قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قالَتْ إنِّي أعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنكَ إنْ كُنْتَ تَقِيًّا﴾
وفِيهِ وُجُوهٌ:
أحَدُها: أرادَتْ إنْ كانَ يُرْجى مِنكَ أنْ تَتَّقِيَ اللَّهَ ويَحْصُلَ ذَلِكَ بِالِاسْتِعاذَةِ بِهِ فَإنِّي عائِذَةٌ بِهِ مِنكَ وهَذا في نِهايَةِ الحُسْنِ لِأنَّها عَلِمَتْ أنَّهُ لا تُؤَثِّرُ (p-١٦٩)الِاسْتِعاذَةُ إلّا في التَّقِيِّ وهو كَقَوْلِهِ: ﴿وذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [البَقَرَةِ: ٢٧٨] أيْ: أنَّ شَرْطَ الإيمانِ يُوجِبُ هَذا لا أنَّ اللَّهَ تَعالى يُخْشى في حالٍ دُونَ حالٍ.
وثانِيها: أنَّ مَعْناهُما كُنْتَ تَقِيًّا حَيْثُ اسْتَحْلَلْتَ النَّظَرَ إلَيَّ وخَلَوْتَ بِي.
وثالِثُها: أنَّهُ كانَ في ذَلِكَ الزَّمانِ إنْسانٌ فاجِرٌ اسْمُهُ تَقِيٌّ يَتَّبِعُ النِّساءَ فَظَنَّتْ مَرْيَمُ عَلَيْها السَّلامُ أنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ المُشاهَدَ هو ذَلِكَ التَّقِيُّ والأوَّلُ هو الوَجْهُ.
{"ayah":"قَالَتۡ إِنِّیۤ أَعُوذُ بِٱلرَّحۡمَـٰنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِیࣰّا"}