الباحث القرآني

﴿أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ﴾ قال ابن عباس: يعني يوم القيامة [["تنوير المقباس" ص 302. وأخرجه ابن أبي حاتم 8/ 2680، بسنده عن سعيد بن جبير -رضي الله عنه-.]] ﴿خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا﴾ موضع قرار من المشركين. قال ابن عباس: يريد في ظل عرش الرحمن. وقال مقاتل: أفضل منزلًا في الجنة [["تفسير مقاتل" ص 44 ب. وأخرج نحوه ابن أبي حاتم 8/ 2681، عن قتادة. وذكره السمرقندي 2/ 457، ولم ينسبه.]]. والكلام في نظير هذا وهو قوله: ﴿قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ﴾ [الفرقان: 15] قد تقدم. وقال الفراء في هذه الآية: أهل الكلام إذا اجتمع لهم أحمق وعاقل لم يستجيزوا أن يقولوا لأحدهما: هذا أعقل الرجلين. ويقولون: لا نقول ذلك إلا لعاقلين يفضل أحدهما صاحبه. وقد قال الله تعالى: ﴿أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا﴾ فجعل أهل الجنة خيرًا مستقرًا من أهل النار، وليس في مستقر أهل النار شيء من الخير فاعرفْ ذلك من خَطَائهم [["معاني القرآن" للفراء2/ 267. و: خطائهم: جمع خطأ. "تهذيب اللغة" 7/ 499، و"لسان العرب" 1/ 67 (خطأ). قال ابن عطية 11/ 28: ويظهر لي أن الألفاظ التي فها عموم مَّا ويتوجه حكمها من جهات شتى، نحو قولك: أحب، وأحسن، وخير، وشر، يسوغ أن يجاء بها بين شيئين لا شركة بينهما. واستثهد ابن كثير== 6/ 104، على هذا التفضيل بقوله تعالى: ﴿لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ [الحشر:20]. واستظهر ابن جرير أن التفضيل هنا عام في جميع أحوال أهل النار في الدنيا والآخرة. قال 19/ 6: فالواجب أن يعمَّ كما عمَّ ربنا جلَّ ثناؤه، فيقال: أصحاب الجنة يوم القيامة خير مستقراً في الجنة من أهل النار في الدنيا والآخرة، وأحسن منهم مقيلاً. وذهب إلى هذا الاختيار، الطوسي 7/ 484، ولم يذكر غيره، ولم ينسبه]]. يعني: أنه يجوز أن يقال: هو أعقل الرجلين وإنْ كان الثاني أحمقًا. قياساً على هذه الآية. وقال أبو طالب: إنما جاز ذلك؛ لأنه موضع، فيقال: هذا الموضع خير من ذلك الموضع. وإذا كان نعتًا لم يستقم أن يكون نعتٌ واحدٌ لاثنين مختلفين [["تهذيب اللغة" 9/ 306 (القي)، بنصه.]]. قوله تعالى: ﴿وَأَحْسَنُ مَقِيلًا﴾ يعني: موضع القائلة [[في "تنوير المقباس" ص ﴿وَأَحْسَنُ مَقِيلًا﴾ مبيتاً من منزل أبي جهل وأصحابه، ومبيتهم. قال ابن جرير 19/ 5: فإن قال قائل: وهل في الجنة قائلة؟ فيقال: ﴿وَأَحْسَنُ مَقِيلًا﴾ فيها؟ قيل: معنى ذلك: وأحسن فيها قراراً في أوقات قائلتهم في الدنيا، وذلك أنه ذكر أن أهل الجنة لا يمر فيهم في الآخرة إلا قدر ميقات النهار من أوله إلى القائلة، حتى يسكنوا في مساكنهم في الجنة، فذلك معنى قوله: ﴿وَأَحْسَنُ مَقِيلًا﴾ ثم ذكر نحوه بإسناده عن المفسرين من الصحابة والتابعين. وقال الطوسي 7/ 484: معناه: أحسن موضع قائلة، وإن لم يكن في الجنة نوم، إلا أنه من تمهيده يصلح للنوم؛ لأنهم خوطبوا بما يعرفون، كما قال: ﴿وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا﴾ [مريم: 62]، على ما اعتادوه. وهذا توجيه حسن. والله أعلم.]]. يقال: قال يقيل مقيلاً. والمقيل: الموضع، أيضًا [["تهذيب اللغة" 9/ 305 (لقي).]]. قال الأزهري: والقيلولة عند العرب: الاستراحة نصف النهار إذا اشتدَّ الحرُّ، وإن لم يكن مع ذلك نوم. والدليل على ذلك: أن الجنة لا نوم فيها [["تهذيب اللغة" 9/ 306 (لقي) س.]]. قال ابن مسعود وابن عباس: لا ينتصف النهار من يوم القيامة حتى يقيل أهل النار في النار، وأهل الجنة في الجنة [[ذكر نحوه ابن جرير 19/ 5، عن ابن جريج، وفيه أنه قال: وفي قراءة ابن مسعود: ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم. ولم ينسبه لابن عباس. وذكر رواية أخرى عن ابن عباس قريبة من السياق، وليست مطابقة وأخرجه ابن أبي حاتم 8/ 2680، بسنده عن ابن مسعود، مع القراءة التي ذكرها ابن جرير. وهو بنصه في "الوسيط" 3/ 338. ونسب هذا القول الثعلبي 94 ب، لابن مسعود، وذكر نحوه عن ابن عباس. وهو عند ابن كثير 6/ 104، عن ابن مسعود. وأخرجه الحاكم 2/ 436، وقال: حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.]]. وقال مقاتل: يخفف الحساب على أهل الجنة حتى يكون مقدار نصف النهار من أيام الدنيا، ثمَّ يقيلون من يومهم ذلك في الجنة فيما يشتهون من التحف والكرامة [["تفسير مقاتل" ص 44 ب، مختصرًا.]]. وهذا هو معنى ما روي عن أهل التفسير: أنَّ أهل الجنة يصيرون إلى أهليهم في الجنة وقت نصف النهار [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 64. بنصه. قال الهوَّاري 3/ 207: قال بعضهم: وبلغنا عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: إنَّي لأعلم أي ساعة يدخل أهل الجنة الجنة، قبل نصف النهار حين يشتهون الغداء. وأخرجه ابن أبي حاتم 8/ 2680، عن سعيد بن جبير، والضحاك، وعكرمة.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب