الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ﴾. ذهب الحسن [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 2/ 287، والبغوي 3/ 316، والخازن 2/ 327، وأخرجه الطبري 9/ 152 بسند جيد عن السدي ومجاهد، وهو قول مقاتل في "تفسيره" 2/ 81.]] إلى أن المراد بهذا [[لفظ: (بهذا) ساقط من (ب).]]: المشركون، فيكون المعنى: وإن تدعوا أيها المؤمنون المشركين إلى ﴿الْهُدَى لَا يَسْمَعُوا﴾ أي: لا يعقلوا [[في (أ): (أي يعقلوا).]] بقلوبهم، ﴿وَتَرَاهُمْ﴾، يا محمد ﴿يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ﴾ بأعينهم [[لفظ: (بأعينهم) ساقط من (ب).]] ﴿وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ﴾ بقلوبهم، والأكثرون [[وهو إختيار أكثرهم قال ابن كثير في "تفسيره" 2/ 307: (هذا هو الأولى وقاله قتادة واختاره الطبري 9/ 153) اهـ. وانظر: "إعراب النحاس" 1/ 657، والسمرقندي 1/ 589، والثعلبي 6/ 31 أ، والبغوي 3/ 316، و"الكشاف" 2/ 138، والقرطبي 7/ 334، والخازن 2/ 327، وقال أبو حيان في "البحر" 4/ 447: (تناسق الضمائر يقتضي أن الضمير للأصنام ونفى عنها السماع لأنها جماد لا تحس وأثبت لها النظر على سبيل المجاز بمعنى أنهم صوروهم ذوي أعين فهم يشبهون من ينظر، وقال الحسن ومجاهد والسدي الضمير يعود على الكفار ووصفهم بأنهم لا يسمعون ولا يبصرون إذ لم يتحصل لهم عن الاستماع والنظر فائدة ولا حصلوا منه بطائل وهذا تأويل حسن ويكون إثبات النظر حقيقة لا مجازًا ويحسن هذا التأويل الآية بعد هذه ﴿وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾ [الأعراف: 199] أي: الذين من شأنهم أن تدعوهم لا يسمعوا وينظرون إليك وهم لا يبصرون فتكون مرتبة على العلة الموجبة لذلك وهي الجهل) اهـ.]] على أن المراد بالآية الأنام وبيان صفات ما هي عليه من النقص، وظاهر النظم يدل على هذا المقدم [[في (ب): (التقدم) والظاهر أنه يرجح اللأول والله أعلم وهو ظاهر من تقديم قول الحسن هنا، وكذلك في "الوسيط" 2/ 287.]]. وقوله تعالى [[جاء في النسخ بعد قوله: (المقدم). قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ﴾. وقوله تعالى: ﴿وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ﴾ وهو تكرار.]]: ﴿وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ﴾. قال الفراء: (يريد: الآلهة أنها صور لا تبصر ولم يقل: وتراها لأن لها أجسامًا وعيونًا، والعرب تقول للرجل والقريب من الشيء: هو ينظر وهو لا يراه، والمنازل تتناظر إذا كان بعضها بإزاء بعض) [["معاني الفراء" 1/ 401.]]، فمعنى ﴿يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ﴾ هاهنا: يقابلونك، ونحو هذا قال ابن الأنباري [["الزاهر" 1/ 352، وفيه قال: (معناه: يواجهونك، يقال: الجبل ينظر إليك، والحائط يراك، أي: يواجهك ويقابلك) اهـ.]] فقال: (المعنى: ﴿وَتَرَاهُمْ﴾ يقربون منك ويدنون وهم غير مبصرين)، وذكر وجهًا آخر فقال: (معنى: ﴿وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ﴾ يخيل إليك أنهم يبصرون وهم غير مبصرين) [[ذكره الواحدي في "الوسيط" 2/ 287.]]. وشرح أبو علي الجرجاني هذه الوجه واختاره فقال: (قوله: ﴿وَتَرَاهُمْ﴾، أي: تحسبهم، والرؤية على وجهين أحدهما: العلم وهو كثير كقوله: ﴿مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى﴾ [غافر: 29] أي: ما أعلمكم إلا ما أعلم، والآخر: الشك كقوله: ﴿وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى﴾ [الحج: 2] أي: تحسبهم كذلك. ومنه قول الشاعر [[البيت لزيد الخيل وصدره: بجمع تضل البلق في حجراته وقد سبق تخريجه والكلام عليه.]]: ترى الأكم منه سجدًا للحوافر أي: تحسبها كأنها ساجدة، وليس للرؤية التي هي العلم هاهنا معنى فتأويل قوله: ﴿وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ﴾ [[لفظ: (إليك) ساقط من (ب).]]: تحسبهم ﴿يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ﴾؛ لأن لها أعينًا مصنوعة مركبة بالجواهر حتى يحسب الإنسان أنها تنظر إليه) [[لم أقف عليه.]]، فمعنى الوجه الأول: ﴿وَتَرَاهُمْ﴾ يقابلونك، والوجه الثاني: تحسبهم يرونك ﴿وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ﴾ [[والمعنى متقارب، قال الطبري 9/ 153: (أي: يقابلونك ويحاذونك وهم لا يبصرونك لأنه لا أبصار لهم، وقيل: ﴿تَرَاهُمْ﴾ ولم يقل: تراها لأنها صور مصورة على صور بني آدم عليه السلام) اهـ. ونحوه قال ابن كثير في "تفسيره" 2/ 307، وانظر: "إعراب النحاس" 1/ 659، والسمرقندي 1/ 589، والبغوي 3/ 316، وابن عطية 7/ 232، وابن الجوزي 3/ 307، والرازي 15/ 95.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب