الباحث القرآني

﴿قَوْلٌ مَعْرُوفٌ ومَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِن صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أذًى واللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ﴾ ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكم بِالمَنِّ والأذى كالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النّاسِ ولا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ واليَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوانٍ عَلَيْهِ تُرابٌ فَأصابَهُ وابِلٌ فَتَرْكَهُ صَلْدًا لا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِمّا كَسَبُوا واللَّهُ لا يَهْدِي القَوْمَ الكافِرِينَ﴾ . تَخَلَّصَ مِن غَرَضِ التَّنْوِيهِ بِالإنْفاقِ في سَبِيلِ اللَّهِ إلى التَّنْوِيهِ بِضَرْبٍ آخَرَ مِنَ الإنْفاقِ وهو الإنْفاقُ عَلى المَحاوِيجِ مِنَ النّاسِ، وهو الصَّدَقاتُ، ولَمْ يَتَقَدَّمْ ذِكْرٌ لِلصَّدَقَةِ إلّا أنَّها تَخْطُرُ بِالبالِ عِنْدَ ذِكْرِ الإنْفاقِ في سَبِيلِ اللَّهِ، فَلَمّا وصَفَ الإنْفاقَ في سَبِيلِ اللَّهِ بِصِفَةِ الإخْلاصِ لِلَّهِ فِيهِ بِقَوْلِهِ: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أمْوالَهم في سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أنْفَقُوا﴾ [البقرة: ٢٦٢] الآيَةَ، انْتَقَلَ بِمُناسَبَةِ ذَلِكَ إلى طَرْدِ ذَلِكَ الوَصْفِ في الإنْفاقِ عَلى المُحْتاجِينَ، فَإنَّ (p-٤٤)المَنَّ والأذى في الصَّدَقَةِ أكْثَرُ حُصُولًا لِكَوْنِ الصَّدَقَةِ مُتَعَلِّقَةً بِأشْخاصٍ مُعَيَّنِينَ بِخِلافِ الإنْفاقِ في سَبِيلِ اللَّهِ فَإنَّ أكْثَرَ مَن تَنالُهُمُ النَّفَقَةُ لا يَعْلَمُهُمُ المُنْفِقُ. فالمَنُّ عَلى المُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ هو تَذْكِيرُهُ بِالنِّعْمَةِ كَما تَقَدَّمَ آنِفًا. ومِن فِقْراتِ الزَّمَخْشَرِيِّ في (الكَلِمِ النَّوابِغِ): طَعْمُ الآلاءِ أحْلى مِنَ المَنِّ، وهو أمَرُّ مِنَ الآلاءِ عِنْدَ المَنِّ. الآلاءُ الأوَّلُ النِّعَمُ والآلاءُ الثّانِي شَجَرٌ مُرُّ الوَرَقِ، والمَنُّ الأوَّلُ شَيْءٌ شِبْهُ العَسَلِ يَقَعُ كالنَّدى عَلى بَعْضِ شَجَرِ بادِيَةِ سِينا وهو الَّذِي في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وأنْزَلْنا عَلَيْكُمُ المَنَّ والسَّلْوى﴾ [البقرة: ٥٧] والمَنُّ الثّانِي تَذْكِيرُ المُنْعَمِ عَلَيْهِ بِالنِّعْمَةِ. والأذى الإساءَةُ والضُّرُّ القَلِيلُ لِلْمُنْعَمِ عَلَيْهِ. قالَ تَعالى: ﴿لَنْ يَضُرُّوكم إلّا أذًى﴾ [آل عمران: ١١١] والمُرادُ بِهِ الأذى الصَّرِيحُ مِنَ المُنْعِمِ لِلْمُنْعَمِ عَلَيْهِ كالتَّطاوُلِ عَلَيْهِ بِأنَّهُ أعْطاهُ أوْ أنْ يَتَكَبَّرَ عَلَيْهِ لِأجْلِ العَطاءِ، بَلْهَ تَعْيِيرِهِ بِالفَقْرِ، وهو غَيْرُ الأذى الَّذِي يَحْصُلُ عِنْدَ المَنِّ، وأشارَ أبُو حامِدٍ الغَزالِيُّ في كِتابِ الزَّكاةِ مِنَ الإحْياءِ إلى أنَّ المَنَّ لَهُ أصْلٌ ومَغْرِسٌ وهو مِن أحْوالِ القَلْبِ وصِفاتِهِ، ثُمَّ تَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ أحْوالٌ ظاهِرَةٌ عَلى اللِّسانِ والجَوارِحِ، ومَنبَعُ الأذى أمْرانِ: كَراهِيَةُ المُعْطِي إعْطاءَ مالَهُ وشِدَّةُ ذَلِكَ عَلى نَفْسِهِ، ورُؤْيَتُهُ أنَّهُ خَيْرٌ مِنَ الفَقِيرِ، وكِلاهُما مَنشَؤُهُ الجَهْلُ، فَإنَّ كَراهِيَةَ تَسْلِيمِ المالِ حُمْقٌ؛ لِأنَّ مَن بَذَلَ المالَ لِطَلَبِ رِضا اللَّهِ والثَّوابِ فَقَدْ عَلِمَ أنَّ ما حَصَلَ لَهُ مِن بَذْلِ المالِ أشَرَفُ مِمّا بَذَلَهُ، وظَنُّهُ أنَّهُ خَيْرٌ مِنَ الفَقِيرِ جَهْلٌ بِخَطَرِ الغِنى، أيْ أنَّ مَراتِبَ النّاسِ بِما تَتَفاوَتُ بِهِ نُفُوسُهم مِنَ التَّزْكِيَةِ لا بِعَوارِضِ الغِنى والفَقْرِ الَّتِي لا تَنْشَأُ عَنْ دَرَجاتِ الكَمالِ النَّفْسانِيِّ. ولَمّا حَذَّرَ اللَّهُ المُتَصَدِّقَ مِن أنْ يُؤْذِيَ المُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ عُلِمَ أنَّ التَّحْذِيرَ مِنَ الإضْرارِ بِهِ كَشَتْمِهِ وضَرْبِهِ حاصِلٌ بِفَحْوى الخِطابِ لِأنَّهُ أوْلى بِالنَّهْيِ. أوْسَعَ اللَّهُ تَعالى هَذا المَقامَ بَيانًا وتَرْغِيبًا وزَجْرًا بِأسالِيبَ مُخْتَلِفَةٍ وتَفَنُّناتٍ بَدِيعَةٍ فَنَبَّهَنا بِذَلِكَ إلى شِدَّةِ عِنايَةِ الإسْلامِ بِالإنْفاقِ في وُجُوهِ البِرِّ والمَعُونَةِ. وكَيْفَ لا تَكُونُ كَذَلِكَ وقِوامُ الأُمَّةِ دَوَرانُ أمْوالِها بَيْنَها، وأنَّ مِن أكْبَرِ مَقاصِدِ الشَّرِيعَةِ الِانْتِفاعُ بِالثَّرْوَةِ العامَّةِ بَيْنَ أفْرادِ الأُمَّةِ عَلى وُجُوهٍ جامِعَةٍ بَيْنَ رَعْيِ المَنفَعَةِ العامَّةِ ورَعْيِ الوِجْدانِ الخاصِّ، وذَلِكَ بِمُراعاةِ العَدْلِ مَعَ الَّذِي كَدَّ لِجَمْعِ المالِ وكَسْبِهِ، (p-٤٥)ومُراعاةِ الإحْسانِ لِلَّذِي بَطَّأ بِهِ جُهْدُهُ، وهَذا المَقْصِدُ مِن أشْرَفِ المَقاصِدِ التَّشْرِيعِيَّةِ، ولَقَدْ كانَ مِقْدارُ الإصابَةِ والخَطَأِ فِيهِ هو مِيزانَ ارْتِقاءِ الأُمَمِ وتَدَهْوُرِها، ولا تَجِدُ شَرِيعَةً ظَهَرَتْ ولا دُعاةَ خَيْرٍ دَعَوْا إلّا وهم يَجْعَلُونَ لِتَنْوِيلِ أفْرادِ الأُمَّةِ حَظًّا مِنَ الأمْوالِ الَّتِي بَيْنَ أيْدِي أهْلِ الثَّرْوَةِ مَوْضِعًا عَظِيمًا مِن تَشْرِيعِهِمْ أوْ دَعْوَتِهِمْ، إلّا أنَّهم في ذَلِكَ مُتَفاوِتُونَ بَيْنَ مُقارِبٍ ومُقَصِّرٍ أوْ آمِلٍ ومُدَبِّرٍ، غَيْرَ أنَّكَ لا تَجِدُ شَرِيعَةً سَدَّدَتِ السَّهْمَ لِهَذا الغَرَضِ، وعَرَفَتْ كَيْفَ تُفَرِّقُ بَيْنَ المُسْتَحَبِّ فِيهِ والمُفْتَرَضِ، مِثْلَ هَذِهِ الشَّرِيعَةِ المُبارَكَةِ، فَإنَّها قَدْ تَصَرَّفَتْ في نِظامِ الثَّرْوَةِ العامَّةِ تَصَرُّفًا عَجِيبًا أقامَتْهُ عَلى قاعِدَةِ تَوْزِيعِ الثَّرْوَةِ بَيْنَ أفْرادِ الأُمَّةِ، وذَلِكَ بِكِفايَةِ المُحْتاجِ مِنَ الأُمَّةِ مَؤُونَةَ حاجَتِهِ عَلى وُجُوهٍ لا تَحْرِمُ المُكْتَسِبَ لِلْمالِ فائِدَةَ اكْتِسابِهِ وانْتِفاعِهِ بِهِ قَبْلَ كُلِّ أحَدٍ. فَأوَّلُ ما ابْتَدَأتْ بِهِ تَأْمِينُ ثِقَةِ المُكْتَسِبِ بِالأمْنِ عَلى مالِهِ، مِن أنْ يَنْتَزِعَهُ مِنهُ مُنْتَزِعٌ إذْ قالَ تَعالى: ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أمْوالَكم بَيْنَكم بِالباطِلِ﴾ [النساء: ٢٩] وقالَ النَّبِيءُ ﷺ في خُطْبَةِ حَجَّةِ الوَداعِ: «إنَّ دِماءَكم وأمْوالَكم حَرامٌ عَلَيْكم كَحُرْمَةِ يَوْمِكم هَذا في شَهْرِكم هَذا في بَلَدِكم هَذا» سَمِعَ ذَلِكَ مِنهُ مِائَةُ ألْفِ نَفْسٍ أوْ يَزِيدُونَ وتَناقَلُوهُ في آفاقِ الإسْلامِ حَتّى بَلَغَ مَبْلَغَ التَّواتُرِ، فَكانَ مِن قَواعِدِ التَّشْرِيعِ العامَّةِ قاعِدَةُ حِفْظِ الأمْوالِ، لا يَسْتَطِيعُ مُسْلِمٌ إبْطالَها. وقَدْ أُتْبِعَ إعْلانُ هَذِهِ الثِّقَةِ بِحِفْظِ الأمْوالِ بِتَفارِيعِ الأحْكامِ المُتَعَلِّقَةِ بِالمُعامَلاتِ والتَّوْثِيقاتِ، كَمَشْرُوعِيَّةِ الرَّهْنِ في السَّلَفِ والتَّوْثِيقِ بِالإشْهادِ كَما تُصَرِّحُ بِهِ الآياتُ الآتِيَةُ وما سِوى ذَلِكَ مِن نُصُوصِ الشَّرِيعَةِ تَنْصِيصًا واسْتِنْباطًا. ثُمَّ أشارَتْ إلى أنَّ مِن مَقاصِدِها ألّا تَبْقى الأمْوالُ مُتَنَقِّلَةً في جِهَةٍ واحِدَةٍ أوْ عائِلَةٍ أوْ قَبِيلَةٍ مِنَ الأُمَّةِ بَلِ المَقْصِدُ دَوَرانُها بِقَوْلِهِ تَعالى في آيَةِ الفَيْءِ ﴿ما أفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِن أهْلِ القُرى فَلِلَّهِ ولِلرَّسُولِ ولِذِي القُرْبى واليَتامى والمَساكِينِ وابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأغْنِياءِ مِنكُمْ﴾ [الحشر: ٧] فَضَمِيرُ (يَكُونُ) عائِدٌ إلى ﴿ما أفاءَ اللَّهُ﴾ [الحشر: ٧] بِاعْتِبارِ كَوْنِهِ مالًا أيْ كَيْلا يَكُونَ المالُ دُولَةً، والدُّولَةُ ما يَتَداوَلُهُ النّاسُ مِنَ المالِ، أيْ شَرَعْنا صَرْفَهُ لِمَن سَمَّيْناهم دُونَ أنْ يَكُونَ لِأهْلِ الجَيْشِ حَقٌّ فِيهِ لِيَنالَ الفُقَراءُ مِنهُ حُظُوظَهم فَيُصْبِحُوا أغْنِياءَ فَلا يَكُونُ (p-٤٦)مُدالًا بَيْنَ طائِفَةِ الأغْنِياءِ كَما كانُوا في الجاهِلِيَّةِ يَأْخُذُ قادَتُهُمُ المِرْباعَ ويَأْخُذُ الغُزاةُ ثَلاثَةَ الأرْباعِ فَيَبْقى المالُ كُلُّهُ لِطائِفَةٍ خاصَّةٍ. ثُمَّ عَمَدَتْ إلى الِانْتِزاعِ مِن هَذا المالِ انْتِزاعًا مُنَظَّمًا فَجَعَلَتْ مِنهُ انْتِزاعًا جَبْرِيًّا بَعْضَهُ في حَياةِ صاحِبِ المالِ وبَعْضَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَأمّا الَّذِي في حَياتِهِ فَهو الصَّدَقاتُ الواجِبَةُ، ومِنها الزَّكاةُ، وهي في غالِبِ الأحْوالِ عُشْرُ المَمْلُوكاتِ أوْ نِصْفُ عُشْرِها، أوْ رُبُعُ عُشْرِها، وقَدْ بَيَّنَ النَّبِيءُ ﷺ وجْهَ تَشْرِيعِها، بِقَوْلِهِ لِمُعاذِ بْنِ جَبَلٍ حِينَ أرْسَلَهُ إلى اليَمَنِ: «إنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكاةً تُؤْخَذُ مِن أغْنِيائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلى فُقَرائِهِمْ» وجَعَلَ تَوْزِيعَ ما يَتَحَصَّلُ مِن هَذا المالِ لِإقامَةِ مَصالِحِ النّاسِ وكِفايَةِ مُؤَنِ الضُّعَفاءِ مِنهم، فَصارُوا بِذَلِكَ ذَوِي حَقٍّ في أمْوالِ الأغْنِياءِ، غَيْرَ مُهِينِينَ ولا مُهَدِّدِينَ بِالمَنعِ والقَساوَةِ، والتَفَتَ إلى الأغْنِياءِ فَوَعَدَهم عَلى هَذا العَطاءِ بِأفْضَلِ ما وُعِدَ بِهِ المُحْسِنُونَ مِن تَسْمِيَتِهِ قَرْضًا لِلَّهِ تَعالى، ومِن تَوْفِيرِ ثَوابِهِ، كَما جاءَتْ بِهِ الآياتُ الَّتِي نَحْنُ بِصَدَدِ تَفْسِيرِها. ويَلْحَقُ بِهَذا النَّوْعِ أخْذُ الخُمُسِ مِنَ الغَنِيمَةِ مَعَ أنَّها حَقُّ المُحارِبِينَ، فانْتَزَعَ مِنهم ذَلِكَ وقالَ لَهم ﴿واعْلَمُوا أنَّما غَنِمْتُمْ مِن شَيْءٍ فَأنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ولِلرَّسُولِ﴾ [الأنفال: ٤١] إلى قَوْلِهِ: ﴿إنْ كُنْتُمُ آمَنتُمْ بِاللَّهِ﴾ [الأنفال: ٤١] فَحَرَّضَهم عَلى الرِّضا بِذَلِكَ، ولا شَكَّ أنَّهُ انْتَزَعَهُ مِن أيْدِي الَّذِينَ اكْتَسَبُوهُ بِسُيُوفِهِمْ ورِماحِهِمْ، وكَذَلِكَ يَلْحَقُ بِهِ النَّفَقاتُ الواجِبَةُ - غَيْرَ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ - لِأنَّها غَيْرُ مَنظُورٍ فِيها إلى الِانْتِزاعِ إذْ هي في مُقابَلَةِ تَألُّفِ العائِلَةِ، ولا نَفَقَةِ الأوْلادِ كَذَلِكَ؛ لِأنَّ الدّاعِيَ إلَيْها جِبِلِّيٌّ، أمّا نَفَقَةُ غَيْرِ البَنِينَ عِنْدَ مَن يُوجِبُ نَفَقَةَ القَرابَةِ فَهي مِن قِسْمِ الِانْتِزاعِ الواجِبِ. ومِنَ الِانْتِزاعِ الواجِبِ الكَفّاراتُ في حِنْثِ اليَمِينِ، وفِطْرِ رَمَضانَ، والظِّهارِ، والإيلاءِ، وجَزاءِ الصَّيْدِ، فَهَذا تَوْزِيعُ بَعْضِ مالِ الحَيِّ في حَياتِهِ. وأمّا تَوْزِيعُ المالِ بَعْدَ وفاةِ صاحِبِهِ فَذَلِكَ بِبَيانِ فَرائِضِ الإرْثِ عَلى وجْهٍ لا يَقْبَلُ الزِّيادَةَ والنُّقْصانَ، وقَدْ كانَ العَرَبُ يُعْطُونَ أمْوالَهم لِمَن يُحِبُّونَ مِن أجْنَبِيٍّ أوْ قَرِيبٍ كَما قَدَّمْنا بَيانَهُ في قَوْلِهِ: ﴿كُتِبَ عَلَيْكم إذا حَضَرَ أحَدَكُمُ المَوْتُ﴾ [البقرة: ١٨٠] وكانَ بَعْضُ الأُمَمِ يَجْعَلُ الإرْثَ لِلْأكْبَرِ. وجُعِلَ تَوْزِيعُ هَذِهِ الفَرائِضِ عَلى وجْهِ الرَّحْمَةِ بِالنّاسِ أصْحابِ الأمْوالِ، فَلَمْ تُعْطَ أمْوالُهم إلّا لِأقْرَبِ النّاسِ إلَيْهِمْ، وكانَ تَوْزِيعُهُ بِحَسَبِ القُرْبِ كَما هو مَعْرُوفٌ في (p-٤٧)مَسائِلِ الحَجْبِ مِنَ الفَرائِضِ، وبِحَسَبِ الأحْوَجِيَّةِ إلى المالِ، كَتَفْضِيلِ الذَّكَرِ عَلى الأُنْثى لِأنَّهُ يَعُولُ غَيْرَهُ والأُنْثى يَعُولُها غَيْرُها، والتَفَتَ في هَذا البابِ إلى أصْحابِ الأمْوالِ فَتَرَكَ لَهم حَقَّ التَّصَرُّفِ في ثُلُثِ أمْوالِهِمْ يُعَيِّنُونَ مَن يَأْخُذُهُ بَعْدَ مَوْتِهِمْ عَلى شَرْطِ ألّا يَكُونَ وارِثًا، حَتّى لا يَتَوَسَّلُوا بِذَلِكَ إلى تَنْفِيلِ وارِثٍ عَلى غَيْرِهِ. وجَعَلَتِ الشَّرِيعَةُ مِنَ الِانْتِزاعِ انْتِزاعًا مَندُوبًا إلَيْهِ غَيْرَ واجِبٍ، وذَلِكَ أنْواعُ المُواساةِ بِالصَّدَقاتِ والعَطايا والهَدايا والوَصايا وإسْلافِ المُعْسِرِ بِدُونِ مُراباةٍ. ولَيْسَ في الشَّرِيعَةِ انْتِزاعُ أعْيانِ المَمْلُوكاتِ مِنَ الأُصُولِ، فالِانْتِزاعُ لا يَعْدُو انْتِزاعَ الفَوائِدِ بِالعَدالَةِ والمُساواةِ. وجُمْلَةُ ﴿قَوْلٌ مَعْرُوفٌ﴾ إلى آخِرِها مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنافًا بَيانِيًّا، وتَنْكِيرُ ﴿قَوْلٌ مَعْرُوفٌ﴾ لِلتَّقْلِيلِ، أيْ أقَلُّ قَوْلٍ مَعْرُوفٍ خَيْرٌ مِن صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أذًى، والمَعْرُوفُ هو الَّذِي يَعْرِفُهُ النّاسُ، أيْ: لا يُنْكِرُونَهُ، فالمُرادُ بِهِ القَوْلُ الحَسَنُ وهو ضِدُّ الأذى. والمَغْفِرَةُ هُنا يُرادُ بِها التَّجاوُزُ عَنِ الإساءَةِ أيْ تَجاوُزُ المُتَصَدِّقِ عَنِ المُلِحِّ أوِ الجافِي في سُؤالِهِ إلْحاحَهُ أوْ جَفاءَهُ، مِثْلَ الَّذِي يَسْألُ فَيَقُولُ: أعْطِنِي حَقَّ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ. أوْ نَحْوَ ذَلِكَ، ويُرادُ بِها أيْضًا تَجاوُزُ اللَّهِ تَعالى عَنِ الذُّنُوبِ بِسَبَبِ تِلْكَ الصَّدَقَةِ إذا كانَ مَعَها قَوْلٌ مَعْرُوفٌ، وفي هَذا تَعْرِيضٌ بِأنَّ الأذى يُوشِكُ أنْ يُبْطِلَ ثَوابَ الصَّدَقَةِ. وقَوْلُهُ: ﴿واللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ﴾ تَذْيِيلٌ لِلتَّذْكِيرِ بِصِفَتَيْنِ مِن صِفاتِ اللَّهِ تَعالى لِيَتَخَلَّقَ بِهِما المُؤْمِنُونَ وهُما: الغِنى الرّاجِعُ إلَيْهِ التَّرَفُّعُ عَنْ مُقابَلَةِ العَطِيَّةِ بِما يُبَرِّدُ غَلِيلَ شُحِّ نَفْسِ المُعْطِي، والحِلْمُ الرّاجِعُ إلَيْهِ العَفْوُ والصَّفْحُ عَنْ رُعُونَةِ بَعْضِ العُفاةِ. والإبْطالُ جَعْلُ الشَّيْءِ باطِلًا أيْ زائِلًا غَيْرَ نافِعٍ لِما أُرِيدَ مِنهُ، فَمَعْنى بُطْلانِ العَمَلِ عَدَمُ تَرَتُّبِ أثَرِهِ الشَّرْعِيِّ عَلَيْهِ، سَواءٌ كانَ العَمَلُ واجِبًا أمْ كانَ مُتَطَوَّعًا بِهِ، فَإنْ كانَ العَمَلُ واجِبًا فَبُطْلانُهُ عَدَمُ إجْزائِهِ بِحَيْثُ لا تَبْرَأُ ذِمَّةُ المُكَلَّفِ مِن تَكْلِيفِهِ بِذَلِكَ العَمَلِ، وذَلِكَ إذا اخْتَلَّ رُكْنٌ أوْ شَرْطٌ مِنَ العَمَلِ، وإنْ كانَ العَمَلُ مُتَطَوَّعًا بِهِ رَجَعَ البُطْلانُ إلى عَدَمِ الثَّوابِ عَلى العَمَلِ لِمانِعٍ شَرْعِيٍّ مِنِ اعْتِبارِ ثَوابِهِ وهو المُرادُ هُنا جَمْعًا بَيْنَ أدِلَّةِ الشَّرِيعَةِ. (p-٤٨)وقَوْلُهُ: ﴿كالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النّاسِ﴾ الكافُ ظَرْفٌ مُسْتَقِرٌّ هو حالٌ مِن ضَمِيرِ (تُبْطِلُوا) أيْ: لا تَكُونُوا في إتْباعِ صَدَقاتِكم بِالمَنِّ والأذى كالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النّاسِ وهو كافِرٌ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ واليَوْمِ الآخِرِ، وإنَّما يُعْطِي لِيَراهُ النّاسُ وذَلِكَ عَطاءُ أهْلِ الجاهِلِيَّةِ. فالمَوْصُولُ مِن قَوْلِهِ: ﴿كالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ﴾ مُرادٌ بِهِ جِنْسٌ ولَيْسَ مُرادٌ بِهِ مُعَيَّنًا ولا واحِدًا، والغَرَضُ مِن هَذا التَّشْبِيهِ تَفْظِيعُ المُشَبَّهِ بِهِ، ولَيْسَ المُرادُ المُماثَلَةَ في الحُكْمِ الشَّرْعِيِّ، جَمْعًا بَيْنَ الأدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ. والرِّئاءُ بِهَمْزَتَيْنِ فِعالٌ مِن رَأى، وهو أنْ يُكْثِرَ مِن إظْهارِ أعْمالِهِ الحَسَنَةِ لِلنّاسِ، فَصِيغَةُ الفِعالِ فِيهِ لِلْمُبالَغَةِ والكَثْرَةِ، وأُولى الهَمْزَتَيْنِ أصْلِيَّةٌ والأخِيرَةُ مُبْدَلَةٌ عَنِ الياءِ بَعْدَ الألِفِ الزّائِدَةِ، ويُقالُ (رِياءٌ) بِياءٍ بَعْدَ الرّاءِ عَلى إبْدالِ الهَمْزَةِ ياءً بَعْدَ الكَسْرَةِ. والمَعْنى تَشْبِيهُ بَعْضِ المُتَصَدِّقِينَ المُسْلِمِينَ الَّذِينَ يَتَصَدَّقُونَ طَلَبًا لِلثَّوابِ ويُعْقِبُونَ صَدَقاتِهِمْ بِالمَنِّ والأذى، بِالمُنْفِقِينَ الكافِرِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أمْوالَهم لا يَطْلُبُونَ مِن إنْفاقِها إلّا الرِّئاءَ والمِدْحَةَ؛ إذْ هم لا يَتَطَلَّبُونَ أجْرَ الآخِرَةِ. ووَجْهُ الشَّبَهِ عَدَمُ الِانْتِفاعِ مِمّا أعْطَوْا بِأزْيَدَ مِن شِفاءِ ما في صُدُورِهِمْ مِن حُبِّ التَّطاوُلِ عَلى الضُّعَفاءِ وشِفاءِ خُلُقِ الأذى المُتَطَبِّعِينَ عَلَيْهِ دُونَ نَفْعٍ في الآخِرَةِ. ومُثِّلَ حالَ الَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النّاسِ المُشَبَّهِ بِهِ تَمْثِيلًا يَسْرِي إلى الَّذِينَ يُتْبِعُونَ صَدَقاتِهِمْ بِالمَنِّ والأذى بِقَوْلِهِ: ﴿فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوانٍ﴾ إلخ. وضَمِيرُ (مَثَلُهُ) عائِدٌ إلى الَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النّاسِ، لِأنَّهُ لَمّا كانَ تَمْثِيلًا لِحالِ المُشَبَّهِ بِهِ كانَ لا مَحالَةَ تَمْثِيلًا لِحالِ المُشَبَّهِ، فَفي الكَلامِ ثَلاثَةُ تَشْبِيهاتٍ. مَثَّلَ حالَ الكافِرِ الَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النّاسِ بِحالِ صَفْوانٍ عَلَيْهِ تُرابٌ يُغَشِّيهِ، يَعْنِي يَخالُهُ النّاظِرُ تُرْبَةً كَرِيمَةً صالِحَةً لِلْبَذْرِ، فَتَقْدِيرُ الكَلامِ: عَلَيْهِ تُرابٌ صالِحٌ لِلزَّرْعِ. فَحُذِفَتْ صِفَةُ التُّرابِ إيجازًا اعْتِمادًا عَلى أنَّ التُّرابَ الَّذِي يَرْقُبُ النّاسُ أنْ يُصِيبَهُ الوابِلُ هو التُّرابُ الَّذِي يَبْذُرُونَ فِيهِ، فَإذا زَرَعَهُ الزّارِعُ وأصابَهُ وابِلٌ وطَمِعَ الزّارِعُ في زَكاءِ زَرْعِهِ جَرَفَهُ الماءُ مِن وجْهِ الصَّفْوانِ فَلَمْ يَتْرُكْ مِنهُ شَيْئًا وبَقِيَ مَكانُهُ صَلْدًا أمْلَسَ فَخابَ أمَلُ زارِعِهِ. (p-٤٩)وهَذا أحْسَنُ وأدَقُّ مِن أنْ نَجْعَلَ المَعْنى تَمْثِيلَ إنْفاقِ الكافِرِ بِحالِ تُرابٍ عَلى صَفْوانٍ أصابَهُ وابِلٌ فَجَرَفَهُ، وأنَّ وجْهَ الشَّبَهِ هو سُرْعَةُ الزَّوالِ وعَدَمُ القَرارِ، كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمُ أعْمالُهم كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ في يَوْمٍ عاصِفٍ﴾ [إبراهيم: ١٨] فَإنَّ مَوْرِدَ تِلْكَ الآيَةِ مَقامٌ آخَرُ. ولَكَ أنْ تَجْعَلَ كافَ التَّشْبِيهِ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿كالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ﴾ صِفَةً لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ ما في لَفْظِ (صَدَقاتِهِمْ) مِن مَعْنى الإنْفاقِ، وحُذِفَ مُضافٌ بَيْنَ الكافِ وبَيْنَ اسْمِ المَوْصُولِ، والتَّقْدِيرُ: إنْفاقًا كَإنْفاقِ الَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النّاسِ. وقَدْ رُوعِيَ في هَذا التَّمْثِيلِ عَكْسُ التَّمْثِيلِ لِمَن يُنْفِقُ مالَهُ في سَبِيلِ اللَّهِ بِحَبَّةٍ أغَلَّتْ سَبْعَمِائَةِ حَبَّةٍ. فالتَّشْبِيهُ تَشْبِيهُ مُرَكَّبٍ مَعْقُولٍ بِمُرَكَّبٍ مَحْسُوسٍ، ووَجْهُ الشَّبَهِ الأمَلُ في حالَةٍ تَغُرُّ بِالنَّفْعِ ثُمَّ لا تَلْبَثُ ألّا تَأْتِيَ لِآمِلِها بِما أمَّلَهُ فَخابَ أمَلُهُ، ذَلِكَ أنَّ المُؤْمِنِينَ لا يَخْلُونَ مِن رَجاءِ حُصُولِ الثَّوابِ لَهم مِن صَدَقاتِهِمْ، ويَكْثُرُ أنْ تَعْرِضَ الغَفْلَةُ لِلْمُتَصَدِّقِ فَيُتْبِعُ صَدَقَتَهُ بِالمَنِّ والأذى انْدِفاعًا مَعَ خَواطِرَ خَبِيثَةٍ. وقَوْلُهُ: ﴿لا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِمّا كَسَبُوا﴾ أُوقِعَ مَوْقِعًا بَدِيعًا مِن نَظْمِ الكَلامِ تَنْهالُ بِهِ مَعانٍ كَثِيرَةٌ فَهو بِمَوْقِعِهِ كانَ صالِحًا لِأنْ يَكُونَ حالًا مِنَ الَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النّاسِ، فَيَكُونَ مُنْدَرِجًا في الحالَةِ المُشَبَّهَةِ. وإجْراءُ ضَمِيرِ (كَسَبُوا) ضَمِيرَ جَمْعٍ؛ لِتَأْوِيلِ (الَّذِي يُنْفِقُ) بِالجَماعَةِ، وصالِحًا لِأنْ يَكُونَ حالًا مِن (مَثَلِ صَفْوانٍ) بِاعْتِبارِ أنَّهُ مَثَلٌ. عَلى نَحْوِ ما جُوِّزَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿أوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ﴾ [البقرة: ١٩] إذْ تَقْدِيرُهُ فِيهِ: كَمَثَلِ ذَوِي صَيِّبٍ. فَلِذَلِكَ جاءَ ضَمِيرُهُ بِصِيغَةِ الجَمْعِ رَعْيًا لِلْمَعْنى وإنْ كانَ لَفْظُ المُعادِ مُفْرَدًا، وصالِحًا لِأنْ يُجْعَلَ اسْتِينافًا بَيانِيًّا لِأنَّ الكَلامَ الَّذِي قَبْلَهُ يُثِيرُ سُؤالَ سائِلٍ عَنْ مَغَبَّةِ أمْرِ المُشَبَّهِ، وصالِحًا لِأنْ يُجْعَلَ تَذْيِيلًا وفَذْلَكَةً لِضَرْبِ المَثَلِ، فَهو عَوْدٌ عَنْ بَدْءِ قَوْلِهِ: ﴿لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكم بِالمَنِّ والأذى﴾ إلى آخِرِ الكَلامِ. (p-٥٠)وصالِحًا لِأنْ يُجْعَلَ حالًا مِن (صَفْوانٍ) أيْ: لا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِمّا كَسَبُوا مِنهُ، وحُذِفَ عائِدُ الصِّلَةِ لِأنَّهُ ضَمِيرٌ مَجْرُورٌ بِما جُرَّ بِهِ اسْمُ المَوْصُولِ، ومَعْنى (لا يَقْدِرُونَ) لا يَسْتَطِيعُونَ أنْ يَسْتَرْجِعُوهُ ولا انْتَفَعُوا بِثَوابِهِ فَلَمْ يَبْقَ لَهم مِنهُ شَيْءٌ. ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ المَعْنى: لا يُحْسِنُونَ وضْعَ شَيْءٍ مِمّا كَسَبُوا مَوْضِعَهُ، فَهم يَبْذُلُونَ مالَهم لِغَيْرِ فائِدَةٍ تَعُودُ عَلَيْهِمْ في آجالِهِمْ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ ﴿واللَّهُ لا يَهْدِي القَوْمَ الكافِرِينَ﴾ . والمَعْنى: فَتَرَكَهُ صَلْدًا لا يَحْصُدُونَ مِنهُ زَرْعًا كَما في قَوْلِهِ: ﴿فَأصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى ما أنْفَقَ فِيها﴾ [الكهف: ٤٢] وجُمْلَةُ ﴿واللَّهُ لا يَهْدِي القَوْمَ الكافِرِينَ﴾ تَذْيِيلٌ، والواوُ اعْتِراضِيَّةٌ. وهَذا التَّذْيِيلُ مَسُوقٌ لِتَحْذِيرِ المُؤْمِنِينَ مِن تَسَرُّبِ أحْوالِ الكافِرِينَ إلى أعْمالِهِمْ، فَإنَّ مِن أحْوالِهِمُ المَنَّ عَلى مَن يُنْفِقُونَ وأذاهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب