الباحث القرآني

فَقالَ تَعالى: ﴿قُلْ يَتَوَفّاكم مَلَكُ المَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكم ثُمَّ إلى رَبِّكم تُرْجَعُونَ﴾ يَعْنِي لا بُدَّ مِنَ المَوْتِ ثُمَّ مِنَ الحَياةِ بَعْدَهُ، وإلَيْهِ الإشارَةُ بِقَوْلِهِ: ﴿ثُمَّ إلى رَبِّكم تُرْجَعُونَ﴾، وقَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ إلى رَبِّكم تُرْجَعُونَ﴾ إشارَةٌ إلى أنَّهُ لا يَغْفُلُ عَنْكم، وإذا جاءَ أجَلُكم لا يُؤَخِّرُكم إذْ لا شُغْلَ لَهُ إلّا هَذا، وقَوْلُهُ: ﴿يَتَوَفّاكم مَلَكُ المَوْتِ﴾ يُنْبِئُ عَنْ بَقاءِ الأرْواحِ، فَإنَّ التَّوَفِّيَ الِاسْتِيفاءُ، والقَبْضَ هو الأخْذُ، والإعْدامُ المَحْضُ لَيْسَ بِأخْذٍ، ثُمَّ إنَّ الرُّوحَ الزَّكِيَّ الطّاهِرَ يَبْقى عِنْدَ المَلائِكَةِ مِثْلَ الشَّخْصِ بَيْنَ أهْلِهِ المُناسِبِينَ لَهُ، والخَبِيثَ الفاجِرَ يَبْقى عِنْدَهم كَأسِيرٍ بَيْنَ قَوْمٍ لا يَعْرِفُهم ولا يَعْرِفُ لِسانَهم، والأوَّلُ يَنْمُو ويَزِيدُ ويَزْدادُ صَفاؤُهُ وقُوَّتُهُ والآخَرُ يَذْبُلُ ويَضْعُفُ ويَزْدادُ شَقاؤُهُ وكُدُورَتُهُ. والحُكَماءُ يَقُولُونَ: إنَّ الأرْواحَ الطّاهِرَةَ تَتَعَلَّقُ بِجِسْمٍ سَماوِيٍّ خَيْرٌ مِن بَدَنِها وتَكْمُلُ بِهِ، والأرْواحَ الفاجِرَةَ لا كَمالَ لَها بَعْدَ التَّعَلُّقِ. الثّانِي: فَإنْ أرادُوا ما ذُكِرَ بِها فَقَدْ وافَقُونا وإلّا فَيُغَيَّرُ النَّظَرُ في ذَلِكَ بِحَسَبِ إرادَتِهِمْ، فَقَدْ يَكُونُ قَوْلُهم حَقًّا وقَدْ يَكُونُ غَيْرَ حَقٍّ، فَإنْ قِيلَ: هم أنْكَرُوا الإحْياءَ واللَّهُ ذَكَرَ المَوْتَ وبَيْنَهُما مُبايَنَةٌ. نَقُولُ: فِيهِ وجْهانِ. أحَدُهُما: أنَّ ذَلِكَ دَلِيلُ الإحْياءِ، ودَفَعَ اسْتِبْعادَ ذَلِكَ فَإنَّهم قالُوا: ما عُدِمَ بِالكُلِّيَّةِ كَيْفَ يَكُونُ المَوْجُودُ عَيْنَ ذَلِكَ ؟ فَقالَ: المَلَكُ يَقْبِضُ الرُّوحَ والأجْزاءُ تَتَفَرَّقُ، فَجَمْعُ الأجْزاءِ لا بُعْدَ فِيهِ، وأمْرُ المَلَكِ بِرَدِّ ما قَبَضَهُ لا صُعُوبَةَ فِيهِ أيْضًا، فَقَوْلُهُ: ﴿قُلْ يَتَوَفّاكم مَلَكُ المَوْتِ﴾ أيِ الأرْواحُ مَعْلُومَةٌ، فَتُرَدُّ إلى أجْسادِها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب