﴿قالَتْ إنِّي أعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنكَ﴾ فَإنَّهُ شاهِدٌ عَدْلٌ بِأنَّهُ لَمْ يَخْطِرْ بِبالِها شائِبَةُ مَيْلٍ ما إلَيْهِ فَضْلًا عَمّا ذُكِرَ مِنَ الحالَةِ المُتَرَتِّبَةِ عَلى أقْصى مَراتِبِ المَيْلِ والشَّهْوَةِ، نَعَمْ كانَ تَمْثِيلُهُ عَلى ذَلِكَ الحُسْنِ الفائِقِ والجَمالِ الرّائِقِ لِابْتِلائِها، وسَبْرِ عِفَّتِها، ولَقَدْ ظَهَرَ مِنها مِنَ الوَرَعِ والعَفافِ ما لا غايَةَ وراءَهُ، وذِكْرُهُ تَعالى بِعُنْوانِ الرَّحْمانِيَّةِ لِلْمُبالَغَةِ في العِياذِ بِهِ تَعالى، واسْتِجْلابِ آثارِ الرَّحْمَةِ الخاصَّةِ الَّتِي هي العِصْمَةُ مِمّا دَهِمَها، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنْ كُنْتَ تَقِيًّا﴾ أيْ: تَتَّقِي اللَّهَ تَعالى، وتُبالِي بِالِاسْتِعاذَةِ بِهِ. وجَوابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ ثِقَةً بِدَلالَةِ السِّياقِ عَلَيْهِ، أيْ: فَإنِّي عائِذَةٌ بِهِ، أوْ فَتَعُوذُ بِتَعَوُّذِي، أوْ فَلا تَتَعَرَّضْ لِي.
{"ayah":"قَالَتۡ إِنِّیۤ أَعُوذُ بِٱلرَّحۡمَـٰنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِیࣰّا"}