكل بِقَبض الأرْواح فاستدعى بِالروحِ فَإن كانَت روحا طيبَة قالَ اخْرُجِي أيتها النَّفس الطّيبَة كانَت في الجَسَد الطّيب اخْرُجِي حميدة وأبْشِرِي بِروح ورَيْحان ورب غير غَضْبان فَتخرج من بدنه كَما تخرج القطرة من في السقاء فَإذا أخذها لم يَدعها الرُّسُل في يَدَيْهِ طرفَة عين فيحنطونها ويكفنونها بحنوط وكفن من الجنَّة ثمَّ يصلونَ عَلَيْها ويُوجد لَها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرْض ثمَّ يصعد بها للعرض الأول على أسْرع الحاسبين فينتهي بها إلى سَماء الدُّنْيا فيستأذن لَها فَيفتح لَها أبْواب السَّماء ويُصلي عَلَيْها ملائكتها ويشيعها مقربوها إلى السَّماء الثّانِيَة فيفعل بها كَذَلِك ثمَّ الثّالِثَة ثمَّ الرّابِعَة إلى أن يَنْتَهِي بها إلى السَّماء الَّتِي فِيها الله عز وجل فتحيي رَبها تبارك وتَعالى بِتَحِيَّة الربوبية اللَّهُمَّ أنْت السَّلام ومنك السَّلام تَبارَكت يا ذا الجلال والإكْرام فَإن شاءَ الله أذن لَها بِالسُّجُود ثمَّ يخرج لَها التوقيع بِالجنَّةِ فَيَقُول الرب جلّ جَلاله اكتبوا كتاب عَبدِي في عليين، ثمَّ أعيدوه إلى الأرْض فَإنِّي مِنها خلقتهمْ وفيها أعيدهم ومِنها أخرجهم تارَة أُخْرى ثمَّ ترجع روحه إلى الأرْض فَتشهد غسله وتكفينه وحمله وتجهيزه
وَيَقُول قدموني قدموني فَإذا وضع في لحده وتَوَلّى عَنهُ أصْحابه دخلت الرّوح مَعَه حَتّى إنَّه ليسمع قرع نعالهمْ على الأرْض فَأتاهُ حِينَئِذٍ فتانا القَبْر فيجلسانه ويسألانه من رَبك وما دينك ومن نبيك فَيَقُول رَبِّي الله وديني الإسْلام ونبيي مُحَمَّد فيصدقانه ويبشرانه بِأن هَذا الَّذِي عاشَ عَلَيْهِ ومات عَلَيْهِ وعَلِيهِ يبْعَث
ثمَّ يفسح لَهُ في قَبره مد بَصَره ويفرش لَهُ خضر ويقيض لَهُ شاب حسن الوَجْه طيب الرّائِحَة فَيَقُول أبشر بِالَّذِي يَسُرك فَيَقُول من أنْت فوجهك الوَجْه يَجِيء بِالخَيرِ فَيَقُول أنا عَمَلك الصّالح ثمَّ يفتح لَهُ طاقَة إلى النّار يُقال أنظر ما صرف الله عَنْك ثمَّ يفتح لَهُ طاقَة إلى الجنَّة ويُقال انْظُر ما أعد الله لَك فَيَراهُما جَمِيعًا.
وَأما النَّفس الفاجِرَة فبالضد من ذَلِك كُله إذا أذِنت بالرحيل نزل عَلَيْها مَلائِكَة سود الوُجُوه مَعَهم حنوط من نار وكفن من نار فجلسوا مِنهُ مد البَصَر ثمَّ دنا الملك المُوكل بِقَبض النُّفُوس فاستدعى بها وقالَ اخْرُجِي أيتها النَّفس الخبيثة كانَت في الجَسَد الخَبيث أبشر بحميم وغساق وآخر من شكله أزواج فيتطاير في بدنه فيجتذبها من أعماق البدن فتنقطع مَعها العُرُوق والعصب كَما ينتزع الشوك من الصُّوف المبلول فَإذا أخذها لم يَدعها في يَده طرفَة عين، ويُوجد لَها كأنتن رائِحَة جيفة على وجه الأرْض فتحنط بذلك الحنوط وتلف في ذَلِك الكَفَن ويلعنها كل ملك بَين السَّماء والأرْض، ثمَّ يصعد بها إلى السَّماء فيستفتح لَها فَلا يفتح لَها أبْواب السَّماء ثمَّ يَجِيء النداء من رب العالمين اكتبوا كِتابه في سِجِّين وأعيدوه إلى الأرْض فتطرح روحه طرحا فَتشهد بتجيهزه وتكفينه وحمله وتقول وهِي على السرير يا ويْلَها إلى أيْن تذهبون بها فَإذا وضع في اللَّحْد أُعِيدَت إلَيْهِ وجاءه الملكانِ فَسَألاهُ عَن ربه ودينه ونبيه فيتلجلج ويَقُول لا أدْرِي فَيَقُولانِ لَهُ دَريت ولا تليت ثمَّ يَضْرِبانِهِ ضَرْبَة يَصِيح صَيْحَة يسمعهُ كل شَيْء إلّا الثقلَيْن ثمَّ يضيق عَلَيْهِ قَبره حَتّى تخْتَلف فِيهِ أضلاعه ثمَّ يفرش لَهُ نار ويفتح لَهُ طاقَة إلى الجنَّة فَيُقال انْظُر إلى ما صرف الله عَنْك ثمَّ يفتح لَهُ طاقَة إلى النّار فَيُقال انْظُر إلى مَقْعَدك من النّار فَيَراهُما جَمِيعًا ثمَّ يقيض لَهُ أعمى أصمّ أبكم فَيَقُول من أنْت فوجهك الوَجْه يَجِيء بِالشَّرِّ فَيَقُول أنا عَمَلك السيئ
ثمَّ ينعم المُؤمن في البرزخ على حسب أعماله ويعذب الفاجِر فِيهِ على حسب أعماله ويخْتَص كل عُضْو بِعَذاب يَلِيق بِجِنايَة ذَلِك العُضْو فتقرض شفاه المغتابين الَّذين يمزقون لُحُوم النّاس ويقعون في أعراضهم بمقاريض من نار وتسجر بطُون أكلَة أمْوال اليَتامى بالنّار ويلقم أكلَة الرِّبا بِالحِجارَةِ ويسبحون في أنهار الدَّم كَما سبحوا في الكسْب الخَبيث وترض رُؤُوس النائمين عَن الصَّلاة المَكْتُوبَة بِالحجرِ العَظِيم ويشق شدق الكذّاب الكذبة العَظِيمَة بِكَلالِيب الحَدِيد قَفاهُ ومنخره إلى قَفاهُ وعينه إلى قَفاهُ كَما شقَّتْ كَذبته النواحي وتعلق النِّساء الزوانى بثديهن وتحبس الزناة والزواني في التَّنور المحمى عَلَيْهِ فيعذب مَحل المعْصِيَة مِنهُم وهو الأسافل
وتسلط الهموم والغموم والأحْزان والآلام النفسانية على النُّفُوس البطالة الَّتِي كانَت مشغونة باللهو واللعب والبطالة فتصنع الآلام في نُفُوسهم كَما يصنع الهَوام والديدان في لحومهم حَتّى يَأْذَن الله سُبْحانَهُ بِانْقِضاء أجل العالم وطي الدُّنْيا فتمطر الأرْض مَطَرا غليظا أبيض كمني الرِّجال أرْبَعِينَ صباحا فينبتون من قُبُورهم كَما تنْبت الشَّجَرَة والعشب فَإذا تكاملت الأجنة وأقربت الأُم وكانَ وقت الولادَة أمر الله سُبْحانَهُ إسْرافيل فَنفخ في الصُّور نفخة البَعْث وهِي الثّالِثَة وقبلها نفخة المَوْت وقبلها نفخة الفَزع فتشققت الأرْض عَنْهُم فَإذا هم قيام ينظرُونَ يَقُول المُؤمن الحَمد لله الَّذِي أحْيانًا بعد ما أماتنا وإليه النشور
وَيَقُول الكافِر ﴿يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هَذا ما وعد الرَّحْمَن وصدق المُرْسَلُونَ﴾
فيساقون إلى المَحْشَر حُفاة عُراة غرلًا بهما مَعَ كل نفس سائق يَسُوقها وشهيد يشْهد عَلَيْها وهم بَين مسرور ومثبور وضاحك وباكٍ ﴿وُجُوه يَوْمئِذٍ مسفرة ضاحكة مستبشرة ووجوه يَوْمئِذٍ عَلَيْها غبرة ترهقها قترة﴾ حَتّى إذا تكاملت عدتهمْ وصاروا جَمِيعًا على وجه الأرْض تشققت السَّماء وانتثرت الكَواكِب ونزلت مَلائِكَة السَّماء فأحاطت بهم ثمَّ نزلت مَلائِكَة السَّماء الثّانِيَة فأحاطت بملائكة السَّماء الدُّنْيا ثمَّ كل سَماء كَذَلِك فَبَيْنَما هم كَذَلِك إذْ جاءَ رب العالمين سُبْحانَهُ لفصل القَضاء فأشرقت الأرْض بنوره وتميز المجرمون من المُؤمنِينَ ونصب المِيزان وأحضر الدِّيوان واستدعي بالشهود وشهِدت يَوْمئِذٍ الأيْدِي والألسن والأرجل والجلود، ولا تزال الخُصُومَة بَين يَدي الله سُبْحانَهُ حَتّى يخْتَصم الرّوح والجسد فَيَقُول الجَسَد إنَّما كنت مَيتا لا أعقل ولا أسمع ولا أبْصر، وأنت كنت السميعة المبصرة العاقِلَة، وكنت تصرفينني حَيْثُ أردْت فَتَقول فَتَقول الرّوح وأنت الَّذِي فعلت وباشرت المعْصِيَة وبطشت.
فَيُرْسل الله سُبْحانَهُ إليهما ملكا يحكم بَينهما فَيَقُول مثلكما مثل بَصِير مقْعد وأعمى صَحِيح دخلا بستانا فَقالَ المقعد: أنا أرى الثِّمار ولا أسْتَطِيع أن أقوم إليها.
وَقالَ الأعْمى أنا أسْتَطِيع القيام ولَكِن لا أرى شَيْئا فَقالَ لَهُ المقعد احملني حَتّى أصل إلى ذَلِك ففعلا فعلى من تكون العقُوبَة فَيَقُولانِ عَلَيْهِما فَيَقُول فَكَذَلِك أنْتُما.
فَيحكم الله سُبْحانَهُ بَين عباده بحكمة الَّذِي يحمده عَلَيْهِ جَمِيع أهل السَّماوات والأرْض وكل بر وفاجِر ومُؤمن وكافِر ﴿وَتوفى كل نفس ما عملت﴾، ﴿فَمن يعْمل مِثْقال ذرة خيرا يره ومن يعْمل مِثْقال ذرة شرا يره﴾.
{"ayah":"۞ قُلۡ یَتَوَفَّىٰكُم مَّلَكُ ٱلۡمَوۡتِ ٱلَّذِی وُكِّلَ بِكُمۡ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمۡ تُرۡجَعُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق