الباحث القرآني

وقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنا ... الآية، آيةُ وعيدٍ، والإلحاد: المَيْلُ، وهو هنا ميل عن الحَقِّ/ ومنه لَحْدُ المَيِّتِ لأنَّه في جانب، يقال: لَحَدَ الرَّجُلُ، وألحد بمَعْنًى. واختلف في إلحادهم هذا: ما هو؟ فقال قتادة وغيره: هو إلحاد بالتكذيب [[أخرجه الطبري (11/ 115) برقم: (30562) ، وذكره البغوي في «تفسيره» (4/ 116) ، وابن عطية (5/ 18) ، وابن كثير (4/ 102) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (5/ 688) ، وعزاه إلى عبد الرزاق، وعبد بن حميد.]] ، وقال مجاهد وغيره [[أخرجه الطبري (11/ 115) برقم: (30561) ، والبغوي في «تفسيره» (4/ 116) ، وابن عطية (5/ 18) .]] : هو بالمُكَاءِ والصفير واللغو الذي ذهبوا إليه، وقال ابن عباس: إلحادهم: وَضْعُهُمْ للكَلاَمِ غَيْرَ موضعه، ولفظة [[أخرجه الطبري (11/ 115) برقم: (30565) ، وابن عطية (5/ 18) ، وابن كثير (4/ 102) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (5/ 687) ، وعزاه إلى ابن أبي حاتم.]] الإلحاد تَعُمُّ هذا كُلَّه، وباقي الآية بَيِّنٌ. وقوله تعالى: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ وعيدٌ في صيغة الأمر بإجماع من أهل العلم. وقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ ... الآية: يريد ب الَّذِينَ كَفَرُوا قريشا، والذكر: القرآن بإجماع. واختُلِفَ في الخبر عنهم: أين هو؟ فقالت فرقة: هو في قوله: أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ [فصلت: 44] ، ورُدَّ بكثرة الحائل، وأنَّ هنالك قوماً قد ذكروا بحسن رد قوله: «أولئك ينادون عليهم» ، وقالت فرقة: الخبر مُضمَرٌ، تقديره: إنَّ الذين كفروا بالذكر لما جاءهم، هَلَكُوا أو ضَلُّوا، وقيل: الخبر في قوله: وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ وهذا ضعيف لا يتجه، وقال عمرو بن عُبَيْدٍ: معناه في التفسير: إنَّ الذين كفروا بالذِّكْرِ لما جاءهم كفروا به، وإنه لكتاب عزيز قال ع [[ينظر: «المحرر الوجيز» (7/ 19) .]] : والذي يَحْسُنُ في هذا هو إضمار الخبر، ولكِنَّهُ عند قوم في غير هذا الموضع الذي قدَّره هؤلاء فيه وإنَّمَا هو بعد حَكِيمٍ حَمِيدٍ، وهو أشدّ إظهاراً لِمَذَمَّةِ الكُفَّارِ به وذلك لأَنَّ قوله: وَإِنَّهُ لَكِتابٌ داخل في صفة الذكر المُكَذَّبِ بهِ فلم يتم ذكر المُخْبَر عنه إلاَّ بعد استيفاء وصفِهِ، ووصفَ اللَّه تعالى الكتابَ بالعِزَّةِ لأنه بصحة معانيه مُمْتَنِعٌ الطَّعْنُ فيه والإزراء عليه، وهو محفوظ من اللَّه تعالى قال ابن عباس: معناه: كريمٌ على اللَّه تعالى [[ذكره البغوي في «تفسيره» (4/ 116) ، وابن عطية (5/ 19) .]] . وقوله تعالى: لاَّ يَأْتِيهِ/ الْباطِلُ قال قتادة والسُّدِّيُّ: يريد: الشيطان [[أخرجه الطبري (11/ 117) برقم: (30571- 30572) ، وذكره البغوي (4/ 116) ، وابن عطية (5/ 19) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (5/ 689) ، وعزاه إلى عبد بن حميد، وابن الضريس.]] ، وظاهر اللفظَ يَعُمُّ الشيطان، وأنْ يجيء أمْرٌ يُبْطِلُ منه شَيْئاً. وقوله: مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ معناه: ليس فيما تقدم من الكتب ما يُبْطِلُ شَيْئاً منه. وقوله: وَلا مِنْ خَلْفِهِ أي: ليس يأتي بعده من نَظَرِ ناظر وفِكْرَةِ عاقل ما يبطل شيئا منه، والمراد باللفظة على الجملة: لا يأتيه الباطل من جهة من الجهات. وقوله: تَنْزِيلٌ خبر مبتدإٍ، أي: هو تنزيلٌ. وقوله تعالى: مَّا يُقالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ: يحتمل معنيين: أحدهما: أن يكون تسلية للنّبيّ ﷺ عن مقالات، قومه وما يلقَاهُ من المكروه منهم. والثاني: أنْ يكون المعنى: ما يقال لك من الوحي، وتُخَاطَبُ به من جهة اللَّه تعالى إلاَّ ما قد قيل للرُّسُلِ من قبلك.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب