الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ﴾ الآية. ذكرنا [[ذكر ذلك عند قوله تعالى: ﴿سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ﴾ [البقرة: 6].]] أن الإنذار يتعدى إلى مفعولين بغير حرف جر كقوله: ﴿فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً﴾ [فصلت: 13] وقوله: ﴿أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا﴾ [النبأ: 40]، وفي تعديته بالباء -هاهنا-، قال أبو علي: يجوز أن يكون لمّا دل على التخويف أجرى مجراه، تقول: أنذرته بكذا كما تقول: خوفته بكذا [["الحجَّة" لأبي علي الفارسي 1/ 253.]]. وكذا جاء في التفسير: أخوفكم بالقرآن [[قال الطبري 17/ 32: أخوفكم به بأسي. وذكره البغوي 5/ 321 وابن الجوزي 5/ 354 والقرطبي 11/ 292 من غير نسبة لأحد من المفسرين.]]. والمعنى: أنذرتكم بالوحي الذي يوحيه الله إلى لا [[(لا): ساقطة من (أ).]] من قبل نفسي. وذلك أن الله أمر بإنذارهم، كقوله: ﴿وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ﴾ [الأنعام: 51] ﴿لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا﴾ [يس: 70]، ونحو هذا من أمره بالإنذار. هذا مذهب المفسرين ومعنى قولهم. وقال أبو علي: ويجوز أن يكون الوحي: الموحى، فسمى بالمصدر مثل الخلق والصيد، والموحى [[في "الحجة" 1/ 254: والوحي.]] هو العذاب، فيكون كقوله: ﴿إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا﴾ [النبأ: 40] [["الحجة" لأبي علي الفارسي 1/ 254.]]. وقوله تعالى: ﴿وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ﴾ تمثيل للكفار، يعني: كما أن الصُّم لا يسمعون النداء إذا أنذروا شيئًا كذلك هؤلاء في تركهم الانتفاع بما سمعوا، فالصم: الذين لا يسمعون. قال أبو إسحاق: الصم هاهنا: المعرضون عما يتلى عليهم من ذكر الله، فهم بمنزلة من لا يسمع [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 393.]]. وقال أبو علي: هذا على وجه الذم لهم والتقريع بتركهم سمع ما يجب عليهم استماعه والانتهاء إليه، وقد تقول لمن تُقرّعه بتركه ما تدعوه إليه: ناديتك فلم تسمع. وقرأ ابن عامر: (ولا تُسْمِعُ الصُّمَ) [[بالتاء مضمومة وكسر الميم، و"الصم" نصبًا. وقرأ الباقون: "ولا يسمع" بفتح الياء والميم، "الصم" رفعًا. "السبعة" ص 429، "التبصرة" ص 263، "التيسير" ص 155.]] حمله على ما قبله، والفعل مسندٌ إلى المخاطب فكذلك قوله: (ولا تسمع) مسند إليه، والمعنى: أنهم معاندون، فإذا أسمعتهم لم يعملوا [[في (أ): (يعلموا)، وهو خطأ.]] بما سمعوه، ولم ينقادوا له كما لا يسمع الصم [[في "الحجة": الأصم.]] [["الحجة" لأبي على الفارسي 5/ 255 مع تقديم وتأخير.]]. قال أبو علي: ولو كان كما قال [ابن عامر] [[ساقط من (أ).]] لكان: إذا تنذرهم، فأما ﴿إِذَا مَا يُنْذَرُونَ﴾ فحسن أن يتبع ﴿وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ﴾ كقراءة العامة [["الحجة" 5/ 255. وليس فيه كقراءة العامة. وانظر: "حجة القراءات" لابن زنجلة ص 467 - 468، "الكشف" لمكي 2/ 110 - 111.]].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب