الباحث القرآني

قوله تعالى: ﴿قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ﴾ يقال: بصر الرجل إذا صار عليمًا بالشيء [[انظر: "تهذيب اللغة" (بصر) 1/ 341، "مقاييس اللغة" (بصر) 1/ 253، "الصحاح" (بصر) 2/ 591، "مختار الصحاح" ص 54، "المصباح المنير" 1/ 50.]]. قال أبو عبيدة: (علمت ما لم تعلموا) [[مجاز القرآن" لأبي عبيدة 2/ 26.]]. وقال ابن عباس: (عرفت مالم تعرفوا) [[ذكرته كتب التفسير بدون نسبة. انظر: "الكشف والبيان" 3/ 24 أ، "معالم التنزيل" 5/ 291، "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 239، "التفسير الكبير" 22/ 113.]]. وقرئ: ﴿يَبْصُرُوا﴾ بالياء والتاء [[قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم: (يبصروا) بالياء. وقرأ حمزة، والكسائي: (تبصروا) بالتاء. انظر: "السبعة" 424، "الحجة للقراء السبعة" 5/ 249، "التبصرة" 261، "النشر" 2/ 322.]]. من قرأ بالياء فالمعنى: بصرت بما لم يبصر به بنو إسرائيل، ومن قرأ بالتاء: صرف الخطاب إلى الجميع. قال له موسى: وما الذي أبصرت دون بني إسرائيل؟ قال: ﴿فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ﴾ قال ابن عباس وجميع المفسرين: (يريد أثر فرس جبريل) [["تفسير القرآن" للصنعاني 2/ 17، "جامع البيان" 16/ 205، "الكشف والبيان" 3/ 24 أ، "تفسير كتاب الله العزيز" 3/ 49.]]. قال أبو إسحاق: (كان رأى فرس جبريل، فقبض قبضة من تراب حافر الفرس) [["معاني القرآن" للزجاج 3/ 374.]]. وروى السدي عن أبي عمارة [[قيس أبو عمارة الفارسي مولى الأنصار، وقيل: مولى سودة بنت سعد مولاة بني == ساعدة من الأنصار، روى عن: عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن حزم، وروى عنه: إسماعيل بن أبي أويس، وخالد بن مخلد، ومعن بن عيسى، وثقة العلماء وأثنوا عليه، وروى له ابن ماجه وغيره، توفي -رحمه الله- سنة 160 هـ. انظر: "الجرح والتعديل" 7/ 106، "الثقات" 9/ 15، "تهذيب التهذيب" 8/ 406، "الكاشف" 2/ 403، "تهذيب الكمال" 24/ 89.]] عن علي -رضي الله عنه- قال: (إن جبريل لما نزل ليصعد بموسى إلى السماء أبصره السامري من بين الناس، فقبض قبضة من أثر الفرس) [["الجامع لأحكام القرآن" 11/ 239، "تفسير القرآن العظيم" 3/ 181 وقال: غريب. "التفسير الكبير" 22/ 110، "روح المعاني" 16/ 253.]]. وعلى هذا معنى ﴿بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ﴾ أي: رأيت ما لم تروه. وقال الكلبي: (قال السامري: رأيت جبريل على الفرس، وحي الحياة بلقاء أنثى، خطوها مد البصر، فألقي في نفسي أن أقبض من أثرها، فما لقيته على شيء إلا صار له روح ولحم ودم، فحين رأيت قومك سألوك أن تجعل لهم إلهًا [[ويشهد لهذا قوله سبحانه: ﴿وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ﴾ [الأعراف: 138].]]، حدثت لي نفسي بذلك ﴿فَنَبَذْتُهَا﴾) [[ذكره الصنعاني مختصرًا في "تفسير القرآن" 2/ 17، وذكره "القرطبي" 11/ 239 بدون نسبة، وأورد نحوه ابن كثير 3/ 182. وقد ورد في حديث الفتون عن ابن عباس ما يخالف ذلك فقد قال: (اجتمع ما كان في الحفرة من متاع أو حلية أو نحاس أو حديد فصار عجلًا أجوف ليس فيه روح له خوار، ثم قال ابن عباس: والله ما كان له صوت قط إنما كانت الريح تدخل دبره فتخرج من فيه، وكان ذلك الصوت من ذلك). انظر: "مجمع الزوائد" كتاب التفسير - سورة طه 7/ 64.]]. وعلى هذا معنى: ﴿بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ﴾ أي: علمت ما لم تعلم بنو إسرائيل من أخذ تراب حافر فرس جبريل. وقال الكلبي بإسناده عن ابن عباس: (لما أمر فرعون بذبح ولدان بني إسرائيل كانت المرأة تلد فتطرح ولدها حيث لا يشعر به أصحاب فرعون، فيأخذ الولدان الملائكة، فيربوهم حتى يترعرعوا ويختلطوا بالناس، فكان السامري ممن أخذه جبريل، فغذاه فلما رآه على فرسه عرفه، فقبض القبضة من تحت حافر فرسه) [[ذكر نحوه "جامع البيان" 16/ 205، وكذلك "بحر العلوم" 2/ 352، وأورده "النكت والعيون" 3/ 423 بدون نسبة، وكذلك "معالم التنزيل" 5/ 292، وابن عطية في "المحرر الوجيز" 11/ 101 وقال: (هذا ضعيف). "الجامع لأحكام القرآن" 11/ 240، والرازي في "التفسير الكبير" 22/ 111 وقال: (والذي ذكروه من أن جبريل -عليه السلام- هو الذي رباه فبعيد). ولعل هذا القول من الروايات الإسرائيلية التي ذكرت في هذا الباب.]]. وقوله: إنها إذا جعلت في موات حي، فذلك قوله: ﴿بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ﴾ أي: من أثر فرسه يعني من حيث وضع عليه حافره ﴿فَنَبَذْتُهَا﴾ وألقيتها في صورة العجل ﴿وَكَذَلِكَ﴾ وكما حدثتك يا موسى ﴿سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي﴾ زينت لي نفسي من أخذ القبضة وإلقائها في صورة العجل.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب