الباحث القرآني

أخْبَرَنا نَصْرُ بْنُ أبِي نَصْرٍ الواعِظُ، قالَ: أخْبَرَنا أبُو سَعِيدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ، قالَ: أخْبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ أيُّوبَ الرّازِيُّ، قالَ: أخْبَرَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الوَهّابِ، قالَ: حَدَّثَنا عَلِيُّ بْنُ أبِي سارَةَ الشَّيْبانِيُّ، قالَ: حَدَّثَنا ثابِتٌ، عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَعَثَ رَجُلًا مَرَّةً إلى رَجُلٍ مِن فَراعِنَةِ العَرَبِ، فَقالَ: ”اذْهَبْ فادْعُهُ لِي“ . فَقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّهُ أعْتى مِن ذَلِكَ. قالَ: ”اذْهَبْ فادْعُهُ لِي“ . قالَ: فَذَهَبَ إلَيْهِ فَقالَ: يَدْعُوكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، قالَ: وما اللَّهُ ؟ أمِن ذَهَبٍ هو أوْ مِن فِضَّةٍ أوْ مِن نُحاسٍ ؟ قالَ: فَرَجَعَ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأخْبَرَهُ، وقالَ: وقَدْ أخْبَرْتُكَ أنَّهُ أعْتى مِن ذَلِكَ، فَقالَ لِي كَذا وكَذا. فَقالَ: ”ارْجِعْ إلَيْهِ الثّانِيَةَ فادْعُهُ“ . فَرَجَعَ إلَيْهِ، فَعادَ عَلَيْهِ مِثْلَ الكَلامِ الأوَّلِ، فَرَجَعَ إلى النَّبِيِّ ﷺ فَأخْبَرَهُ، فَقالَ: ”ارْجِعْ إلَيْهِ“ . فَرَجَعَ الثّالِثَةَ فَأعادَ عَلَيْهِ ذَلِكَ الكَلامَ، فَبَيْنا هو يُكَلِّمُنِي إذْ بَعَثَ اللَّهُ إلَيْهِ سَحابَةً حِيالَ رَأْسِهِ فَرَعَدَتْ، فَوَقَعَتْ مِنها صاعِقَةٌ فَذَهَبَتْ بِقِحْفِ رَأْسِهِ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿ويُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَن يَشاءُ وهم يُجادِلُونَ في اللَّهِ وهو شَدِيدُ المِحالِ﴾ . وقالَ ابْنُ عَبّاسٍ في رِوايَةِ أبِي صالِحٍ، وابْنِ جُرَيْجٍ، وابْنِ زَيْدٍ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ والَّتِي قَبْلَها في عامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ وأرْبَدَ بْنِ رَبِيعَةَ، وذَلِكَ أنَّهُما أقْبَلا يُرِيدانِ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَقالَ رَجُلٌ مِن أصْحابِهِ: يا رَسُولَ اللَّهِ، هَذا عامِرُ بْنُ طُفَيْلٍ قَدْ أقْبَلَ نَحْوَكَ. فَقالَ: ”دَعْهُ، فَإنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يَهْدِهِ“ . فَأقْبَلَ حَتّى قامَ عَلَيْهِ، فَقالَ: يا مُحَمَّدُ، ما لِيَ إنْ أسْلَمْتُ ؟ فَقالَ: ”لَكَ ما لِلْمُسْلِمِينَ، وعَلَيْكَ ما عَلَيْهِمْ“ . قالَ: تَجْعَلُ لِيَ الأمْرَ مِن بَعْدِكَ. قالَ: ”لا، لَيْسَ ذَلِكَ إلَيَّ، إنَّما ذَلِكَ إلى اللَّهِ يَجْعَلُهُ حَيْثُ يَشاءُ“ . قالَ: فَتَجْعَلُنِي عَلى الوَبَرِ وأنْتَ عَلى المَدَرِ ؟ قالَ: ”لا“ . قالَ: فَماذا تَجْعَلُ لِي ؟ قالَ: ”أجْعَلُ لَكَ أعِنَّةَ الخَيْلِ تَغْزُو عَلَيْها“ . قالَ: أوَلَيْسَ ذَلِكَ إلَيَّ اليَوْمَ ؟ وكانَ أوْصى إلى أرْبَدَ بْنِ رَبِيعَةَ: إذا رَأيْتَنِي أُكَلِّمُهُ فَدُرْ مِن خَلْفِهِ واضْرِبْهُ بِالسَّيْفِ. فَجَعَلَ يُخاصِمُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ويُراجِعُهُ، فَدارَ أرْبَدُ خَلْفَ النَّبِيِّ ﷺ لِيَضْرِبَهُ، فاخْتَرَطَ مِن سَيْفِهِ شِبْرًا، ثُمَّ حَبَسَهُ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلى سَلِّهِ، وجَعَلَ عامِرٌ يُومِئُ إلَيْهِ، فالتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَرَأى أرْبَدَ بْنَ رَبِيعَةَ وما يَصْنَعُ بِسَيْفِهِ، فَقالَ: ”اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِما بِما شِئْتَ“ . فَأرْسَلَ اللَّهُ تَعالى عَلى أرْبَدَ صاعِقَةً في يَوْمٍ صائِفٍ صاحٍ فَأحْرَقَتْهُ، ووَلّى عامِرٌ هارِبًا وقالَ: يا مُحَمَّدُ، دَعَوْتَ رَبَّكَ فَقَتَلَ أرْبَدَ، واللَّهِ لَأمْلَأنَّها عَلَيْكَ خَيْلًا جُرْدًا وفِتْيانًا مُرْدًا. فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ”يَمْنَعُكَ اللَّهُ تَعالى مِن ذَلِكَ وابْنا قَيْلَةَ“ . يُرِيدُ الأوْسَ والخَزْرَجَ. فَنَزَلَ عامِرٌ بَيْتَ امْرَأةٍ سَلُولِيَّةٍ، فَلَمّا أصْبَحَ ضَمَّ عَلَيْهِ سِلاحَهُ، فَخَرَجَ وهو يَقُولُ: واللّاتِ والعُزّى، لَئِنْ أصْحَرَ مُحَمَّدٌ إلَيَّ وصاحِبُهُ - يَعْنِي مَلَكَ المَوْتِ - لَأنْفُذَنَّهُما بِرُمْحِي. فَلَمّا رَأى اللَّهُ تَعالى ذَلِكَ مِنهُ أرْسَلَ مَلَكًا فَلَطَمَهُ بِجَناحَيْهِ فَأذْراهُ في التُّرابِ، وخَرَجَتْ عَلى رُكْبَتِهِ غُدَّةٌ في الوَقْتِ عَظِيمَةٌ كَغُدَّةِ البَعِيرِ، فَعادَ إلى بَيْتِ السَّلُولِيَّةِ وهو يَقُولُ: غُدَّةٌ كَغُدَّةِ البَعِيرِ ومَوْتٌ في بَيْتِ السَّلُولِيَّةِ. ثُمَّ ماتَ عَلى ظَهْرِ فَرَسِهِ، وأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى فِيهِ هَذِهِ القِصَّةَ: ﴿سَواءٌ مِّنكُم مَّنْ أسَرَّ القَوْلَ ومَن جَهَرَ بِهِ﴾ [الرعد: ١٠] . حَتّى بَلَغَ: ﴿وما دُعاءُ الكافِرِينَ إلّا في ضَلالٍ﴾ .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب