الباحث القرآني
قوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ﴾ الآية، معنى التحريض في اللغة كالتحضيض وهو الحث على الشيء، قال ابن عباس: يريد: الحث على نصر دين الله [["تنوير المقباس" ص 185 بمعناه]]، وذكر أبو إسحاق في اشتقاقه وجهًا بعيدًا فقال: تأويل التحريض في اللغة: أن يحث الإنسان على شيء حثًا يعلم معه أنه حارض إن تخلف عنه، والحارض: الذي قد قارب الهلاك [["معاني القرآن وإعرابه" 2/ 423.]].
أشار بهذا إلى أن المؤمنين لو تخلفوا عن القتال بعد حث النبي ﷺ كانوا حارضين أي: هالكين، فعنده التحريض مشتق من لفظ الحارض والحرض [[قال صاحب القاموس في مادة (حرض) ص 639: الحَرَض: الفساد في البدن وفي المذهب وفي العقل، والرجل الفاسد المريض، كالحارضة والحرِض ككتف، والكالّ المعيي، والمشرف على الهلاك اهـ. وفي "مجمل اللغة" (حرض) 1/ 226: الحرض: المشرف على الهلاك، قال الله -جل ثناؤه-: ﴿حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا﴾ وحرضت فلانًا على كذا: إذا أمرته به، وهو من الأول؛ لأنه إذا خالف فقد هلك، كذا فسر بعض أهل العلم قوله تعالى: ﴿حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ﴾.]].
وقوله تعالى: ﴿إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ﴾، قال ابن عباس: يريد: الرجل بعشرة [[رواه بنحوه البخاري في "صحيحه" (4653) كتاب التفسير، باب: الآن خفف الله عنكم، وابن جرير 10/ 38، وابن أبي حاتم 5/ 1728.]].
وقال الليث: قلت للخليل: ما معنى العشرين؟ قال: جماعة [[في (ح): (جمع جماعة عشر)، وما أثبته موافق للمصدر التالي.]] عِشر [[بكسر العين وإسكان الشين، قال الخليل في كتاب "العين" (عشر): العِشْر: ورد == الإبل اليوم العاشر، وفي حسابهم: العِشْر: التاسع، وإبل عواشر: وردت الماء عشرًا.]]، قلت: والعِشْر كم يكون؟ قال: تسعة أيام، قلت: فعشرون ليست بتمام إنما هو عشران ويومان، قال: لما مر من العِشر الثالث يومان جمعته بالعشرين، قلت: وإن لم يستوعب الجزء الثالث؟ قال: نعم، ألا ترى إلى قول أبي حنيفة [[هو: النعمان بن ثابت بن زوطي الكوفي، التيمي مولاهم، الإمام، فقيه الملة، وعالم العراق، وصاحب المذهب المشهور، ولد سنة 80 هـ في حياة صغار الصحابة، ورأى أنس بن مالك، عني بطلب الآثار، وصار إليه المنتهى في الرأي وغوامض الفقه، توفي سنة 150 هـ.
انظر: "تاريخ بغداد" 13/ 323، و"سير أعلام النبلاء" 6/ 390، و"تهذيب التهذيب" 4/ 229.]]: إذا طلقها تطليقتين وعُشْر تطليقة فإنه يجعلها ثلاثًا [[انظر: مذهب أبي حنيفة في احتساب بعض التطليقة تطليقة كاملة في "تحفة الفقهاء" للسمرقندي 2/ 268، و"بدائع الصنائع" 4/ 1885، وكتاب "المبسوط" 6/ 139.]]، وإنما من التطليقة الثالثة جزء، فالعشرون هذا قياسه [["تهذيب اللغة" (عشر) 3/ 2445 - 2447 مع اختلاف يسير، كتاب "العين" للخليل (عشر) 1/ 246 بمعناه.]].
قال النحويون: وهذا خطأ فاسد من الكلام، ولم يقل الخليل هذا [[الراوي عن الخليل هو الليث بن المظفر راوي كتاب "العين" للخليل، وقد أثنى عليه خصمه ومتتبع زلاته وهو الأزهري صاحب "تهذيب اللغة" فقال عن كتاب "العين" الذي ينسبه لليث: فلا تشكن فيه من أجل أنه زل في حروف معدودة، هي قليلة في جنب الكثير الذي جاء به صحيحًا، كما نقل وصف الإمام إسحاق بن راهويه الرجل بالصلاح.
انظر: "مقدمة تهذيب اللغة" 1/ 28 - 29، وانظر: تحامل النحاة البصريين على == الليث في "مقدمة كتاب العين" 1/ 18 - 27 للدكتور مهدي المخزومي، والدكتور إبراهيم السامرائي.]]، ومتى كان كلام العرب قياسًا على قول أبي حنيفة، ولكن (عشرين) كأنه في الظاهر جمع (عشر) و (ثلاثون) جمع (ثلاث)، و (أربعون) جمع (أربع)، وليس الأمر كذلك؛ لأن (العِشْر) غير معروف إلا في إظماء الإبل، ولو كان (ثلاثون) جمع ثلاث لوجب أن يستعمل في (تسعة) وفي (اثنى عشرة) وفي كل عدد [الواحد من تثليثها ثلاث] [[هكذا في جميع النسخ، والعبارة مضطربة، ونص ما بين المعقوفين في "سر صناعة الإعراب": الواحد من تثليثها فوق العشرة نحو (ثلاثة وثلاثين)؛ لأن الواحد من تثليث هذه (أحد عشر).]] وكذلك القول في (الأربعين) [[في "سر صناعة الإعراب": أربعين.]] و (خمسين) إلى (التسعين) كالقول في (ثلاثين)، فقد ثبت أن (ثلاثين) ليس جمع (ثلاث)، وكذلك سائر العقود، ولكن (عشرين) و (ثلاثين) جار مجرى (فلسطين) في أنه اسم موضوع على سورة الجمع لهذا العدد، فإن [[في (ج): (فإنه).]] اعتقد له واحد وإن لم يجر به استعمال [كأن (عشرًا) و (ثلاثًا) و (ثلاث): جماعة] [[نص ما بين المعقوفين في "سر صناعة الإعراب": فكأن (ثلاثين) جمع (ثلاث) و (ثلاث): جماعة.]] فكأنه قد كان ينبغي أن تكون فيه الهاء فعرض من ذلك الجمع بالواو والنون، وعاد الأمر فيه إلى قصة (أرض) و (أرضون) [[انظر: "سر صناعة الإعراب" 2/ 626، 627، وقد تصرف الواحدي في عبارته كثيراً وزاد بعض الجمل.]] وقد ذكرنا الكلام فيه.
وقوله تعالى: ﴿وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ قرئ (يكن) [[ساقط من (ح) و (س).]] بالياء والتاء [[في قوله ﴿يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ﴾، وقوله: ﴿فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ﴾: قرأ الكوفيون بالياء في الموضعين، ووافقهم البصريان في الموضع الأول فقط، والباقون بالتاء على التأنيث في الموضعين. انظر: "التبصرة في القراءات" ص 212، و"تحبير التيسير" ص 118، و"إتحاف فضلاء البشر" ص 238.]]، فمن قرأ بالياء فلأنه يراد بالمائة المذكر لأنهم رجال في المعنى فحمل الكلام على أنهم مذكرون في المعنى، يدلك على ذلك قوله: (يغلبوا) كما جاء: ﴿فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾ [الأنعام: 160] فأنث الأمثال على المعنى لما كانت حسنات.
ومن قرأ بالتاء حمل الكلام على اللفظ، واللفظ مؤنث، وكان أبو عمرو يقرأ هذا بالياء، وقوله تعالى: ﴿فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ﴾ بالتاء [[انظر: تخريج القراءة في التعليق الأسبق، وكتاب "السبعة"ص 308، و"التيسير" ص 117.]]؛ لأن التأنيث هاهنا أشد مشاكلة لقوله: (صابرة) من التذكير، وقرأ الأول بالياء؛ لأنه أخبر عنه بقوله: ﴿يَغْلِبُوا﴾ فكان التذكير أشد مشاكلة لـ ﴿يَغْلِبُوا﴾ [[القراءة سنة ينقلها السابق للاحق، وليس للقراء إنشاؤها وابتداؤها، ولعل المؤلف يقصد بيان سبب اختيار أبي عمرو لهذه القراءة دون غيرها.]].
وأما الكلام في (مائة) فقال الفراء: إنها منقوصة من آخرها نحو: السنة وبابها، قال: وقد أتم بعض الشعراء المائة فقال [[البيت لتميم بن مقبل كما في "المقاصد النحوية" 2/ 376، ولم أجده في "ديوانه" ولا "ذيله"، وله أو لأبي شبل الأعرابي كما في "الدرر اللوامع" 1/ 130، وانظره بلا نسبة في: "تذكرة النحاة" ص 508، و"لسان العرب" (ضربج) 5/ 2570.]]: فقلت والمرء قد تخطيه مُنْيَته [[في (ح): (ميتته)، وفي "لسان العرب": مُنْيَتُه، مفرد أماني، وضبطه صاحب "المعجم المفصل" 1/ 136 هكذا: مُنِيَّته، مفرد منايا، والصواب ما ورد في اللسان بدلالة سياق الأبيات ونصها:
قد كنت أحجو أبا عمرو أخًا ثقة .. حتى أمت بنا يوماً ملمات
فقلت ولا مرء قد تخطيه مُنْيَتُه ... أدنى عطياته إياي مئيات
فكان ما جاد لي لا جاد من سعة ... دراهم زائفات ضربجيات
انظر: "لسان العرب" (ضربج) 2/ 315.]] ... أدنى عطيته إياي مئيات [[في "الدرر اللوامع": ميآت، وما أثبته موافق لـ "تذكرة النحاة"، و"لسان العرب".]]
مثل: مِعْيات [[في (ح): (ميعاد).]]، فأخرج الياء [[لم أقف على مصدره.]].
ابن السكيت: أمأت الدراهم: إذا صارت مائة، وأمأيتها أنا، وجمع مائة: مئين، ومئ [[هكذا وهو موافق لما في "إصلاح المنطق"، وفي "المشوف المعلم": مئي، مثل: مِعي، وانظر ما ذكره ابن منظور في: رد (مئٍ) في "لسان العرب" (مأي) 7/ 4124، وقال الأخفش: قولهم: ثلاث مئي، فإنهم أرادوا بمئي جماعة المائة، كتمرة وتمر، تقول فيه: رأيت مئْيًا، مثل: معْيًا، وقولهم: رأيت مِئًا، مثل: مِعًا، خطأ؛ لأن الميء إنما جاءت في الشعر.]] مثل: مِعٍ، وأنشد:
وما زودوني غير سحق عمامة ... وخمسمئٍ منها قسي وزائف [[البيت لمزرد بن ضرار كما في "ديوانه" ص 53، و"إصلاح المنطق" ص 300، و"الصحاح" للجوهري (مأى) 6/ 2489، "لسان العرب" (مأى) 7/ 4124، ونص الشطر الأول في الديوان:
فكانت سراويل وجردٌ خميصة ... والسحق: الخَلقِ البالي.
ودرهم قسي: رديء، وقيل: هو ضرب من الزيوف لرداءة فضته وصلابتها. انظر: "لسان العرب" (سحق) و (قسا).]] قال: ولو قلت: مِئات على وزن مِعَات جاز [["إصلاح المنطق" ص 300، و "المشوف المعلم" 2/ 709.]].
وذكر أبو علي الفارسي في "المسائل الحلبية" [[في "المسائل الحلبيات" ص 61، بعض هذا القول من قوله: يدل على ذلك .... إلى آخر البيت الأول، ولم أجد أول القول فيها، والنسخة المطبوعة فيها نقص كبير، كما أشار المحقق في المقدمة (ص: د).]]: إن (مائة) وزنها (فِعْلَة) وأصلها: مِئْيَة فحذفت اللام منها، وجمع للنقص الذي لحقه بالواو والنون، ومثله (رئة) في حذف اللام منه ويدل على ذلك قولهم: رأيت الرجل: إذا ضربت [[في (ج): (أصبت).]] رئته، وأنشد أبو زيد:
فغظناهم حتى أتى الغيظ منهم ... قلوبًا وأكبادًا لهم، ورئينا [[البيت للأسود بن يعفر وهو في "ديوانه" ص 63، وذكره أبو زيد في "نوادر اللغة" ص 24 ونسبه له.]]
فهذا مثل مئين، فأما ما أنشده أبو زيد [["نوادر اللغة" ص 91، ونسبه لامرأة من بني عقيل، وقبله:
حيدة خالي ولقيط وعلي
وانظر: "المسائل العسكريات" ص 177، و"لسان العرب" (مأي) 7/ 4124، و"خزانة الأدب" 7/ 375، ونسبه في "المفاسد النحوية" 4/ 565 لقصي بن كلاب.]]:
وحاتم الطائي وهاب المئي
فالقول في المئي: إنها جمع مائة على (فعول) وقلبت الواو ياءً كما قالوا: حقو وحقين ودلو ودلي، وفي التنزيل: ﴿حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ﴾ [طه: 66]، وقالوا [[يعني العرب، قال ابن منظور في "لسان العرب" (نحا) (4371): في بعض كلام العرب: إنكم لتنظرون في نحو كثيرة، أي في ضروب من النحو.]]: إنكم لتنظرون في نُحُوّ كثيرة فشذ هذا الحرف، وصحت الواو فيه، ومثله: سَنَة وسني، أنشد أبو زيد [["نوادر اللغة" ص 91، وهو تابع للرجز السابق، وقبل هذا البيت:
ولم يكن كخالك العبد الدعي]]:
يأكل أزمان الهزال والسني
وهذا على لغة من جعل اللام من (سنة) واوًا ثم أبدل من الواو ياءً، كما أبدلت في حِقِي وعِصِي [[حقي وعصي: جمعا حقو وعصا، والحقو: الخصر ومشد الإزار من الجنب. "اللسان" (حقو) 2/ 948، ويقصد بالإبدال فيهما أن أصلهما: حُقُوْوُ وعُصُوْوُ، على وزن (فعول) ثم قلبت الواو الأخيرة ياء، فصارا في التقدير: حُقُوْي، وعُصُوْي ثم قلبت الواو ياء لسكونها ووقوعها قبل ياء مسبوقة بساكن، فصار: حُقُييْ، وعُصُيْ، ولكي تسلم الياء أبدلت حركة الحرف السابق لها كسرة، وأدغمت الياء في الياء، ثم جاز إبدال ضمة الفاء كسرة إتْباعًا لكسرة العين.
انظر: "المقتضب" 1/ 183 فقد نص على الميزان الصرفي لجمع (عصا).]]، وقلب واو (فعول) ياءً لوقوعها ساكنة قبل الياء التي في موضع اللام، ثم أبدل من الضمة كسرة كما أبدلت منها في (مرمى) ونحوهن فصار مثل عصي، وصار (مائة) في قوله: وهاب المئي، [في موضع اللام] [[ساقط من (م) و (س).]]، مثل (خلي) ثم خففت الياء لوقوعها في القافية، والحروف المشددة إذا وقعن حرف روي خففن، كما أنشد سيبويه [[انظر "كتاب سيبويه" 3/ 95، وهو بعض عجز بيت نصه:
متى أنام لا يؤرقني الكرِي ... ليلاً ولا أسمع أجراس المطي
وهو من شواهد سيبويه الخمسين التي لا يعرف قائلها، وهو أيضًا بلا نسبة في "جمهرة اللغة" (ركي) 2/ 801، و"خزانة الأدب" 10/ 323، و"الصحاح" (شمم) 5/ 1962، و"لسان العرب" (شمم) 4/ 2333، و"المنصف" 2/ 191.]]:
ولا أسمع أجراس المطي قال [[يعني الفارسي في "المسائل الحلبيات"، ولم أجده فيها، ولعله من الجزء الناقص، انظر "مقدمة المحقق" (ص: د)، وكذلك لم أجده في كتبه الأخرى التي بين يدي.]]: ويجوز في (الميء) وجه آخر وهو أن مائة (فِعْلَة) و (فَعَلٌ) قد عاقبت (فِعْلا) نحو: شَبَهٌ، وشِبْهٌ، وبابه، و (فَعَل) جمع على (فُعْل) كقولهم: أسَد وأَسْد، ووَثَن، ووثْن، كذلك جمعوا (فَعَلًا) على (فُعْلٍ) حيث كان بمنزلته لتعاقبهما على الكلمة الواحدة [[قال أبو علي الفارسي في كتاب "التكملة" ص 412: وكسروا حروفًا على (فُعْل) كما كسّروا عليه (فَعَلًا) نحو: أَسَد وأُسْد، وذلك أن (فُعْلًا) مثل (فَعَلٌ) في نحو: البُخْل والبَخَل، والسُّقْم والسَّقَم، اهـ ومعنى كسروا: جمعوا جمع تكسير.]]، ثم أبدل من ضمة الفاء كسرة كما قالوا: مِغيرة ومِنتن، وأتبعوا العين حركة الفاء، وحذفوا اللام التي هي محذوفة [[في (ح): (منير)، قال الجوهري في "الصحاح" (نتن) 6/ 2210: نتن الشيء وأنتن بمعنى، فهو مُنتن ومِنتن، كسرت الميم اتباعًا لكسرة التاء؛ لأن (مِفْعِلاً) ليس من الأبنية. اهـ. وفي "كتاب سيبويه" 4/ 109: وأما الذين قالوا: مِغِيرة ومِعِين فليس على هذا ، ولكنهم أتبعوا الكسرة الكسرة، كما قالوا: مِنتن.]] من (مائة) فصار: (مئٍ) وعلى هذا يحمل قوله [[سبق تخريجه في أول الأنفال.]]:
وخمسمئٍ منها قسي وزائف
فإن قيل: فلم لا يكون (المئي) على فِعِل؟
قيل: لا يستقيم ذلك لقلة هذا الوزن في الآحاد، ألا ترى أن سيبويه إنما حكى منه الإِبِل [[انظر: "كتاب سيبويه" 3/ 574.]]، والمراد بالمئي الجمع، ولا يعلم شيئًا من الجمع على (فِعِل)، فإذا لم يجيء في الجمع البته وكان مجيئه في الآحاد على ما ذكر من القلة لم يكن للحمل عليه مساغ.
وقوله تعالى: ﴿بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ﴾، قال ابن [[في (م) و (س): (أبو)، وهو خطأ.]] إسحاق: أي: لا يقاتلون على بينة [[هكذا، وفي "السيرة النبوية"، و"تفسير ابن جرير" 10/ 41: نية.]] ولا حق ولا معرفة [["السيرة النبوية" 2/ 322 وفيها: ولا معرفة بخير ولا شر.]]، وقال المفسرون [[اللفظ لأبي إسحاق الثعلبي، انظر "تفسيره" 6/ 70 ب، ونحوه في "تفسير ابن جرير" 10/ 38، والزمخشري 1/ 167.]]: معنى قول: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ﴾ أي: من أجل أن المشركين قوم يقاتلون علي غير احتساب، ولا طلب ثواب؛ فهم لا يثبتون إذا صدقتموهم القتال خشية أن [[في (ح): (لئن لا)، وهو خطأ.]] يقتلوا، وقال أهل المعاني: معنى ﴿لَا يَفْقَهُونَ﴾ أي هم على جهالة، خلاف من يقاتل على بصيرة يرجو به ثواب الآخرة [[ذكر نحوه الحوفي في "البرهان" 11/ 102 ب.]]، وقال ابن عباس والمفسرون: هذه الآية نسخها قوله: ﴿الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ﴾ الآية [[انظر: "تفسير ابن جرير" 10/ 38 - 41، وابن أبي حاتم 5/ 1729، والثعلبي 6/ 70 ب، و"الدر المنثور" 3/ 362 - 364، فقد ذكروه عن ابن عباس وسعيد ابن جبير والحسن البصري ومجاهد وعطاء بن أبي رباح وعكرمة وزيد بن أسلم وعطاء الخرساني والضحاك.]]، وقال الوالبي عن ابن عباس: في هذه الآية أمر الله الرجل من المؤمنين أن يقاتل عشرة من الكفار، فشق ذلك عليهم فرحمهم فقال: ﴿فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ﴾ الآية [[رواه ابن جرير 10/ 39.]]، وقال عطاء عنه: لما نزلت هذه الآية ضج المهاجرون، وقالوا: يا رب نحن جياع وعدونا شباع، ونحن في غربة وعدونا في أهليهم، ونحن قد أخرجنا من ديارنا وأموالنا، وقال الأنصار: شغلنا بعدونا، وواسينا إخواننا، فنزل التخفيف [[لم أجد من ذكر هذه الرواية بلفظها سوى الفخر الرازي 15/ 195، وقد روى هذا الأثر عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس مختصراً ابن جرير 10/ 39، وابن إسحاق في "السيرة النبوية" 2/ 323.
ورواه بمعناه من طريق آخر البخاري (4653) كتاب التفسير، باب: الآن خفف الله عنكم 6/ 122، وأبو داود (2646) كتاب الجهاد، باب: في التولي يوم الزحف.]]، وقال عكرمة: إنما أمر الرجل أن يصبر لعشرة، والعشرة لمائة إذ المسلمون قليل فلما كثروا خفف الله عنهم [[رواه بمعناه ابن جرير 10/ 40، ورواه في الموضع نفسه بلفظه عن ابن عباس.]]، ولهذا قال ابن عباس: أيما رجل فرّ من ثلاثة فلم يفر، فإن فر من اثنين فقد فر [[رواه الطبراني في "الكبير" 11/ 113 (11151)، ورجاله ثقات كما في "مجمع الزوائد" 5/ 591، ورواه بنحوه الصنعاني في "المصنف" 5/ 252، والبيهقي في "السنن الكبرى" 9/ 130.]].
{"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّبِیُّ حَرِّضِ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ عَلَى ٱلۡقِتَالِۚ إِن یَكُن مِّنكُمۡ عِشۡرُونَ صَـٰبِرُونَ یَغۡلِبُوا۟ مِا۟ئَتَیۡنِۚ وَإِن یَكُن مِّنكُم مِّا۟ئَةࣱ یَغۡلِبُوۤا۟ أَلۡفࣰا مِّنَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمࣱ لَّا یَفۡقَهُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق