الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ﴾ في "إنَّ" ثلاثة أوجه من القراءة: أحدها: فتح الألف مع تشديد النّون [[في (أ): (مع التشديد للنّون).]] [[أي: "وأنَّ هذه". وبها قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو. "السبعة" ص 446، "المبسوط" لابن مهران ص 262، "التبصرة" ص 270، "التيسير" ص 159.]]. قال الفراء: الفتح على قوله: ﴿إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ وبأن هذه [[عند الفراء: وعليم بأن هذه.]] أمتكم، فموضعها خفض لأنها مردودة على (ما). قال: وإن شئت كان منصوبًا بفعل مُضْمرَ كأنك قلت: واعلمْ هذا. هذا [[(هذا): الثانية ساقطة من (ظ).]] كلامه [["معاني القرآن" للفراء 2/ 237.]]. والوجه في هذه القراءة ما ذكره أبو إسحاق وشرحه [[في (أ): (شرحه)، بدون واو.]] أبو علي. قال أبو إسحاق -في قوله: ﴿وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ﴾ -: أي فاتقون لهذا [["معاني القرآن" للزجاج 4/ 15.]]. قال أبو علي: المعنى في هذه القراءة في قول الخليل وسيبويه [["الكتاب" 3/ 126 - 127.]] أنّه محمول على الجار، التقدير: ولأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون. أي اتقون [[في "الحجة": اعبدوني.]] لهذا. ومثل ذلك عندهم قوله: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾ [الجن: 18] أي لأن المساجد لله لا تدعوا معه غيره. وكذلك عندهما قوله: ﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ﴾ [قريش: 1] [كأنَّه فليعبدوا ربَّ هذا البيت لإيلاف قريش] [[ما بين المعقوفين ساقط من (أ).]]، أي: ليقابلوا هذه النّعمة بالعبادة للمنعم عليهم بها [["الحجة" لأبي علي الفارسي 5/ 297. ويتحصل في نقل الواحدي عن الفراء والزجاج وأبي علي أن في قراءة من قرأ "أنَّ هذه" ثلاثة أوجه: أحدها: أنَّها على حذف اللام، أي: ولأنّ هذه، وهذه اللام تتعلق بـ"اتقون". الثاني: أنها معطوفة على ما قبلها وهو قوله "بما تعملون" أي: إني عليم بما تعملون وبأنَّ هذه. الثالث: أن في الكلام حذفًا، تقديره واعلموا أنَّ هذه أمتكم. "حجة القراءات" لابن زنجلة ص 488، "الكشف" لمكي 4/ 129، "إملاء ما من به الرحمن" للعكبري 2/ 150، "الدر المصون" للسمين الحلبي 8/ 349.]]. الوجه الثاني من القراءة: فتح الألف مع تخفيف "أن" [[أي: "وأنْ هذه" بفتح الألف وسكون النون، وهي قراءة ابن عامر. "السبعة" ص 446، "المبسوط" لابن مهران ص 262، "التبصرة" ص 270، "التيسير" ص 159.]]. ومعنى هذه القراءة على تقدير الأولى. ألا ترى أنّ "أنَّ" إذا خُفِّفت اقتضت ما يتعلق به [[في (ظ)، (ع): (بها)، والمثبت من (أ) و"الحجة".]] اقتضائها وهي غير مخفّفة [[هذا كلام أبي علي في "الحجة" 5/ 297. وانظرت "علل القراءات" للأزهري 2/ 436، "الكشف" لمكي بن أبي طالب 2/ 129.]]. قال أبو علي: والتخفيف حسن في هذا؛ لأنَّه لا فعل بعدها ولا شيء مما يلي [[في "الحجة": ما لا يلي.]] أن، وإذا كان كذلك كان تخفيفها حسنًا، ولو [[في (ظ): (وإن).]] كان بعدها فعل لم يحسن حتى تُعوّض السّين أو سوف أو (لا) إذا كان في نفي. فإذا لم يكن فعل بعدها [[(بعدها): ساقطة من (أ).]] ساغ التخفيف، ومثله قوله تعالى: ﴿دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [يونس: 10] [["الحجة" للفارسي 5/ 297. وانظر: "أوضح المسالك" لابن هشام 2/ 265.]]. الوجه الثالث: كسر الألف مع التشديد [[أي: "وأنَّ هذه"، وهي قراءة عاصم، وحمزة، والكسائي. "السبعة" ص 446، "المبسوط" لابن مهران 262، "التَّبصرة" ص 270، "التيسير" ص 159.]]، على الاستئناف [["الحجة للفارسي" 5/ 297. وانظر: "علل القراءات" للأزهري 2/ 436، "حجة القراءات" لابن زنجلة ص 488.]]. ومعنى الآية: أنتم أهل دعوة واحدة ونصرة؛ فلا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا [[هذا كلام أبي علي في "الحجة" 5/ 297 بنصِّه.]]. قال مقاتل: يقول: هذه ملتكم التي أنتم عليها يعني ملة الإسلام ملة واحدة. عليها كانت الأنبياء والمؤمنون الذين نجوا من العذاب الذين ذكرهم الله في هذه السورة [["تفسير مقاتل" 2/ 31 أ.]]. ومضى الكلام في تفسير هذه الآية في سورة الأنبياء [آية: 92]. وأعلم الله [[في (ظ): (والله أعلم).]] أن قومًا جعلوا دينهم أديانًا فقال [[من قوله: وأعلم الله إلى هنا. هذا قول الزجاج في "معانيه" 4/ 15.]]:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب