الباحث القرآني

(إنا نحن نزلنا الذكر) الذي أنكروه ونسبوك بسببه إلى الجنون وهو القرآن واعتقدوا أنه مختلق من عندك. (وإنا له لحافظون) عن كل ما لا يليق به من تصحيف وتحريف وزيادة ونقصان ونحو ذلك، فالقرآن العظيم محفوظ من هذه الأشياء كلها لا يقدر واحد من جميع الخلق من الإنس والجن أن يزيد فيه أو ينقص منه حرفاً واحداً أو كلمة واحدة. وهذا مختص بالكتاب العزيز بخلاف سائر الكتب المنزلة فإنه قد دخل على بعضها تلك الأشياء، ولما تولى الله حفظ ذلك الكتاب بقي مصوناً على الأبد محروساً من الزيادة والنقصان وغيرهما، وفيه دليل على أنه منزل من عنده آية إذ لو كان من البشر لتطرق إليه الزيادة والنقصان كما يتطرق إلى كل كلام سواه. وقيل المعنى نزله محفوظاً من الشياطين. وقيل حفظه بأن جعله معجزة باقية إلى آخر الدهر، وقيل حفظه من المعارضة فلم يقدر أحد من الخلق أن يعارض ولو بأقصر آية. وقيل أعجز الله الخلق عن إبطاله وإفساده بوجه من الوجوه فقيض له العلماء الراسخين يحفظونه ويذبون عنه إلى آخر الدهر لأن دواعي جماعة من الملاحدة واليهود متوفرة على إبطاله وإفساده فلم يقدروا على ذلك بحمد الله ومن أسباب حفظه حدوث العلوم الكثيرة الآلية التي تذب عن الدخول في أبواب إفساده وإبطاله وتحريفه وتصحيفه وزيادته ونقصانه كالصرف والنحو والمعاني والبيان وأصول الحديث والفقه والتفسير وغير ذلك مما له مدخل في هذا الشأن. وأخرج مسلم عن عياض عن النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه تعالى " نزلت عليك قرآناً لا يغسله الماء " [[مسلم 2865.]]. وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ (10) وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (11) كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (12) لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (13) وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (15) وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16) وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (17) إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ (18) وأيضاً في الآية وعيد شديد للمكذبين به المستهزئين برسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل الضمير في له لرسول الله صلى الله عليه وسلم والأول أولى بالمقام. قال الخطابي: إنما لم يجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن في المصحف لما كان يترقبه من ورود ناسخ لبعض أحكامه وتلاوته، فلما انقضى نزوله بوفاته صلى الله عليه وسلم ألهم الله تعالى الخلفاء الراشدين ذلك وفاء بوعده الصادق بضمان حفظه على هذه الأمة، فكان ابتداء ذلك على يد الصديق رضي الله عنه بمشورة عمر رضي الله عنه، انتهى. ذكره السيوطي في الإتقان، وقد بسطنا الكلام على جمع القرآن في رسالتنا المسماة بالأكسير في أصول التفسير فليرجع إليه. ثم ذكر سبحانه أن عادة أمثال هؤلاء الكفار مع أنبيائهم كذلك تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب