الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً﴾ الآية. حكى المبرد [["المقتضب" 2/ 21.]] والزجاج [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 436.]] عن سيبويه [[انظر: "الكتاب" 3/ 36.]]: أنه سأل الخليل عن هذه الآية ورفع قوله ﴿فَتُصْبِحُ﴾ وهو جواب الاستفهام بالفاء ووجهة النصب؟ فقال: هذا ليس بجواب لقوله ﴿أَلَمْ تَرَ﴾، لأنه [[في (أ): (الآية)، وهو خطأ.]] لو كان كذلك لكان التقدير: ألم تر فتصبح، بل هذا واجب و ﴿أَلَمْ تَرَ﴾ تنبيه، وكأنَّه في التقدير-والله أعلم-: اسمع يا فلان: أنزل الله من السماء ماء فكان [[في (أ): (وكان).]] كذا وكذا. وأنشد الخليل للنّابغة [[إنشاد الخليل لبيتي النابغة في "الكتاب" 3/ 36 ورواية البيت الأول فيه: ولا زال قبرٌ بين تُبْنى وجاسم ... عليه من الوَسْمِى جَوْدٌ ووابل والبيتان في "المقتضب" للمبرد 2/ 19 بمثل الرواية التي ساقها الواحدي، ويظهر أنه نقل البيتين من المبرد؛ فقد قال قبل قليل: حكى المبرد .... وهما في: "ديوان النابغة" ص 121 من قصيدة يرثي بها النعمان بن الحارث الغَسَّاني مع اختلاف ففيه: سقى الغيث قبرا بين بصري وجاسم ... بغيث من الوسمي قطر ووابل وينبت .... قال الشنتمري في "شرحه لديوان النابغة" ص 121 - 122: ("بُصْرى وجاسم" هما موضعان بالشام، والوسمي: أول المطر؛ لأنه بسم الأرض بالنبات، .... والوابل: أشد المطر، وينبت حوذانًا: أي ينبت هذا المطر الذي دعا للقبر به، والحوذان والعوف: ضربان من النبت طيب الرائحة، وقوله "سأتبعه" أي: سآتي عليه بخير القول وأذكره بأجمل الذكر. اهـ. والسَّح: الصَبّ المتتابع. "لسان العرب" 2/ 476 (سحح).]]: فلا زال قبرٌ بين بصرى وجاسم ... عليه من الوسمي سح ووابل فينبتُ حوذانًا وعوفًا مُنورًا ... سأتبعه من خير ما قال قائل [وقال: لم يرد لا زال فينبت، ولكنَّه لما دَعَى بالغيث] [[ساقطة من (ع).]] قال: فينبت أي: فهو ينبت كأنَّه خبرٌ لقصة تكون عن هذا الغيث. ونحو هذا قال الفراء -في هذه الآية- فقال: (ألم تر) معناه خبر، كأنَّك قلت في الكلام: اعلم أنَّ الله يُنزل من السماء ماء فتصبح الأرض. وهو مثل قول الشاعر [[البيت أنشده الفراء في "معاني القرآن" 2/ 229 من غير نسبة، وتتمته: وهل تُخْبرَنْكَ اليوم بيداءُ سملقُ وهو بلا نسبة في الكتاب 3/ 37 وفيه: (القواء) في موضع (القديم)، والطبري 17/ 197 بمثل رواية الفرّاء. والبيت لجميل بن معمر، وهو في "ديوانه" ص 144، "شرح أبيات سيبويه" للسيرافي 2/ 201، "شرح المفصل" لابن يعيش 7/ 36، 37، "شرح شواهد المغني" للسيوطي 1/ 474، "لسان العرب" 10/ 164 (سملق)، "خزانة الأدب" 8/ 524، 526 - 527، وروايتهم جميعًا: القواء. قال الشنتمري في "تحصيل عين الذهب" 1/ 422: الشاهد فيه رفع "ينطق" على الاستئناف والقطع، على معنى: فهو ينطق .. والرَبْع المنزل، والقواء: القفر. وجعله ناطقًا للاعتبار بدروسه وتغيره. ثم حقق أنه لا يجيب ولا يخبر سائله لعدم القاطنين به. والبيداء: القفر. والسملق: التي لا شيء بها. اهـ وعند السيرافي 2/ 201: البيداء: الصحراء الواسعة. قال البغدادي 8/ 528: وقوله: (وهل تخبرنك) إلخ ردَّ على نفسه بأن مثله لا ينطق فيجيب.]]: ألم تسأل الربع القديم فينطقُ [["معانى القرآن" للفراء 2/ 229.]] قال الخليل: المعنى فهو مما ينطق [[قول الخليل في "معاني القرآن" للزجاج 3/ 346. وهو بنحوه في "الكتاب" 3/ 37.]]. هذا كلامهم. وعند النحويين [[انظر: "الكتاب" 3/ 31، "ارتشاف الضرب" لأبي حبان 2/ 408 - 409، "شرح المفصل" لابن يعيش 7/ 36 - 37.]] يجوز الرفع في الجواب بالفاء على تقدير الاستئناف، كقراءة من قرأ ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ﴾ [البقرة: 245] بالرفع [[قرأ أبو عمرو، ونافع، وحمزة، والكسائي: "فيضاعفه" بالألف ورفع الفاء. وقرأ ابن كثير: "فيضعّفُه" بغير ألف وتشديد العين ورفع الفاء. وقرأ ابن عامر: "فيضعّفَه" بغير ألف وتشديد العين ونصب الفاء. وقرأ عاصم: "فيضاعفه" بألف ونصب الفاء. "السَّبعة" ص 184 - 185، "التبصرة" ص 161، "التيسير" ص 81.]]، أي: فهو يضاعفه [[أو يكون معطوفًا على "يقرض الله"، انظر "حجة القراءات" لابن زنجلة ص 139، "إبراز المعاني" لأبي شامة 363.]] وكما رفع في هذه الآيات. وذكرنا عند قوله ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ﴾ [البقرة: 243] أن [[أنّ: ساقطة من (ظ)، (د)، (ع).]] ﴿أَلَمْ تَرَ﴾ تكون بمعنى التنبيه. فحصل في هذه الآية وجهان: أحدهما: أن قوله [فتصبح] ليس بجواب الاستفهام؛ لأنَّ هذا استفهام معناه التنبيه. والثاني: أنه جواب الاستفهام بالرفع على ما ذكره النحويون. قال ابن عباس وغيره: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً﴾ يعني المطر [[ذكره ابن الجوزي 5/ 447 من غير نسبة لأحد.]] ﴿فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً﴾ بالنبات [[ذكره البغوي 5/ 397، وابن الجوزي 5/ 447 من غير نسبة لأحد.]] ﴿إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ﴾ بأرزاق عباده [[ذكره عنه الرازي 23/ 62، والقرطبي 12/ 92. وذكره البغوي 5/ 397 من غير نسبة.]]. وقال مقاتل: باستخراج النبات من الأرض [["تفسير مقاتل" 2/ 27 ب.]]. ﴿خَبِيرٌ﴾ قال ابيت عباس: خبير بما في قلوب العباد من القنوط [[ذكره عنه الرازي 23/ 62، والقرطبي 12/ 92.]]. يعني عند تأخر المطر. وقال غيره: خبير بما يحدث من ذلك الماء ومن ذلك النبت [[في (أ): (النبات)، والمثبت من باقي النسخ هو الموافق لما عند الطبري.]] [[هذا قول الطبري 17/ 196.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب