الباحث القرآني
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ قِيلَ: خَوْفًا مِنَ الصَّاعِقَةِ، طَمَعًا فِي نَفْعِ الْمَطَرِ. وَقِيلَ: الْخَوْفُ لِلْمُسَافِرِ، يَخَافُ مِنْهُ الْأَذَى وَالْمَشَقَّةَ وَالطَّمَعُ لِلْمُقِيمِ يَرْجُو مِنْهُ الْبَرَكَةَ وَالْمَنْفَعَةَ.
وَقِيلَ: الْخَوْفُ مِنَ الْمَطَرِ فِي غَيْرِ مَكَانِهِ وَإِبَّانِهِ، وَالطَّمَعُ إِذَا كَانَ فِي مَكَانِهِ وَإِبَّانِهِ، وَمِنَ الْبُلْدَانِ مَا إِذَا أُمْطِرُوا وقحطوا وَإِذَا لَمْ يُمْطَرُوا أَخْصَبُوا.
﴿وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ﴾ بِالْمَطَرِ. يُقَالُ: أَنْشَأَ اللَّهُ السَّحَابَةَ فَنَشَأَتْ أَيْ: أَبْدَاهَا فَبَدَتْ، وَالسَّحَابُ جَمْعٌ، وَاحِدَتُهَا سَحَابَةٌ، قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: السَّحَابُ غِرْبَالُ الْمَاءِ.
﴿وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ﴾ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّ الرَّعْدَ اسْمُ مَلَكٍ يَسُوقُ السَّحَابَ، وَالصَّوْتُ الْمَسْمُوعُ مِنْهُ تَسْبِيحُهُ [[انظر فيما سبق: ١ / ٦٩-٧٠.]] .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَنْ سَمِعَ صَوْتَ الرَّعْدِ فَقَالَ: سُبْحَانَ الَّذِي يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ، وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، فَإِنْ أَصَابَتْهُ صَاعِقَةٌ فَعَلَيَّ دِيَتُهُ.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَمِعَ صَوْتَ الرَّعْدِ تَرَكَ الْحَدِيثَ: وَقَالَ" سُبْحَانَ مَنْ يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ، وَالْمَلَائِكَةُ مَنْ خِيفَتِهِ، وَيَقُولُ: إِنَّ هَذَا الْوَعِيدَ لِأَهْلِ الْأَرْضِ شَدِيدٌ [[انظر: الأذكار للنووي ص (١٥٤) تفسير ابن كثير: ٢ / ٥٠٦ ففيهما الأذكار التي تقال عند سماع صوت الرعد.]] .
وَفِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿لَوْ أَنَّ عِبَادِي أَطَاعُونِي لَسَقَيْتُهُمُ الْمَطَرَ بِاللَّيْلِ، وَلَأَطْلَعْتُ عَلَيْهِمُ الشَّمْسَ بِالنَّهَارِ، وَلَمْ أُسْمِعْهُمْ صَوْتَ الرَّعْدِ﴾ [[حديث ضعيف أخرجه أبو داود الطيالسي في "المسند" ص (٣٣٧) رقم (٢٥٨٦) ، والإمام أحمد في المسند: ٢ / ٣٥٩ عن أبي هريرة رضي الله عنه. وصححه الحاكم في المستدرك: ٢ / ٣٤٩ فتعقبه الذهبي وقال: "صدقة واه"، وهو صدقة بن موسى الدقيقي، صدوق له أوهام (تقريب) . وساقه ابن الجوزي في العلل المتناهية: ٢ / ٣٠٦، وضعفه الألباني في تعليقه على مشكاة المصابيح: ٣ / ١٤٦١.]] وَقَالَ جُوَيْبِرٌ عَنِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الرَّعْدُ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ بِالسَّحَابِ يَصْرِفُهُ إِلَى حَيْثُ يُؤْمَرُ، وَأَنَّ بُحُورَ الْمَاءِ فِي نَقْرَةِ إِبْهَامِهِ، وَأَنَّهُ يُسَبِّحُ اللَّهَ تَعَالَى، فَإِذَا سَبَّحَ لَا يَبْقَى مَلَكٌ فِي السَّمَاءِ إِلَّا رَفَعَ صَوْتَهُ بِالتَّسْبِيحِ فَعِنْدَهَا يَنْزِلُ الْقَطْرُ.
﴿وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ﴾ أَيْ: تُسَبِّحُ الْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَخَشْيَتِهِ. وَقِيلَ: أَرَادَ بِهَؤُلَاءِ الْمَلَائِكَةِ أَعْوَانَ الرَّعْدِ، جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ أَعْوَانًا، فَهُمْ خَائِفُونَ خَاضِعُونَ طَائِعُونَ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ﴾ جَمْعُ صَاعِقَةٍ، وَهِيَ: الْعَذَابُ الْمُهْلِكُ، يَنْزِلُ مِنَ الْبَرْقِ فَيَحْرِقُ مَنْ يُصِيبُهُ، ﴿فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ﴾ كَمَا أَصَابَ أَرْبَدَ بْنَ رَبِيعَةَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَاقِرُ: الصَّاعِقَةُ تُصِيبُ الْمُسْلِمَ وَغَيْرَ الْمُسْلِمِ وَلَا تُصِيبُ الذَّاكِرَ.
﴿وَهُمْ يُجَادِلُونَ﴾ يُخَاصِمُونَ، ﴿فِي اللَّهِ﴾ نَزَلَتْ فِي شَأْنِ أَرْبَدَ بْنِ رَبِيعَةَ حَيْثُ قَالَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: مِمَّ رَبُّكَ أَمِنْ دُرٍّ أَمْ مِنْ يَاقُوتٍ أَمْ مِنْ ذَهَبٍ؟ فَنَزَلَتْ صَاعِقَةٌ مِنَ السَّمَاءِ فَأَحْرَقَتْهُ [[انظر: تفسير ابن كثير: ٢ / ٥٠٧.]] .
وَسُئِلَ الْحَسَنُ عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ﴾ الْآيَةَ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنْ طَوَاغِيتِ الْعَرَبِ بَعَثَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ نَفَرًا يَدْعُونَهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ. فَقَالَ لَهُمْ: أَخْبِرُونِي عَنْ رَبِّ مُحَمَّدٍ هَذَا الَّذِي تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ مِمَّ هُوَ؟ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ حَدِيدٍ أَوْ نُحَاسٍ؟ فَاسْتَعْظَمَ الْقَوْمُ مَقَالَتَهُ فَانْصَرَفُوا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا رَأَيْنَا رَجُلًا أَكْفَرَ قَلْبًا وَلَا أَعْتَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُ؟ فَقَالَ: ارجعوا إليه، فرجعواإليه فَجَعَلَ لَا يَزِيدُهُمْ عَلَى مِثْلِ مَقَالَتِهِ الْأُولَى، وَقَالَ: أُجِيبُ مُحَمَّدًا إِلَى رَبٍّ لَا أَرَاهُ وَلَا أَعْرِفُهُ. فَانْصَرَفُوا وَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا زَادَنَا عَلَى مَقَالَتِهِ الْأُولَى وَأَخْبَثَ.
فَقَالَ: ارْجِعُوا إِلَيْهِ، فَرَجَعُوا، فَبَيْنَمَا هُمْ عِنْدَهُ يُنَازِعُونَهُ وَيَدْعُونَهُ، وَهُوَ يَقُولُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ إِذِ ارْتَفَعَتْ سَحَابَةٌ، فكانت فوق رؤوسهم، فَرَعَدَتْ وَبَرَقَتْ، وَرَمَتْ بِصَاعِقَةٍ، فَاحْتَرَقَ الْكَافِرُ، وهم جلوس، فجاؤوا يَسْعَوْنَ لِيُخْبِرُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَاسْتَقْبَلَهُمْ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالُوا لَهُمْ: احْتَرَقَ صَاحِبُكُمْ. فَقَالُوا: مِنْ أَيْنَ عَلِمْتُمْ فَقَالُوا: أَوْحَى اللَّهُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ: ﴿وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ﴾ [[انظر: أسباب النزول للواحدي ص (٣١٤) ، الدر المنثور للسيوطي: ٤ / ٦٢٥، ٦٢٦، البحر المحيط: ٥ / ٣٧٥، ابن كثير ٢ / ٥٠٧، وبنحوه عن أنس، أخرجه أبو يعلى والبزار، والطبراني في الأوسط. ورجال أبي يعلى رجال الصحيح غير ديلم بن غزوان، وهو ثقة، وفي رجال أبي يعلى والطبراني علي بن أبي شارة وهو ضعيف. انظر: مجمع الزوائد: ٧ / ٤٢.]] .
﴿وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ﴾ قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: شَدِيدُ الْأَخْذِ [[أخرجه الطبري: ١٦ / ٣٩٦. وقال الشيخ محمود شاكر: ١٦ / ٣٩٢: وهذا إسناد منكر.]] .
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: شَدِيدُ الْحَوْلِ [[الطبري: ١٦ / ٣٩٦.]] .
وَقَالَ الْحَسَنُ: شَدِيدُ الْحِقْدِ [[نسبه السيوطي لأبي الشيخ عن عكرمة الدر المنثور: ٤ / ٦٢٧. وأخرج الطبري عن عكرمة قال: ما أصاب أربد من الصاعقة. وأخرج الطبري أيضا عن الحسن في تفسير الآية: يعني الهلاك. قال: إذا محل فهو شديد. وما إخال هذا التفسير الذي ذكره المصنف يصح عن الحسن رحمه الله؛ لأننا وجدنا خلافه في الطبري، والله سبحانه وتعالى لا يليق وصفه بهذا. والله أعلم.]] .
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: شَدِيدُ القوة [[انظر الطبري: المرجع السابق.]] .
وقال ١٨٩/ب أَبُو عُبَيْدَةَ: شَدِيدُ الْعُقُوبَةِ.
وَقِيلَ: شَدِيدُ الْمَكْرِ.
وَالْمِحَالُ وَالْمُمَاحَلَةُ: الْمُمَاكَرَةُ وَالْمُغَالَبَةُ.
{"ayahs_start":12,"ayahs":["هُوَ ٱلَّذِی یُرِیكُمُ ٱلۡبَرۡقَ خَوۡفࣰا وَطَمَعࣰا وَیُنشِئُ ٱلسَّحَابَ ٱلثِّقَالَ","وَیُسَبِّحُ ٱلرَّعۡدُ بِحَمۡدِهِۦ وَٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ مِنۡ خِیفَتِهِۦ وَیُرۡسِلُ ٱلصَّوَ ٰعِقَ فَیُصِیبُ بِهَا مَن یَشَاۤءُ وَهُمۡ یُجَـٰدِلُونَ فِی ٱللَّهِ وَهُوَ شَدِیدُ ٱلۡمِحَالِ"],"ayah":"وَیُسَبِّحُ ٱلرَّعۡدُ بِحَمۡدِهِۦ وَٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ مِنۡ خِیفَتِهِۦ وَیُرۡسِلُ ٱلصَّوَ ٰعِقَ فَیُصِیبُ بِهَا مَن یَشَاۤءُ وَهُمۡ یُجَـٰدِلُونَ فِی ٱللَّهِ وَهُوَ شَدِیدُ ٱلۡمِحَالِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق