الباحث القرآني

قوله عزّ وجلّ: ﴿قُلْ إنَّما أُنْذِرُكم بِالوَحْيِ ولا يَسْمَعُ الصُمُّ الدُعاءَ إذا ما يُنْذَرُونَ﴾ ﴿وَلَئِنْ مَسَّتْهم نَفْحَةٌ مِن عَذابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يا ويْلَنا إنّا كُنّا ظالِمِينَ﴾ المَعْنى: قُلْ يا أيُّها المُقْتَرِحُونَ المُتَشَطِّطُونَ إنَّما أُنْذِرُكم بِوَحِيٍ يُوحِيهِ اللهُ إلىَّ، وبِدِلالاتٍ عَلى العِبَرِ الَّتِي نَصَبَها اللهُ تَعالى لِيَنْظُرَ فِيها، كَنُقْصانِ الأرْضِ مِن أطْرافِها وغَيْرِهُ، ولَمْ أُبْعَثْ بِآيَةٍ مُطَّرِدَةٍ ولا بِما تَقْتَرِحُونَهُ، ثُمْ قالَ: "وَلا يَسْمَعُ" بِمَعْنى: وأنْتُمْ مُعْرِضُونَ عَمّا أُنْذِرُ بِهِ، فَهو غَيْرُ نافِعٍ لَكُمْ، ومَثَّلَ أمْرَهم بِالصُمْ. وقَرَأ جُمْهُورُ القُرّاءِ: "وَلا يَسْمَعُ" بِالياءِ وإسْنادِ الفِعْلِ إلى "الصُمْ"، وقَرَأ ابْنُ عامِرٍ وحْدَهُ: "وَلا يُسْمِعُ" بِضَمِّ الياءِ وكَسْرِ المِيمِ ونَصْبِ "الصُمْ"، وقَرَأتْ فِرْقَةٌ: "وَلا تُسْمَعُ" بِالتاءِ مَضْمُومَةً وفَتْحِ المِيمِ وبِناءِ الفِعْلِ لِلْمَفْعُولِ، والفِرْقَتانِ نَصَبَتا "الدُعاءَ"، وقَرَأتْ فِرْقَةٌ: "وَلا يَسْمَعُ الصُمُ الدُعاءِ" بِإضافَةِ "الصُمْ" إلى "الدُعاءِ"، وهي قِراءَةٌ ضَعِيفَةٌ وإنْ كانَتْ مُتَوَجِّهَةً. ثُمْ خاطَبَ اللهُ تَعالى مُحَمَّدًا ﷺ مُتَوَعِّدًا لَهم بِقَوْلِهِ: ﴿وَلَئِنْ مَسَّتْهم نَفْحَةٌ مِن عَذابِ رَبِّكَ﴾، والنَفْحَةُ: الخَطْرَةُ والمَسَّةُ، كَما تَقُولُ: نَفَحَ بِيَدِهِ إذا مالَ بِها هَكَذا ضارِبًا إلى جِهَةٍ، ومِنهُ "نَفْحَةُ الطِيبِ" كَأنَّهُ يَخْطُرُ خَطَراتٍ عَلى الحاسَّةِ، ومِنهُ: نَفَحَ لَهُ مِن (p-١٧٣)عَطاياهُ إذا أخَذَ مِنها نَصِيبًا، ومِنهُ: "نَفَحَ الفَرَسُ بِرِجْلِهِ" إذا رَكَضَ، والمَعْنى: ولَئِنْ مَسَّ هَؤُلاءِ الكَفَرَةَ صَدْمَةُ عَذابٍ في دُنْياهم لَيَنْدَمُنُّ ولَيُقِرُّنَ بِظُلْمِهِمْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب