الباحث القرآني

(ولقد عهدنا إلى آدم) اللام هي الموطئة للقسم، والجملة مستأنفة مقررة لما قبلها من تصريف الوعيد أي لقد أمرناه ووصيناه؛ والمعهود محذوف وهو ما سيأتي من نهيه عن الأكل من الشجرة (من قبل) أي من قبل هذا الزمان أو قبل أكله منها. (فنسي) المراد بالنسيان هنا ترك العمل بما وقع به العهد إليه فيه، وبه قال أكثر المفسرين كما في قوله (إنا نسيناكم) أي تركناكم في العذاب فلا يشكل بوصفه بالعصيان غياً، وقيل النسيان على حقيقته وأنه نسى ما عهد الله به إليه وسها عنه وكان آدم مأخوذاً بالنسيان في ذلك الوقت، وإن كان النسيان مرفوعاً عن هذه الأمة، والمراد من الآية تسلية النبي صلى الله عليه وسلم على القول الأول أي أن طاعة بني آدم للشيطان أمر قديم، وأن هؤلاء المعاصرين له إن نقضوا العهد فقد نقض أبوهم آدم، كذا قال ابن جرير والقشيري وما اعترضه ابن عطية قائلاً يكون آدم مماثلاً للكفار الجاحدين بالله، فليس بشيء، وقرئ فَنُسِّيَ بضم النون وتشديد السين مكسورة أي فنساه إبليس. قال ابن عباس: إنما سمي الإنسان لأنه عهد إليه فنسي أي لقد عهدنا إلى آدم أن لا يقرب الشجرة فنسي فترك عهدي (ولم نجد) من الوجدان بمعنى العلم أو من الوجود ضد العدم (له عزماً) أي حزماً وصبراً عما نهيناه عنه أو حفظاً قاله ابن عباس، والعزم في اللغة توطين النفس على الفعل والتصميم عليه والمضي على المعتقد في أي شيء كان، وقد كان آدم عليه السلام قد وطن نفسه على أن لا يأكل من الشجرة وصمم على ذلك فلما وسوس إليه إبليس لانت عريكته وفتر عزمه وأدركه ضعف البشر، وقيل العزم: الصبر كما مر أي لم نجد له صبراً عن أكل الشجرة. قال النحاس: وهو كذلك في اللغة يقال: لفلان عزم أو صبر وثبات على التحفظ عن المعاصي حتى يسلم منها، ومنه (كما صبر أولوا العزم من الرسل)، وقيل المعنى ولم نجد له عزماً على الذنب، وبه قال ابن كيسان، وقيل ولم نجد له رأياً معزوماً عليه، وبه قال ابن قتيبة. ثم شرع سبحانه في كيفية ظهور نسيانه وفقدان عزمه فقال:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب