الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ﴾ لا تحسبن يا محمد الكافرين. قال مقاتل: يعني أهل مكة يعجزوننا ويفوتوننا [["تفسير مقاتل" 2/ 41 أ.]]. قال الزجاج: أي قدرة الله محيطة بهم. وقرئت (لا يحسبن) بالياء [[قرأ ابن عامر وحمزة "لا يحسبن" بالياء، وقرأ الباقون بالتاء. انظر: "السبعة" ص 307، "المبسوط" لابن مهران ص 269، "إرشاد المبتدي" للفلانسي ص 464.]] على حذف المفعول الأول من يحسبن [على معنى: لا يحسبن الذين كفروا إياهم معجزين، كما تقول: زيد حسبه [[في (ظ)، (ع): (زيدًا حسبته)، والمثبت من (أ)، و"معاني القرآن" للزجَّاج.]] قائمًا، تريد: حسب نفسه قائمًا [[(قائمًا): ساقطة من (ظ)، (ع).]]. وكأنَّه قيل: لا يحسبن] [[في هامش (أ) وعليه علامة: التصحيح.]] الذي كفروا أنفسهم معجزين، وهذا في باب ظننت، تطرح فيه النفس يقال: ظننتني أفعل، ولا يقال: ظننت نفسي. ولا يجوز ضربتني، استغني عنها بضربت نفسي. هذا كلامه [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 52.]]. وقال أبو علي: من قرأ بالياء جاز أن يكون فاعل الحسبان أحد شيئين: إنما أن يكون قد أضمر [[في (أ)، (ع): (يضمر)، والمثبت من (ظ)، وفي "الحجة": قد تضمَّن ضميرًا للنبي -ﷺ-.]] ضمير النبي -ﷺ- كأنه قال: لا يحسبن النبي الذين كفروا معجزين [[في (ع) زيادة: (في الأرض)، وهو انتقال نظر من الناسخ إلى ما بعده.]]، ويجوز أن يكون فاعل الحسبان: الذين كفروا، ويكون المفعول الأول محذوفًا تقديره: لا يحسبن الذين كفروا أنفسهم [["الحجة" للفارسي 5/ 332.]]. وهذا هو الوجه الذي ذكره أبو إسحاق. والوجه قراءة العامة بالتاء لظهور مفعولي الحسبان. قال مقاتل [["تفسير مقاتل" 2/ 41 أ.]]، والكلبي في هذه الآية: لا يحسبن الذين كفروا فايتين في الأرض هربًا حتى يخزيهم بكفرهم. وقوله: ﴿وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ﴾ [قال صاحب النظم: لا يحتمل أن يكون هذا متصلًا بقوله ﴿لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ﴾، [لأن ذلك نفيٌ، وقوله ﴿وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ﴾] [[ساقط من (ظ).]] إيجاب لا نفي. فهو معطوف بالواو على مضمر قبله تقديره: لا يحسبن الذين كفروا معجزين في الأرض]] [[ساقط من (ع).]] بل مقدور عليهم ومحاسبون ومأواهم النار [[ذكره أبو حيان 6/ 470 عن صاحب النظم بأخصر مما هنا. ثم قال: واستبعد العطف من حيث إن (لا تحسبن) نهي (ومأواهم النار) جملة خبرية فلم يناسب == عنده أن يعطف الجملة الخبرية على جملة النهي لتباينهما، وهذا مذهب قوم .. ، والصحيح أن ذلك لا يشترط، بل يجوز عطف الجمل على اختلافها بعضًا على بعض، وإن لم تتحد النوعية، وهو مذهب سيبويه. انتهى. وذكره أيضًا السمين الحلبي في "الدر المصون" 8/ 438 وصرَّح باسمه فقال: قال الجرجاني. ووهم المحقق فظَّنه عبد القاهر الجرجاني وأحال على البحر لأبي حيان. وحكى السمين في الآية قولين آخرين غير قول الجرجاني: أحدهما: أن هذه الجملة عطف على جملة النهي قبلها من غير تأويل ولا إضمار. قال: وهو مذهب سيبويه. والثاني: أنها معطوفة عليها ولكن بتأويل جملة النهي بجملة خبرية، والتقدير: الذين كفروا لا يفوتون الله ومأواهم النار. وعزاه للزمخشري، وهو في "تفسيره" 3/ 74.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب