قوله: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً} : في هاء «رَأَوْه» قولان، أحدهما: أنه عائدٌ على «ما تَعِدُنا» . والثاني: أنه ضميرٌ مُبْهَمٌ يُفَسِّرُه «عارضاً» : إمَّا تمييزاً أو حالاً، قالهما الزمخشريُّ. ورَدَّه الشيخُ: بأنَّ التمييزَ المفسِّرَ للضميرِ محصورٌ في باب: رُبَّ وفي نِعْمَ وبِئْس، وبأنَّ الحالَ لم يَعْهَدُوها أَنْ تُوَضِّحَ الضميرَ قبلها، وأنَّ النَّحْويين لا يَعْرفون ذلك.
قوله: «مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهم» صفةٌ ل «عارِضاً» وإضافتُه غيرُ مَحْضةٍ، فمِنْ ثَمَّ ساغ أَنْ يكونَ نعتاً لنكرةٍ وكذلك «مُمْطِرُنا» وقع نعتاً ل «عارِض» ومثله:
4043 - يا رُبَّ غابِطِنا لو كان يَطْلُبُكُمْ ... لاقى مباعَدَةً منكم وحِرْمانا
والعارِضُ: المُعْتَرِضُ من السحاب في الجوِّ. قال:
4044 - يا مَنْ رَأَى عارِضاً أَرِقْتُ له ... بين ذراعَيْ وجَبْهَةِ الأَسَدِ
وقد تقدَّم: أَنَّ أَوْدِيَة جمعُ «وادٍ» ، وأنَّ أَفْعِلة شذَّتْ جمعاً ل فاعِل في ألفاظٍ: كوادٍ وأَوْدِيَة، ونادٍ وأَنْدِية، وجائِز وأَجْوِزة.
قوله: «ريحٌ» يجوزُ أَنْ يكونَ خبرَ مبتدأ مضمرٍ أي: هو ريحٌ. ويجوزُ أَنْ يكونَ بدلاً مِنْ «هو» . وقُرِئ «ما استُعْجِلْتُمْ» مبنياً للمفعول «وفيها عذابٌ» صفةٌ ل «ريحٌ» وكذلك «تُدَمِّرُ» . وقُرِئ {يَدْمُرُ كُلَّ شَيْءٍ} بالياءِ من تحتُ وسكونِ الدال وضمِّ الميم «كلُّ» بالرفع على الفاعلية أي: يهلك كلُّ شيء. وزيد بن علي كذلك إلاَّ أنه بالتاءِ مِنْ فوقُ ونصبِ «كلَّ» ، والفاعلُ ضميرُ الريح، وعلى هذا فيكون دَمَّر الثلاثي لازِماً ومتعدياً.
{"ayah":"فَلَمَّا رَأَوۡهُ عَارِضࣰا مُّسۡتَقۡبِلَ أَوۡدِیَتِهِمۡ قَالُوا۟ هَـٰذَا عَارِضࣱ مُّمۡطِرُنَاۚ بَلۡ هُوَ مَا ٱسۡتَعۡجَلۡتُم بِهِۦۖ رِیحࣱ فِیهَا عَذَابٌ أَلِیمࣱ"}