الباحث القرآني
بابُ المُكاسَبَةِ
قالَ اللَّهُ (تَعالى): ﴿يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا أنْفِقُوا مِن طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ ومِمّا أخْرَجْنا لَكم مِن الأرْضِ﴾: فِيهِ إباحَةُ المَكاسِبِ؛ وإخْبارٌ أنَّ فِيها طَيِّبًا؛ والمَكاسِبُ وجْهانِ؛ أحَدُهُما إبْدالُ الأمْوالِ؛ وإرْباحُها؛ والثّانِي: إبْدالُ المَنافِعِ؛ وقَدْ نَصَّ اللَّهُ (تَعالى) عَلى إباحَتِها في مَواضِعَ مِن كِتابِهِ؛ نَحْوَ قَوْلِهِ (تَعالى): ﴿وأحَلَّ اللَّهُ البَيْعَ﴾ [البقرة: ٢٧٥]؛ وقَوْلِهِ (تَعالى): ﴿وآخَرُونَ يَضْرِبُونَ في الأرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وآخَرُونَ يُقاتِلُونَ في سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [المزمل: ٢٠]؛ وقالَ (تَعالى): ﴿لَيْسَ عَلَيْكم جُناحٌ أنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِن رَبِّكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٨]؛ يَعْنِي - واللَّهُ أعْلَمُ - مَن يَتَّجِرُ؛ ويُكْرِي؛ ويَحُجُّ مَعَ ذَلِكَ؛ وقالَ (تَعالى) - في إبْدالِ المَنافِعِ -: ﴿فَإنْ أرْضَعْنَ لَكم فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ [الطلاق: ٦]؛ وقالَ شُعَيْبٌ - عَلَيْهِ السَّلامُ -: ﴿إنِّي أُرِيدُ أنْ أُنْكِحَكَ إحْدى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ﴾ [القصص: ٢٧]؛ وقالَ النَّبِيُّ ﷺ: «"مَنِ اسْتَأْجَرَ أجِيرًا فَلْيُعْلِمْهُ أجْرَهُ"؛» وقالَ ﷺ: «"لَأنْ يَأْخُذَ أحَدُكم حَبْلًا فَيَحْتَطِبَ؛ خَيْرٌ لَهُ مِن أنْ يَسْألَ النّاسَ؛ أعْطَوْهُ؛ أوْ مَنَعُوهُ"؛» وقَدْ رَوى الأعْمَشُ عَنْ إبْراهِيمَ؛ عَنِ الأسْوَدِ؛ عَنْ عائِشَةَ؛ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «"إنَّ أطْيَبَ ما أكَلَ الرَّجُلُ مِن كَسْبِهِ؛ وإنَّ ولَدَهُ مِن كَسْبِهِ"؛» وقَدْ رُوِيَ عَنْ جَماعَةٍ مِنَ السَّلَفِ في قَوْلِهِ (تَعالى): ﴿أنْفِقُوا مِن طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ﴾؛ أنَّهُ مِنَ التِّجاراتِ؛ مِنهُمُ الحَسَنُ؛ ومُجاهِدٌ؛ وعُمُومُ هَذِهِ الآيَةِ يُوجِبُ الصَّدَقَةَ في سائِرِ الأمْوالِ؛ لِأنَّ قَوْلَهُ (تَعالى): ﴿ما كَسَبْتُمْ﴾؛ يَنْتَظِمُها؛ وإنْ كانَ غَيْرَ مُكْتَفٍ بِنَفْسِهِ في المِقْدارِ الواجِبِ فِيها؛ فَهو عُمُومٌ في أصْنافِ الأمْوالِ؛ مُجْمَلٌ في المِقْدارِ الواجِبِ فِيها؛ فَهو مُفْتَقِرٌ إلى البَيانِ؛ ولَمّا ورَدَ البَيانُ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ بِذِكْرِ مَقادِيرِ الواجِباتِ فِيها؛ صَحَّ الِاحْتِجاجُ بِعُمُومِها في كُلِّ مالٍ اخْتَلَفْنا في إيجابِ الحَقِّ فِيهِ؛ نَحْوُ أمْوالِ التِّجارَةِ؛ ويُحْتَجُّ بِظاهِرِ الآيَةِ عَلى مَن يَنْفِي إيجابَ الزَّكاةِ في العُرُوضِ؛ ويُحْتَجُّ بِهِ أيْضًا في إيجابِ صَدَقَةِ الخَيْلِ؛ وفي كُلِّ ما اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الأمْوالِ؛ وذَلِكَ لِأنَّ قَوْلَهُ (تَعالى): ﴿أنْفِقُوا﴾؛ اَلْمُرادُ بِهِ الصَّدَقَةُ؛ والدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (تَعالى): ﴿ولا تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ مِنهُ تُنْفِقُونَ﴾؛ يَعْنِي: تَتَصَدَّقُونَ؛ ولَمْ يَخْتَلِفِ السَّلَفُ والخَلَفُ في أنَّ المُرادَ بِهِ الصَّدَقَةُ؛ ومِن أهْلِ العِلْمِ مَن قالَ: إنَّ هَذا في صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ؛ لِأنَّ الفَرْضَ إذا أُخْرِجَ عَنْهُ الرَّدِيءُ كانَ الفَضْلُ باقِيًا في ذِمَّتِهِ حَتّى يُؤَدّى؛ وهَذا عِنْدَنا يُوجِبُ صَرْفَ اللَّفْظِ عَنِ الوُجُوبِ إلى النَّفْلِ؛ مِن وُجُوهٍ؛ أحَدُها أنَّ قَوْلَهُ: ﴿أنْفِقُوا﴾ أمْرٌ؛ والأمْرُ عِنْدَنا عَلى الوُجُوبِ حَتّى تَقُومَ دَلالَةُ النَّدْبِ؛ وقَوْلُهُ: ﴿ولا تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ مِنهُ تُنْفِقُونَ﴾؛ لا دَلالَةَ فِيهِ عَلى أنَّهُ نَدْبٌ؛ إذْ لا يَخْتَصُّ (p-١٧٥)النَّهْيُ عَنْ إخْراجِ الرَّدِيءِ بِالنَّفْلِ؛ دُونَ الفَرْضِ؛ وأنْ يَجِبَ عَلَيْهِ إخْراجُ فَضْلِ ما بَيْنَ الرَّدِيءِ إلى الجَيِّدِ؛ لِأنَّهُ لا ذِكْرَ لَهُ في الآيَةِ؛ وإنَّما يُعْلَمُ ذَلِكَ بِدَلالَةٍ أُخْرى؛ فَلا يَعْتَرِضُ ذَلِكَ عَلى مُقْتَضى الآيَةِ في إيجابِ الصَّدَقَةِ؛ ومَعَ ذَلِكَ لَوْ دَلَّتِ الدَّلالَةُ مِنَ الآيَةِ عَلى أنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ إخْراجُ غَيْرِ الرَّدِيءِ الَّذِي أخْرَجَهُ؛ لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ صَرْفَ حُكْمِ الآيَةِ عَنِ الإيجابِ إلى النَّدْبِ؛ لِأنَّهُ جائِزٌ أنْ يَبْتَدِئَ الخِطابُ بِالإيجابِ؛ ثُمَّ يُعْطَفُ عَلَيْهِ بِحُكْمٍ مَخْصُوصٍ في بَعْضِ ما اقْتَضاهُ عُمُومُهُ؛ ولا يُوجِبُ ذَلِكَ الِاقْتِصارَ بِحُكْمِ ابْتِداءِ الخِطابِ عَلى الخُصُوصِ؛ وصَرْفَهُ عَنِ العُمُومِ؛ ولِذَلِكَ نَظائِرُ كَثِيرَةٌ قَدْ بَيَّنّاها في مَواضِعَ.
وقَوْلُهُ (تَعالى): ﴿ومِمّا أخْرَجْنا لَكم مِنَ الأرْضِ﴾ عُمُومٌ في إيجابِهِ الحَقَّ في قَلِيلِ ما تُخْرِجُهُ الأرْضُ؛ وكَثِيرِهِ؛ في سائِرِ الأصْنافِ الخارِجَةِ مِنها؛ ويُحْتَجُّ بِهِ لِأبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - في إيجابِهِ العُشْرَ في قَلِيلِ ما تُخْرِجُهُ الأرْضُ؛ وكَثِيرِهِ؛ في سائِرِ الأصْنافِ الخارِجَةِ مِنها؛ مِمّا تُقْصَدُ الأرْضُ بِزِراعَتِها؛ ومِمّا يَدُلُّ مِن فَحْوى الآيَةِ عَلى أنَّ المُرادَ بِها الصَّدَقاتُ الواجِبَةُ قَوْلُهُ (تَعالى) - في نَسَقِ التِّلاوَةِ -: ﴿ولَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إلا أنْ تُغْمِضُوا فِيهِ﴾؛ وهَذا إنَّما هو في الدُّيُونِ؛ إذا اقْتَضاها صاحِبُها؛ لا يَتَسامَحُ بِالرَّدِيءِ عَنِ الجَيِّدِ؛ إلّا عَلى إغْماضٍ؛ وتَساهُلٍ؛ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلى أنَّ المُرادَ الصَّدَقَةُ الواجِبَةُ؛ واللَّهُ أعْلَمُ؛ إذْ رَدُّها إلى الإغْماضِ في اقْتِضاءِ الدَّيْنِ؛ ولَوْ كانَ تَطَوُّعًا؛ لَمْ يَكُنْ فِيها إغْماضٌ؛ إذْ لَهُ أنْ يَتَصَدَّقَ بِالقَلِيلِ؛ والكَثِيرِ؛ ولَهُ ألّا يَتَصَدَّقَ؛ وفي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلى أنَّ المُرادَ الصَّدَقَةُ الواجِبَةُ.
وأمّا قَوْلُهُ (تَعالى): ﴿ولا تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ مِنهُ تُنْفِقُونَ﴾؛ فَرَوى الزُّهْرِيُّ عَنْ أبِي أُمامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ؛ عَنْ أبِيهِ قالَ: «نَهى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ نَوْعَيْنِ مِنَ التَّمْرِ: اَلْجُعْرُورِ؛ ولَوْنِ الحُبَيْقِ»؛ قالَ: وكانَ ناسٌ يُخْرِجُونَ شَرَّ ثِمارِهِمْ في الصَّدَقَةِ؛ فَنَزَلَتْ: ﴿ولا تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ مِنهُ تُنْفِقُونَ﴾؛ ورُوِيَ عَنِ البَراءِ بْنِ عازِبٍ مِثْلُ ذَلِكَ؛ قالَ - في قَوْلِهِ (تَعالى): ﴿ولَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إلا أنْ تُغْمِضُوا فِيهِ﴾ -: لَوْ أنَّ أحَدَكم أُهْدِيَ إلَيْهِ مِثْلُ ما أعْطى لَما أخَذَهُ؛ إلّا عَلى إغْماضٍ؛ وحَياءٍ؛ وقالَ عُبَيْدَةُ: إنَّما ذَلِكَ في الزَّكاةِ؛ والدِّرْهَمُ الزّائِفُ أحَبُّ إلَيَّ مِنَ الثَّمَرَةِ؛ وعَنِ ابْنِ مَعْقِلٍ - في هَذِهِ الآيَةِ - قالَ: لَيْسَ في أمْوالِهِمْ خَبِيثٌ؛ ولَكِنَّهُ الدِّرْهَمُ القِسِيُّ؛ والزَّيْفُ؛ ولَسْتُمْ بِآخِذِيهِ؛ قالَ: لَوْ كانَ لَكَ عَلى رَجُلٍ حَقٌّ لَمْ تَأْخُذِ الدِّرْهَمَ القِسِيَّ؛ والزَّيْفَ؛ ولَمْ تَأْخُذْ مِنَ الثَّمَرِ إلّا الجَيِّدَ؛ إلّا أنْ تُغْمِضُوا فِيهِ؛ تَجَوَّزُوا فِيهِ.
وقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ نَحْوُ هَذا؛ وهو ما كَتَبَهُ في كِتابِ الصَّدَقَةِ؛ وقالَ فِيهِ: «"ولا تُؤْخَذُ هَرِمَةٌ؛ ولا ذاتُ عَوارٍ"؛» رَواهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ سالِمٍ؛ عَنْ أبِيهِ؛ وقَدْ قِيلَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ - في قَوْلِهِ (p-١٧٦)(تَعالى): ﴿إلا أنْ تُغْمِضُوا فِيهِ﴾ -: إلّا أنْ تَحُطُّوا مِنَ الثَّمَنِ؛ وعَنِ الحَسَنِ؛ وقَتادَةَ مِثْلُهُ؛ وقالَ البَراءُ بْنُ عازِبٍ: إلّا أنْ تَتَساهَلُوا فِيهِ؛ وقِيلَ: لَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إلّا بِوَكْسٍ؛ فَكَيْفَ تُعْطُونَهُ في الصَّدَقَةِ؟
هَذِهِ الوُجُوهُ كُلُّها مُحْتَمَلَةٌ؛ وجائِزٌ أنْ يَكُونَ جَمِيعُها مُرادَ اللَّهِ (تَعالى) بِأنَّهم لا يَقْبَلُونَهُ في الهَدِيَّةِ؛ إلّا بِإغْماضٍ؛ ولا يَقْبِضُونَهُ مِنَ الجَيِّدِ إلّا بِتَساهُلٍ؛ ومُسامَحَةٍ؛ ولا يَبِيعُونَ بِمِثْلِهِ إلّا بِحَطٍّ ووَكْسٍ؛ وقَدِ اخْتَلَفَ أصْحابُنا فِيمَن أدّى مِنَ المَكِيلِ؛ والمَوْزُونِ؛ دُونَ الواجِبِ في الصِّفَةِ؛ فَأدّى عَنِ الجَيِّدِ رَدِيئًا؛ فَقالَ أبُو حَنِيفَةَ؛ وأبُو يُوسُفَ: لا يَجِبُ عَلَيْهِ أداءُ الفَضْلِ؛ وقالَ مُحَمَّدٌ: عَلَيْهِ أنْ يُؤَدِّيَ الفَضْلَ الَّذِي بَيْنَهُما؛ وقالُوا جَمِيعًا - في الغَنَمِ؛ والبَقَرِ؛ وجَمِيعِ الصَّدَقاتِ؛ مِمّا لا يُكالُ؛ ولا يُوزَنُ -: إنَّ عَلَيْهِ أداءَ الفَضْلِ؛ فَيَجُوزُ أنْ يُحْتَجَّ لِمُحَمَّدٍ بِهَذِهِ الآيَةِ؛ وقَوْلِهِ (تَعالى): ﴿ولا تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ مِنهُ تُنْفِقُونَ﴾؛ والمُرادُ بِهِ الرَّدِيءُ مِنهُ؛ وقَوْلِهِ (تَعالى): ﴿ولَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إلا أنْ تُغْمِضُوا فِيهِ﴾؛ ولِصاحِبِ الحَقِّ ألّا يُغْمِضَ فِيهِ؛ ولا يَتَساهَلَ؛ ويُطالِبَ بِحَقِّهِ مِنَ الجَوْدَةِ؛ فَهَذا يَدُلُّ عَلى أنَّ عَلَيْهِ أداءَ الفَضْلِ؛ حَتّى لا يَقَعُ فِيهِ إغْماضٌ؛ لِأنَّ الحَقَّ في ذَلِكَ لِلَّهِ (تَعالى)؛ وقَدْ نَفى الإغْماضَ في الصَّدَقَةِ بِنَهْيِهِ عَنْ إعْطاءِ الرَّدِيءِ فِيها.
وأمّا أبُو حَنِيفَةَ؛ وأبُو يُوسُفَ؛ فَإنَّهُما قالا: كُلُّ ما لا يَجُوزُ التَّفاضُلُ فِيهِ؛ فَإنَّ الجَيِّدَ والرَّدِيءَ حُكْمُهُما سَواءٌ؛ في حَظْرِ التَّفاضُلِ بَيْنَهُما؛ وإنَّ قِيمَتَهُ مِن جِنْسِهِ لا تَكُونُ إلّا بِمِثْلِهِ؛ ألا تَرى أنَّهُ لَوِ اقْتَضى دَيْنًا عَلى أنَّهُ جَيِّدٌ؛ فَأنْفَقَهُ؛ ثُمَّ عَلِمَ أنَّهُ كانَ رَدِيئًا؛ أنَّهُ لا يَرْجِعُ عَلى الغَرِيمِ بِشَيْءٍ؛ وأنَّ ما بَيْنَهُما مِنَ الفَضْلِ لا يَغْرَمُهُ؟ وإنَّما يَقُولُ أبُو يُوسُفَ فِيهِ: إنَّهُ يَغْرَمُ مِثْلَ ما قَبَضَ مِنَ الغَرِيمِ؛ ويَرْجِعُ بِدَيْنِهِ؛ وغَيْرُ مُمْكِنٍ مِثْلُهُ في الصَّدَقَةِ؛ لِأنَّ الفَقِيرَ لا يَغْرَمُ شَيْئًا؛ فَلَوْ غَرِمَهُ لَمْ تَكُنْ لَهُ مُطالَبَةُ المُتَصَدِّقِ بِرَدِّ الجَيِّدِ عَلَيْهِ؛ فَلِذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ إعْطاءُ الفَضْلِ؛ وإنَّما نَهى اللَّهُ (تَعالى) المُتَصَدِّقَ عَنْ قَصْدِ الرَّدِيءِ بِالإخْراجِ؛ وقَدْ وجَبَ إخْراجُ الجَيِّدِ؛ فَإنَّهم يَقُولُونَ: إنَّهُ مَنهِيٌّ عَنْهُ؛ ولَكِنْ لَمّا كانَ حُكْمُ ما أعْطى حُكْمَ الجَيِّدِ؛ فِيما وصَفْنا؛ أجْزَأ عَنْهُ؛ وأمّا ما يَجُوزُ فِيهِ التَّفاضُلُ؛ فَإنَّهُ مَأْمُورٌ بِإخْراجِ الفَضْلِ فِيهِ؛ لِأنَّهُ جائِزٌ أنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ مِن جِنْسِهِ أكْثَرَ مِنهُ؛ ويُباعُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ مُتَفاضِلًا.
وأمّا مُحَمَّدٌ فَإنَّهُ لَمْ يُجِزْ إخْراجَ الرَّدِيءِ مِنَ الجَيِّدِ؛ إلّا بِمِقْدارِ قِيمَتِهِ مِنهُ؛ فَأوْجَبَ عَلَيْهِ إخْراجَ الفَضْلِ؛ إذْ لَيْسَ بَيْنَ العَبْدِ وبَيْنَ سَيِّدِهِ رِبًا؛ وفي هَذِهِ الآيَةِ دَلالَةٌ عَلى جَوازِ اقْتِضاءِ الرَّدِيءِ عَنِ الجَيِّدِ في سائِرِ الدُّيُونِ؛ لِأنَّ اللَّهَ (تَعالى) أجازَ الإغْماضَ في الدُّيُونِ؛ بِقَوْلِهِ (تَعالى): ﴿إلا أنْ تُغْمِضُوا فِيهِ﴾؛ ولَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ شَيْءٍ مِنهُ؛ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلى مَعانٍ؛ مِنها جَوازُ اقْتِضاءِ الزُّيُوفِ الَّتِي أقَلُّها غِشٌّ؛ وأكْثَرُها (p-١٧٧)فِضَّةٌ؛ عَنِ الجِيادِ؛ في رَأْسِ مالِ السَّلَمِ؛ وثَمَنِ الصَّرْفِ؛ اللَّذَيْنِ لا يَجُوزُ أنْ يَأْخُذَ عَنْهُما غَيْرَهُما؛ ودَلَّ عَلى أنَّ حُكْمَ الرَّدِيءِ في ذَلِكَ حُكْمُ الجَيِّدِ؛ وهَذا يَدُلُّ أيْضًا عَلى جَوازِ بَيْعِ الفِضَّةِ الجَيِّدَةِ بِالرَّدِيئَةِ؛ وزْنًا بِوَزْنٍ؛ لِأنَّ ما جازَ اقْتِضاءُ بَعْضِهِ عَنْ بَعْضٍ جازَ بَيْعُهُ بِهِ؛ ويَدُلُّ عَلى أنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ ﷺ: «"اَلذَّهَبُ بِالذَّهَبِ؛ مِثْلًا بِمِثْلٍ"؛» إنَّما أرادَ المُماثَلَةَ في الوَزْنِ؛ لا في الصِّفَةِ؛ وكَذَلِكَ سائِرُ ما ذَكَرَهُ مَعَهُ؛ ويَدُلُّ عَلى جَوازِ اقْتِضاءِ الجَيِّدِ عَنِ الرَّدِيءِ بِرِضا الغَرِيمِ؛ كَما جازَ اقْتِضاءُ الرَّدِيءِ عَنِ الجَيِّدِ؛ إذْ لَمْ يَكُنْ لِاخْتِلافِهِما في الصِّفَةِ حُكْمٌ.
وقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: «"خَيْرُكم أحْسَنُكم قَضاءً"؛» قالَ جابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: «قَضانِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؛ وزادَنِي»؛ ورُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ والحَسَنِ؛ وسَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ؛ وإبْراهِيمَ؛ والشَّعْبِيِّ؛ قالُوا: لا بَأْسَ إذا أقْرَضَهُ دَراهِمَ سُودًا أنْ يَقْبِضَهُ بِيضًا؛ إذا لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ عَلَيْهِ؛ ورَوى سُلَيْمانُ التَّيْمِيُّ؛ عَنْ أبِي عُثْمانَ النَّهْدِيِّ؛ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أنَّهُ كانَ يَكْرَهُ إذا أقْرَضَ دَراهِمَ أنْ يَأْخُذَ خَيْرًا مِنها؛ وهَذا لَيْسَ فِيهِ دَلالَةٌ عَلى أنَّهُ كَرِهَهُ إذا رَضِيَ المُسْتَقْرِضُ؛ وإنَّما لا يَجُوزُ لَهُ أنْ يَأْخُذَ خَيْرًا مِنها إذا لَمْ يَرْضَ صاحِبُهُ.
قَوْلُهُ (تَعالى): ﴿الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الفَقْرَ ويَأْمُرُكم بِالفَحْشاءِ﴾: قَدْ قِيلَ: إنَّ الفَحْشاءَ تَقَعُ عَلى وُجُوهٍ؛ والمُرادُ بِها في هَذا المَوْضِعِ البُخْلُ؛ والعَرَبُ تُسَمِّي البَخِيلَ "فاحِشًا"؛ والبُخْلَ "فُحْشًا"؛ و"فَحْشاءَ"؛ قالَ الشّاعِرُ:
؎أرى المَوْتَ يَعْتامُ الكِرامَ ويَصْطَفِي ∗∗∗ عَقِيلَةَ مالِ الفاحِشِ المُتَشَدِّدِ
يَعْنِي مالَ البَخِيلِ.
وفِي هَذِهِ الآيَةِ ذَمُّ البَخِيلِ؛ والبُخْلِ؛ وقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿إنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمّا هِيَ﴾ [البقرة: ٢٧١]؛ اَلْآيَةَ؛ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أنَّهُ قالَ: هَذا في صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ؛ فَأمّا في الفَرِيضَةِ فَإظْهارُها أفْضَلُ؛ لِئَلّا تَلْحَقَهُ تُهْمَةٌ؛ وعَنِ الحَسَنِ؛ ويَزِيدَ بْنِ أبِي حَبِيبٍ؛ وقَتادَةَ: اَلْإخْفاءُ في جَمِيعِ الصَّدَقاتِ أفْضَلُ؛ وقَدْ مَدَحَ اللَّهُ (تَعالى) عَلى إظْهارِ الصَّدَقَةِ؛ كَما مَدَحَ عَلى إخْفائِها؛ في قَوْلِهِ (تَعالى): ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أمْوالَهم بِاللَّيْلِ والنَّهارِ سِرًّا وعَلانِيَةً فَلَهم أجْرُهم عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ [البقرة: ٢٧٤]؛ وجائِزٌ أنْ يَكُونَ قَوْلُهُ (تَعالى): ﴿وإنْ تُخْفُوها وتُؤْتُوها الفُقَراءَ فَهو خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٧١]؛ في صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ؛ عَلى ما رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ؛ وجائِزٌ أنْ يَكُونَ في جَمِيعِ الصَّدَقاتِ المَوْكُولِ أداؤُها إلى أرْبابِها مِن نَفْلٍ؛ أوْ فَرْضٍ؛ دُونَ ما كانَ مِنها أخْذُهُ إلى الإمامِ؛ إلّا أنَّ عُمُومَ اللَّفْظِ يَقْتَضِي جَمِيعَها؛ لِأنَّ الألِفَ واللّامَ هُنا لِلْجِنْسِ؛ فَهي شامِلَةٌ لِجَمِيعِها؛ وهَذا يَدُلُّ عَلى أنَّ جَمِيعَ الصَّدَقاتِ مَصْرُوفَةٌ إلى الفُقَراءِ؛ وأنَّها إنَّما تُسْتَحَقُّ بِالفَقْرِ؛ لا غَيْرُ؛ وأنَّ ما ذَكَرَ اللَّهُ (تَعالى) مِن أصْنافِ مَن تُصْرَفُ إلَيْهِمُ الصَّدَقَةُ؛ في قَوْلِهِ (تَعالى): ﴿إنَّما الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ والمَساكِينِ﴾ [التوبة: ٦٠]؛ إنَّما (p-١٧٨)يَسْتَحِقُّ مِنهم مَن يَأْخُذُها صَدَقَةً بِالفَقْرِ؛ دُونَ غَيْرِهِ؛ وإنَّما ذَكَرَ الأصْنافَ لِما يَعُمُّهم مِن أسْبابِ الفَقْرِ؛ دُونَ مَن لا يَأْخُذُها صَدَقَةً؛ مِنَ المُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ؛ والعامِلِينَ عَلَيْها؛ فَإنَّهم لا يَأْخُذُونَها صَدَقَةً؛ وإنَّما تَحْصُلُ في يَدِ الإمامِ صَدَقَةً لِلْفُقَراءِ؛ ثُمَّ يُصْرَفُ إلى المُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ؛ والعامِلِينَ؛ ما يُعْطَوْنَ؛ عَلى أنَّهُ لَيْسَ بِصَدَقَةٍ؛ لَكِنْ عِوَضًا مِنَ العَمَلِ؛ ولِدَفْعِ أذِيَّتِهِمْ عَنْ أهْلِ الإسْلامِ؛ أوْ لِيُسْتَمالُوا بِهِ إلى الإيمانِ.
ومِنَ المُخالِفِينَ مَن يَحْتَجُّ بِذَلِكَ في جَوازِ إعْطاءِ جَمِيعِ الصَّدَقاتِ لِلْفُقَراءِ؛ دُونَ الإمامِ؛ وأنَّهم إذا أعْطَوُا الفُقَراءَ مِن صَدَقَةِ المَواشِي سَقَطَ حَقُّ الإمامِ في الأخْذِ؛ لِقَوْلِهِ (تَعالى): ﴿وإنْ تُخْفُوها وتُؤْتُوها الفُقَراءَ فَهو خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٧١]؛ وذَلِكَ عامٌّ في سائِرِها؛ لِأنَّ الصَّدَقَةَ هَهُنا اسْمٌ لِلْجِنْسِ؛ ولَيْسَ في هَذا عِنْدَنا دَلالَةٌ عَلى ما ذَكَرُوا؛ لِأنَّ أكْثَرَ ما فِيهِ أنَّهُ خَيْرٌ لِلْمُعْطِي؛ فَلَيْسَ فِيهِ سُقُوطُ حَقِّ الإمامِ في الأخْذِ؛ ولَيْسَ كَوْنُها خَيْرًا لَهُ نافِيًا لِثُبُوتِ حَقِّ الإمامِ في الأخْذِ؛ إذْ لا يَمْتَنِعُ أنْ يَكُونَ خَيْرًا لَهُمْ؛ ويَأْخُذُها الإمامُ فَيَتَضاعَفُ الخَيْرُ بِأخْذِها ثانِيًا؛ وقَدْ قَدَّمْنا قَوْلَ مَن يَقُولُ: إنَّ هَذا في صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ.
ومِن أهْلِ العِلْمِ مَن يَقُولُ: إنَّ الإجْماعَ قَدْ حَصَلَ عَلى أنَّ إظْهارَ صَدَقَةِ الفَرْضِ أوْلى مِن إخْفائِها؛ كَما قالُوا في الصَّلَواتِ المَفْرُوضَةِ؛ ولِذَلِكَ أُمِرُوا بِالِاجْتِماعِ عَلَيْها في الجَماعاتِ؛ بِأذانٍ؛ وإقامَةٍ؛ ولِيُصَلُّوها ظاهِرِينَ؛ فَكَذَلِكَ سائِرُ الفُرُوضِ؛ لِئَلّا يُقِيمَ نَفْسَهُ مَقامَ تُهْمَةٍ في تَرْكِ أداءِ الزَّكاةِ؛ وفِعْلِ الصَّلاةِ؛ قالُوا: فَهَذا يُوجِبُ أنْ يَكُونَ قَوْلُهُ (تَعالى): ﴿وإنْ تُخْفُوها وتُؤْتُوها الفُقَراءَ فَهو خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٧١]؛ في التَّطَوُّعِ خاصَّةً؛ لِأنَّ سَتْرَ الطّاعاتِ النَّوافِلِ أفْضَلُ مِن إظْهارِها؛ لِأنَّهُ أبْعَدُ مِنَ الرِّياءِ؛ وقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ: «"سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّ عَرْشِهِ"؛» أحَدُهم رَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ لَمْ تَعْلَمْ شِمالُهُ ما تَصَدَّقَتْ بِهِ يَمِينُهُ؛ وهَذا إنَّما هو في التَّطَوُّعِ؛ دُونَ الفَرْضِ؛ ويَدُلُّ عَلى أنَّ المُرادَ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ أنَّهُ لا خِلافَ أنَّ العامِلَ إذا جاءَ قَبْلَ أنْ تُؤَدّى صَدَقَةُ المَواشِي؛ فَطالَبَهُ بِأدائِها؛ أنَّ الفَرْضَ عَلَيْهِ أداؤُها إلَيْهِ؛ فَصارَ إظْهارُ أدائِها في هَذِهِ الحالِ فَرْضًا؛ وفي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلى أنَّ المُرادَ بِقَوْلِهِ (تَعالى): ﴿وإنْ تُخْفُوها وتُؤْتُوها الفُقَراءَ﴾ [البقرة: ٢٧١]؛ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ؛ واللَّهُ (تَعالى) أعْلَمُ بِالصَّوابِ.
{"ayahs_start":267,"ayahs":["یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَنفِقُوا۟ مِن طَیِّبَـٰتِ مَا كَسَبۡتُمۡ وَمِمَّاۤ أَخۡرَجۡنَا لَكُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِۖ وَلَا تَیَمَّمُوا۟ ٱلۡخَبِیثَ مِنۡهُ تُنفِقُونَ وَلَسۡتُم بِـَٔاخِذِیهِ إِلَّاۤ أَن تُغۡمِضُوا۟ فِیهِۚ وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّهَ غَنِیٌّ حَمِیدٌ","ٱلشَّیۡطَـٰنُ یَعِدُكُمُ ٱلۡفَقۡرَ وَیَأۡمُرُكُم بِٱلۡفَحۡشَاۤءِۖ وَٱللَّهُ یَعِدُكُم مَّغۡفِرَةࣰ مِّنۡهُ وَفَضۡلࣰاۗ وَٱللَّهُ وَ ٰسِعٌ عَلِیمࣱ"],"ayah":"ٱلشَّیۡطَـٰنُ یَعِدُكُمُ ٱلۡفَقۡرَ وَیَأۡمُرُكُم بِٱلۡفَحۡشَاۤءِۖ وَٱللَّهُ یَعِدُكُم مَّغۡفِرَةࣰ مِّنۡهُ وَفَضۡلࣰاۗ وَٱللَّهُ وَ ٰسِعٌ عَلِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق