أخْبَرَنا نَصْرُ بْنُ أبِي نَصْرٍ الواعِظُ، قالَ: أخْبَرَنا أبُو سَعِيدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ، قالَ: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ أيُّوبَ الرّازِيُّ، قالَ: أخْبَرَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الوَهّابِ، قالَ: حَدَّثَنا عَلِيُّ بْنُ أبِي سارَةَ الشَّيْبانِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا ثابِتٌ، عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَعَثَ رَجُلًا مَرَّةً إلى رَجُلٍ مِن فَراعِنَةِ العَرَبِ، فَقالَ: ”اذْهَبْ فادْعُهُ لِي“ . فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّهُ أعْتى مِن ذَلِكَ. قالَ: ”اذْهَبْ فادْعُهُ لِي“ . قالَ: فَذَهَبَ إلَيْهِ فَقالَ: يَدْعُوكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، قالَ: وما اللَّهُ ؟ أمِن ذَهَبٍ هو أوْ مِن فِضَّةٍ أوْ مِن نُحاسٍ ؟ قالَ: فَرَجَعَ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأخْبَرَهُ، وقالَ: وقَدْ أخْبَرْتُكَ أنَّهُ أعْتى مِن ذَلِكَ، فَقالَ لِي كَذا وكَذا. فَقالَ: ”ارْجِعْ إلَيْهِ الثّانِيَةَ فادْعُهُ“ . فَرَجَعَ إلَيْهِ، فَعادَ عَلَيْهِ مِثْلَ الكَلامِ الأوَّلِ، فَرَجَعَ إلى النَّبِيِّ ﷺ فَأخْبَرَهُ، فَقالَ: ”ارْجِعْ إلَيْهِ“ . فَرَجَعَ الثّالِثَةَ فَأعادَ عَلَيْهِ ذَلِكَ الكَلامَ، فَبَيْنا هو يُكَلِّمُنِي إذْ بَعَثَ اللَّهُ إلَيْهِ سَحابَةً حِيالَ رَأْسِهِ فَرَعَدَتْ، فَوَقَعَتْ مِنها صاعِقَةٌ فَذَهَبَتْ بِقِحْفِ رَأْسِهِ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿ويُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَن يَشاءُ وهم يُجادِلُونَ في اللَّهِ وهو شَدِيدُ المِحالِ﴾ .
وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ في رِوايَةِ أبِي صالِحٍ، وابْنِ جُرَيْجٍ، وابْنِ زَيْدٍ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ والَّتِي قَبْلَها في عامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ وأرْبَدَ بْنِ رَبِيعَةَ، وذَلِكَ أنَّهُما أقْبَلا يُرِيدانِ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَقالَ رَجُلٌ مِن أصْحابِهِ: يا رَسُولَ اللَّهِ، هَذا عامِرُ بْنُ طُفَيْلٍ قَدْ أقْبَلَ نَحْوَكَ. فَقالَ: ”دَعْهُ، فَإنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يَهْدِهِ“ . فَأقْبَلَ حَتّى قامَ عَلَيْهِ، فَقالَ: يا مُحَمَّدُ، ما لِيَ إنْ أسْلَمْتُ ؟ فَقالَ: ”لَكَ ما لِلْمُسْلِمِينَ، وعَلَيْكَ ما عَلَيْهِمْ“ . قالَ: تَجْعَلُ لِيَ الأمْرَ مِن بَعْدِكَ. قالَ: ”لا، لَيْسَ ذَلِكَ إلَيَّ، إنَّما ذَلِكَ إلى اللَّهِ يَجْعَلُهُ حَيْثُ يَشاءُ“ . قالَ: فَتَجْعَلُنِي عَلى الوَبَرِ وأنْتَ عَلى المَدَرِ ؟ قالَ: ”لا“ . قالَ: فَماذا تَجْعَلُ لِي ؟ قالَ: ”أجْعَلُ لَكَ أعِنَّةَ الخَيْلِ تَغْزُو عَلَيْها“ . قالَ: أوَلَيْسَ ذَلِكَ إلَيَّ اليَوْمَ ؟ وكانَ أوْصى إلى أرْبَدَ بْنِ رَبِيعَةَ: إذا رَأيْتَنِي أُكَلِّمُهُ فَدُرْ مِن خَلْفِهِ واضْرِبْهُ بِالسَّيْفِ. فَجَعَلَ يُخاصِمُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ويُراجِعُهُ، فَدارَ أرْبَدُ خَلْفَ النَّبِيِّ ﷺ لِيَضْرِبَهُ، فاخْتَرَطَ مِن سَيْفِهِ شِبْرًا، ثُمَّ حَبَسَهُ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلى سَلِّهِ، وجَعَلَ عامِرٌ يُومِئُ إلَيْهِ، فالتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَرَأى أرْبَدَ بْنَ رَبِيعَةَ وما يَصْنَعُ بِسَيْفِهِ، فَقالَ: ”اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِما بِما شِئْتَ“ . فَأرْسَلَ اللَّهُ تَعالى عَلى أرْبَدَ صاعِقَةً في يَوْمٍ صائِفٍ صاحٍ فَأحْرَقَتْهُ، ووَلّى عامِرٌ هارِبًا وقالَ: يا مُحَمَّدُ، دَعَوْتَ رَبَّكَ فَقَتَلَ أرْبَدَ، واللَّهِ لَأمْلَأنَّها عَلَيْكَ خَيْلًا جُرْدًا وفِتْيانًا مُرْدًا. فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”يَمْنَعُكَ اللَّهُ تَعالى مِن ذَلِكَ وابْنا قَيْلَةَ“ . يُرِيدُ الأوْسَ والخَزْرَجَ. فَنَزَلَ عامِرٌ بَيْتَ امْرَأةٍ سَلُولِيَّةٍ، فَلَمّا أصْبَحَ ضَمَّ عَلَيْهِ سِلاحَهُ، فَخَرَجَ وهو يَقُولُ: واللّاتِ والعُزّى، لَئِنْ أصْحَرَ مُحَمَّدٌ إلَيَّ وصاحِبُهُ - يَعْنِي مَلَكَ المَوْتِ - لَأنْفُذَنَّهُما بِرُمْحِي. فَلَمّا رَأى اللَّهُ تَعالى ذَلِكَ مِنهُ أرْسَلَ مَلَكًا فَلَطَمَهُ بِجَناحَيْهِ فَأذْراهُ في التُّرابِ، وخَرَجَتْ عَلى رُكْبَتِهِ غُدَّةٌ في الوَقْتِ عَظِيمَةٌ كَغُدَّةِ البَعِيرِ، فَعادَ إلى بَيْتِ السَّلُولِيَّةِ وهو يَقُولُ: غُدَّةٌ كَغُدَّةِ البَعِيرِ ومَوْتٌ في بَيْتِ السَّلُولِيَّةِ. ثُمَّ ماتَ عَلى ظَهْرِ فَرَسِهِ، وأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى فِيهِ هَذِهِ القِصَّةَ: ﴿سَواءٌ مِّنكُم مَّنْ أسَرَّ القَوْلَ ومَن جَهَرَ بِهِ﴾ [الرعد: ١٠] . حَتّى بَلَغَ: ﴿وما دُعاءُ الكافِرِينَ إلّا في ضَلالٍ﴾ .
{"ayahs_start":13,"ayahs":["وَیُسَبِّحُ ٱلرَّعۡدُ بِحَمۡدِهِۦ وَٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ مِنۡ خِیفَتِهِۦ وَیُرۡسِلُ ٱلصَّوَ ٰعِقَ فَیُصِیبُ بِهَا مَن یَشَاۤءُ وَهُمۡ یُجَـٰدِلُونَ فِی ٱللَّهِ وَهُوَ شَدِیدُ ٱلۡمِحَالِ","لَهُۥ دَعۡوَةُ ٱلۡحَقِّۚ وَٱلَّذِینَ یَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ لَا یَسۡتَجِیبُونَ لَهُم بِشَیۡءٍ إِلَّا كَبَـٰسِطِ كَفَّیۡهِ إِلَى ٱلۡمَاۤءِ لِیَبۡلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَـٰلِغِهِۦۚ وَمَا دُعَاۤءُ ٱلۡكَـٰفِرِینَ إِلَّا فِی ضَلَـٰلࣲ"],"ayah":"وَیُسَبِّحُ ٱلرَّعۡدُ بِحَمۡدِهِۦ وَٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ مِنۡ خِیفَتِهِۦ وَیُرۡسِلُ ٱلصَّوَ ٰعِقَ فَیُصِیبُ بِهَا مَن یَشَاۤءُ وَهُمۡ یُجَـٰدِلُونَ فِی ٱللَّهِ وَهُوَ شَدِیدُ ٱلۡمِحَالِ"}