الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الفَقْرَ ويَأْمُرُكم بِالفَحْشاءِ واللَّهُ يَعِدُكم مَغْفِرَةً مِنهُ وفَضْلًا واللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ﴾ . اعْلَمْ أنَّهُ تَعالى لَمّا رَغَّبَ الإنْسانَ في إنْفاقِ أجْوَدِ ما يَمْلِكُهُ حَذَرَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِن وسْوَسَةِ الشَّيْطانِ فَقالَ: (p-٥٧)﴿الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الفَقْرَ﴾ أيْ: يُقالُ: إنْ أنْفَقْتَ الأجْوَدَ صِرْتَ فَقِيرًا فَلا تُبالِ بِقَوْلِهِ فَإنَّ الرَّحْمَنَ ﴿يَعِدُكم مَغْفِرَةً مِنهُ وفَضْلًا﴾ وفي الآيَةِ مَسائِلُ: المَسْألَةُ الأُولى: اخْتَلَفُوا في الشَّيْطانِ فَقِيلَ: إبْلِيسُ، وقِيلَ: سائِرُ الشَّياطِينِ، وقِيلَ: شَياطِينُ الجِنِّ والإنْسِ، وقِيلَ: النَّفْسُ الأمّارَةُ بِالسُّوءِ. المَسْألَةُ الثّانِيَةُ: الوَعْدُ يُسْتَعْمَلُ في الخَيْرِ والشَّرِّ، قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿النّارُ وعَدَها اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [الحَجِّ: ٧٢] ويُمْكِنُ أنْ يَكُونَ هَذا مَحْمُولًا عَلى التَّهَكُّمِ، كَما في قَوْلِهِ: ﴿فَبَشِّرْهم بِعَذابٍ ألِيمٍ﴾ [آلِ عِمْرانَ: ٢١] . المَسْألَةُ الثّالِثَةُ: الفَقْرُ والفُقْرُ لُغَتانِ، وهو الضَّعِيفُ بِسَبَبِ قِلَّةِ المالِ، وأصْلُ الفَقْرِ في اللُّغَةِ كَسْرُ الفَقارِ، يُقالُ: رَجُلٌ فَقِرٌ وفَقِيرٌ إذا كانَ مَكْسُورَ الفَقارِ، قالَ طَرفَةُ: ؎إنَّنِي لَسْتُ بِمَرْهُونِ فَقِرْ قالَ صاحِبُ الكَشّافِ: قُرِئَ الفُقْرُ بِالضَّمِّ والفَقَرُ بِفَتْحَتَيْنِ. المَسْألَةُ الرّابِعَةُ: أمّا الكَلامُ في حَقِيقَةِ الوَسْوَسَةِ، فَقَدْ ذَكَرْناهُ في أوَّلِ الكِتابِ في تَفْسِيرِ ”أعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ“ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إنَّ لِلشَّيْطانِ لَمَّةً وهي الإيعادُ بِالشَّرِّ، ولِلْمَلَكِ لَمَّةً وهي الوَعْدُ بِالخَيْرِ، فَمَن وجَدَ ذَلِكَ فَلْيَعْلَمْ أنَّهُ مِنَ اللَّهِ، ومِن وجَدَ الأوَّلَ فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ، وقَرَأ هَذِهِ الآيَةَ. ورَوى الحَسَنُ، قالَ بَعْضُ المُهاجِرِينَ: مَن سَرَّهُ أنْ يَعْلَمَ مَكانَ الشَّيْطانِ مِنهُ فَلْيَتَأمَّلْ مَوْضِعَهُ مِنَ المَكانِ الَّذِي مِنهُ يَجِدُ الرَّغْبَةَ في فِعْلِ المُنْكَرِ. أمّا قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ويَأْمُرُكم بِالفَحْشاءِ﴾ فَفِيهِ وُجُوهٌ: الأوَّلُ: أنَّ الفَحْشاءَ هي البُخْلُ ﴿ويَأْمُرُكم بِالفَحْشاءِ﴾ أيْ: ويُغْرِيكم عَلى البُخْلِ إغْراءَ الآمِرِ لِلْمَأْمُورِ، والفاحِشُ عِنْدَ العَرَبِ البَخِيلُ، قالَ طَرَفَةُ: ؎أرى المَوْتَ يَعْتامُ الكِرامَ ويَصْطَفِي ∗∗∗ عَقِيلَةَ مالِ الفاحِشِ المُتَشَدِّدِ ويَعْتامُ مَنقُولٌ مَن عامَ فُلانٌ إلى اللَّبَنِ إذا اشْتَهاهُ، وأرادَ بِالفاحِشِ البَخِيلَ، قالَ تَعالى: ﴿وإنَّهُ لِحُبِّ الخَيْرِ لَشَدِيدٌ﴾ [العادِياتِ: ٨] وقَدْ نَبَّهَ اللَّهُ تَعالى في هَذِهِ الآيَةِ عَلى لَطِيفَةٍ وهي أنَّ الشَّيْطانَ يُخَوِّفُهُ أوَّلًا بِالفَقْرِ ثُمَّ يَتَوَصَّلُ بِهَذا التَّخْوِيفِ إلى أنْ يَأْمُرَهُ بِالفَحْشاءِ ويُغْرِيَهُ بِالبُخْلِ، وذَلِكَ لِأنَّ البُخْلَ صِفَةٌ مَذْمُومَةٌ عِنْدَ كُلِّ أحَدٍ، فالشَّيْطانُ لا يُمْكِنُهُ تَحْسِينُ البُخْلِ في عَيْنِهِ إلّا بِتَقْدِيمِ تِلْكَ المُقَدِّمَةِ، وهي التَّخْوِيفُ مِنَ الفَقْرِ. الوَجْهُ الثّانِي في تَفْسِيرِ الفَحْشاءِ: وهو أنَّهُ يَقُولُ: لا تُنْفِقِ الجَيِّدَ مِن مالِكَ في طاعَةِ اللَّهِ لِئَلّا تَصِيرَ فَقِيرًا، فَإذا أطاعَ الرَّجُلُ الشَّيْطانَ في ذَلِكَ زادَ الشَّيْطانُ، فَيَمْنَعُهُ مِنَ الإنْفاقِ في الكُلِّيَّةِ حَتّى لا يُعْطِيَ لا الجَيِّدَ ولا الرَّدِيءَ وحَتّى يَمْنَعَ الحُقُوقَ الواجِبَةَ، فَلا يُؤَدِّي الزَّكاةَ ولا يَصِلُ الرَّحِمَ ولا يَرُدُّ الوَدِيعَةَ، فَإذا صارَ هَكَذا سَقَطَ وقْعُ الذُّنُوبِ عَنْ قَلْبِهِ ويَصِيرُ غَيْرَ مُبالٍ بِارْتِكابِها، وهُناكَ يَتَّسِعُ الخَرْقُ ويَصِيرُ مِقْدامًا عَلى كُلِّ الذُّنُوبِ، وذَلِكَ هو الفَحْشاءُ. وتَحْقِيقُهُ أنْ لِكُلِّ خَلْقٍ طَرَفَيْنِ ووَسَطًا، فالطَّرَفُ الكامِلُ هو أنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يَبْذُلُ كُلَّ ما يَمْلِكُهُ في سَبِيلِ اللَّهِ الجَيِّدَ والرَّدِيءَ، والطَّرَفُ الفاحِشُ النّاقِصُ لا يُنْفِقُ شَيْئًا في سَبِيلِ اللَّهِ لا الجَيِّدَ ولا الرَّدِيءَ، والأمْرُ المُتَوَسِّطُ أنْ يَبْخَلَ بِالجَيِّدِ ويُنْفِقَ الرَّدِيءَ، فالشَّيْطانُ إذا أرادَ نَقْلَهُ مِنَ الطَّرَفِ الفاضِلِ إلى الطَّرَفِ الفاحِشِ، لا يُمْكِنُهُ إلّا بِأنْ يَجُرَّهُ إلى الوَسَطِ، فَإنْ عَصى الإنْسانُ الشَّيْطانَ في هَذا المَقامِ انْقَطَعَ طَمَعُهُ عَنْهُ، (p-٥٨)وإنْ أطاعَهُ فِيهِ طَمِعَ في أنْ يَجُرَّهُ مِنَ الوَسَطِ إلى الطَّرَفِ الفاحِشِ، فالوَسَطُ هو قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَعِدُكُمُ الفَقْرَ﴾ والطَّرْفُ الفاحِشُ قَوْلُهُ: ﴿ويَأْمُرُكم بِالفَحْشاءِ﴾ ثُمَّ لَمّا ذَكَرَ سُبْحانَهُ وتَعالى دَرَجاتِ وسْوَسَةِ الشَّيْطانِ أرْدَفَها بِذِكْرِ إلْهاماتِ الرَّحْمَنِ فَقالَ: ﴿واللَّهُ يَعِدُكم مَغْفِرَةً مِنهُ وفَضْلًا﴾ فالمَغْفِرَةُ إشارَةٌ إلى مَنافِعِ الآخِرَةِ، والفَضْلُ إشارَةٌ إلى ما يَحْصُلُ في الدُّنْيا مِنَ الخَلْقِ، ورُوِيَ عَنْهُ ﷺ أنَّ المَلَكَ يُنادِي كُلَّ لَيْلَةٍ ”«اللَّهُمَّ أعْطِ كُلَّ مُنْفِقٍ خَلَفًا وكُلَّ مُمْسِكٍ تَلَفًا» “ . وفِي هَذِهِ الآيَةِ لَطِيفَةٌ وهي أنَّ الشَّيْطانَ يَعِدُكَ الفَقْرَ في غَدِ دُنْياكَ، والرَّحْمَنُ يَعِدُكَ المَغْفِرَةَ في غَدِ عُقْباكَ، ووَعْدُ الرَّحْمَنِ في غَدِ العُقْبى أوْلى بِالقَبُولِ مِن وُجُوهٍ: أحَدُها: أنَّ وِجْدانَ غَدِ الدُّنْيا مَشْكُوكٌ فِيهِ، ووِجْدانَ غَدِ العُقْبى مُتَيَقِّنٌ مَقْطُوعٌ بِهِ. وثانِيها: أنَّ بِتَقْدِيرِ وِجْدانِ غَدِ الدُّنْيا، فَقَدْ يَبْقى المالُ المَبْخُولُ بِهِ وقَدْ لا يَبْقى، وعِنْدَ وِجْدانِ غَدِ العُقْبى لا بُدَّ مِن وِجْدانِ المَغْفِرَةِ المَوْعُودِ بِها مِن عِنْدِ اللَّهِ تَعالى؛ لِأنَّهُ الصّادِقُ الَّذِي يَمْتَنِعُ وُجُودُ الكَذِبِ في كَلامِهِ. وثالِثُها: أنَّ بِتَقْدِيرِ بَقاءِ المالِ المَبْخُولِ بِهِ في غَدِ الدُّنْيا، فَقَدْ يَتَمَكَّنُ الإنْسانُ مِنَ الِانْتِفاعِ بِهِ وقَدْ لا يَتَمَكَّنُ إمّا بِسَبَبِ خَوْفٍ أوْ مَرَضٍ أوِ اشْتِغالٍ بِمُهِمٍّ آخَرَ، وعِنْدَ وِجْدانِ غَدِ العُقْبى الِانْتِفاعُ حاصِلٌ بِمَغْفِرَةِ اللَّهِ وفَضْلِهِ وإحْسانِهِ. ورابِعُها: أنَّ بِتَقْدِيرِ حُصُولِ الِانْتِفاعِ بِالمالِ المَبْخُولِ بِهِ غَدِ الدُّنْيا لا شَكَّ أنَّ ذَلِكَ الِانْتِفاعَ يَنْقَطِعُ ولا يَبْقى، وأمّا الِانْتِفاعُ بِمَغْفِرَةِ اللَّهِ وفَضْلِهِ وإحْسانِهِ فَهو الباقِي الَّذِي لا يَنْقَطِعُ ولا يَزُولُ. وخامِسُها: أنَّ الِانْتِفاعَ بِلَذّاتِ الدُّنْيا مَشُوبٌ بِالمَضارِّ، فَلا تَرى شَيْئًا مِنَ اللَّذّاتِ إلّا ويَكُونُ سَبَبًا لِلْمِحْنَةِ مَن ألْفِ وجْهٍ بِخِلافِ مَنافِعِ الآخِرَةِ فَإنَّها خالِصَةٌ عَنِ الشَّوائِبِ، ومَن تَأمَّلَ فِيما ذَكَرْناهُ عَلِمَ أنَّ الِانْقِيادَ لِوَعْدِ الرَّحْمَنِ بِالفَضْلِ والمَغْفِرَةِ أوْلى مِنَ الِانْقِيادِ لِوَعْدِ الشَّيْطانِ. إذا عَرَفْتَ هَذا فَنَقُولُ: المُرادُ بِالمَغْفِرَةِ تَكْفِيرُ الذُّنُوبِ كَما قالَ: ﴿خُذْ مِن أمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهم وتُزَكِّيهِمْ بِها﴾ [التَّوْبَةِ: ١٣] وفي الآيَةِ لَفْظانِ يَدُلّانِ عَلى كَمالِ هَذِهِ المَغْفِرَةِ: أحَدُها: التَّنْكِيرُ في لَفْظَةِ المَغْفِرَةِ، والمَعْنى مَغْفِرَةً أيَّ مَغْفِرَةٍ. والثّانِي: قَوْلُهُ: ﴿مَغْفِرَةً مِنهُ﴾ فَقَوْلُهُ: (مِنهُ) يَدُلُّ عَلى كَمالِ حالِ هَذِهِ المَغْفِرَةِ؛ لِأنَّ كَمالَ كَرَمِهِ ونِهايَةَ جُودِهِ مَعْلُومٌ لِجَمِيعِ العُقَلاءِ، وكَوْنُ المَغْفِرَةِ مِنهُ مَعْلُومٌ أيْضًا لِكُلِّ أحَدٍ فَلَمّا خَصَّ هَذِهِ المَغْفِرَةَ بِأنَّها مِنهُ عُلِمَ أنَّ المَقْصُودَ تَعْظِيمُ حالِ هَذِهِ المَغْفِرَةِ؛ لِأنَّ عِظَمَ المُعْطِي يَدُلُّ عَلى عِظَمِ العَطِيَّةِ، وكَمالُ هَذِهِ المَغْفِرَةِ يَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ المُرادُ مِنهُ ما قالَهُ في آيَةٍ أُخْرى: ﴿فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ﴾ [الفُرْقانِ: ٧٠] ويَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ المُرادُ مِنهُ أنْ يَجْعَلَهُ شَفِيعًا في غُفْرانِ ذُنُوبِ سائِرِ المُذْنِبِينَ، ويَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ كَمالُ تِلْكَ المَغْفِرَةِ أمْرًا لا يَصِلُ إلَيْهِ عَقْلُنا ما دُمْنا في دارِ الدُّنْيا، فَإنَّ تَفاصِيلَ أحْوالِ الآخِرَةِ، أكْثَرُها مَحْجُوبَةٌ عَنّا ما دُمْنا في الدُّنْيا. وأمّا مَعْنى الفَضْلِ فَهو الخَلْفُ المُعَجَّلُ في الدُّنْيا، وهَذا الفَضْلُ يَحْتَمِلُ عِنْدِي وُجُوهًا: أحَدُها: أنَّ المُرادَ مِن هَذا الفَضْلِ الفَضِيلَةُ الحاصِلَةُ لِلنَّفْسِ وهي فَضِيلَةُ الجُودِ والسَّخاءِ، وذَلِكَ لِأنَّ مَراتِبَ السَّعادَةِ ثَلاثٌ: نَفْسانِيَّةٌ، وبَدَنِيَّةٌ، وخارِجِيَّةٌ، ومِلْكُ المالِ مِنَ الفَضائِلِ الخارِجِيَّةِ، وحُصُولُ خَلْقِ الجُودِ والسَّخاوَةِ مِنَ الفَضائِلِ النَّفْسانِيَّةِ. وأجْمَعُوا عَلى أنَّ أشْرَفَ هَذِهِ المَراتِبِ الثَّلاثِ السِّعاداتُ النَّفْسانِيَّةُ، وأخَسَّها السِّعاداتُ الخارِجِيَّةُ، فَمَتى لَمْ يَحْصُلْ إنْفاقُ المالِ كانَتِ السَّعادَةُ الخارِجِيَّةُ حاصِلَةً والنَّقِيضَةُ النَّفْسانِيَّةُ مَعَها حاصِلَةً، ومَتى حَصَلَ الإنْفاقُ حَصَلَ الكَمالُ النَّفْسانِيُّ والنُّقْصانُ الخارِجِيُّ، ولا شَكَّ أنَّ هَذِهِ الحالَةَ أكْمَلُ، فَثَبَتَ أنَّ مُجَرَّدَ الإنْفاقِ يَقْتَضِي حُصُولَ ما وعَدَ اللَّهُ بِهِ مِن حُصُولِ الفَضْلِ. والثّانِيَ: وهو أنَّهُ مَتى حَصَلَتْ مَلَكَةُ الإنْفاقِ زالَتْ عَنِ الرُّوحِ هَيْئَةُ الِاشْتِغالِ بِلَذّاتِ الدُّنْيا والتَّهالُكُ في مَطالِبِها، ولا مانِعَ لِلرُّوحِ مِن تَجَلِّي نُورِ جَلالِ اللَّهِ لَها إلّا (p-٥٩)حُبَّ الدُّنْيا، ولِذَلِكَ قالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: ”«لَوْلا أنَّ الشَّياطِينَ يُوحُونَ إلى قُلُوبِ بَنِي آدَمَ لَنَظَرُوا إلى مَلَكُوتِ السَّماواتِ» “ وإذا زالَ عَنْ وجْهِ القَلْبِ غُبارُ حُبِّ الدُّنْيا اسْتَنارَ بِأنْوارِ عالَمِ القُدْسِ وصارَ كالكَوْكَبِ الدُّرِّيِّ والتَحَقَ بِأرْواحِ المَلائِكَةِ، وهَذا هو الفَضْلُ لا غَيْرَ. والثّالِثَ، وهو أحْسَنُ الوُجُوهِ: أنَّهُ مَهْما عُرِفَ مِنَ الإنْسانِ كَوْنُهُ مُنْفِقًا لِأمْوالِهِ في وُجُوهِ الخَيْراتِ مالَتِ القُلُوبُ إلَيْهِ فَلا يُضايِقُونَهُ في مَطالِبِهِ، فَحِينَئِذٍ تَنْفَتِحُ عَلَيْهِ أبْوابُ الدُّنْيا، ولِأنَّ أُولَئِكَ الَّذِينَ أنْفَقَ مالَهُ عَلَيْهِمْ يُعِينُونَهُ بِالدُّعاءِ والهِمَّةِ فَيَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيْهِ أبْوابَ الخَيْرِ. ثُمَّ خَتَمَ الآيَةَ بِقَوْلِهِ: ﴿واللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ﴾ أيْ أنَّهُ واسِعُ المَغْفِرَةِ، قادِرٌ عَلى إغْنائِكم، وإخْلافِ ما تُنْفِقُونَهُ، وهو عَلِيمٌ لا يَخْفى عَلَيْهِ ما تُنْفِقُونَ، فَهو يُخْلِفُهُ عَلَيْكم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب