الباحث القرآني
(p-١٣٢)[ سُورَةُ آلِ عِمْرانَ ]
مَدَنِيَّةٌ وآياتُها ٢٠٠ نَزَلَتْ بَعْدَ الأنْفالِ
﷽
﴿الم﴾ ﴿اللَّهُ لا إلَهَ إلّا هو الحَيُّ القَيُّومُ﴾ .
﷽
﴿الم﴾ ﴿اللَّهُ لا إلَهَ إلّا هو الحَيُّ القَيُّومُ﴾ .
أمّا تَفْسِيرُ ﴿الم﴾ فَقَدْ تَقَدَّمَ في سُورَةِ البَقَرَةِ، وفي الآيَةِ مَسائِلُ:
المَسْألَةُ الأُولى: قَرَأ أبُو بَكْرٍ عَنْ عاصِمٍ (الم اللَّهُ) بِسُكُونِ المِيمِ، ونَصْبِ هَمْزَةِ: أللَّهُ، والباقُونَ مَوْصُولًا بِفَتْحِ المِيمِ، أمّا قِراءَةُ عاصِمٍ فَلَها وجْهانِ:
الأوَّلُ: نِيَّةُ الوَقْفِ ثُمَّ إظْهارُ الهَمْزَةِ لِأجْلِ الِابْتِداءِ.
والثّانِي: أنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلى لُغَةِ مَن يَقْطَعُ ألِفَ الوَصْلِ، فَمَن فَصَلَ وأظْهَرَ الهَمْزَةَ فَلِلتَّفْخِيمِ والتَّعْظِيمِ، وأمّا مَن نَصَبَ المِيمَ فَفِيهِ قَوْلانِ:
القَوْلُ الأوَّلُ: وهو قَوْلُ الفَرّاءِ واخْتِيارُ كَثِيرٍ مِنَ البَصْرِيِّينَ أنَّ أسْماءَ الحُرُوفِ مَوْقُوفَةُ الأواخِرِ، يَقُولُ: ألِفْ، لامْ، مِيمْ، كَما تَقُولُ: واحِدْ، اثْنانْ، ثَلاثَةْ، وعَلى هَذا التَّقْدِيرِ وجَبَ الِابْتِداءُ بِقَوْلِهِ: أللَّهُ، فَإذا ابْتَدَأْنا بِهِ نُثْبِتُ الهَمْزَةَ مُتَحَرِّكَةً، إلّا أنَّهم أسْقَطُوا الهَمْزَةَ لِلتَّخْفِيفِ، ثُمَّ أُلْقِيَتْ حَرَكَتُها عَلى المِيمِ لِتَدُلَّ حَرَكَتُها عَلى أنَّها في حُكْمِ المُبْقاةِ بِسَبَبِ كَوْنِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ مُبْتَدَأً بِها.
فَإنْ قِيلَ: إنْ كانَ التَّقْدِيرُ فَصْلَ إحْدى الكَلِمَتَيْنِ عَنِ الأُخْرى امْتَنَعَ إسْقاطُ الهَمْزَةِ، وإنْ كانَ التَّقْدِيرُ هو (p-١٣٣)الوَصْلَ امْتَنَعَ بَقاءُ الهَمْزَةِ مَعَ حَرَكَتِها، وإذا امْتَنَعَ بَقاؤُها امْتَنَعَتْ حَرَكَتُها، وامْتَنَعَ إلْقاءُ حَرَكَتِها عَلى المِيمِ.
قُلْنا: لِمَ لا يَجُوزُ أنْ يَكُونَ ساقِطًا بِصُورَتِهِ باقِيًا بِمَعْناهُ فَأُبْقِيَتْ حَرَكَتُها لِتَدُلَّ عَلى بَقائِها في المَعْنى. هَذا تَمامُ تَقْرِيرِ قَوْلِ الفَرّاءِ.
والقَوْلُ الثّانِي: قَوْلُ سِيبَوَيْهِ، وهو أنَّ السَّبَبَ في حَرَكَةِ المِيمِ التِقاءُ السّاكِنَيْنِ، وهَذا القَوْلُ رَدَّهُ كَثِيرٌ مِنَ النّاسِ، وفِيهِ دِقَّةٌ ولُطْفٌ، والكَلامُ في تَلْخِيصِهِ طَوِيلٌ.
وأقُولُ: فِيهِ بَحْثانِ أحَدُهُما: سَبَبُ أصْلِ الحَرَكَةِ. والثّانِي: كَوْنُ تِلْكَ الحَرَكَةِ فَتْحَةً.
أمّا البَحْثُ الأوَّلُ: فَهو بِناءٌ عَلى مُقَدِّماتٍ:
المُقَدِّمَةُ الأُولى: أنَّ السّاكِنَيْنِ إذا اجْتَمَعا فَإنْ كانَ السّابِقُ مِنهُما حَرْفًا مِن حُرُوفِ المَدِّ واللِّينِ لَمْ يَجِبِ التَّحْرِيكُ، لِأنَّهُ يَسْهُلُ النُّطْقُ بِمِثْلِ هَذَيْنِ السّاكِنَيْنِ، كَقَوْلِكَ: هَذا إبْراهِيمْ وإسْحاقْ ويَعْقُوبْ مَوْقُوفَةُ الأواخِرِ، أمّا إذا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وجَبَ التَّحْرِيكُ لِأنَّهُ لا يَسْهُلُ النُّطْقُ بِمِثْلِ هَذَيْنِ، لِأنَّهُ لا يُمْكِنُ النُّطْقُ إلّا بِالحَرَكَةِ.
المُقَدِّمَةُ الثّانِيَةُ: مَذْهَبُ سِيبَوَيْهِ أنَّ حَرْفَ التَّعْرِيفِ هي اللّامُ، وهي ساكِنَةٌ، والسّاكِنُ لا يُمْكِنُ الِابْتِداءُ بِهِ فَقَدَّمُوا عَلَيْها هَمْزَةَ الوَصْلِ وحَرَّكُوها لِيَتَوَصَّلُوا بِها إلى النُّطْقِ بِاللّامِ، فَعَلى هَذا إنْ وجَدُوا قَبْلَ لامِ التَّعْرِيفَ حَرْفًا آخَرَ فَإنْ كانَ مُتَحَرِّكًا تَوَصَّلُوا بِهِ إلى النُّطْقِ بِهَذِهِ اللّامِ السّاكِنَةِ وإنْ كانَ ساكِنًا حَرَّكُوهُ وتَوَصَّلُوا بِهِ إلى النُّطْقِ بِهَذِهِ اللّامِ، وعَلى هَذا التَّقْدِيرِ يَحْصُلُ الِاسْتِغْناءُ عَنْ هَمْزَةِ الوَصْلِ؛ لِأنَّ الحاجَةَ إلَيْها أنْ يُتَوَصَّلَ بِحَرَكَتِها إلى النُّطْقِ بِاللّامِ، فَإذا حَصَلَ حَرْفٌ آخَرُ تَوَصَّلُوا بِحَرَكَتِهِ إلى النُّطْقِ بِهَذِهِ اللّامِ، فَتُحْذَفُ هَذِهِ الهَمْزَةُ صُورَةً ومَعْنًى، حَقِيقَةً وحُكْمًا، وإذا كانَ كَذَلِكَ امْتَنَعَ أنْ يُقالَ: أُلْقِيَتْ حَرَكَتُها عَلى المِيمِ لِتَدُلَّ تِلْكَ الحَرَكَةُ عَلى كَوْنِها باقِيَةً حُكْمًا، لِأنَّ هَذا إنَّما يُصارُ إلَيْهِ حَيْثُ يَتَعَلَّقُ بِوُجُودِهِ حُكْمٌ مِنَ الأحْكامِ، أوْ أثَرٌ مِنَ الآثارِ، لَكِنّا بَيَّنّا أنَّهُ لَيْسَ الأمْرُ كَذَلِكَ فَعَلِمْنا أنَّ تِلْكَ الهَمْزَةَ سَقَطَتْ بِذاتِها وبِآثارِها سُقُوطًا كُلِّيًّا، وبِهَذا يَبْطُلُ قَوْلُ الفَرّاءِ.
المُقَدِّمَةُ الثّالِثَةُ: أسْماءُ هَذِهِ الحُرُوفِ مَوْقُوفَةُ الأواخِرِ، وذَلِكَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
إذا عَرَفْتَ هَذِهِ المُقَدِّماتِ فَنَقُولُ: المِيمُ مِن قَوْلِنا (الم) ساكِنٌ ولامُ التَّعْرِيفِ مِن قَوْلِنا (اللَّهُ) ساكِنٌ، وقَدِ اجْتَمَعا فَوَجَبَ تَحْرِيكُ المِيمِ، ولَزِمَ سُقُوطُ الهَمْزَةِ بِالكُلِّيَّةِ صُورَةً ومَعْنًى، وصَحَّ بِهَذا البَيانِ قَوْلُ سِيبَوَيْهِ، وبَطَلَ قَوْلُ الفَرّاءِ.
أمّا البَحْثُ الثّانِي: فَلِقائِلٍ أنْ يَقُولَ: السّاكِنُ إذا حُرِّكَ حُرِّكَ إلى الكَسْرِ، فَلِمَ اخْتِيرَ الفَتْحُ هاهُنا، قالَ الزَّجّاجُ في الجَوابِ عَنْهُ: الكَسْرُ هاهُنا لا يَلِيقُ، لِأنَّ المِيمَ مِن قَوْلِنا (الم) مَسْبُوقَةٌ بِالياءِ فَلَوْ جَعَلْتَ المِيمَ مَكْسُورَةً لاجْتَمَعَتِ الكَسْرَةُ مَعَ الياءِ وذَلِكَ ثَقِيلٌ، فَتُرِكَتِ الكَسْرَةُ واخْتِيرَتِ الفَتْحَةُ. وطَعَنَ أبُو عَلِيٍّ الفارِسِيُّ في كَلامِ الزَّجّاجِ، وقالَ: يَنْتَقِضُ قَوْلُهُ بِقَوْلِنا: جَيْرِ، فَإنَّ الرّاءَ مَكْسُورَةٌ مَعَ أنَّها مَسْبُوقَةٌ بِالياءِ، وهَذا الطَّعْنُ عِنْدِي ضَعِيفٌ، لِأنَّ الكَسْرَةَ حَرَكَةٌ فِيها بَعْضُ الثِّقَلِ والياءُ أُخْتُها، فَإذا اجْتَمَعا عَظُمَ الثِّقِلُ، ثُمَّ يَحْصُلُ الِانْتِقالُ مِنهُ إلى النُّطْقِ بِالألِفِ في قَوْلِكَ (اللَّهُ) وهو في غايَةِ الخِفَّةِ، فَيَصِيرُ اللِّسانُ مُنْتَقِلًا مِن أثْقَلِ الحَرَكاتِ إلى أخَفِّ الحَرَكاتِ، والِانْتِقالُ مِنَ الضِّدِّ إلى الضِّدِّ دَفْعَةً واحِدَةً صَعْبٌ عَلى اللِّسانِ، أمّا إذا جَعَلْنا المِيمَ مَفْتُوحَةً، انْتَقَلَ (p-١٣٤)اللِّسانُ مِن فَتْحَةِ المِيمِ إلى الألِفِ في قَوْلِنا (اللَّهُ) فَكانَ النُّطْقُ بِهِ سَهْلًا، فَهَذا وجْهُ تَقْرِيرِ قَوْلِ سِيبَوَيْهِ واللَّهُ أعْلَمُ.
* * *
المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: في سَبَبِ نُزُولِ أوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ قَوْلانِ:
القَوْلُ الأوَّلُ: وهو قَوْلُ مُقاتِلِ بْنِ سُلَيْمانَ: أنَّ بَعْضَ أوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ في اليَهُودِ، وقَدْ ذَكَرْناهُ في تَفْسِيرِ ﴿الم﴾ ﴿ذَلِكَ الكِتابُ﴾ [البقرة: ١] .
والقَوْلُ الثّانِي: مِنِ ابْتِداءِ السُّورَةِ إلى آيَةِ المُباهَلَةِ في النَّصارى، وهو قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحاقَ قالَ: «قَدِمَ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وفْدُ نَجْرانَ سِتُّونَ راكِبًا فِيهِمْ أرْبَعَةَ عَشَرَ رَجُلًا مِن أشْرافِهِمْ، وثَلاثَةٌ مِنهم كانُوا أكابِرَ القَوْمِ، أحَدُهم: أمِيرُهم، واسْمُهُ عَبْدُ المَسِيحِ، والثّانِي: مُشِيرُهم وذُو رَأْيِهِمْ، وكانُوا يَقُولُونَ لَهُ: السَّيِّدُ، واسْمُهُ الأيْهَمُ، والثّالِثُ: حَبْرُهم وأُسْقُفُّهم وصاحِبُ مِدْراسِهِمْ، يُقالُ لَهُ أبُو حارِثَةَ بْنُ عَلْقَمَةَ أحَدُ بَنِي بَكْرِ بْنِ وائِلٍ، ومُلُوكُ الرُّومِ كانُوا شَرَّفُوهُ ومَوَّلُوهُ وأكْرَمُوهُ لِما بَلَغَهم عَنْهُ مِن عِلْمِهِ واجْتِهادِهِ في دِينِهِمْ، فَلَمّا قَدِمُوا مِن نَجْرانَ رَكِبَ أبُو حارِثَةَ بَغْلَتَهُ، وكانَ إلى جَنْبِهِ أخُوهُ كُرْزُ بْنُ عَلْقَمَةَ، فَبَيْنا بَغْلَةُ أبِي حارِثَةَ تَسِيرُ إذْ عَثَرَتْ، فَقالَ كُرْزٌ أخُوهُ: تَعِسَ الأبْعَدُ يُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَقالَ أبُو حارِثَةَ: بَلْ تَعِسَتْ أُمُّكَ، فَقالَ: ولِمَ يا أخِي ؟ فَقالَ: إنَّهُ واللَّهِ النَّبِيُّ الَّذِي كُنّا نَنْتَظِرُهُ، فَقالَ لَهُ أخُوهُ كُرْزٌ: فَما يَمْنَعُكَ مِنهُ وأنْتَ تَعْلَمُ هَذا، قالَ: لِأنَّ هَؤُلاءِ المُلُوكَ أعْطَوْنا أمْوالًا كَثِيرَةً وأكْرَمُونا، فَلَوْ آمَنّا بِمُحَمَّدٍ ﷺ لَأخَذُوا مِنّا كُلَّ هَذِهِ الأشْياءِ، فَوَقَعَ ذَلِكَ في قَلْبِ أخِيهِ كُرْزٍ، وكانَ يُضْمِرُهُ إلى أنْ أسْلَمَ فَكانَ يُحَدِّثُ بِذَلِكَ، ثُمَّ تَكَلَّمَ أُولَئِكَ الثَّلاثَةُ: الأمِيرُ، والسَّيِّدُ والحَبْرُ، مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَلى اخْتِلافٍ مِن أدْيانِهِمْ، فَتارَةً يَقُولُونَ عِيسى هو اللَّهُ، وتارَةً يَقُولُونَ: هو ابْنُ اللَّهِ، وتارَةً يَقُولُونَ: ثالِثُ ثَلاثَةٍ، ويَحْتَجُّونَ لِقَوْلِهِمْ: هو اللَّهُ، بِأنَّهُ كانَ يُحْيِي المَوْتى، ويُبْرِئُ الأكْمَهَ والأبْرَصَ، ويُبْرِئُ الأسْقامَ، ويُخْبِرُ بِالغُيُوبِ، ويَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَيَنْفُخُ فِيهِ فَيَطِيرُ، ويَحْتَجُّونَ في قَوْلِهِمْ: إنَّهُ ولَدُ اللَّهِ بِأنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أبٌ يُعْلَمُ، ويَحْتَجُّونَ عَلى ثالِثِ ثَلاثَةٍ بُقُولِ اللَّهِ تَعالى: فَعَلْنا وجَعَلْنا، ولَوْ كانَ واحِدًا لَقالَ فَعَلْتُ فَقالَ لَهم رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أسْلِمُوا، فَقالُوا: قَدْ أسْلَمْنا، فَقالَ ﷺ: كَذَبْتُمْ كَيْفَ يَصِحُّ إسْلامُكم وأنْتُمْ تُثْبِتُونَ لِلَّهِ ولَدًا، وتَعْبُدُونَ الصَّلِيبَ، وتَأْكُلُونَ الخِنْزِيرَ ! قالُوا: فَمَن أبُوهُ ؟ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى في ذَلِكَ أوَّلَ سُورَةِ آلِ عِمْرانَ إلى بِضْعٍ وثَمانِينَ آيَةً مِنها.
ثُمَّ أخَذَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُناظِرُ مَعَهم، فَقالَ: ألَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أنَّ اللَّهَ حَيٌّ لا يَمُوتُ، وأنَّ عِيسى يَأْتِي عَلَيْهِ الفَناءُ ؟ قالُوا: بَلى، قالَ ألَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أنَّهُ لا يَكُونُ ولَدٌ إلّا ويُشْبِهُ أباهُ ؟ قالُوا بَلى، قالَ: ألَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أنَّ رَبَّنا قَيِّمٌ عَلى كُلِّ شَيْءٍ يَكْلَؤُهُ ويَحْفَظُهُ ويَرْزُقُهُ، فَهَلْ يَمْلِكُ عِيسى شَيْئًا مِن ذَلِكَ ؟ قالُوا: لا، قالَ ألَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أنَّ اللَّهَ لا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ في الأرْضِ ولا في السَّماءِ، فَهَلْ يَعْلَمُ عِيسى شَيْئًا مِن ذَلِكَ إلّا ما عَلِمَ ؟ قالُوا: لا، قالَ فَإنَّ رَبَّنا صَوَّرَ عِيسى في الرَّحِمِ كَيْفَ شاءَ، فَهَلْ تَعْلَمُونَ أنَّ رَبَّنا لا يَأْكُلُ الطَّعامَ ولا يَشْرَبُ الشَّرابَ ولا يُحْدِثُ الحَدَثَ وتَعْلَمُونَ أنَّ عِيسى حَمَلَتْهُ امْرَأةٌ كَحَمْلِ المَرْأةِ ووَضَعَتْهُ كَما تَضَعُ المَرْأةُ، ثُمَّ كانَ يَطْعَمُ الطَّعامَ ويَشْرَبُ الشَّرابَ، ويُحْدِثُ الحَدَثَ ؟ قالُوا: بَلى، فَقالَ ﷺ: فَكَيْفَ يَكُونُ كَما زَعَمْتُمْ ؟ فَعَرَفُوا ثُمَّ أبَوْا إلّا جُحُودًا، ثُمَّ قالُوا: يا مُحَمَّدُ ألَسْتَ تَزَعُمُ أنَّهُ كَلِمَةُ اللَّهِ ورُوحٌ مِنهُ ؟ قالَ: بَلى، قالُوا: فَحَسْبُنا فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿فَأمّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ﴾ الآيَةَ.
(p-١٣٥)ثُمَّ إنَّ اللَّهَ تَعالى أمَرَ مُحَمَّدًا ﷺ بِمُلاعَنَتِهِمْ إذْ رَدُّوا عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَدَعاهم رَسُولُ اللَّهِ إلى المُلاعَنَةِ، فَقالُوا: يا أبا القاسِمِ دَعْنا نَنْظُرْ في أمْرِنا، ثُمَّ نَأْتِيكَ بِما تُرِيدُ أنْ نَفْعَلَ، فانْصَرَفُوا ثُمَّ قالَ بَعْضُ أُولَئِكَ الثَّلاثَةِ لِبَعْضٍ: ما تَرى ؟ فَقالَ: واللَّهِ يا مَعْشَرَ النَّصارى لَقَدْ عَرَفْتُمْ أنَّ مُحَمَّدًا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، ولَقَدْ جاءَكم بِالفَصْلِ مِن خَبَرِ صاحِبِكم، ولَقَدْ عَلِمْتُمْ ما لاعَنَ قَوْمٌ نَبِيًّا قَطُّ إلّا وفّى كَبِيرَهم وصَغِيرَهم، وإنَّهُ الِاسْتِئْصالُ مِنكم إنْ فَعَلْتُمْ، وأنْتُمْ قَدْ أبَيْتُمْ إلّا دِينَكم والإقامَةَ عَلى ما أنْتُمْ عَلَيْهِ، فَوادِعُوا الرَّجُلَ وانْصَرِفُوا إلى بِلادِكم. فَأتَوْا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقالُوا: يا أبا القاسِمِ قَدْ رَأيْنا أنْ لا نُلاعِنَكَ وأنْ نَتْرُكَكَ عَلى دِينِكَ، ونَرْجِعَ نَحْنُ عَلى دِينِنا، فابْعَثْ رَجُلًا مِن أصْحابِكَ مَعَنا يَحْكُمُ بَيْنَنا في أشْياءَ قَدِ اخْتَلَفْنا فِيها مِن أمْوالِنا، فَإنَّكم عِنْدَنا رِضًا، فَقالَ عَلَيْهِ السَّلامُ: ايتُونِي العَشِيَّةَ أبْعَثْ مَعَكُمُ الحَكَمَ القَوِيَّ الأمِينَ وكانَ عُمَرُ يَقُولُ: ما أحْبَبْتُ الإمارَةَ قَطُّ إلّا يَوْمَئِذٍ رَجاءَ أنْ أكُونَ صاحِبَها، فَلَمّا صَلَّيْنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الظُّهْرَ سَلَّمَ ثُمَّ نَظَرَ عَنْ يَمِينِهِ وعَنْ يَسارِهِ، وجَعَلْتُ أتَطاوَلُ لَهُ لِيَرانِي، فَلَمْ يَزَلْ يُرَدِّدُ بَصَرَهُ حَتّى رَأى أبا عُبَيْدَةَ بْنَ الجَرّاحِ، فَدَعاهُ فَقالَ: اخْرُجْ مَعَهم واقْضِ بَيْنَهم بِالحَقِّ فِيما اخْتَلَفُوا فِيهِ، قالَ عُمَرُ: فَذَهَبَ بِها أبُو عُبَيْدَةَ» .
واعْلَمْ أنَّ هَذِهِ الرِّوايَةَ دالَّةٌ عَلى أنَّ المُناظَرَةَ في تَقْرِيرِ الدِّينِ وإزالَةِ الشُّبَهاتِ حِرْفَةُ الأنْبِياءِ عَلَيْهِمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ، وأنَّ مَذْهَبَ الحَشْوِيَّةِ في إنْكارِ البَحْثِ والنَّظَرِ باطِلٌ قَطْعًا، واللَّهُ أعْلَمُ.
* * *
المَسْألَةُ الثّالِثَةُ: اعْلَمْ أنَّ مَطْلَعَ هَذِهِ السُّورَةِ لَهُ نَظْمٌ لَطِيفٌ عَجِيبٌ، وذَلِكَ لِأنَّ أُولَئِكَ النَّصارى الَّذِينَ نازَعُوا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَأنَّهُ قِيلَ لَهم: إمّا أنْ تُنازِعُوهُ في مَعْرِفَةِ الإلَهِ، أوْ في النُّبُوَّةِ، فَإنْ كانَ النِّزاعُ في مَعْرِفَةِ الإلَهِ وهو أنَّكم تُثْبِتُونَ لَهُ ولَدًا وأنَّ مُحَمَّدًا لا يُثْبِتُ لَهُ ولَدًا فالحَقُّ مَعَهُ بِالدَّلائِلِ العَقْلِيَّةِ القَطْعِيَّةِ، فَإنَّهُ قَدْ ثَبَتَ بِالبُرْهانِ أنَّهُ حَيٌّ قَيُّومٌ، والحَيُّ القَيُّومُ يَسْتَحِيلُ عَقْلًا أنْ يَكُونَ لَهُ ولَدٌ وإنْ كانَ النِّزاعُ في النُّبُوَّةِ، فَهَذا أيْضًا باطِلٌ، لِأنَّ بِالطَّرِيقِ الَّذِي عَرَفْتُمْ أنَّ اللَّهَ تَعالى أنْزَلَ التَّوْراةَ والإنْجِيلَ عَلى مُوسى وعِيسى فَهو بِعَيْنِهِ قائِمٌ في مُحَمَّدٍ ﷺ، وما ذاكَ إلّا بِالمُعْجِزَةِ وهو حاصِلٌ هاهُنا، فَكَيْفَ يُمْكِنُ مُنازَعَتُهُ في صِحَّةِ النُّبُوَّةِ ؟ فَهَذا هو وجْهُ النَّظْمِ وهو مَضْبُوطٌ حَسَنٌ جِدًّا فَلْنَنْظُرْ هاهُنا إلى بَحْثَيْنِ:
البَحْثُ الأوَّلُ: ما يَتَعَلَّقُ بِالإلَهِيّاتِ فَنَقُولُ: إنَّهُ تَعالى حَيٌّ قَيُّومٌ، وكُلُّ مَن كانَ حَيًّا قَيُّومًا يَمْتَنِعُ أنْ يَكُونَ لَهُ ولَدٌ، وإنَّما قُلْنا: إنَّهُ حَيٌّ قَيُّومٌ، لِأنَّهُ واجِبُ الوُجُودِ لِذاتِهِ، وكُلُّ ما سِواهُ فَإنَّهُ مُمْكِنٌ لِذاتِهِ مُحْدَثٌ حَصَلَ تَكْوِينُهُ وتَخْلِيقُهُ وإيجادُهُ عَلى ما بَيَّنّا كُلَّ ذَلِكَ في تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿اللَّهُ لا إلَهَ إلّا هو الحَيُّ القَيُّومُ﴾ وإذا كانَ الكُلُّ مُحْدَثًا مَخْلُوقًا امْتَنَعَ كَوْنُ شَيْءٍ مِنها ولَدًا لَهُ وإلَهًا، كَما قالَ: ﴿إنْ كُلُّ مَن في السَّماواتِ والأرْضِ إلّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا﴾ [مريم: ٩٣] وأيْضًا لَمّا ثَبَتَ أنَّ الإلَهَ يَجِبُ أنْ يَكُونَ حَيًّا قَيُّومًا، وثَبَتَ أنَّ عِيسى ما كانَ حَيًّا قَيُّومًا لِأنَّهُ وُلِدَ، وكانَ يَأْكُلُ ويَشْرَبُ ويُحْدِثُ، والنَّصارى زَعَمُوا أنَّهُ قُتِلَ وما قَدَرَ عَلى دَفْعِ القَتْلِ عَنْ نَفْسِهِ، فَثَبَتَ أنَّهُ ما كانَ حَيًّا قَيُّومًا، وذَلِكَ يَقْتَضِي القَطْعَ والجَزْمَ بِأنَّهُ ما كانَ إلَهًا، فَهَذِهِ الكَلِمَةُ وهي قَوْلُهُ ﴿الحَيُّ القَيُّومُ﴾ جامِعَةٌ لِجَمِيعِ وُجُوهِ الدَّلائِلِ عَلى بُطْلانِ قَوْلِ النَّصارى في التَّثْلِيثِ.
وأمّا البَحْثُ الثّانِي: وهو ما يَتَعَلَّقُ بِالنُّبُوَّةِ، فَقَدْ ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعالى هاهُنا في غايَةِ الحُسْنِ ونِهايَةِ الجَوْدَةِ، وذَلِكَ لِأنَّهُ قالَ: ﴿نَزَّلَ عَلَيْكَ الكِتابَ بِالحَقِّ﴾ [آل عمران: ٣] وهَذا يَجْرِي مَجْرى الدَّعْوى، ثُمَّ إنَّهُ تَعالى أقامَ الدَّلالَةَ عَلى صِحَّةِ هَذِهِ الدَّعْوى، فَقالَ: وافَقْتُمُونا أيُّها اليَهُودُ والنَّصارى عَلى أنَّهُ تَعالى أنْزَلَ التَّوْراةَ والإنْجِيلَ (p-١٣٦)مِن قَبْلُ هُدًى لِلنّاسِ، فَإنَّما عَرَفْتُمْ أنَّ التَّوْراةَ والإنْجِيلَ كِتابانِ إلَهِيّانِ، لِأنَّهُ تَعالى قَرَنَ بِإنْزالِهِما المُعْجِزَةَ الدّالَّةَ عَلى الفَرْقِ بَيْنَ قَوْلِ المُحِقِّ وقَوْلِ المُبْطِلِ؛ والمُعْجِزُ لَمّا حَصَلَ بِهِ الفَرْقُ بَيْنَ الدَّعْوى الصّادِقَةِ والدَّعْوى الكاذِبَةِ كانَ فَرْقًا لا مَحالَةَ، ثُمَّ إنَّ الفُرْقانَ الَّذِي هو المُعْجِزُ كَما حَصَلَ في كَوْنِ التَّوْراةِ والإنْجِيلِ نازِلَيْنِ مِن عِنْدِ اللَّهِ، فَكَذَلِكَ حَصَلَ في كَوْنِ القُرْآنِ نازِلًا مِن عِنْدِ اللَّهِ وإذا كانَ الطَّرِيقُ مُشْتَرَكًا، فَإمّا أنْ يَكُونَ الواجِبُ تَكْذِيبَ الكُلِّ عَلى ما هو قَوْلُ البَراهِمَةِ، أوْ تَصْدِيقَ الكُلِّ عَلى ما هو قَوْلُ المُسْلِمِينَ، وأمّا قَبُولُ البَعْضِ ورَدُّ البَعْضِ فَذَلِكَ جَهْلٌ وتَقْلِيدٌ، ثُمَّ إنَّهُ تَعالى لَمّا ذَكَرَ ما هو العُمْدَةُ في مَعْرِفَةِ الإلَهِ عَلى ما جاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ، وما هو العُمْدَةُ في إثْباتِ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ لَمْ يَبْقَ بَعْدَ ذَلِكَ عُذْرٌ لِمَن يُنازِعُهُ في دِينِهِ فَلا جَرَمَ أرْدَفَهُ بِالتَّهْدِيدِ والوَعِيدِ فَقالَ: (﴿إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ لَهم عَذابٌ شَدِيدٌ واللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ﴾ [آل عمران: ٤] فَقَدْ ظَهَرَ أنَّهُ لا يُمْكِنُ أنْ يَكُونَ كَلامٌ أقْرَبَ إلى الضَّبْطِ، وإلى حُسْنِ التَّرْتِيبِ وجَوْدَةِ التَّأْلِيفِ مِن هَذا الكَلامِ، والحَمْدُ لِلَّهِ عَلى ما هَدى هَذا المِسْكِينَ إلَيْهِ، ولَهُ الشُّكْرُ عَلى نِعَمِهِ الَّتِي لا حَدَّ لَها ولا حَصْرَ.
ولَمّا لَخَّصْنا ما هو المَقْصُودُ الكُلِّيُّ مِنَ الكَلامِ فَلْنَرْجِعْ إلى تَفْسِيرِ كُلِّ واحِدٍ مِنَ الألْفاظِ.
أمّا قَوْلُهُ ﴿اللَّهُ لا إلَهَ إلّا هُوَ﴾ فَهو رَدٌّ عَلى النَّصارى لِأنَّهم كانُوا يَقُولُونَ بِعِبادَةِ عِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ فَبَيَّنَ اللَّهُ تَعالى أنَّ أحَدًا لا يَسْتَحِقُّ العِبادَةَ سِواهُ.
ثُمَّ أتْبَعَ ذَلِكَ بِما يَجْرِي مَجْرى الدَّلالَةِ عَلَيْهِ فَقالَ: ﴿الحَيُّ القَيُّومُ﴾ فَأمّا الحَيُّ فَهو الفَعّالُ الدَّرّاكُ وأمّا القَيُّومُ فَهو القائِمُ بِذاتِهِ، والقائِمُ بِتَدْبِيرِ الخَلْقِ والمَصالِحِ لِما يَحْتاجُونَ إلَيْهِ في مَعاشِهِمْ، مِنَ اللَّيْلِ والنَّهارِ، والحَرِّ والبَرْدِ، والرِّياحِ والأمْطارِ، والنِّعَمِ الَّتِي لا يَقْدِرُ عَلَيْها سِواهُ، ولا يُحْصِيها غَيْرُهُ، كَما قالَ تَعالى: ﴿وإنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها﴾ [إبراهيم: ٣٤] وقَرَأ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ﴿الحَيُّ القَيُّومُ﴾ قالَ قَتادَةُ، الحَيُّ الَّذِي لا يَمُوتُ، والقَيُّومُ القائِمُ عَلى خَلْقِهِ بِأعْمالِهِمْ، وآجالِهِمْ، وأرْزاقِهِمْ، وعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: الحَيُّ قَبْلَ كُلِّ حَيٍّ، والقَيُّومُ الَّذِي لا نِدَّ لَهُ، وقَدْ ذَكَرْنا في سُورَةِ البَقَرَةِ أنَّ قَوْلَنا: الحَيُّ القَيُّومُ مُحِيطٌ بِجَمِيعِ الصِّفاتِ المُعْتَبَرَةِ في الإلَهِيَّةِ، ولَمّا ثَبَتَ أنَّ المَعْبُودَ يَجِبُ أنْ يَكُونَ حَيًّا قَيُّومًا ودَلَّتِ البَدِيهَةُ والحِسُّ عَلى أنَّ عِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ ما كانَ حَيًّا قَيُّومًا، وكَيْفَ وهم يَقُولُونَ بِأنَّهُ قُتِلَ وأظْهَرَ الجَزَعَ مِنَ المَوْتِ. عَلِمْنا قَطْعًا أنَّ عِيسى ما كانَ إلَهًا ولا ولَدًا لِلْإلَهِ تَعالى وتَقَدَّسَ عَمّا يَقُولُ الظّالِمُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["الۤمۤ","ٱللَّهُ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡحَیُّ ٱلۡقَیُّومُ"],"ayah":"ٱللَّهُ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡحَیُّ ٱلۡقَیُّومُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق